تقرير:  غازي المفلحي / لا ميديا -
في الأجواء العربية المستلبة بيد أنظمة محور التطبيع العربي طارت مؤخرا مقاتلات من البحرين ومصر والكيان الصهيوني والسعودية رفقة قاذفة أمريكية من نوع "B-1B Lancer" التي نفذت دورية فوق المنطقة العربية وما تسميه الولايات المتحدة "الشرق الأوسط".
وفي البحر شاركت مصر بمناورات أمريكية بدعوى حماية الملاحة وأمن البحر الأحمر.
كل هذا الحراك العسكري الأمريكي الصهيوني والذي يحشد بجواره مسامير تثبيت حذاء الكيان الصهيوني من أنظمة عربية يسعى أولا لخلق محور مواجه لمحور المقاومة وبأقل التكاليف الأمريكية والصهيونية، كما يهدف لتدعيم مهمة حماية الكيان الصهيوني وإلصاق هذه المهمة بالأنظمة العربية وجعلها شرطا لبقائها.
وأعلنت القيادة المركزية للقوات الأمريكية، في بيان أصدرته السبت الماضي 30 أكتوبر، أن قاذفة من طراز "B-1B Lancer" قامت بدورية جوية استمرت 5 ساعات دون توقف وحلقت فوق خليج عدن ومضيق باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس ومياه الخليج ومضيق هرمز وخليج عمان.
وقالت: "إن هذه المهمة متعددة الأطراف، وهي الخامسة في المنطقة خلال هذا العام، وتهدف إلى إيصال رسالة طمأنة واضحة".
وهي طمأنه كما هو معهود لأنظمة الدول العربية المنبطحة التي لا تأمن على سلطانها حتى أسبوعاً بدون الحماية الأمريكية، والتي شاركت في الجولة الجوية كما ذكر البيان الأمريكي. حيث كان مع القاذفة "B-1B" مقاتلات تابعة للقوات البحرينية والمصرية و"الإسرائيلية" والسعودية.
يبدو من نوعية المرافقين للقاذفة الأمريكية في هذه المرة والمرات التي سبقت أن هذه الدوريات متعددة الأهداف ولا تنحصر في الاستعراض العسكري وتطمين الحلفاء وردع إيران كما تصرح القيادة الأمريكية.
البعد الأول من أهداف هذه الدورية يظهر أنها استعراض للعضلات العسكرية الأمريكية ومحاولة فاشلة لترهيب دول محور المقاومة، بخاصة وأنها حلقت فوق اليمن وفوق مياه شهدت حوادث عدة متعلقة بالسفن الإيرانية والأمريكية، وكذلك الصهيونية. وتم التحليق فوق أهم المضائق البحرية في العالم والمنطقة، قناة السويس، مضيق باب المندب، مضيق هرمز. كما أنها محاولة لرفع معنويات حلفائها المنهارة.
وتأتي هذه الدورية الجوية كخامس دورية من نوعها هذا العام في المنطقة، إذ سبقها دوريات مشابهة حلقت فيها قاذفات الشرطي الأمريكي برفقة سعودية قطرية صهيونية.
وبعيدا عن الأهداف السابقة للدورية وأساطير تخويف العالم بالقاذفة النووية "B-1B Lancer" وقدراتها، وتاريخ أمريكا القذر بالاعتداءات الوحشية والغادرة النووية أو غير النووية، وخرافة قدرات القوات الأمريكية وقوة حضورها أمام أعدائها ومنافسيها، يظهر البعد الثاني لهذه الدوريات التي يجتمع فيها الكيان الصهيوني مع دول عربية في ما يبدو أنه تدشين مسارات تطبيع جديدة على بعد 9 آلاف متر حيث تحلق القاذفة الأمريكية المذكورة. 
وبحسب مراقبين تتغطى السعودية بالتنسيق الأمني والعسكري وأمنها وأمن المنطقة ومصالحها المشتركة وعداوة إيران وبمكياج صداقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة -القوة الأولى في العالم- لتقوم بتطبيع عالي المستوى مع الكيان الصهيوني هو تطبيع عسكري وأمني هدفه أمن الكيان الصهيوني أولاً، ولكنه أقل فداحة من أنواع التطبيع الأخرى في خطاب منظري تضليل الشعوب الإسلامية، بخاصة وأنه من الضرورة التي تبيح المحظورات.
كما أن هذا التطبيع العسكري الذي يعلن بين فترة وأخرى يربط أمن الدول العربية والمنطقة في ذهنيات الشعوب العربية التي لم تستسغ التطبيع بضرورة التكاتف مع الكيان الصهيوني اللقيط عسكريا وأمنيا لمجابهة محور المقاومة.
في شأن آخر قريب لا يمكن الفصل بينه وبين هدف الولايات المتحدة والكيان الصهيوني من هذه الدوريات، أعلنت مصر عن مناورات بحرية مصرية أميركية في البحر الأحمر بدعوى حماية الملاحة وأمن البحر الأحمر وتعزيز ودعم أمن وحماية المنطقة، ومواجهة التهديدات السطحية والجوية التي تؤثر على حرية الملاحة الدولية وتدفق التجارة العالمية في المناطق التي سميت ذات الاهتمام المشترك. 
وبالتوازي مع ذلك أعلن الضابط في جيش الاحتلال الصهيوني أفيخاي أدرعي عن تدريبات أمريكية "إسرائيلية" مشتركة وصفها بأنها متعددة الأذرع رجح محللون أنها قد تكون مرتبطة بنفس التدريبات المصرية الأمريكية التي أعلن عنها الجيش المصري.
وهذا يقودنا إلى هدف آخر عالي الخبث والإذلال لأنظمة الدول العربية العميلة تسعى له هذه الدوريات الجوية والبحرية والتدريبات العسكرية المشتركة والمناورات التي تقيمها الولايات المتحدة بين العرب والكيان الصهيوني.
وهو التأكيد الأمريكي على الدول العربية المطبعة والمحمية بواسطة أمريكا والتابعة لها أن لا حماية بعد الآن بدون التطبيع الكامل والصريح مع الكيان، وعقد الشراكات العسكرية معه، ويتم اليوم جر دول التطبيع عنوة لبناء محور متصهين يواجه محور المقاومة والجهاد.
ويأتي هذا التحرك لتشكيل حلف يوفر غطاءً عربياً لتواجد بحري صهيوني واسع في بحار المنطقة، خصوصاً مع تنامي قوة محور المقاومة والجهاد في البحر، وقدرته على مواجهة وهزيمة البحرية الأمريكية.
وبالتزامن، أحبطت قوات "حرس الثورة" في إيران، الأسبوع الماضي، محاولة أمريكية للقرصنة على سفينة نفطية إيرانية في خليج عمان. وتعد هذه العملية الثانية من نوعها خلال أسبوعين.
ونشر حرس الثورة الإيراني شريط فيديو يُظهر مشاهد لهروب سفینة حربية أمريكية في خليج عُمان، بعد أن تصدّت لها زوارق حرس الثورة.
هذا ليس ببعيد أيضا عما يحدث في اليمن -الرقم القوي الجديد في محور المقاومة والجهاد- من تحرير لمحافظتي مأرب وشبوة النفطيتين الاستراتيجيتين على مستوى الجغرافيا اليمنية، ما يعني تحول المعارك مع دول العدوان الأمريكي الصهيوني الخليجي إلى البحر.