حاوره:أنور عون / لا ميديا -
هل تعرف نصر الجرادي؟
إذا أردت معرفة من هو نصر الجرادي، فاسأل أفضل نجوم الزمن الجميل، اسأل الأساطير الحقيقية: عبدالعزيز القاضي، يحيى فارع، مضر السقاف، خالد الناظري، باسم عبدالحفيظ، عزيز الكميم، يحيى جلاعم، خالد العرشي، أحمد الصنعاني... إلخ.. سيقول لك النجوم ويؤكدون أنه نجم النجوم، وكان صقراً يحوم في الميدان، ومن المواهب التي لم تتكرر.
إنه نجم كبير، قصصه مع الكرة لا تنتهي. صحيفة "لا" حاورته لمعرفته أكثر وأكثر.
نجم نجوم الزمن الكروي الجميل يستعيد مهارات التهديف ويصوّب بإتقان
 في البداية هلا تعطينا نبذة عن نقطة انطلاقك إلى عالم المستديرة؟
- عشقت الكرة منذ طفولتي؛ لكن بعد سفري مع شقيقي إلى مصر وأنا في سن صغيرة، تقريباً في مرحلة الإعدادية، ازداد عشقي للكرة عند متابعتي لأجواء كروية غير عادية تجلت في الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمحلة والترسانة والمنصورة... ولاعبين أفذاذ: صالح سليم، مصطفى رياض، الشاذلي، أبو جريشة، حسن شحاتة، فاروق جعفر، الخطيب، مصطفى عبده... وكثير من النجوم، وأبرزهم جميعاً الفلتة اليمني علي محسن مريسي، زخم كروي مبهر جعلني متيماً بالكرة. لعبت في الحواري ونادي الشمس. وذات مرة شاهدني المرحوم علي محسن فطلب من شقيقي ضمي للزمالك، وفعلاً ذهبت وتدربت ولعبت مع الناشئين والشباب فترة قصيرة، عدت بعدها إلى الوطن، لأن شقيقي أنهى دراسته.
حزنت كثيراً؛ لكنها ظروف الحياة، والعودة إلى الوطن في الأول والأخير أفضل.
 ولماذا لم تفكر بالعودة إلى الزمالك مرة أخرى؟
- بعد عودتي وجدت زخماً كروياً جميلاً شدني للبقاء وأنساني الغربة وجمال الكرة المصرية. صحيح ليس بالمستوى ولا مقارنة فيها، لكن الأجواء وحلاوة المنافسة بين الوحدة والأهلي والشعب والزهرة وشعب إب وبقية الأندية كان لها مذاق رائع.
 ولماذا اخترت وحدة صنعاء دون سواه؟
- ذهبت إلى الأهلي، ثم شعب صنعاء؛ إلا أن مجموعة من لاعبي الوحدة كانوا زملاء لي وشعرت معهم بالانسجام والألفة، فسجلت اسمي معهم، ومن هنا بدأت المشوار، وكان ذلك أواخر الستينيات أو المطلع السبعينيات تقريباً.
 وكيف سارت مواسم لعبك والمنافسة مع الفرق؟
- كل المباريات بين الفرق كانت على أعلى مستوى؛ لأن كل فريق كان لديه مجموعة من النجوم يشعلون فتيل المنافسة والروح، ولهذا كنت ترى المدرجات تمتلئ عن بكرة أبيها من قبل الظهر.
 ومن كان الفريق المنافس للوحدة غير أهلي صنعاء؟
- شعب صنعاء كان لديه لاعبون متميزون جداً، أمثال: جواد محسن، وهو أسطورة بكل المقاييس، علي ورقي، الكالة، زين السقاف، عادل مقيدح، وآخرين. ومن أبرز المباريات التي أتذكرها أمامهم، انتهت 6-5، ماراثون أهداف، نسجل فيتعادلون، حتى الدقيقة الأخيرة اختتمت الأهداف بهدف سادس؛ لكن النتيجة سُحبت مِنّا، بسبب ألاعيب يحيى الكحلاني في اتحاد الكرة حينها، وبعد فرصة الفوز المذهل عشنا قهراً شديداً، بسبب سحب النتيجة، ولا أعلم إلى اليوم لماذا سُحبت النتيجة وحُسبت للشعب!
 وفي الحديدة، لمن كان الوحدة يحسب ألف حساب؟
- الجيش كان قوياً، لاسيما في الدوري التصنيفي عام 78، كان لديه مجموعة مذهلة: محمد سلطان، الجهمي، عبده راشد... ونجوم لا تسعفني الذاكرة لسرد أسمائهم. الأهلي أيضاً يتميز بالسلاسة وعذوبة اللعب الحلو.
 نسمع من نجوم تعز القدامى عن مواجهات قوية كانت تحدث بين الوحدة وأندية الحالمة. ما هي الفرق الأكثر قوة؟ وما هي ذكرياتك معها؟
- لا شك أن أهلي تعز كان هو العنوان الأجمل للمحافظة. لاعبوه تميزوا بالروح القتالية، وخلفهم جماهير مرعبة تميزت بعشقها لناديها إلى درجة الجنون، لكنها كانت مراوغة، تشجع دون خروج على النصر، تعشق اللعب الحلو، ولهذا كانت جماهير تعز تستقبلنا في الحوبان دائماً ثم تشجع ناديها بجنون العاشق. وأكيد نادٍ يضم المايسترو عبدالعزيز القاضي والمجيدي ومحمد طه وأحمد الغنمة وعبدالملك ثابت... ويرأسه شخصية بحكم الحاج القصوص رحمه الله، كيف سيكون؟! بلا شك سيكون نادياً كبيراً.
أيضاً لا أنسى طليعة الفن والهندسة: عبدالحميد الشاويش، علي القربة، سميح، أمين علي ناجي، مضر السقاف، فاروق عبده قائد... فريق تستمع بلعبه الراقي. الصقر أيضا كان فريقاً جيداً ويملك نجوماً رائعين.
 وماذا عن شعب إب؟
- عنيد من يومه، وجماهيره أكثر عناداً، إلى درجة مخيفة!
 نسينا أن نسألك عن أهم مبارياتك أمام المنافس التقليدي للوحدة: أهلي صنعاء...؟
- كل مبارياتنا مع أهلي صنعاء كانت ملتهبة إلى أبعد ما تتصور؛ ضرب والتحامات عنيفة بين اللاعبين، ويصل العنف إلى أقصى مداه، وبالذات بين الشقيقين أحمد سعد العذري -مرافقنا القوي- وشقيقه يحيى - مهاجم الأهلي. لكن انظر عقب اللقاء! كلنا حبايب، نذهب لنتعشى معاً كإخوة.
أما مبارياتي الأجمل فكانت التي فزنا فيها على الأهلي 8-1، وسجلت فيها سوبر هاتريك.
 كابتن، أحرزت لقب الهداف مرات، وذات مرة ذهب عليك اللقب لأحد زملائك، وهذا الأمر أحزنك...؟
- نعم، القصة حقيقية؛ إلا أنني لم أحزن أبداً. كان ذلك أواخر السبعينيات، تنافسنا أنا وزميلي أحمد سعد العذري، الذي تحول في ذلك الموسم من مركز المدافع إلى مهاجم بجانبي، ودخل معنا المهاجم الرائع شكيب البشيري، نجم شعب صنعاء، وتنافسنا إلى آخر جولة، برصيد فاق الـ35 هدفاً، وكل أهدافي أحرزتها بجهود ذاتية ومساعدة زملائي في أوقات كثيرة؛ لكن بعضهم كانوا يتعاطفون مع زميلي أحمد سعيد بمواقف وأهداف لا داعي لذكرها، وفي الأخير نحن الاثنان نمثل نادياً واحداً، والإنجاز لنادينا قبل أي شيء، ولذلك لم أحزن أبداً.
 تفوق الوحدة في ذلك الوقت، هل يرجع لوجود إدارة متميزة أم نجوم عمالقة؟
- كلتا الحالتين؛ نجوم كبار تقودهم إدارة تخيل من يرأسها! الشهيد إبراهيم الحمدي، رحمه الله. كان كل جمعة يلتقي بنا في العاشرة صباحاً ويعطينا عبارات وكلمات تبث فينا الروح ويسأل كل لاعب عما لديه من مشاكل، لكي يحلها... إنه رجل لا يتكرر إطلاقاً.
 قصصك مع المنتخبات ماذا تحتوي؟
- خضت عدداً من المشاركات في الصين والجزائر وسورية وليبيا مع زملاء من العيار الثقيل.
 وماذا عن نوادر تلك المشاركات؟
- عندما لعبنا أمام منتخب الجزائر، خسرنا بنتيجة ثقيلة، وإذا برئيس بعثتنا، عبدالعزيز البرطي، رحمه الله، ينزل إلينا بعد المباراة ويقول: "أنتم 11، وهم 11 لاعباً، ليش تنهزموا؟! كنتم ترتصوا الـ11 اللاعب أمام مرمانا وتمنعوهم من التسجيل!"، ثم ذهب إلى رئيس نادي الوفد الجزائري وقال له: "ليش تهزمونا بهذه النتيجة وأنا وأنت كل يوم أصحاب، نتعشى ونتغدى مع بعض؟!"، فقال له رئيس الوفد الجزائري: "احنا أصحاب خارج الملعب، أما داخل الملعب فالوضع يختلف، لا مجال للعواطف أيها الصديق".
وأيضاً عندما ذهبنا نلعب في الصين، قبل المباراة قالوا لنا: "نحن نتعلم منكم فنون الكرة"، وعندما خضنا المباراة غلبونا 3- صفر.
وفي سورية، طيّرنا البطولة من العراق، هزمناهم 2- صفر، وهم الفريق الذي لم يقهر، وشجعتنا الجماهير السورية، لأن منتخبهم فاز بالبطولة بسبب خسارة العراق أمامنا، وهي مفارقات عجيبة.
 نذهب للكرة اليمنية والرياضة بشكل عام، كيف يعلق عليها الكابتن نصر الجرادي؟
- دعني أتحدث أولاً عن كرة القدم، الحال معروف، فشل متلاحق، ليكون لنا من سلطنة عُمان أسوة حسنة، كان منتخبهم "يختبط" بالثمانية، حتى في كأس الخليج. أوقفوا النشاط خمس سنوات، وبدؤوا بوضع استراتيجية التطوير، وانظروا اليوم أين منتخب عُمان! بطل الخليج، ويصل ويتنافس على بطولة آسيا. ولكن قبل ذلك يجب أن نقوم بالتغيير؛ يكفي العيسي وشلته تقلد أمور اتحاد الكرة. تطوير الكرة يحتاج إنشاء لجان متخصصة، وليس هوشلية وشللية كما يفعل العيسي. يكفينا 16 سنة عبثاً. يجب أن تصحح بالأكفاء واختيار الرجل المناسب للمكان المناسب، بانتخابات نزيهة غير مدفوعة الثمن كما حدث، ثم نجد أعداء الاتحاد يحولون إلى "تجار" للماركات الرياضية وغيرها!
 وهل أنت مع فكرة تولي شوقي أحمد هائل، أو أمين جمعان، رئاسة اتحاد كرة القدم؟
- لست مع أحد أو ضد أحد، نريد التغيير الجذري بأشخاص يفيدون الكرة اليمنية ليأتي من يأتي، المهم يملك الكفاءة والصدق والرغبة في إصلاح الكرة اليمنية.
أما الرياضة اليمنية عموماً فتحتاج إلى إقالة مجلس إدارة اللجنة الأولمبية، خاصة بعد فضائحهم في المشاركة الحالية في دورة الألعاب الآسيوية بالصين. ما يحصل تهريج ومرمطة بسمعة الرياضة اليمنية أو ما تبقى منها. عيب وعار بقاء محمد الأهجري أميناً عاماً للجنة الأولمبية 25 سنة! وهنا أستغرب؛ أين دور الأستاذ عبدالرحمن الأكوع؟! الوضع أصبح مسيئاً للغاية.
اللجنة الأولمبية في كل دول العام هي أساس تطوير الألعاب، ونحن عاجزون عن إعداد بطل واحد يشرف اليمن. أين تذهب مستحقات اللجنة وعوائدها؟!
يا أخي أتذكر أننا قبل 45 عاماً قدمنا مشاركات وتفوقنا في تنس الطاولة وعبر أحمد زايد، لأن اللجنة الأولمبية كان يقودها عمالقة أمثال علي الصباحي. لا بد من إقالة ومحاسبة هؤلاء العابثين في اتحاد الكرة واللجنة الأولمبية.
 وحدة صنعاء برئاسة جمعان، كيف تقيمه؟
- للأمانة، أمين جمعان عمل في عشر سنوات بجد واجتهاد وأوصل الوحدة إلى نموذجية يحترمها الجميع، من حيث المنشأة والاستثمارات، وحقيقة نشد على يديه؛ لكن يتبقى استكمال ذلك بالجانب الكروي، نريد بناء فريق يتصدر البطولات كما كان من قبل، ويتسيّد ألعاب الظل كالمصارعة والطاولة والسلة.
 قبل الختام، مَن هو اللاعب الأسطورة في الكرة اليمنية على مر العقود؟!
- هناك نجوم كثر؛ من أين أبدأ؟! وأين سأنتهي؟! علي الحمامي (نينجا)، جواد محسن، جلاعم، العذري، الورقي، القاضي، سالم عبدالرحمن، مضر السقاف، عبدالله الحيمي، شكيب البشيري، عزيز الكميم، الماس، شرف محفوظ... نجوم كثر؛ لكن الأسطورة علي محسن مريسي، وأضيف إليهم الحراس الأساطير يحيى الظرافي، والشفق عبدالملك فوز.
أيضاً أحب في الختام أن أذكر نجوم زاملتهم لهم كل الحب والتقدير: د. قائد الشرجي، عبدالرحمن إسحاق، عبدالله الشطفة، عبدالله الروضي، محمد فلاح، إسماعيل حجر، يحيى شاكر محمد البيضاني، محمد حجر، مطهر إسحاق، وأحمد سعد العذري.
 مسك الختام، كلمة تود أن تختم بها هذا الحوار؟
- كل الشكر لصحيفة "لا" وملحقها الرياضي، وللمتألق دائماً وأبداً طلال سفيان وإبداعاته التي تجعلنا من أشد المتابعين لملحق "لا الرياضي".