حاوره:طلال سفـيان وعبدالكريم الرازي / لا ميديا -
 لاعب من زمن الرياضة اليمنية الجميل، جمع بين النجومية الكروية والتفوق العلمي. يصف نفسه بالطلعاوي الأهلاوي والصقراوي والصحاوي، جامعا في قلبه فرق الحالمة تعز في بوتقة واحدة.
بعد غربة طويلة عاد النجم الكروي السابق عبدالرقيب عبدالله عقلان العديني إلى الوطن، لتلتقيه صحيفة "لا" في حوار نبشت فيه ذاكرته مع كرة السبعينيات وحكايا نجومها وقصص لعبه في بريطانيا وأمريكا.

 مرحبا بك كابتن عبدالرقيب في صحيفة "لا" وملحقها الرياضي، ونترك لك سرد قصة بدايتك مع كرة القدم! 
- مرحبا بكم وبصحيفة "لا" الغراء، التي أصبحت اليوم محل متابعة واهتمام وشغف الشارع اليمني. طبعا بدأت اللعب مع النهضة خلال العامين 1969 و1970، وهذا الفريق هو أحد فرق الحواري في مدينة تعز، ولعب فيه الدكتور محمد عبده ثابت ومنصور وفضل وعبدالله الدهبلي، وكان لدينا ملعب جوار "فندق ديلوكس"، كما كنا نخوض مباريات ضد فرق أخرى على ملاعب "حول الشجرة" ومدرسة ناصر ونادي كهرباء المحضار في "وادي المدام". ثم التحقت بأشبال نادي الطليعة - الفريق الثالث، وحملت شارة الكابتن، وتدرجت إلى الفريق الثاني، ولعبت مع الفئتين العمريتين بجوار عبدالعزيز رمسيس (ماوية) وأمين علي ناجي وفوزي غالب والمهندس عبدالناصر محسن وسلطان محمد شمسان، ليتم بعدها تصعيدي للفريق الطلعاوي الأول. كان هذا التصعيد مفاجئاً لي، لأن الفريق الأول للطليعة يضم وقتها نجوماً عمالقة، مثل الحارس عبدالملك فوز وفاروق عبده قائد، وهذا الأخير هو محامٍ معروف، وكان فلتة زمانه في ملاعب تعز.

 كيف استطعت حينها وكنت صغير السن أن تأخذ مكاناً أساسياً في الطليعة وسط لاعبين عمالقة؟
- بعد تصعيدي للفريق الأول بالطليعة، خضت أول مباراة معهم بديلا عن عبدالقوي عبدالفتاح، الجناح الأيمن، وكانت الصدفة قد أوقعتني للعب في هذا المركز وأنا أساسا ألعب وسط وراس حربة؛ لكن الفرصة سنحت وتألقت في أول مباراة خضتها مع نجوم الفريق، كالجناح الأيسر عبدالله المحضار والمدافع الرهيب علي حسن ومحمد سيف البعداني. وهكذا استمررنا باللعب مع الطليعة وكنا نخوض مباريات قوية أمام الصحة والأهلي ولم يكن قد تأسس الصقر آنذاك.

 كيف انتقلت إلى الصقر؟ 
- كان في تعز عدة أندية، كالسلام والصقر والتعاون والأهلي والصحة، ثم تم الدمج، ربما نتيجة أن الأندية لم تجد الدعم والاهتمام. قبل انتقالي للصقر لعبت مباراة مع الطليعة ضد الأهلي، وكنا متعادلين 1-1، وحصلنا على ركلة جزاء فطلب مني أن أنفذها، لأني كنت مميزاً في تنفيذ ركلات الجزاء. ولأن أهلي تعز هم من كانوا يخططون الملعب بالنورة، عملوا لنا في النقطة التي تنفذ منها ركلة الجزاء دائرة نصفها نورة ونصفها تراب، ونحن لا نعرف، ولحظة قيامي بركل الكرة تشتت الركلة بشكل ضعيف وصدها حارسهم حميد بكل سهولة، وانتهت المباراة بالتعادل، الأمر الذي أثار لدى أحد إداريي الطليعة الشك بي في إهدارها، ومع قدوم الأستاذ صالح الذي كان يعمل في مستشفى الثورة،لرئاسة الطليعة تركت اللعب مع الفريق.
بعدها اتصل بي المرحوم عبداللطيف محمد علي عثمان، وكان رئيس نادي الصقر، وطلب مني اللعب للصقر. ذهبت للجلوس معهم، فقال عبداللطيف: أنت ستكون معنا في الصقر. وكانت المشكلة أمام الإدارة هي كيف أخرج من الطليعة؛ لأنهم سيطلبون بديلاً لي لاعباً من الصقر، فحسم عبداللطيف الأمر قائلا: خلاص عبدالرقيب مقابل فلان، وبدأت ألعب مع الصقر.

 وكيف وجدت الأجواء في الصقر؟
- كانت فترة رائعة بكل ما تعني الكلمة، ويكفي أني زاملت المدافع الصلب فضل الدهبلي، كابتن الفريق، وشقيقه منصور حارس المرمى، وعبدالله قاسم العديني ونجيب عبدالإله الأديمي ومحمد سيف البعداني وفهد شهاب وعبدالله عتيق الذي كان من ضمن مؤسسي نادي الصقر.

 هلّا تعطينا فكرة عن تأسيس نادي الصقر؟
- هذا الكلام قبل أن ألعب معهم. الصقر تأسس بعد عملية دمج الأندية في تعز مع نهاية الستينيات وبداية السبعينيات. ومعظم لاعبيه كانوا من طلبة القسم الداخلي، ومنهم المرحوم عبدالله عتيق والمرحوم محمد سعيد صالح التربوي الشهير وأيضا الأستاذ عبدالله سعيد الصبري.

 حدثنا عن كيفية انتقال الرويشان من الأهلي إلى الصقر؟ 
- أنا طرحت للصقر فكرة استبدال لاعب الصقر حميد بنجم الأهلي علي ناجي الرويشان. تفاهمنا مع الأهلي وتم التبادل. كان الصقر قوياً، وكنا نفوز على الفرق كلها ما عدا الأهلي.
أيضا أنا طلبت أن ينضم لنا عبدالواحد عتيق، وكنت قد لعبت معه في فريق النهضة، ورأيت فيه اللاعب ذا المهارة العالية ويجيد اللعب في كل المراكز. قلت له في البداية: تعال معنا الصقر وسنضمك للأشبال؛ لكنه أثبت كفاءته كلاعب سوبر في خط الوسط، فرشحته للعب في الفريق الأول مباشرة. ومن أول مباراة له معنا ظهر كلاعب مميز، يفهم ماذا يريد، ويؤدي واجبه بإتقان، ليحمل بعدها وبفترة وجيزة شارة قيادة الفريق الأول بنادي الصقر.

 من هم أشهر نجوم ملاعب الحالمة في السبعينيات؟
- في نادي الصقر أفضل لاعب هو علي ناجي الرويشان، الذي لعب أيضا مع أهلي تعز، ونجيب عبد الإله الأديمى وفهد شهاب ومحمد سيف البعداني والمرحوم أحمد الأغواني وطاهر أحمد عمر ومحمد سعيد صالح. كذلك من الأهلي كان يحيى فارع والمجيدي وجميل الحمامي وعبدالله العسولي والمدافع الرهيب محمد يوسف والكابتن عبدالعزيز القاضي الذي كان نجماً كبيراً من حيث اللعب واللمسات الفنية، كانوا نجوماً كباراً يحملون هموم المستقبل. مثلا الكابتن فاروق عبده قائد لو حصل على فرصة وقتها ولعب في مصر لكان ذاع صيته؛ لكن التركيز على الدراسة هو همنا الأول، فقط نصل القاهرة نهتم بالدراسة ونترك اللعب.
كما كان الأهلي يضم الأستاذ محمد أحمد حبيش وأخاه علي حبيش، اللذين واجهتهما في مباريات الطليعة والأهلي. ومعظم اللاعبين الذين قدموا من الجنوب كانوا أصحاب مهارات فنية فائقة. وفي الطليعة عاصرت لاعبين عمالقة مع النجم الكروي الكبير جميل سعيد عبده والمرحوم محمد بن ناجى ومحمد علي شكري وشقيقيه أنور وشكري الذي توفي مؤخرا رحمه الله، وزيوار الذي لعب معي في الطليعة والسلام.
وفي الصحة برز المرحوم عبدالحميد الشاوش وعلي مسعد وأخوه حسين، ومحمد وعبدالله وعلي وحسين الجهمي... محمد الجهمي أصبح فيما بعد كابتن فريق نادي الجيل في الحديدة، إضافة للحارس عبدالرحمن عبدالجليل الذي انتقل بعدها للعب معنا في الصقر.
ولا أنسى أيضا نجومية أولاد درهم مع التعاون والصقر، وهما القاضي جمال وأخوه الكابتن محمد الذي أصبح الآن مدربا لحراس المرمى في المنتخبات الوطنية.

 وبالنسبة للمشجعين في زمنكم...؟ 
- الحقيقة هناك نماذج مشرقة من المشجعين الذين كانوا يشجعون الأندية واللاعبين، وأتمنى أن تسلطوا الضوء عليهم، مثلا كان هناك مشجع للطليعة يستحق الذكر، كان يملك محلاً لبيع الفاكهة والخضار في السوق المركزي، ولا يحضرني اسمه الآن، لكن أبناء أندية تعز والطليعة في المقام الأول يتذكرونه جيدا. وأيضا محمد الصراري عميد مشجعي التعاون والطليعة، كان يشتغل مع المحضار ويدعم اللاعبين بالمال.
كما أتذكر والد الكابتن عبدالله عتيق، كان يشجع نادي الصحة بكل قوة، وعندما انتقل الكابتن عبدالله من الصحة إلى الصقر لم يزعل، بل بالعكس شجع ودعم ابنه، وبقي هو ذلك المشجع الغيور للصحة.
وعلى سبيل ذكر المشجعين والداعمين للرياضة في تعز، في الصقر كان لدينا إداريون قدموا كل ما لديهم، أمثال المرحومين عبد اللطيف محمد علي عثمان والعميد يحيى عبد الإله والعميد محمد الخولاني والمرحوم محمد الطائفي، وفي الطليعة التربوي الفاضل عبدالجليل جازم يرحمه الله، والمقاول عبدالغني كليب رئيس النادي وداعمه الأول في الستينيات.

 كيف ترى أوضاعكم كلاعبين قدامى مع لاعبي اليوم؟ 
- بالأمس كنا نلعب الكرة لأننا نحبها، لم يكن في عهدنا مرتبات ولا دعم ولا احتراف، فقط كان الولاء للنادي، رغم أن لاعبي الأمس معظمهم يعيشون ظروف صعبة، ومع هذا كانوا حريصين على دراستهم وعلى تحسين مستوياتهم والبحث عن العمل، لأنه إذا لم تدرس لن تحصل على وظيفة، أنا كنت أفضل حالا من بين زملائي اللاعبين بحكم دعم والدي رحمة الله تغشاه.
بالنسبة للاعبي اليوم أنا لست في اليمن، ولكن كما أسمع أن هناك مرتبات وعقودا واهتماما بهم وأصبحوا أفضل حالا من لاعبي الأمس، بل إن البعض منهم وجد فرصته في الاحتراف الخارجي، وهناك تجارب ناجحة وتجارب ربما لم يكتب لها النجاح.

 موقف ما زال في ذاكرتك خلال مشوارك الكروي...؟
- خلال فترة لعبي مع الطليعة كنت أيضا أقوم بالتدريب، وبالصدفة التقيت بالشيخ عبدالعزيز الحبيشي، رحمة الله تغشاه، وأخبرني أنه يريد تكوين فريق جديد في إب، فقلت له: سأعطيك فريقاً، وقمت بتجميع لاعبين من أشبال الطليعة والصقر والصحة، ومن ضمنهم اللاعب زيوار وعبدالله خيري، إضافة لأحمد الأغواني ومحمد عبدالقادر الصياد، ومن القدامى محمد سيف الذي أحضر معه لاعبين آخرين... وطلعنا إلى إب ولعبنا مباراة  مع فريق سلام إب الجديد بعدها لعبت مع السلام مباراتين هزمنا فيها الفتوة وتعادلنا مع الشعب، وارتاح الشيخ الحبيشي وأسس فريقا بعدها اسمه السلام.
كان هناك في حساسية بين السلام والشعب، وكما تابعت تم بعدها دمج السلام والفتوة بنادٍ واحد أطلق عليه اتحاد إب.

 متى تركت اللعب؟ 
- في العام 1978 لعبت آخر دوري بالنسبة لي. خضنا مباريات مع فرق العاصمة صنعاء القوية وفرق محافظتي إب والحديدة، وكانت آخر مباراة لي ضد أهلي تعز، وحدثت فيها مشاكل. بعدها سافرت للدراسة في بريطانيا.

 وهل مارست الرياضة أثناء الدراسة في بريطانيا؟ 
- نعم. المضحك أنني عندما بدأت الدراسة في كلية جولد ببريطانيا، ذهبت لمدرب فريق كرة القدم بالكلية وقلت له: أريد اللعب مع فريقك. كان جسمي صغيرا مقارنة بأجسام لاعبيه الضخام. فاستغرب وسألني: هل تلعب كرة القدم؟! قلت: نعم، أنا ألعب وسط ودفاع وجناح ومهاجم، فقام بتجريبي وأعجب بلعبي وقال لهم إني سألعب ضمن فريق الكلية. وكان هناك لاعب بريطاني وآخر من أصول أفريقية لم أكن أعجبهما، وعندما شاهدني المدرب ألعب بشكل جيد لاحظ أنهما لا يعطياني الكرة، وكنت أضطر أن أعود لخط دفاعنا حتى أحصل على الكرة وأصنعها لنفسي، وفي الاستراحة وبّخ المدرب اللاعبين وفرضني عليهم. لعبت سنتين معهم ثم رحلت إلى الولايات المتحدة بعد حصولي على منحة.

دوفي أمريكا هل لعبت؟
- في البداية كنت أذهب للعب في ولاية نيومكسيكو. وفي نيويورك التقيت بالأخوين علي ناجي الرويشان وطاهر أحمد عمر، وكونا فريقاً. حينها لم يكن في نيويورك يمنيون كثير. المهم، عندما كونا فريقنا اليمني لعبنا أمام فريق خليط من الأمريكان والإيطاليين، وقبل المباراة قلت للاعبي فريقنا: يجب أن نلعب الكرة بشكل سريع دون تأخير، ولعبنا وهزمناهم 4-2.
في ولاية نيويورك لعبت مع فريقين: الأول فريق بيت لحم في مدينة ألباني لمدة خمس سنوات، والثاني فريق روتردام في مدينة روتردام لمدة 7 أعوام. بعدها لعبت مع فريقي بثلام ونوتردام. كما لعبت مع جامعة نيو مكسيكو وكونت فريقا اسمه الصقور في مدينة لاس كروسيس بولاية نيومكسيكو. وفى الوقت نفسه كنت مدربا لفريق كرة القدم النسائية في الجامعة، إضافة لقيامي بتدريب الأطفال في ولاية نيويورك وولاية نيومكسيكو. وهذا كان وقت فراغي بحكم انشغالي الوظيفي كمسؤول عن الخطط الاستراتيجية في نيومكسيكو.

 ماذا عن أولادك واهتمامهم بالرياضة؟ 
- حسام يلعب الكرة أحيانا، وعدنان مهندس كبير ولديه فريق يلعب معهم. هم مهتمون بالدراسة والعمل، ومن يرغب أن يكون خليفتي في الملاعب الكروية سيجد مني كل الدعم والتشجيع.

 هل تتابع أخبار ناديك الصقر؟ وكيف تقيم أوضاعه؟
- أنا متابع دائم لنادينا الصقر. بصراحة الأستاذان شوقي أحمد هائل رئيس النادي ونائبه رياض الحروي مثّلا الإدارة النموذجية، من خلال إيجاد المنشأة ودعمهما اللامحدود للنادي في جميع الألعاب، وأصبح الصقر منافسا بإحراز البطولات، كما حصل مع فريقه الكروي على لقبي دوري، وأيضا التتويج ببطولات الجمهورية مع فرق النادي الأخرى، كفرق كرة اليد وكرة الطاولة وألعاب الدفاع عن النفس. كما أن هناك اهتماما بأبناء النادي. ونثق أن الصقر مع هذه الإدارة سيواصل ألقه بإذن الله. والأهم أن تكون الجمعية العمومية سندا وعونا لها في خدمة النادي.

 كلمة في ختام الحوار؟
- شكرا لصحيفة "لا" على هذه الاستضافة بحوار أعادني لزمن كرتنا اليمنية الجميلة. وأمنياتي ودعواتي أن تكون رياضتنا ووطننا الأغلى بألف خير.