عادل عبده بشر / لا ميديا -
كأنها خارجة من سجن "أبو غريب" سيئ الصيت، بعد أن تعرضت لأبشع أنواع التعذيب البدني والنفسي.. كسر وحرق وكي بالنار وضرب بقطع حديدية وممارسة أعمال شاقة، مع حرمان من الأكل.. هذا ما كانت تعانيه الطفلة "عُلا عبده محمد ثابت غانم" ذات السنوات الـ11، على أيدي والدها وزوجته وآخرين، بمحافظة ريمة.
خلال الأيام الثلاث الماضية ضَجّت منصات التواصل الاجتماعي، بقصة تعذيب الطفلة عُلا غانم، وخضع الأمر لتكهنات رواد التواصل الاجتماعي، حول تفاصيل الجريمة، والإجراءات التي تم اتخاذها الأجهزة الأمنية ضد الجُناة.
صحيفة "لا" تواصلت مع السلطات الأمنية والمحلية بمحافظة ريمة، للاطلاع على القضية ومستجداتها.

تفاصيل الجريمة
مصادر محلية في عزلة بكال، أفادت بأن الطفلة "علا عبده محمد ثابت غانم" من منطقة بني عقيل بعزلة بكال مديرية مزهر بمحافظة ريمة، تعرضت مع شقيقها وشقيقتها الصغرى للتعذيب الشنيع على يد والدهم وزوجته، ثم قام الأب بتسليم "علا" لزوج عمتها ويُدعى "عبدالغني" في قرية بني العامري، وقال له: "خذها لكَ، بعها أو اعمل بها ما تشاء"، وقامت عمة الطفلة وزوجها، بالتنكيل بها بالضرب والتعذيب وإجبارها على القيام بأعمال الكبار في الأرض، لعدة أشهر، وبعد ذلك باعها زوج العمة لمُسن يدعى "محمد عبدالجليل" في قرية "عرزة" وهو متزوج ولديه أبناء وبنات، لتجد الطفلة نفسها في فصل آخر من العذاب، استمر لعدة أشهر.
وأشارت المصادر إلى أن زوج العمة والشخص المُسن، بعد خشيتهما من افتضاح أمرهما، لجآ إلى عمل عقد زواج للطفلة بالرجل الشائب، وتزوير عُمرها في العقد بأنه "19 عاما" وتحديد مهر قدره مليون ريال، وساعدهما في ذلك "أمين شرعي" وشخص آخر كـ"شاهد".
وتظهر وثيقة العقد المؤرخ في "5 كانون الأول/ ديسمبر 2022م" حصلت "لا" على نسخة منه، أن الطفلة عرّف بها والدها، كونها لا تملك بطاقة شخصية، ودون اسمه في خانة ولي أمرها بعقد النكاح، فيما كان الشاهد الأول على العقد زوج عمتها، والشهد الثاني شخصا آخر.
وعلى مدى الأشهر الماضية التي تلت ذلك العقد، والطفلة "عُلا" تعيش في جحيم لدى أُسرة "محمد عبدالجليل"، حتى جاء اليوم الذي سمعت فيه أنهم يسعون للتخلص منها، في حادثة تُسجل بأنها "قضاء وقدر" كالغرق أو السقوط من مكان مرتفع بالجبل، الأمر الذي دفعها للهرب واللجوء لأحد أبناء المنطقة، والذي بدوره أبلغ الأجهزة الأمنية في مديرية مزهر بالقضية.

ضبط المطلوبين
مدير أمن محافظة ريمة العميد حاشد الحباري، أفاد "لا" بأن الأجهزة الأمنية قامت باتخاذ إجراءاتها القانونية بمجرد تلقيها البلاغ، مؤكداً إشرافه المباشر على تطورات القضية.
وقال العميد الحباري في اتصال هاتفي أجريناه معه مساء أمس  الخميس: "تم إبلاغنا في حينه أن هناك طفلة تعرضت للتعنيف والتعذيب بشكل إجرامي من قبل أسرتها وشخص آخر، وقمنا مباشرة بتوجيه إدارة أمن مديرية مزهر، باتخاذ الإجراءات القانونية ضد من تم الإبلاغ عنه، وذلك بالتنسيق مع النيابة".
وأضاف: "قامت إدارة أمن مُزهر بضبط والد الطفلة وزوجها والأمين الشرعي الذي أبرم عقد الزواج الباطل، وأحد الشهود، وإحالتهم إلى بحث المحافظة ومن ثم إلى النيابة". مُشيراً إلى أنه "ومن خلال الاطلاع على ملف القضية وأقوال الطفلة، وما تضمنه التقرير الطبي الصادر من مستشفى الجبين، يتضح أن الطفلة تعرضت لاعتداء وحشي، وهي جريمة دخيلة على مجتمعنا اليمني ولن يهدأ لنا بال حتى ينال الجُناة عقابهم الرادع".
وأوضح مدير أمن ريمة العميد حاشد الحباري، أن الطفلة "موجودة حالياً في مكان آمن لدى إحدى الأسر، وتتلقى رعاية طبية وقمنا بالتنسيق في ذلك مع مدير الصحة بالمحافظة".
من جهته أفاد "لا" أمين عام المجلس المحلي بمديرية مزهر، عبدالله يوسف البكالي بأن عددا من المحامين تطوعوا لمتابعة قضية الطفلة عُلا غانم، لدى الجهات المختصة، بالإضافة إلى تبني القضية من قبل إحدى المنظمات الحقوقية المحلية. مشيراً إلى أن "الأب" تم استدراجه من صنعاء وإحضاره إلى المديرية وضبطه.
وفي السياق أوضح مصدر قضائي لـ"لا" أن النيابة الابتدائية بمديرية الجبين، مركز محافظة ريمة، أصدرت أوامر قهرية بضبط وإحضار زوجة الأب، المتواجدة في صنعاء، وزوج العمة أخت الأب، وهو الشاهد الأول في عقد زواج الطفلة بالرجل المُسن.

قائمة تعذيب
التقرير الطبي الصادر من مستشفى "الثلايا" العام بمركز المحافظة، بتاريخ 29 تموز/ يوليو المنصرم، كشف تعرض الطفلة عُلا عبده غانم، لكسور في اليد والأسنان وحروق في أجزاء متفرقة من جسدها بمقاسات مختلفة تجاوزت الـ130 ندبة ناتجة عن حروق، بالإضافة إلى ميل حدقة العين اليُسرى إلى أسفل الأنف، الأمر الذي يستدعي عرضها على أخصائي عيون، وغيرها من علامات التعذيب الوحشية.
وأظهر مقطع فيديو للطفلة عُلا غانم، تعرضها لجروح وكدمات وحروق متنوعة، وعجزها عن الرؤية بعينها اليسرى.
وقالت الطفلة إنها تعرضت للتعذيب على يد خالتها (زوجة والدها)، عن طريق وضعها في دلو ممتلئ بالماء الساخن وهي بجسد عارٍ، وكذلك ضرب رأسها في الجدار وكسر يدها بـ"المفرس" الخاص بحراثة الأرض، وضرب قدميها بـ"الصميل" والاعتداء عليها بسكين ساخنة، وتعليقها في سقف المنزل، وتقييد يديها، وغير ذلك، مشيرة إلى أن الأب كان يساعد زوجته في تعذيبها.
كما اتهمت الطفلة خالتها بقتل شقيقتها الصغرى، مشيرة الى أن شقيقا لها استطاع الفرار من المنزل والالتحاق بالجبهة، حد قولها.
كما تحدثت عن العذاب الذي تلقته على أيدي زوج عمتها وكذلك الشخص المُسن الذي تم عقد قرانه بها.