حــــاوره: طـلال سفيــان / لا ميديا -
من أبرز نجوم فريق أهلي صنعاء والمنتخبات الوطنية في زمن الكرة اليمنية الجميل، وأحد أهم مكتشفي وصانعي النجوم.
بعد مد هجومي مع كتيبة الإمبراطور، تسببت إصابة في رأسه أثناء مباراة أمام الجار الزهرة، في أن يترك الميدان لاعباً، ويبقى فيه مدرباً. خاض هذا المجال مدججاً بنياشين الألقاب السابقة، ومتحفزاً لنيل أعلى الشهادات الدولية كمدرب ترك الكثير من البصمات على الأقدام والوجوه.
حالياً هو كما هو، مشرف فني للفئات العمرية بالنادي الأهلي، وعضو رفيع ضمن الفريق الفني لمدرسة الموهوبين.
يحمل رتبة "عقيد"، وعمل في دائرة الرياضة العسكرية، ومثل كثيراً منتخبات الوطن العسكرية. ما زال على شكيمته كجندي، لا يتوانى في تلبية الواجب في ملاعب الوطن.
صحيفة "لا" التقت النجم والخبير الفني الكروي القدير حسين طنطن وفتحت معه ألبوم الذكريات.

 مرحبا كابتن حسين. نترك لك الحديث أولاً عن بدايتك مع الساحرة المستديرة!
 - مرحبا بك عزيزي طلال، وسعيد جدا بضيافة الملحق الرياضي لصحيفة "لا". انضممت لفريق أشبال أهلي صنعاء عام 1970، خلال تلك الفترة التي كان فيها الفريق الأول مليئاً بنجوم عملاقة، وفجأة شاهدني المشرف الرياضي للنادي الأهلي، المرحوم محمد الشفق، وقام بتصعيدي للفريق الأول، وكانت أول مباراة أشارك فيها أمام وحدة صنعاء، وسجلت فيها هدفاً فور نزولي إلى أرض الملعب، ومنها تم تثبيتي أساسياً مع الفريق الأول. وعندما بدؤوا بتكوين منتخبات المحافظات تم ضمي إلى منتخب العاصمة صنعاء، وكانت تلك فرصة لإظهار نفسي، كما تم اختياري للمنتخب الوطني الأول, وطبعا تلك الفترة لعبت فيها مع الفريق الأول بالأهلي، إلى جوار نجوم كبار، مثل سعيد العرشي وعلي الحمامي (نيخا) ويحيى العذري ويحيى جلاعم وزبارة... وكان ظهوري مفاجئاً، لأني كنت أصغرهم, بعد ذلك لعبت للمنتخب الوطني العسكري والمنتخب المدرسي الذي شارك في البطولة المدرسية بالإسكندرية عام 1975.
 ما هي الألقاب التي حققتها مع الأهلي؟
- حققت مع الأهلي 3 ألقاب دوري خلال المواسم من 1981 حتى 1984، و4 ألقاب كأس الجمهورية، كما نافست على لقب الهداف في الدوري التصنيفي. وللعلم فإن هذه الألقاب التي حققناها كانت في عهد الكابتن علي صالح عباد، الذي جاء من مصر بعد أن درس هناك ولعب للزمالك، ليتولي قيادة تدريب أهلي صنعاء.
 كيف جاء تحولك للتدريب منتصف الثمانينيات، رغم أنك كنت ما زلت لاعباً؟
- أولاً أصبت في الرأس أثناء مباراتنا أمام الزهرة في الموسم 1984. وفي تلك الفترة كان الأهلي يشهد ظهور نجوم جديدة صاعدة، أمثال أحمد وعبدالله الصنعاني ومحمد اليريمي وخالد دريبان... وأثناء لعبي كنت أميل للتدريب. والإدارة الأهلاوية كان لديها إدراك لمقدرتي التدريبية، فكلفوني بتدريب الفئات العمرية بالنادي. كما أهلت نفسي وأخذت دورات تدريبية على مستوى الفيفا.
 اشتهرت خلال تدريبك لعمريات أهلي صنعاء بصانع النجوم. من هم أبرز النجوم الذي تخرجوا على يديك؟
- كثير من النجوم، وهم من أبنائي، أمثال عصام دريبان وعبدالواحد جولة وعدنان طاهر وعادل السالمي وسامي الحيمي وأنور الحيمي وعلي النونو، الذي استقدمه الأهلي من نادي السبعين وانتقل للفريق الأول بعد فترة قصيرة من اللعب مع الفئات العمرية... كانوا عدداً كبيراً من اللاعبين الذين تتلمذوا على يدي ووصلوا بنجوميتهم إلى مستوى المنتخبات الوطنية. فترة طويلة استمرت من منتصف الثمانينيات حتى التسعينيات، قضيتها في تدريب الفئات العمرية بالنادي الأهلي، وبعدها بدأت أفكر وأقول: لماذا لا يكون عندي طموح بتدريب الفرق الكروية الأولى؟! فذهبت لتدريب نادي نجم سبأ ذمار، ثم شباب عمران، و22 مايو، وعملت مساعدا للمدرب في وحدة صنعاء، ثم وثقت بي إدارة الوحدة وحملتني مسؤولية تدريب فريقها الأول، وكان الأمر غريباً حتى قيل الأهلاوي طنطن يدرب وحدة صنعاء! أيضا دربت نصر حجة، كما دربت الفريق الأول لأهلي صنعاء أكثر من مرة في الأوقات التي كان ينسحب فيه المدربون، وآخرها في الموسم الكروي 2011/ 2012، وحققت معهم بمساعدة الكابتن محمد اليريمي نتائج ممتازة؛ لأن أغلب الفريق كانوا من النجوم الذين دربتهم في الفئات العمرية.
 بالتأكيد هناك أسماء وشخصيات أخرى مرت وتدربت يوماً ما على يدك. هلا تحدثنا عنها؟
- نعم، هناك شخصيات تدربوا على يدي لم يستمروا في الحقل الرياضي، واتجهوا لمجالات أخرى. في الحقيقة لم أكن أتذكر أن الشهيد العظيم حسن الملصي كان يتدرب معي في أشبال أهلي صنعاء، حتى جاء ابن عمه وأكد لي أنه كان هو والشهيد الملصي يتدربان ويلعبان ضمن فريق أشبال الأهلي، الذي كنت أدربه. وأيضا هناك من أصبحوا أطباء وأكاديميين قبل أن يذهبوا للدراسة في الخارج، حتى أنه في بعض الأحيان وأنا أمشي في الطريق أصادف من يعترضني بسيارته وينزل ويقبل رأسي ويقول لي: ألم تعرفني؟! أنا فلان الفلاني، تدربت وتتلمذت على يدك! فأسأله: من هم زملاؤك؟ لأني أعرف الشخص من الفئة التي دربتها ونجومها الذين استمروا واشتهروا في الملاعب، فيذكرون لي أن زملاءهم كانوا مثلا عصام دريبان وعدنان طاهر وعبدالواحد جولة وعادل السالمي... وهكذا.
 على ماذا كنت تبني نهجك في مجال التدريب؟
- حقيقة لم نكن نهتم بالتدريب فقط، بل كنا نهتم بالتدريب والنواحي العلمية، فقد كنت أعمل سجلاً خاصاً بالمعلومات عن كل لاعب، وأطالبهم بنتائج الاختبارات المدرسية، ومن أجده ضعيفاً أو "مكملاً" (رابسب في بعض المواد الدراسية) أدخل إلى إدارة النادي وأطلب منهم مدرسين لتقوية اللاعبين في موادهم الدراسية، فتستجيب الإدارة، ونستقدم المدرسين ويقومون بتدريس اللاعبين في مكتبة النادي، حتى أن آباء وأولياء أمور اللاعبين الذين كانوا يخشون من أن تؤثر الرياضة في التحصيل العلمي لأبنائهم ويمنعونهم من ارتياد النادي، تشجعوا بعد أن أثمرت هذه المتابعة واهتمامنا بدراسة أبنائهم، وأصبحوا هم من يطلبون من أبنائهم الاستمرار في النادي الأهلي.
ومن القصص التي حصلت، كان أنور الحيمي، وهو أمين عام الاتحاد الرياضي للشركات حاليا، لاعباً في فريق الأشبال الذي أدربه، رسب في سنة دراسية، وكان والده عبدالله الحيمي من أفضل لاعبي أهلي صنعاء في الستينيات، فمنع ولده من الذهاب للتمرن واللعب في النادي، رغم أن خالد، شقيق أنور، كان مسؤولا ماليا وقتها في النادي، وتحداني أن أقدر على إنجاح شقيقه، فذهبت إلى والده وقلت له: أنت كنت رياضياً وتعرف معنى الجسم السليم في العقل السليم، وإذا كنت تخاف على دراسة ابنك فاترك هذا الموضوع لي؛ فوافق. كان عندي لاعب في الفريق ذكي دراسياً، فطلبت منه أن يساير أنور ويذاكر معه. وفي نهاية العام الدراسي نجح أنور وحصل على معدل جيد، ففوجئ والده وشقيقه وقالا لي: خلاص، خذ أنور وخليه ابنك! والحمد لله أننا ربينا أجيالاً على مستوى الرياضة والعلم. 
 كيف كانت الديربيات بينكم وبين غريمكم الأزلي وحدة صنعاء؟
- كان يدور بين الأهلي والوحدة تنافس تقليدي، رغم وجود أندية أخرى قوية، كشعب صنعاء والزهرة والمجد... إلا أن لقاء الأهلي والوحدة يمثل الديربي التقليدي المغاير، لأن الأسرة الواحدة ينقسم أبناؤها اللاعبون بين الناديين، فمثلا الشقيقان مقبل أحدهما في الأهلي والآخر في الوحدة، والعذري في الوحدة والثاني في الأهلي... وكانت المباريات بين الأهلي والوحدة ملاحم مثيرة. في الحديدة أيضا كان النزال بين الجيل وأهلي الحديدة، وفي تعز الأهلي والطليعة، وفي إب الشعب والفتوة... لم يكن هناك فوارق كبيرة بين الفرق، فقد كانت أيضا مبارياتنا أمام الطليعة والأهلي من تعز والجيل والأهلي من الحديدة والشعب من إب في قمة الإثارة والقوة. في الحقيقة كانت الرياضة اليمنية خلال حقبتي السبعينيات والثمانينيات على مستوى عال. الرياضة في ذلك الزمن هي رابطتنا، ففي الملعب يجمعنا التنافس الشريف، وخارجه كنا إخوة وأصدقاء.
 هل هذا ما أدى إلى أن تعيش الكرة اليمنية فترة النجوم العمالقة أو كما يطلق عليه "الزمن الكروي الجميل"؟
- نعم، هي فترة الإبداع والحب الكروي في بلدنا، رغم بساطتها، فقد كانت الأندية في السبعينيات والثمانينيات في أوج تألقها، حيث تضم كوكبة من النجوم العملاقة؛ في وحدة صنعاء أحمد العذري ونصر الجرادي وعبدالله الروضي ومحمد مقبل وعبدالرحمن إسحاق، وفي شعب صنعاء علي الورقي وجواد محسن والكالة وشفيق الكحلاني، وفي جيل الحديدة الجهمي والبناء ومحمد سلطان، وفي أهلي الحديدة محمد بشير أطال الله في عمره، وفي أهلي تعز يحيى فارع والمرحوم عبدالله العسولي وجميل الحمامي والشقيقان محمد وعلي حبيش، وفي والطليعة مضر السقاف والقربة وأمين علي ناجي وسميح...
وأفضل 4 لاعبين أنجبتهم الكرة اليمنية في خط الوسط هم سعيد العرشي من أهلي صنعاء، وعبدالعزيز القاضي من أهلي تعز، ومحمد سلطان من جيل الحديدة، ومحمد الحمامي من شعب إب. وفي الدفاع أعتبر أن الأفضل هو المرحوم علي الحمامي (نيخا)، حتى أن جمال حمدي في بدايته كان يقول: أتمنى الوصول لمستوى علي الحمامي.
 بالنسبة لك بقيت أهلاوياً خالصاً، ولم تلعب مع أندية أخرى...؟
- بدايتنا مع كرة القدم لم تكن في الأهلي. أغلب اللاعبين، ومنهم أنا وسعيد العرشي، كنا في أندية أخرى. خلال الستينيات كان يوجد في صنعاء الكثير من الأندية، ومنها نادي اليرموك، وهو ليس نادي اليرموك المعروف حالياً في صنعاء، وأيضا نادي القمة ونادي الهلال ونادي فلسطين، وغيرها من الأندية. في تلك الفترة كان أحمد الكبسي رئيسا للمجلس الأعلى للشباب والرياضة، فقال: لا أريد أندية دكاكين، وكل نادٍ حُرّ في اختياره للاندماج مع نادٍ آخر. فاندمج نادي فلسطين ونادي شعب صنعاء، والاتحاد مع الزهرة، واليرموك والنجم الذي كان يلعب له سعيد العرشي، اندمجا ضمن الأهلي... منذ الستينيات وأنا ألعب في الحواري ومع المدارس؛ ولكن كان الأهلي هو منطلقي في عالم كرة القدم. لقد عانينا مع آبائنا وكبارنا لحظة ممارستنا للرياضة؛ لأنهم كانوا يعتبرونها "مسخاً" لنا. والحمد لله استفدنا منها في الأخير محبة الناس واحترامهم، وربينا أجيالاً ونجوماً على مستوى الوطن.
 كيف ترى عودة دوري الدرجة الأولى بعد فترة توقف؟
- جيد من ناحية أنه أعاد عجلة دوران الرياضة. لكن من ناحية أخرى هذا الدوري عبارة عن "كلفتة"؛ تجمعين ومنافساته تجرى بشكل سريع، ولا يطور المستوى. أعرف أن ظروف البلاد وتداخل الرياضة بالسياسة هي ما جعل القائمين على أمور الكرة يقررون إقامة الدوري بهذا الشكل القاصر؛ لكن الدوري عندما يكون فيه عدد المباريات كبيرا وتخوض الأندية منافساته ذهاباً وإياباً، يستفيد منه اللاعبون ويظهرون للمنتخبات. كما أن الأندية تأخذ منافساتها بشكل متطور أفضل. مثلا الأهلي يلعب مع التلال في عدن وصنعاء، وهذا أيضا ينطبق على الأندية الأخرى. نحن بلد يبدع في الناشئين، وعندما يصلون للشباب والمنتخب الأول يبدأ الانحدار، وهذا ناتج عن انعدام الأسس الصحيحة، وبالذات غياب دوريات الفئات العمرية، وما معنى أن تدرب الفئات العمرية بشكل يومي ثم يلعبون دورياً من 4 فرق في رأس السنة؟! أكيد أنك تدور في دائرة مغلقة، ما يرتد سلبا على اللاعبين الصغار، بحيث يظهرون إبداعهم لفترة قصيرة ثم يختفون، على عكس اللاعبين الذين كانوا يلعبون دوريات كاملة، أقل لاعب منهم كان يستمر في اللعب لمدة 10 سنوات، وهذا كان نتاج استمرارية بطولات الدوري التي كان يقيمها الاتحاد العام أو دوريات المدارس والجامعات والمعسكرات، ووجود منتخبات وطنية متنوعة كمنتخبات البراعم والناشئين والشباب والأولمبي والقومي والمنتخبات المدرسية والعسكرية ومنتخبات الجامعات...
 كنت مع زميلك سعيد العرشي ووزير الرياضة الشهيد حسن زيد من واضعي لبنة مدرسة موهوبي كرة القدم...؟
- طبعا مدرسة المواهب هي فكرة الشهيد حسن زيد، وزير الشباب والرياضة الأسبق، هو يعرفني ويعرف الكابتن سعيد العرشي، فاستدعانا وقال: عبدالوهاب راوح بنى المنشآت الرياضية للبلاد، وأنا أريد أن نبني الإنسان، ودعوتكما الاثنين لأني أعرفكما شخصيتين تربويتين ولديكما الكفاءة والقدرة في اكتشاف وتدريب اللاعبين والنشء. فقلنا له: ما الذي تريده؟ فقال: أريد إنشاء أكاديمية. فأخبرناه أن إنشاء أكاديمية ليس سهلا، وله متطلبات على مستوى كبير؛ ولذلك نفضل إنشاء مدرسة مواهب. فقال: على بركة الله. وأصدر قراراً بتعييني والكابتن سعيد العرشي، وضممنا إلينا بعد ذلك الكباتن علي النونو وعبدالوهاب الحواني ومحمد سالم الزريقي للفريق الفني لمدرسة الموهوبين، لنبدأ العمل على مستوى الحواري، ووجدنا المدربين القادرين على العمل في مجال تدريب المواهب، وأسسنا المراكز على مستوى أمانة العاصمة. كما ضممنا مدرسة الأيتام. ورغم أن الميزانية المعتمدة كانت ضئيلة؛ إلا أننا عملنا على تأسيس مراكز ومنتخبات في المحافظات.
 كابتن حسين، بماذا تختتم هذا الحوار؟
-أشكرك، وأشكر صحيفة "لا" على متابعة أحوال الرياضة اليمنية وخدمتها. كما أني سعيد بمعرفتي بك. والرياضة والصحافة يكملان بعضهما بعضا. وأتمنى منك ومن ملحقكم الرياضي متابعة برنامجكم للرعيل الرياضي الأول؛ لأنهم مهضومون من كل النواحي.