تقرير: مارش الحسام / لا ميديا -
أحدث استيلاء القوات اليمنية على السفينة الصهيونية «غالاكسي ليدر»، صدى واسعا على مستوى العالم، وصراخ وعويل الكيان الذي يعكس مخاوفه الجادة من تداعيات العملية اليمنية البحرية وتأثيرها المباشر في إرهاق اقتصاده المرهق أصلا جراء عدوانه على غزة، وهو ما أقر به إعلام كيان العدوان ومسؤولوه الذين سارعوا للحديث عن الضربة اليمنية المزلزلة لاقتصاد كيانهم.

أزمة غذائية في كيان العدوان
تواصل وسائل إعلام الكيان الصهيوني حملتها الهجومية على عاصمة دول محور المقاومة «صنعاء»، وتصف العملية بأنها «جريمة دولية» تهدد أمن الملاحة البحرية وحركة التجارة العالمية وتجارة النفط عبر باب المندب؛ المنفذ الاستراتيجي الذي تسيطر عليه اليمن في البحر الأحمر، في محاولة منها لتدويل العملية البحرية اليمنية لتأليب العالم على اليمن وجيشها، رغم يقينها أن السيطرة البحرية اليمنية لا تهدد سوى الكيان الصهيوني والدول المتحالفة معه في عدوانها على غزة.
بالمقابل سارع مسؤولو وخبراء واقتصاديو الكيان للتأكيد على أن هذه الضربة المزلزلة التى خلفتها العملية اليمنية البحرية، سترهق اقتصاد كيانهم، وستعمق أزماته في ظل ارتفاع كلفة عدوانهم على غزة، وإعلان الكيان مؤخراً استدانة 6 مليارات دولارات.

ارتفاع كبير في أسعار اللحوم
أقر إعلام الكيان بأن احتجاز السفينة من قبل القوات المسلحة اليمنية يعد حدثا خطيرا يهدد اقتصاده وأمنه الغذائي، وأن الكثير من الشركات الدولية بدأت الامتناع عن الذهاب إلى الموانئ الصهيونية، فيما ضاعفت شركات التأمين تكلفة الحماية أضعافا مضاعفة وصلت إلى 300%، وفق تقديرات رسمية.
المدير التنفيذي لمعهد (جي إف آي) للأبحاث الصهيونية نير غولدشتاين، وفي حديثه لإحدى وسائل الإعلام العبرية يقول: «نتيجة استيلاء ‎الحوثيين على سفينة جالاكسي سيتم إلغاء الخطوط إلى إسرائيل واستيراد المنتجات من البحر، ومن المتوقع أن يزداد هذا الاتجاه بشكل كبير ويضر بالأمن الغذائي الصهيوني». موضحاً أن «أكثر من 70% من المواد الغذائية في الكيان يتم استيرادها عن طريق البحر، وبشكل رئيسي 85% من الماشية والتي تصل إلى إسرائيل عبر موانئ إيلات وأشدود وحيفا، التي لم تعد آمنة، فالحوثيون يهددون مدخل البحر الأحمر الذي تأتي إلينا من خلاله سفن من أستراليا تحتوي على 15% من واردات لحم العجل».
وبحسب قوله، فالأضرار التي لحقت بالمستوردات البحرية، ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء واللحوم والدجاج والبيض وغيرها من المنتجات المستوردة بحريا. مضيفا: «اليوم، يدفع الإسرائيليون أكثر بنسبة 40% من الأوروبيين مقابل اللحوم، ومن المرجح أن تتزايد هذه الفجوة بشكل كبير في الأشهر المقبلة».

عواقب واسعة النطاق
أكدت صحيفة «إسرائيل هيوم» العبرية أن حادثة سيطرة القوات اليمنية على السفينة الصهيونية «غالاكسي ليدر»، ستتسبب بعواقب وخيمة على اقتصاد الكيان.
ورأت الصحيفة أنه نتيجة لذلك قد يتم إلغاء الطرق إلى الكيان الصهيوني وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة من البحر، مشيرة إلى أن هذا الاتجاه «من المتوقع أن يزداد بشكل كبير ويلحق الضرر بالأمن الغذائي للإسرائيليين».
وقالت الصحيفة: «يتبين أن عملية اختطاف سفينة غالاكسي ليدر المملوكة لرجل الأعمال الصهيوني رامي أونغز لها عواقب اقتصادية واسعة النطاق على إسرائيل».
ولذات الصحيفة تحدث كبير الاقتصاديين في شركة (BDO) الاستشارية، تشن هيرزوغ، أيضًا عن العواقب واسعة النطاق التي ستنشأ نتيجة اختطاف السفينة.
ووفقا له، فإن «القلق الاقتصادي ينبع من التأثيرات واسعة النطاق على النقل البحري إلى إسرائيل، في أعقاب الحرب، كانت هناك بالفعل زيادة كبيرة في أسعار النقل الجوي بسبب الأضرار التي لحقت برحلات الشركات الأجنبية إلى إسرائيل، الخوف الآن هو من ارتفاع مماثل في تكلفة النقل البحري أيضا، بسبب زيادة تكلفة التأمين أو إلغاء المسارات إلى إسرائيل، أسعار النقل لها تأثير على تكاليف المعيشة، من خلال زيادة أسعار السلع المستوردة وكذلك احتمال تأخير مواعيد التسليم».
وأضاف: «قد يكون هناك ضرر على مواعيد التسليم وتكاليف جميع المنتجات المستوردة، وهناك قلق خاص بشأن المنتجات التي تصل إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر إلى ميناء إيلات، وخاصة الآتية من الموانئ الشرقية».

صنعاء تحاصر «تل أبيب»
وسائل إعلام عبرية أخرى أبدت قلقها من تبعات تنفيذ القوات المسلحة اليمنية لعملية احتجاز سفينة صهيونية في البحر الأحمر، مؤكدة أن هذا الأمر يلحق الضرر بالتجارة البحرية الصهيونية.
وذكرت القناة 12 العبرية، أن «أنصار الله هددوا ونفذوا تهديدهم»، فيما قال معلق الشؤون الفلسطينية في نفس القناة؛ أوهاد حمو، إن «سيطرة اليمنيين على سفينة إسرائيلية هو حدث مهم جداً، وليس فقط بإطلاق صواريخ نحو إسرائيل، بل بمهاجمة سفن إسرائيلية».
وتابع: «عندما يتم إلحاق الضرر بالتجارة البحرية الإسرائيلية، فإسرائيل ستجد الآن صعوبة في إرسال سفن عبر البحر الأحمر، هذا حدث مهم».

يفعلون ما يقولون
فيما اعتبر المذيع عوديد حداد في القناة 12، أن «السيطرة علــــى سفينــــــة بهذا الحجم، قد يشير لنا إلى الارتقاء درجة في مستوى المواجهة». مشيراً إلى أن «إسرائيل تُهاجم من قبل أنصار الله منذ فترة، وأطلقوا نحونا صواريخ ثقيلة وليست مقذوفات من غزة، وأنا أفترض أن إسرائيل تدرس رداً مقابلاً، فنحن رأينا الحوثيين منذ سنوات يحددون إسرائيل كهدف واليوم  ينفذون هذا للأسف الشديد».
وفي تعليقه على الحادثة، قال المعلق العسكري في ذات القناة، نير دفوري، إن «هذا الحدث من شأنه أن يؤثر على الاقتصاد وعلى تأمين شحن البضائع، إضافة إلى ذلك، ارتفاع تكلفة التأمين على الشحن والخدمات اللوجستية عالمياً، وإمكانية التأثير على إيرادات قناة السويس المصرية بسبب تحويل شركات الشحن مساراتها بعيداً عن البحر الأحمر، وإطالة مدى الطرق البحرية البديلة عبر رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، ما يعني استهلاكاً أكبر للوقود وزيادة فترة الوصول، وهو ما سينعكس على زيادة أسعار السلع وبالتالي رفع معدلات التضخم عالمياً والمرتفعة بالفعل، لذا إسرائيل تقول إن هذه مشكلة عالمية».

عولمة أزمة الكيان
نجح الكيان الصهيوني في حشد ردود أفعال عالمية تطالب القوات المسلحة اليمنية بالإفراج عن السفينة الصهيونية، لكن الرد الذي جاء على لسان مسؤولين يمنيين يقول: «يمكن الحديث عن السفينة الصهيونية في حال توقف إسرائيل المدعومة من واشنطن والمجتمع الدولي عن قتل الفلسطينيين بقطاع غزة وتم إدخال الماء والدواء والغذاء».

(التجارة الدولية في مسرح البحرية اليمنية)
كانت القوات المسلحة اليمنية أعلنت على لسان متحدثها العسكري، العميد يحيى سريع، أنه سيتم استهداف كافة أنواع السفن الصهيونية والتي تعود ملكيتها للكيان أو تعمل لصالحه، ودعت دول العالم إلى سحب مواطنيها العاملين على هذه السفن وتجنب التعامل معها.
وأشارت إلى أنها ستقوم باستهداف كل السفن التي تحمل العلم الصهيوني، والسفن التي تقوم بتشغيلها شركات أو تعود ملكيتها لشركات «إسرائيلية».
وقوبلت أولى العمليات، المتمثلة في احتجاز سفينة «غالاكسي ليدر»، بمخاوف طغت على مشغلي السفن الدوليين، خصوصاً وأن باب المندب الخاضع للسيطرة اليمنية، يشرف على مرور أكثر من 10% من إجمالي التجارة العالمية، منها نحو 6.2 مليون برميل من النفط الخام ومشتقاته يومياً، وأكثر من 30% من الغاز الطبيعي.
غير أن مراقبين دوليين اعتبروا أن تهديدات القوات المسلحة اليمنية تستهدف فقط السفن الصهيونية أو المملوكة لشركات أو تجار «إسرائيليين»، وبالتالي فهي تهدد ملاحة الكيان الصهيوني بشكل مباشر، ولا تمس الملاحة البحرية الدولية.
وكان باب المندب منذ بداية العدوان الصهيوني على غزة، عقب عملية «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر 2023، خارج الصورة، إلى أن قررت القيادة الثورية استخدامه كورقة ضغط من أجل وقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة.