تقرير: دنيا حسين فرحان / لا ميديا -
عيد اليوم يختلف عن عيد البارحة كثيرا، فكل شيء تغير، أو بالأصح كل شيء أصبح أغلى من ذي قبل، فارتفاع الدولار الذي لا يتوقف عند سقف معين، وانعكاس ذلك على أسعار المواد الغذائية الأساسية وكل الحاجيات والسلع والبضائع الضرورية وحتى الأشياء البسيطة أصبحت لها أسعار مضاعفة عما كانت عليه، بينما ظلت الرواتب على حالها، والأبشع من هذا أن هبوط الريال اليمني سبب إحباطاً كبيراً للمواطنين، خاصة ذوي الدخل المحدود أو المعتمدين بشكل رئيسي على العمل بالأجر اليومي، فما يحصلون عليه لا يفي بمتطلباتهم واحتياجاتهم ولا يكفيهم لشراء ما يريدون حتى لو كان أساسيا لهم.

عيد الأضحى المبارك قادم بعد أيام قليلة. وخروف العيد لا بد أن يكون متوفراً، حيث يبدأ المواطنون من الآن شراءه وإبقاءه في حوش المنزل أو الزريبة ويحتفظون به إلى يوم العيد حتى يتم التضحية به كما كانت عاداتهم.
لكن خروف العيد، أو «كبش العيد»، لقي نصيباً من غلاء الأسعار بسبب ارتفاع قيمة الدولار مقارنة بالعملة المحلية، حيث وصل سعر الخروف الواحد اليوم إلى أكثر من 100 ألف ريال، هذا إذا كان حجمه صغيراً، وكلما كبر حجمه ارتفع سعره في علاقة طردية طردت فرحة المواطنين بالعيد وشراء كبش العيد كعادتهم في كل عام.
وما زال المواطنون اليوم يبحثون عن سعر مناسب لكبش العيد في كل سوق، لعل وعسى يجدون ما يناسبهم ويتوافق مع إمكانياتهم المادية المتردية، أو يظلون في بحث مستمر حتى ينهكهم التعب ويضطر البعض للتنازل عن الأضحية بألم وحسرة.

بالريال السعودي
من الوهلة الأولى التي تبدأ فيها السؤال عن أسعار كبش العيد اليوم حتى تجد الإجابة الصاعقة أنها لا تقل عن 100 ألف ريال، بل تتصاعد لتصل إلى 150 أو200 ألف ريال. وقد نجد سعر الكبش بالريال السعودي بحسب حجمه ونوعه ووفق معايير يخترعها البائع ليقنع بها المشتري، وهي معايير ليست بالضرورة حقيقة أو صادقة.
هناك فئة من الناس، خاصة أصحاب الرواتب الكبيرة أو من يستلمون رواتبهم بالدولار أو السعودي، هؤلاء لا يشعرون بغلاء سعر الكباش، حتى وإن وصلت أسعارها أضعافاً مضاعفة، إذ يشترونه دون أي تذمر أو حتى اعتراض ومبايعة، لأن رواتبهم الكبيرة لا تجعلهم يشعرون بغلاء الأسعار.
لكن المشكلة هي مشكلة أولئك المعدمين وذوي الدخل المحدود الذين لا تتجاوز رواتبهم حاجز الـ30 ألف ريال، بينما كبش العيد يصل سعره إلى ثلاثة أضعاف الراتب، إضافة إلى أن لديهم كسوة العيد لأولادهم ولديهم مصاريف أخرى قد تكون أقساطاً أو ديوناً أو شراء «راشن»... ولا ننسى متطلبات المدارس التي من المتوقع أن تباشر العام الدراسي الجديد بعد عيد الأضحى، وبالتالي فإن كل أسرة بحاجة إلى ميزانية خاصة لشراء متطلبات المدارس من كتب ودفاتر وحقيبة مدرسية بكافة مستلزماتها، فكيف سيوفرون كل ذلك؟! وهل سيتمكنون من شراء كبش العيد أم سيصبح حلماً من أحلامهم؟!

عيد بالتقسيط
قد تكون خطوة جيدة أن تقوم مرافق حكومية أو حتى خاصة بإعطاء الموظفين والعاملين فيها كل عام مبلغاً مخصصاً لشراء كبش العيد، كنوع من التعاون معهم وتقديرا لهم، وهذا يخفف كثيرا على المواطنين خاصة هذا الأيام، ويضمنون معها أن قيمة كبش العيد آتية لا محالة، ويستطيعون بها شراءه والتضحية به.
وهناك مرافق ومؤسسات أخرى توفر للموظفين تسهيلات لشراء كبش العيد عن طريق التقسيط، ويتم اقتطاع الأقساط شهرياً من رواتبهم عن طريق إدارة المؤسسة، في وسيلة للتخفيف عليهم في ظل هذا الغلاء.
ولكن هناك مرافق أخرى لا يجد عمالها أي شيء، فلا حوافز ولا إكرامية العيد لشراء كبش العيد. بعض هؤلاء يظلون في تخبط يفكرون في طريقة لشرائه، وقد يضطرون معه للاستلاف، بينما البعض الآخر يتقبل التخلي عن فكرة شرائه، بسبب الغلاء وضيق الحال.

العين بصيرة واليد قصيرة
هناك في الجهة الأخرى مواطنون بسطاء من ذوي الدخل المحدود، يفكرون ألف مرة قبل أن يشتروا أي شيء من السوق أو البقالات، ويحسبون كل ريال يخرج من لديهم، ويتنازلون عن أشياء كثيرة قد تكون أساسية، في سبيل التوفير والاقتصاد بالراتب أو المبلغ الذي يحصلون عليه ليكفيهم حتى آخر الشهر.
حالهم اليوم مع زيادة أسعار كباش العيد مؤسف ومؤلم، قد يضطرهم لعدم شراء كبش العيد، حالهم كما يقول المثل: «العين بصيرة واليد قصيرة»، يكتفون فقط بمشاهدة كباش العيد في أحواش الجيران أو في الشوارع والأسواق ولا يتمكنون من تذوق لحمها. بعض هؤلاء يكتفون بشراء الدجاج أو السمك، هذا إن تمكنوا من شرائه؛ لأن ثمنه أصبح باهظا أيضا، ومنهم من يخرج للتسول ومد يده للناس طلبا للمساعدة، ومنهم من يبقى في منزله يدعو الله أن يخفف عنه ويغلق بابه ليحمل الوجع والحرمان لوحده متيقنا أنه سيجد رحمة الله التي لم يجدها لدى البشر المحيطين به.
وتبقى أسعار كبش العيد في تزايد ورواتب المواطنين ثابتة في محلها، وقد يأتي وقت لا يتمكن عدد كبير منهم من شراء كبش العيد وتمكنهم من الأضحية في العيد ويصبح كبش العيد حلماً يراود الجميع دون أن يتحقق.