خاص / مرافئ -
الصوت الذي أقض مضاجع بني سعود طيلة ثلاثة عقود، رافضاً الاعتراف بجنسية اختزلها اسم أسرة، والمعارض الأبرز مؤلف كتاب «تاريخ آل سعود»، وقصيدة «لست سعودياً أنا عربي أصيل». 
ولد الكاتب والسياسي والإعلامي والنقابي والمعارض الأول لنظام بني سعود، ناصر آل سعيد الشمري (أبو جهاد) في مدينة حائل شمال وسط نجد عام 1923؛ أي بعد سقوط المدينة بيد بني سعود بعام واحد.
وكغيره من أطفال «حائل» نشأ في جو ثوري، حيث قتل الكثير من أعمامه وأخواله في الدفاع عن مدينتهم، وكان لجدته الفضل في تلك التنشئة، حيث اعتقل معها وعُمره سبع سنوات في حادثة لأحد جلاوزة النظام.
شاء له قدره أن يعمل في شركة «أرامكو» الأمريكية بالظهران، منذ 1947. هناك انخرط بحماسة في نضال العمال من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية، وساهم في تنظيم صفوفهم وتوعيتهم وتحريضهم على المطالبة بحقوقهم، ليتم اعتقاله مع رفاق له وإيداعهم سجن العبيد بالأحساء، والذي كان مخصصاً لـ«تأديب المخلوقات الدنيا» في سلم المجتمع السعودي الطبقي. 
أطلق سراحه وفرضت عليه الإقامة الجبرية، ليعلم حينها بوفاة عبدالعزيز وتولي ابنه سعود الحكم. وبعد مدة قصيرة قام سعود بزيارة لمنطقة حائل، فألقى ناصر السعيد حينها خطاباً جعل سعود يخرج غاضباً عازماً على قتله. كان ذلك في 11 ديسمبر 1953، وبدأه هكذا: «باسم الله وباسم الحق، باسم العمال المعذبين، باسم الفلاحين الذين أصبحوا فريسة للمرابين، باسم البدو المشردين، باسم الشعب العظيم الذي حرم من نور العلم طويلاً طويلاً يا طويل العمر...».
على أنّ نضاله لم يقتصر على الجانب الاجتماعي والاقتصادي، بل شمل الجانب السياسي أيضاً. فبعد قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، قاد مع رفاقه في ضحى 17 أيلول 1947 تظاهرة في مدينة «رحيمة» لرفض التقسيم، والمطالبة بقطع النفط عن أمريكا وبريطانيا. وسمّوا تظاهرتهم تلك «يوم فلسطين». 
قاد المعارضة العمالية والسياسية ضدّ فساد واستبداد الحُكم السعودي حتى صدر أمر بإعدامه عام 1956، ففر إلى مصر وأشرف على برنامج «أعداء الله» الذي كانت تبثّه إذاعة صوت العرب. وحين اشتعلت ثورة اليمن عام 1962 انتقل إليها في العام التالي، فافتتح مكتباً للمعارضة وقاد الكفاح المُسلّح من الحدود اليمنية. 
صدع صوته ضد آل سعود عبر أثير إذاعة صنعاء من خلال عدد من البرامج، منها «صيحات الثوار»، «أولياء الشيطان»، حتى غادر صنعاء في 1967، ليتنقل بين ليبيا ولبنان وعدد من الدول، ويستشهد عام 1979، في عملية اغتيال دنيئة نفذها النظام السعودي ببيروت.