تقرير / لا ميديا -
في الوقت الذي تُباد فيه غزة ويخوض فيه الفلسطينيون معركة البقاء والصمود، ويتعرّضون لمجزرة لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً، وفي ظل احتشاد الملايين في عواصم ومدن الكثير من دول العالم، نصرة لغزة وللشعب الفلسطيني، وبينما مئات الآلاف في اليمن ودول عربية أخرى في جهوزية عالية للجهاد في فلسطيني وخوض المعركة المقدسة ضد الاحتلال الصهيوني، اختارت السعودية، بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، أن تظل في الاتجاه الآخر، ولم تكتفِ باستخدام الدين لتحريم خروج المظاهرات المؤيدة لشعبنا الفلسطيني، بل أصرت على المضي قدماً في إطلاق موسم الرياض الترفيهي، ضاربة بعرض الحائط كل المعايير الإنسانية والأخلاقية.

وأقام رئيس هيئة الترفيه السعودية، تركي آل الشيخ، حفل افتتاح ضخماً لموسم الرياض 2023 بنسخته الرابعة في العاصمة السعودية، دون مراعاة لكل ما يحدث من مجازر في فلسطين، بل وهاجم وانتقد من يطالب بإلغاء أو على الأقل تأجيل فعاليات موسم الرياض تضامناً مع أهالي غزة المنكوبة وأطفالها الذين يقضون يوميا في حرب ظالمة وهم يدافعون عن أرضهم ودينهم.
وأعلن آل الشيخ أن النجمة العالمية شاكيرا ستكون نجمة احتفالات موسم الرياض.
وشهدت أولى ليالي "موسم الترفيه" بالعاصمة الرياض حفلاً صاخباً حضره آلاف السعوديين والسعوديات، بشكل مختلط، رغم الفتاوى التي ظهرت مؤخرا لتحريم التظاهرات الداعمة لفلسطين، بذريعة ما قد يشوبها من اختلاط بين الرجال والنساء.
وأظهر مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي تفاعل السعوديين والسعوديات مع المغنية السعودية موضي الشهراني وهي تحثهم: "كله يرقص".
وكان الداعية السعودي سليمان الرحيلي قد ظهر في مقطع فيديو، تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، طالب فيه بعدم الخروج في مظاهرات لدعم غزة، حتى لا يختلط الرجال مع النساء.
وقال الرحيلي: "لا نفع في مظاهرات في بلاد المسلمين يختلط فيها الحابل بالنابل"، مضيفاً: "هذه المظاهرات يقع فيها ما لا يُرضي الله عز وجل من اجتماع  الرجال والنساء، ومن الكلام الذي لا يجوز من سب المسلمين لبعضهم، ومن تخوين المسلمين لحكامهم وغير ذلك مما لا يجوز".

بين الرياض وفلسطين
قبل انطلاق فعاليات الرياض بأيام، دعا الكثيرون السعودية إلى تأجيل الحفل، تضامناً، ورفضاً لما يمر به قطاع غزة من إبادة صهيونية، وكذلك دعماً معنوياً من المملكة لأهالي القطاع، لما تمثله من ثقل عربي؛ غير أن الأمر تم بكل الأحوال، ولم تستجب السعودية وهيئة الترفيه لهذا المطالبات.
وردّ آل الشيخ على "مسخرة" استخدام اسم السعودية في أي شيء، حسب تعبيره، مهاجماً، في منشور على حسابه الرسمي في منصة "فيسبوك"، المُطالبين بإلغاء موسم الرياض.
وقال: "لم أرَ كرة القدم توقفت مثلاً، وأي وظيفة حرة وشريفة، وأي وضيفة سياحية أيضاً"، معتبرا أن الوضع أصبح "مكشوفا تماما".
وأضاف: "هناك نقطة مهمة أعتقد يجب الإشارة إليها بوضوح وأنا في الفترة الأخيرة لم أتحدث كثيراً؛ لكن أعتقد من المهم الحديث الآن. سنة 1967م عندما احتُلت دول، لم يتوقف أي شيء، وعند حرب لبنان لم يتوقف أي شيء، وعندما حاربت بلدي 7 سنوات (عدوانها على اليمن) لم يتوقف فيها شيء، ودم السعودي أغلى لديّ من أي شيء". وأنهى منشوره بتأكيد انشغاله في تطوير بلده ونهضتها، حسب تعبيره.
ومن المعروف أن غالبية الدول العربية ألغت مئات الأحداث الفنية والمهرجانات والفعاليات، احتراماً للدم الفلسطيني، باعتبار ذلك أقل ما يجب من الإجراءات الوطنية، تكريماً لمن يدافعون عن أرضهم وعن الأمتين العربية والإسلامية بدمائهم ومصيرهم.

غزة تباد والرياض تحتفل
ورفضاً لما حدث، دشن الناشطون على منصة (X) (تويتر سابقا) وسماً بعنوان: "غزة تباد والرياض تحتفل"، تصدر قائمة الوسوم المتداولة في العديد من البلاد العربية.
وشن الناشطون هجوماً واسعاً على هيئة الترفيه السعودية، منتقدين المملكة في احتفالاتها رغم جراح غزة.
وعلق بعضهم بالقول: "لا شك أن محمد بن سلمان أراد بإطلاق موسم السفور والرقص والتعري والمجون وحفلات الغناء واستدعاء المغنين والراقصات، إيصال رسالة إلى من يُقتلون شهداء في غزة من أطفال ونساء ورضع وصغار وكبار وليقول لكل شعوب الأمة: فلسطين ليست قضيتي".
وانتقدت مغردة ما يجري قائلة: "ما بدنا ياك توقف حياتك -لا سمح الله- عشان أطفال غزة، بس شوية دم وحياء يا مسلم، بلاش رقص وغناء بهذا الوقت اللي هو وقت الجهاد، عيب، عيب، عيب".
وقال ناشط آخر: "الرياض تتراقص طرباً على أشلاء أطفال ونساء غزة. يُباد أهالينا هناك، وعلى أرض الحرمين تتعالى الأهازيج! قاتلكم الله، ما هو دينكم؟! ما نوع الدماء التي تجري في عروقكم؟!".
على الضفة نفسها، طالبت التعليقات بمقاطعة الفنانين العرب الذين لم يستطيعوا أن يخالفوا أوامر آل الشيخ. ووصفت التعليقات أولئك "النجوم" بأنهم منبطحون للمستشار السعودي، إذ التزموا الصمت في العالم الافتراضي منذ انطلاق "طوفان الأقصى"، تخوّفاً من سحب إقاماتهم الذهبية في الإمارات، أو منعهم من دخول المملكة، التي كانت تشارف على التطبيع مع العدو الصهيوني.

القيصر يرفض الاحتفال
وفي مقابل الفنانين الذين حضروا الحفلة ورقصوا على موسيقى افتتاح "موسم الرياض"، سجّل كاظم الساهر موقفاً لافتاً، بعدما أعلن أخيراً تجميد جميع حفلاته التي كانت مقررة في مجموعة دول عربية إلى أجل غير مسمى،  تضامناً مع غزة. وقال "القيصر" بكل وضوح: "لا احتفال وأهلنا تحت القصف".
ولم يكن "الساهر" الوحيد الذي انسحب من الأجواء الاحتفالية، بل سبقه الممثل المصري محمد سلام، الذي أعلن اعتذاره عن عدم المشاركة في مسرحية "زواج اصطناعي" ضمن فعاليات موسم الرياض.
يٌذكر أن السعودية كانت قريبة من التطبيع مع الكيان الصهيوني قبل بدء الحرب، حيث يقود الرئيس الأمريكي جو بايدن مفاوضات لإتمام الأمر، قبل أن يتم تجميدها مع الحرب الحالية على غزة.