عادل بشر / لا ميديا -
هدأت أصوات المدافع وأزيز الطائرات الحربية، نوعاً ما، خلال الستة الأشهر الماضية من العام الجاري 2023م، غير أن تجارة الحرب على اليمن مازالت رقعتها في اتساع، وتُجارها يتكاثرون بمعونات دولية، لا يجد شعبنا اليمني منها سوى فُتات الفُتات، بينما "الأمم وشركاؤها" مُتخمون بدماء الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، من يتسولون بهم في المحافل الدولية.
في جديد "الاتجار" بالحرب، كشفت وثائق دولية حديثة عن جانبٍ من العبث "الأممي" بمنح ومساعدات الشعب اليمني.. أرقام فلكية لا أثر لها على أرض الواقع، مئات الملايين من الدولارات تم تسليمها لمنظمات دولية وأخرى محلية، باسم مشاريع تستطيع وصف معظمها بـ"السخيفة"، من بين تلك الكيانات منظمات لم يسمع المواطن اليمني اسمها من قبل، ولم يُشاهد أثراً لها على الواقع.
صحيفة "لا" رصدت وثائق الأمم المتحدة التي نشرتها بتاريخ 15 يوليو الجاري، في موقع المنظمة الأممية على شبكة الإنترنت، حول خطة "الاستجابة الإنسانية لليمن 2023م" وما حققته المنظمة مع شركائها المحليين والدوليين خلال النصف الأول من العام 2023م.

4 مليارات
البيانات المنشورة باللغة الإنجليزية، أكدت مقدار العبث الذي تمارسه الأمم المتحدة بأموال المانحين المقدمة لمساعدة الشعب اليمني، حيث أفادت الأمم المتحدة أن إجمالي متطلبات خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام 2023م، 4.34 مليار دولار أمريكي، تلقت الأمم المتحدة منها خلال الأشهر الستة الماضية تمويلاً بمبلغ 1.43 مليار دولار، تم توزيعه على المشاريع التي ينفذها شركاؤها من منظمات ومؤسسات دولية ومحلية، وجهات حكومية يمنية، أغلبها من حكومة "معين عبدالملك" الموالية للعدوان على اليمن.

سري للغاية
البيانات الأممية احتوت على تفصيل للجهات الدولية المُقدمة للتمويل، وكذلك الجهات المستفيدة من التمويل، ممن تطلق عليهم "الشركاء المنفذين" وبعض هؤلاء الشركاء يتفرع منه مستفيدون آخرون "منظمات محلية"، غير أن بعض الجهات المانحة لم يتم ذكر أي بيانات عن الشريك الذي سُلمت له الأموال  والمشاريع، ومنها، على سبيل المثال، البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن  قدم مبلغاً قدره 1,894,000 دولار، ولم يُذكر أي بيانات حول المشروع وما القطاعات المستهدفة عبره.
كذلك في قائمة "التمويل والمنظمات المتلقية للتمويل والجهات الممولة"، وردت مبالغ ضخمة في قطاعات متفرقة منها: "الأمن الغذائي والصحة، حماية الطفل، المياه والصرف الصحي، خدمات تنسيق ودعم، إدارة مخيمات ومأوى وطوارئ، وغيرها"، وجهة التمويل الولايات المتحدة الأمريكية، واكتفى التقرير الأممي بالكتابة في خانة المتلقية للتمويل "المنظمات غير الحكومية الدولية -سرية"، الأمر الذي يُثير الكثير من علامات الاستفهام حول تلك المنظمات ولماذا لا ترغب واشنطن في كشفها.

عشوائية بالعملة الصعبة
في الجانب الآخر خُصصت عشرات الملايين من الدولارات لأنشطة ومشاريع لا تسمن الشعب اليمني ولا تغنيه من جوع، والمتفحص في بيانات تلك المشاريع، يجد رائحة فساد كبيرة تُزكم الأنوف، ومنها على سبيل المثال التالي:
(34,725,329 دولارا) خدمات التنسيق والدعم وإدارة المخيمات.
(1,357,602 دولارا) خدمات الاتصالات والإنترنت لبرنامج الغذاء العالمي، خلال الستة الأشهر الماضية، فيما تشير الوثائق إلى أن المبلغ المطلوب لهذه الخدمات للعام 2023 كاملاً 3,6 مليون دولار.
(5,565,961 دولارا) مشاريع العنف القائم على النوع الاجتماعي.
(245,237,293 دولارا) مشاريع متفرقة تحت مسميات ضبابية منها "تحسين الوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية للنازحين داخليا والسكان المحليين في المناطق الوسطى باليمن، تحسين الظروف المعيشية ضمن مواقع استضافة النازحين في اليمن خلال جائحة كورونا، تسريع العمل المحلي في الأزمات الإنسانية والصحية".
(399.960 دولارا) دفعتها السعودية لمكون يُدعى "مجلس الشباب الدولي -اليمن" مقابل تدريب المعلمين ومديري المدارس على التعليم أثناء حالات الطوارئ (EIE) اليمن.
(650 ألف دولار) مقدمة من السعودية لما تسمى "اللجنة الوطنية اليمنية لحقوق الإنسان" نظير أنشطة في "الحماية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والتدريب والمساعدة للجنة التحقيق في مجال حقوق الإنسان في اليمن".
(14,088,278 دولارا) مقدمة لكيان يُسمى "تحالف الإحسان للإغاثة الإنسانية" مقابل أنشطة بعنوان "التدخل الاستباقي المتكامل في محافظة مأرب، وفي مجال الصرف الصحي، وتأهيل 50 منزلاً متضررا من الأمطار في المهرة".
(175,325 دولارا) لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية نظير "خدمات تنسيق ودعم لتحسين إيصال المساعدات الإنسانية في اليمن".
(704,500 دولار) لمنظمة "أجيال بلا قات" مقابل أنشطة تحت مسمى "الدعم الطارئ والمساعدة المنقذة للحياة للسكان المتضررين من الفيضانات في محافظة تعز، وتوزيع مواد غير غذائية والمياه والصرف الصحي وتنسيق وإدارة المخيمات".

غياب «صافر»
البيانات الأممية حول نفقاتها تحت مسمى "خطة الاستجابة الإنسانية لليمن"، خلال النصف الأول من العام الجاري، أهملت ذكر أي تكلفة لخطة إنقاذ خزان النفط العائم "صافر" الذي ضجت العالم لقرابة العام، بالتحذير من مخاطر انفجاره، حيث ورد في خانة مشروع "ضخ وإنقاذ ناقلة النفط صافر" أن التمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتركت المنظمة الأممية خانة التكلفة فارغة من أي رقم.

ما تيسر
في الختام، ما تم ذكره من بيانات أعلاه، ليست سوى جزء يسير من تفاصيل أخرى لمبالغ مهولة أنفقتها الأمم المتحدة لمنظمات وكيانات تسعى لتحقيق مصالح خاصة بها.