حسين زيد بن يحيى

حسين زيد بن يحيى / #لا_ميديا -

الحقيقة التي لا ينكرها إلا مكابر أن أحداث 26 يونيو 1978 التي توجت باستشهاد الرئيس سالم ربيع علي (سالمين) وتداعياتها في 13 يناير 1986 قصمت ظهر الدولة الوطنية الجنوبية. تداعيات تلك الأحداث المؤسفة بين الرفاق لم تقف عند حد بنية الحزب، بل امتدت لتحدث شرخا مجتمعيا عوضا عن معالجته هرول الرفاق إلى الوحدة 22 مايو 1990. كذلك نظام العسكر شمالا كان يعاني من إشكالات عدة ووجد في الوحدة هروبا للإمام. مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، مؤسس ورئيس حزب الإصلاح، أوضحت حقيقة نوايا صنعاء في التآمر على الشريك الجنوبي.
لأن بنيان الوحدة لم يبن على الوضوح والصدق في بناء دولة لكل اليمنيين، مبكرا بدأت الأزمة السياسية بين طرفي الوحدة، وهو ما فاقم الأزمة اليمنية. زاد الطين بلة سماح الأطراف اليمنية للتدخل الخارجي الذي تجلى في توقيع وثيقة "العهد والاتفاق" في عمان/ الأردن. وبدلا من عودة البيض إلى صنعاء هرول إلى الرياض، وختمها الشاويش عفاش بخطاب الحرب 27 ابريل 1994 ورفعه شعار "الوحدة أو الموت".
جدلية الوحدة والديمقراطية أثبتت انتخابات 1993 كذبتها، حيث ظهر واضحا الاصطفاف المناطقي من خلال فوز كاسح للحزب الاشتراكي في المحافظات الجنوبية وفشل المؤتمر الشعبي، حيث إن دائرة أحور/ أبين فاز فيها السيد مهدي الحامد كونه منصب قبائل آل باكازم. مع ذلك تميزت تلك الانتخابات بتحالف الإسلام الثوري والاشتراكي وتمثل بفوز الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضي الله عنه) بإحدى دوائر محافظة صعدة. ديمقراطية بقايا النظام الشمولي السابق فرضت تحالف النقائض المؤتمر الشعبي والاشتراكي والتجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين).
كما سبق وأسلفنا عدم جدية وصدق الأطراف الموقعة على الوحدة، وغلبة تحالف العسكر والإخوان المسلمين في انتخابات 1993، ذهب بالوطن إلى أزمة سياسية توجت بحرب وتكفير الجنوب صيف 1994. في تلك الظروف المفصلية وتداعياتها ليس على الوحدة السياسية فحسب بل تأثيرها على الوعي الوحدوي الجمعي الجنوبي، شعورا بالمسؤولية الدينية والوطنية والأخلاقية، كسر رتابة الموقف السياسي –شمالا- الشهيد القائد، حيث بصوت عال في مجلس النواب وخارجه أعلن رفضه لحرب وتكفير الجنوب 1994. لم يكتف الشهيد القائد بموقف الرفض فقط، بل ذهب إلى قاعدته الانتخابية في صعدة وحرك المسيرات الشعبية الرافضة للحرب على شريك الوحدة الجنوبي. ولأنه موقف أصيل رفض الشهيد كل العملية السياسية المزيفة والرجعية، وقدم استقالته من حزب الحق بسبب موالاته لأمراء حرب وتكفير الجنوب.
كان يفترض من النخب السياسية الجنوبية الوقوف مطولا أمام الموقف الشجاع للشهيد القائد، الموقف الذي دفع ثمنه الشهيد القائد عدوانا من نظام صنعاء الذي جرد حملة عسكرية وقصف منزله، مما جسد وحدة المظلومية بين صعدة والجنوب واستهدافهم من أمراء الحرب والتكفير، عفاش ومحسن والدنبوع والجماعات الوهابية السلفية التي يمثلها حزب الإصلاح. الموقف المؤيد للقضية الجنوبية من أنصار الله تواصل أثناء الحروب الست، ورفض انتخابات الدنبوع والمبادرة الخليجية، واستقبلت صعدة عشرات المناضلين من الحراك الجنوبي، وبعد انتصار ثورة 21 أيلول/ سبتمبر 2014 وجه قائد الثورة، السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الدعوات للجنوبيين للحضور إلى صنعاء لبدء حوار يتمخض عنه حل عادل للقضية الجنوبية. للأسف الاختراقات المبكرة للحراك الجنوبي من الأجهزة الأمنية داخليا ومن دول الإقليم السعودية والإمارات وقطر، صم آذان الجنوبيين عن الاستماع إلى دعوات أنصار الله. الآن بعد خمس سنوات من العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي واحتلال الجنوب علينا كجنوبيين أحرار أن نتساءل وبصوت عال: ماذا نال الجنوب منها؟!!
ولاء أنصار الله للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضي الله عنه) هو ما يجعل اليد ممدودة للجنوبيين رغم كل الغدر والخيانة. المطلوب اليوم من أحرار الجنوب في كل المكونات السياسية الجنوبية والمستقلين والأغلبية الصامتة أن تبادر إلى التمسك باليد الممدودة إليهم من أنصار الله. على قوى التحرير والاستقلال الجنوبية الانخراط في معركة التحرير والاستقلال التي يخوضها الجيش واللجان الشعبية. بعد التحرير والاستقلال وطرد المحتلين المعتدين السعوديين والإماراتيين نجلس كأحرار ثوار مناضلين مجاهدين لإيجاد الحل العادل للقضية الجنوبية، الذي يرسم ملامح وحدة قابلة للاستمرار تحقق مصالح كل الطيبين والمستضعفين والكادحين من المهرة إلى صعدة.

أترك تعليقاً

التعليقات