طاهر علوان الزريقي / مرافئ -
السينما، بشكل عام، هي نتيجة حتمية لتطور المجتمعات ونموها الاقتصادي، فالمجتمعات المتخلفة اقتصادياً واجتماعياً، ويسودها سياسة القمع والتخلف الفكري والتجهيل المتعمد من قبل السلطات الفردية الديكتاتورية، يستحيل أن تنتج سينما تخدم القضايا الإنسانية. الفن السينمائي جاء إلى العالم بعد ثورة علمية تقنية عرفها القرن التاسع عشر، ولم تأت بالصدفة، فالسينما هي فعلاً ابنة المجتمعات المتطورة، وهي ظاهرة اجتماعية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالظواهر الأخرى، أي بالسياسة والاقتصاد.. وكل ما هنالك من ظواهر في المجتمع الواحد والارتباط هو ارتباط جدلي ديالكتيكي، فلا تستطيع السينما التي هي دليل النمو والتطور في المجتمعات أن تتخلف عن سائر رفيقاتها من الظواهر. وهي التي ترسم ذاكرة وصورة وتاريخ وتطور هذه المجتمعات أو تلك، وتعكس وجهة نظر النظام ومصالحه الاقتصادية وإيديولوجيته. فالسينما الامريكية تشبه كل شيء أمريكي، فهي تزحف على العالم، تطبعه بنمط عيشها وفكرها وتقاليدها حتى في ملابسها. أمريكا تجتاح العالم في كل شيء؛ في السياسة والاقتصاد والفن والثقافة، تغزو العالم في سياسة مدروسة تسميها العولمة وتحاول أن تفرض إرادتها على الشعوب قاطبة. والسينما خير دليل على ذلك. 
السينما الأمريكية هي تماماً صورة عن سياسة النظام وفكره ووحشيته، وهي تحاول استدراج الشعوب للعيش على الايقاع الأمريكي والخصال الأمريكية والتقاليد الأمريكية، سينما تحمل معها شروط ثقافتها الأمريكية ومحاصرة الثقافات الوطنية وتكرس علاقة التبعية وإضعاف القدرة على المحافظة على عاداتنا وتقاليدنا وتروج للنظام الإمبريالي وربطنا بأسواقها وإغراق أسواقنا بمنتجتها الاستهلاكية، بحيث تخلق صعوبات أمام أوليات التطور الاقتصادي واستيراد ما لم يلزم استيراده.