عادل عبده بشر / لا ميديا -
أثار إعلان صادر عن "مُلتقى الطالب الجامعي" في جامعة صنعاء حول الفصل بين الطلاب والطالبات في كلية الإعلام، بدءاً من العام الدراسي الجديد، سخطاً وجدلاً واسعين على مواقع التواصل الاجتماعي، وبين أوساط الطلاب في أبرز جامعة حكومية على مستوى اليمن.
وأصدر "ملتقى الطالب الجامعي بكلية الإعلام" الساعة العاشرة من مساء أمس الأول 17 يوليو/ تموز الجاري، عبر قناته على "تيليجرام" تعميماً بعنوان "إعلان مهم" استهله بـ"الموضوع/ موعد بدء الدراسة بكلية الإعلام للعام الجامعي 2023/2024م + آلية النظام الدراسي الجديد"، أعلن خلاله لجميع الطلاب أن موعد بدء السنة الدراسية سيكون السبت القادم بتاريخ 4 محرم 1445هـ الموافق 22 يوليو/ تموز 2023م.
وجاء في الإعلان أن نظام الدراسة الجديد سيكون بتخصيص ثلاثة أيام من كل أسبوع (السبت، الأحد، الاثنين) للطلاب، والأيام الثلاثة الأخرى (الثلاثاء، الأربعاء، الخميس) للطالبات، مع جمع طلاب النظامين العام والموازي في المحاضرات، وكذلك جمع طالبات النظامين العام والموازي في الأيام المخصصة لهن من كل أسبوع.
وأكد الإعلان أن العمل بهذه الآلية الجديدة سيبدأ من السبت القادم 22 يوليو/ تموز الجاري.
وقوبل هذا الإعلان بسخط كبير في الوسط الشبابي وبين رواد التواصل الاجتماعي ذكوراً وإناثاً، موجهين الانتقادات لرئاسة جامعة صنعاء والمسؤولين في التعليم العالي بحكومة الإنقاذ الوطني، على السماح بذلك.
وعبّر عدد من المستخدمين عن استيائهم من هذه الإجراءات التي وصفوها بـ"المتطرفة"، كونها لا تختلف عن دعوات الجماعات الإرهابية في تحريم تعليم الفتيات وخروجهن من منازلهن.
وتساءل البعض عن المسؤول عما وصفوه بـ"القرار المهزلة"، ومن سمح بإصداره، وما الهدف من ورائه؟
صحيفة "لا" تواصلت مع رئاسة جامعة صنعاء وعمادة كلية الإعلام، وأيضاً ملتقى الطالب الجامعي، حاملة بعض علامات الاستفهام التي أثارها قرار منع الاختلاط.

توجه جديد
البداية كانت بالاتصال الهاتفي على الرقم الذي ذٌيل أسفل إعلان "ملتقى الطالب الجامعي بكلية الإعلام" وتم الرد من قبل رئيس الملتقى، الذي أكد حقيقة ذلك الإعلان وأن حضور طلاب الكلية في العام الدراسي الجديد سيكون 3 أيام للبنين و3 أيام للبنات من كل أسبوع، لافتاً إلى أن هذا القرار صادر عن كلية الإعلام ذاتها، وليس من قبل رئاسة الجامعة، وسيُطبق على منتسبي الكلية، ولا دخل لهم بالكليات الأخرى.
ورداً على سؤال الصحيفة حول الهدف من هذه الآلية الجديدة، قال الملتقى: "فصل الطلاب عن الطالبات"، فسألناه عن حيثيات القرار وإن كان الفصل بين الذكور والإناث نابعاً من قضايا تحرش أو غيرها، شهدتها قاعات الكلية في سنوات التعليم المختلط، فكان رده: "لم يحدث شيء، غير أن التوجه حالياً هكذا" ولم يزد.

اسألهم هُم
ذات الأسئلة طرحناها على رئيس جامعة صنعاء الدكتور القاسم عباس شرف الدين، الذي أبدى معرفته بالقرار، لكنه أكد عدم صدوره من مكتبه.
وقال القاسم: "هذا الموضوع صادر من كلية الإعلام نفسها"، مضيفاً: "كل كلية تعمل لنفسها امتيازات، بحسب إمكانياتها، وكلية الإعلام إمكانياتها تسمح بالفصل بين الطلاب والطالبات، وهذه سياسة الكلية".
سألناه: "كلية الإعلام جزء من الجامعة التي أنتم في رأس هرمها، هل لكل كلية من كليات الجامعة سياسة خاصة بها لا تتدخل بها رئاسة الجامعة؟"، فكان رده: "أكيد.. عندما يأتي ويقول لك نريد نفصل الطلاب الذكور عن الإناث في كليتنا، ولدينا إمكانية لذلك، هل أقول له لا؟".
وحول الهدف من قرار منع الاختلاط في قاعات كلية الإعلام، وما إذا كان ذلك ناتجاً عن قضايا غير أخلاقية حدثت سابقاً، قال رئيس الجامعة: "لا أدري.. اسألهم هم (يقصد القائمين على كلية الإعلام)"، وتعقيباً على ذلك سألناه: "أليست رئاسة جامعة صنعاء هي المسؤولة عن جميع الكليات وهي من يتخذ مثل هذه القرارات؟"، ردَّ بنبرة حزم: "لا نستطيع اتخاذ مثل هذا القرار"، مضيفاً: "هذا قرار كبير وعليه تبعات مادية".

سياسة فريدة
عميد كلية الإعلام بجامعة صنعاء الدكتور عمر داعر البخيتي، كان متحمساً وهو يتحدث عن الإنجاز الذي حققته كليته بإصدارها آلية جديدة للنظام الدراسي في الكلية، تتعلق بالفصل بين الطلاب والطالبات وتحديد أيام معينة للذكور ومثلها للإناث، قائلاً لـ"لا": "بالنسبة لهذا الموضوع، نحن اتخذنا سياسة أعتقد أنها فريدة من نوعها في الجامعة، كأول كلية داخل الجامعة تطبق هذا النظام". مؤكداً أن القرار الجديد تم إصداره بناءً على دراسات: "جلسنا ندرسه منذ العام الماضي، ووصلنا إلى نتيجة بأنه لن يؤثر على الطالب في التحصيل العلمي ولا على المدرس بخصوص ساعات التدريس".
وحول الهدف والجدوى من هذه العملية، قال البخيتي: "محاربة الحرب الناعمة"، مضيفاً: "الاختلاط يحصل فيه إشكاليات كبيرة، أحيانا من بعض الطلاب، هناك طلاب تربيتهم ليست سليمة 100%، لدينا بعض النماذج الأخرى، لذلك نحن نحاول أن نحد من هذه الإشكالية والقضاء عليها بطرق سليمة وسلسة وهادئة".
وأوضح بالقول: "بتخصيص ثلاثة أيام للذكور وثلاثة للإناث، سنمنع الزحام ونمنع الإشكاليات والاختلاط، وأشياء كثيرة، وسيستفيد الطالب أكثر مما يتصوره البعض".
وأشار عميد كلية الإعلام إلى أن الكلية ستقوم بنشر تعميم للطلاب والطالبات بالأيام المخصصة لكل فئة، مستغرباً من حالة الرفض و السخط لهذا القرار بقوله: "نحن هنا كالآباء، والأب يرى مصلحة ابنه وابنته، وبالتالي حكاية الفصل بين الذكور والإناث، شيء طبيعي، كما حدث في جامعة العلوم والتكنولوجيا التابعة لحزب الإصلاح، الذين هم الآن ضد قرار الفصل بين الجنسين".

تزامن
إعلان كلية الإعلام بجامعة صنعاء عن تخصيص أيام للذكور وأخرى للإناث في العام الدراسي الجديد، تزامن مع حملة أطلقها الإخواني المتشدد عبدالله أحمد العديني، بمدينة تعز المحتلة، تدعو إلى عدم تعليم الفتيات في الجامعات المختلطة، معتبراً ذلك نوعا من المخاطرة وغير جائز دينياً.
العديني، وهو برلماني عن جماعة الإخوان الموالين لتحالف العدوان على اليمن، نشر في صفحته على الفيسبوك، مقولة قال إنها للشيخ الألباني فحواها "لا يجوز أبداً للمسلم أن يخاطر بزوجته أو بأخته أو بابنته، أن يدخلها الجامعة المختلطة لتتعلم".
واتخذ منها قاعدة لتنفيذ حملة متشددة مع آخرين من الجماعة الإرهابية، تُحرض على تعليم الفتيات، وتدعوهن إلى أن "يقرن في بيوتهن".
هذا التزامن بين تحريض متشددي الإخوان، وبين قرار كلية الإعلام بجامعة صنعاء، اعتبره رواد التواصل الاجتماعي، نهجا واحدا للتطرف، فيما قال آخرون إن حكومة صنعاء تمنح، بين الفينة والأخرى، قنوات ووسائل إعلام العدوان ومرتزقته، مواد جاهزة للتشهير بها دون الحاجة إلى اختلاق الأكاذيب.

سخرية
ولم تخل انتقادات ناشطي التواصل الاجتماعي من السخرية، حيث علق البعض بالقول: "كلية الإعلام بجامعة صنعاء خصصت السبت والأحد والاثنين للشباب، والثلاثاء والأربعاء والخميس، للفتيات.. هذه كلية إعلام وإلا حَمّام بخار!"، فيما قال آخرون: "كلية الإعلام قسمت أيام الأسبوع على الشباب والبنات، والدكاترة عندما يدرسوا البنات في الأيام المخصصة لهن، أكيد سيدرسوهن من خلف ستارة".