أكّد أمين عام حزب الله، سماحة السيد حسن نصر الله، أن "عملية طوفان الأقصى كان قرارها وتنفيذها فلسطينياً مئة بالمئة"، مشدداً على أن "سرية العملية المطلقة هي التي ضمنت نجاحها الباهر، من خلال عامل المفاجئة"، وهي "أصبحت اليوم ممتدة في أكثر من جبهة وساحة".
وفي خطاب له، اليوم، خلال الاحتفال التكريمي للشهداء الذين ارتقوا على طريق القدس، أوضح السيد نصر الله أن "معركة طوفان الأقصى وعدم علم أحد بها، تثبت أنّ هذه المعركة هي فلسطينية بالكامل من أجل شعب فلسطين وقضاياه، وليس لها علاقة بأي ملف إقليمي، وتؤكد أن أصحاب القرار الحقيقيين هم قيادات المقاومة ومجاهدوها".
ولفت إلى أنّ "عملية طوفان الأقصى كشفت الوهن والضعف في الكيان"، وأنّه "أوهن من بيت العنكبوت"، وهذا ما أصبح يؤمن به الكثير من الصهاينة أنفسهم.
وأشار السيد نصر الله إلى أنّ "هذه النتائج أسست لمرحلة تاريخية جديدة لمصير دول المنطقة؛ إذ لم يكن هناك خيار آخر لذلك، بل كان هذا الخيار صائباً وحكيماً ومطلوباً، وفي وقته الصحيح، ويستحق كل هذه التضحيات".
وتابع أنّ عملية "طوفان الأقصى" أعادت طرح قضية فلسطين المحتلة كقضية أولى في العالم.

السواعد العراقية واليمنية
ووجه السيد نصر الله "التحية للشعب الأسطوري، الذي لا نظير له في هذا العالم، أهل غزة، بحيث يعجز اللسان والبيان عن التعبير عن عظمة وجبروت وصمود شعب غزة والضفة الغربية".
كما وجّه التحية إلى كل الذين تضامنوا وساندوا ودعموا على مستوى العالم، من دول عربية وإسلامية وأميركا اللاتينية، وقال: "نخص بالذكر السواعد العراقية واليمنية التي دخلت إلى قلب هذه المعركة المباركة".
وأشار أمين عام حزب الله إلى أن "العمل الكبير والعظيم في طوفان الأقصى أدى إلى حدوث زلزال على مستوى الكيان الصهيوني، أمني وسياسي ونفسي ومعنوي، وكانت له تداعيات وجودية واستراتيجية ستترك آثارها على حاضر ومستقبل هذا الكيان".

تخبّط وضياع صهيوني
وأوضح السيد نصر الله أن العدو الصهيوني بدا واضحاً من الساعات الأولى لمعركة "طوفان الأقصى" تائهاً وضائعاً. ولفت إلى أن "من أهم الأخطاء التي ارتكبها الإسرائيليون ولا يزالون هو طرح أهداف عالية لا يمكنهم أن يحققوها أو يصلوا إليها".
وقال سماحته: "كلنا شاهدنا بأمّ العين بطولات المقاومين في غزة، فعندما يتقدم المقاوم ويضع العبوة على سطح الدبابة، كيف سيتعامل العدو الإسرائيلي مع مقاتلين من هذا النوع؟!".
ولفت إلى أن "المشاهد الآتية كل يوم وساعة من غزة، مشاهد الرجال والنساء والأطفال الخارجين من تحت الأنقاض الصارخين نصرة للمقاومة، تقول للصهاينة بأنهم لن يستطيعوا من خلال القتل والمجازر أن يصلوا إلى أي نتيجة".

ما بعد "طوفان الأقصى" ليس كما قبله
وفي هذا السياق، شدّد السيد نصر الله على أن "ما بعد عملية طوفان الأقصى ليس كما قبلها، ما يُحتم على الجميع تحمل المسؤولية".
وتحدّث عن "هدفين يجب العمل عليهما، هما: وقف العدوان على غزة، وأن تنتصر حماس".
وأكد السيد نصر الله أن "انتصار غزة يعني انتصار الشعب الفلسطيني، وانتصار الأسرى في فلسطين، وكل فلسطين، والقدس، وكنيسة القيامة، وشعوب المنطقة، وخصوصاً دول الجوار، وانتصار غزة هو مصلحة وطنية مصرية وأردنية وسورية وأولاً وقبل كل الدول هو مصلحة وطنية لبنانية".
وتوجه السيد نصر الله إلى الدول العربية بالقول: "إن العدو يغرق في رمال غزة؛ ولكنه يستقوي ويتهدد الشعب اللبناني بدماء الأطفال والنساء في غزة والمساجد والكنائس فيها، فعليكم العمل من أجل وقف هذا العدوان، ولا يكفي التنديد، بل اقطعوا العلاقات واسحبوا السفراء".
وقال إن "الخطاب في السابق كان: اقطعوا النفط عن أميركا؛ ولكن اليوم نطلب وقف التصدير إلى إسرائيل للأسف!". وأردف متسائلاً: "أليس فيكم بعض القوة حتى تفتحوا معبر رفح؟!".

مبادرات يمنية ودور مقاومة لبنان
وأشار السيد نصر الله إلى الشعب اليمني، الذي، ورغم كل التهديدات، "قام بعدة مبادرات وأرسل صواريخه ومسيّراته؛ حتى لو أسقطوها، لكن في نهاية المطاف ستصل هذه الصواريخ والمسيّرات إلى إيلات وإلى القواعد العسكرية الإسرائيلية في جنوب فلسطين".
وعن دور المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله في معركة "طوفان الأقصى"، أكد السيد نصر الله أن "المقاومة دخلت المعركة منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي".
وكشف أن "ما يجري على الجبهة اللبنانية مهم ومؤثر جداً، وغير مسبوق في تاريخ الكيان".
ولفت، في السياق، إلى أن "المقاومة الاسلامية في لبنان منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر تخوض معركة حقيقية لا يشعر بها إلا من هو موجود بالفعل في المنطقة الحدودية"، موضحاً أنها "معركة مختلفة في ظروفها وأهدافها وإجراءاتها واستهدافاتها".
وأكد أن "ما يجري على الجبهة اللبنانية لن يتم الاكتفاء به على أي حال"، وأن "العمليات على الحدود أوجدت حالة من القلق والتوتر والذعر لدى قيادة العدو، وجعلته مردوعاً، وأيضاً لدى الأميركيين".
وشدّد على أن "العدو يقلق من إمكانية أن تذهب هذه الجبهة إلى تصعيد إضافي، أو تتدحرج الى حرب واسعة، وهو احتمال واقعي ويمكن أن يحصل، ولذلك فإن على العدو أن يحسب له الحساب".
وقال: "عمليات المقاومة في الجنوب تقول لهذا العدو الذي قد يفكر بالاعتداء على لبنان أو بعملية استباقية: إنّك سترتكب أكبر حماقة في تاريخ وجودك".

أعددنا العدة لأساطيلكم
وتناول السيد نصر الله التهديدات التي تلقاها حزب الله بسبب عملياته على الجبهة اللبنانية، قائلاً إن الحزب أُبلغ منذ اليوم الأول بأنه "إذا فتح جبهة في الجنوب، فالطيران الأميركي سوف يستهدفه؛ لكن هذا التهديد لم يغير من موقفنا أبداً، فبدأنا العمل بهذه الجبهة، وتصاعدها وتطورها مرهون بأحد أمرين أساسيين: الأمر الأول هو: مسار وتطور الأحداث في غزة، والأمر الثاني هو: سلوك العدو الصهيوني تجاه لبنان".
وحذر الاحتلال الصهيوني من "التمادي الذي طال بعض المدنيين في لبنان"، مؤكّداً أن ذلك "سيُعيدنا إلى قاعدة: المدني مقابل المدني".
وأوضح أن "كل الاحتمالات في الجبهة اللبنانية مفتوحة، وكل الخيارات مطروحة، ويمكن الذهاب إليها في أي وقت من الأوقات، إذ يجب أن نكون جميعاً جاهزين لكل الفرضيات المقبلة".
وتوجه السيد نصر الله إلى الأميركيين بالقول: "أساطيلكم التي تهددونا بها في البحر المتوسط لا تخيفنا، ولن تخيفنا في يوم من الأيام، ولقد أعددنا لها عدتها أيضاً".
وأردف بالقول: "الذين هزموكم في بداية الثمانينيات ما زالوا على قيد الحياة، ومعهم اليوم أولادهم وأحفادهم".
وأكد: "إذا حصلت الحرب في المنطقة، فلا أساطيلكم تنفع، ولا القتال من الجو ينفع، وستكون مصالحكم وجنودكم الضحية والخاسر الأكبر".