حاوره: مارش الحسام / لا ميديا -
من يملك الغذاء يملك الوصاية على البلدان، التي لا يمكنها التحرر إلا بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء. ولأن الحاجة أم الاختراع لترجمة الرؤية اليمنية الوطنية للاكتفاء الغذائي، التي لا تعني فقط أن نأكل مما نزرع، لأن هذه العبارة قد تعني شعبا مستهلكا في كل الأحوال، وعوضا عن استيراد الثمرة نفسها صار مستوردا لبذورها بالأطنان في كل موسم زراعي.
وبهدف تحرير مزارعنا من هيمنة البذور المستوردة والمعدلة جينيا تمكن شاب يمني من ابتكار «غربال» يحافظ على البذور اليمنية الأصلية ويقلل الاعتماد على نظيرتها الخارجية. صحيفة «لا» التقت صاحب الابتكار وأجرت معه الحوار التالي.

* بداية نريد أن نعرف القراء بكم!
- مروان يحيى صالح الصياد، بكالوريوس هندسة ميكاترونكس، طالب ماجستير باور.

* ممكن تعطينا فكرة أو نبذة مختصرة عن ابتكارك؟
- غربال يعمل بالطاقة المتجددة، تحديدا الطاقة الشمسية، مباشرة من الألواح الشمسية أو من خلال بطارية، ويمكن أيضا تشغيله عن طريق الكهرباء العامة.

ترجمة للرؤية الوطنية
* بماذا سيفيدنا هذا الغربال؟ وما الهدف منه؟ وما هي الاحتياجات التي يمكن أن يلبيها؟
- يأتي ترجمة للرؤية الوطنية للاقتصاد الذاتي، ويلبي احتياج الوطن للوصول إلى الاكتفاء الذاتي، وذلك من خلال كسر حصار البذور المستوردة المعدلة جينيا والتي لا يمكن انتخاب بذور من محصولها، أي أنها بذور تنمو مرة واحدة فقط، ومن خلال هذا الغربال سيتسنى للمزارع اليمني أن يحافظ على البذور اليمنية الأصيلة.

تلمس احتياجات المزارعين
* كيف جاءت الفكرة؟
- الفكرة جاءت من خلال نزولات ميدانية بالتنسيق مع مؤسسة بنيان التنموية إلى عدة محافظات ومنها محافظة ذمار ومحافظة الحديدة لتلمس احتياجات المزارعين، ومن خلال النقاش معهم وتلمس احتياجاتهم، أجريت دراسات وبحوثا، منها تقليل الاعتماد على البذور الخارجية، فالذي يبيعنا بذورا معدلة يريد لنا أن نظل تحت الوصاية. وبعدها قمت بعمل تصاميم هندسية ونموذج للغربال، ثم التأكد من أدائه بالشكل المطلوب.

استنباط
* هل يمكن القول بأن ابتكارك هذا فكرة جديدة في عالم الزراعة؟
- هو يعتبر استنباط للأفكار التي قد تم عملها في الخارج، وأيضا هناك بعض التفاصيل التي تعتبر أفكارا أو تطويرات محلية، وقد عملنا على تطويره، مثل عمل المرحلة الثانية للغربال، خط سير ناقل للحبوب إلى أعلى الغربال، وبالإمكان التطوير حسب الاحتياج.

مميزات عديدة
* هذا يعني أن الفكرة ليست جديدة وإنما قمت بتطويرها، ولكن ما الذي يميز ابتكارك عن الأنواع الأخرى المنافسة له؟
- حجم صغير مناسب، سهل الاستخدام، يتميز بقدرة إنتاجية عالية تصل إلى 600 كيلوجرام بالساعة الواحدة.
كما يتميز بإمكانية استخدامه لجميع المحاصيل الزراعية، وذلك بتغيير الشرائح/ الشباك لمختلف المحاصيل الزراعية، سواء أكانت من الحبوب مثل الذرة الشامية أو الذرة الرفيعة أو البقوليات مثل الفاصوليا والفول والبازلاء وغيرها من المحاصيل الزراعية، ويمكنه انتقاء الأحجام الكبيرة أو المتوسطة أو الصغيرة حسب الاحتياج.
كما يتميز الغربال عن غيره بحركته الدائرية والتي تكون إلى الأمام والخلف والأعلى والأسفل، لتكون كفاءة الغربلة أعلى، ولتسهل عملية انتقاء الحبوب والبقوليات بطريقة صحيحة وسلسلة، بينما الغرابيل العادية تتحرك إلى الأمام وإلى الخلف فقط، مما يسبب توقف نزول الحبوب الكبيرة وتعلق في وسط ثقوب شباك الغربال.
ويتميز بسهولة نقله من مكان التخزين إلى مكان الاستخدام، وذلك من خلال الإطارات التي تسمح للمستخدم بقيادته كالعربة.
يتميز بسهولة نقله من أماكن بيع المعدات الزراعية والتي عادة ما تكون في المدن إلى أماكن الاستخدام في الأرياف، وذلك كونه يمكن فصله إلى عدة أجزاء ذات أحجام صغيرة يمكن نقلها من خلال سيارة المستخدم الخاصة به ولا يحتاج إلى شاحنة لنقله، وهذا ما يجعله أيضا سهل التخزين لدى المستخدم.
بعد أن يتم فصل أجزائه يمكن استخدام الجزء الرئيسي الذي يرتبط بالإطارات كالعربة لنقل الأغراض والأدوات والمحاصيل الزراعية الخاصة بالمزارع.
* كم سيكلف المزارعين هذا الغربال إذا ما أراد أحدهم استخدامه؟
- ستكون تكلفته حوالى 600 ألف ريال يمني.

في الخدمة
* هل دخل الغربال الخدمة أم مازال في طور التطبيق النظري؟
- نعم هو الآن في الخدمة، وقد تم استخدامه من قبل الهيئة العامة للزكاة لفترة تجاوزت الشهر، وتم أخذه إلى غرفة طوارئ وادي مور لغربلة المحصول الخاص بهم ولا يزال في الوقت الحالي يعمل لديهم.

كسر الحصار
* الغربال هل يعول عليه تحقيق نهضة زراعية في اليمن؟ وهل هو كفيل بتحرير مزارعنا من البـــذور الخارجيــــــة التي نستوردها سنويا بالأطنان؟
- نعم، فالهدف من هذا المشروع هو كسر حصار البذور، والعمل على إكثار البذور المحلية والاعتماد عليها في زراعة مختلف المحاصيل الزراعية.
وسيساعد بشكل كبير في حل مشكلة استيراد البذور المعدلة جينيا ووراثيا من الخارج، وسيكون الاعتماد من بعد الله عز وجل على البذور المحلية المنتخبة.

فرصة جيدة
* باعتبارك أحد المشاركين في مسابقة رواد الابتكار، كيف تصف تجربتك فيها؟
- كانت المشاركة في المسابقة الوطنية لرواد المشاريع الابتكارية فرصة جيدة بالنسبة لنا لعرض المشروع على لجان مختصة تقيم المشروع وتلاحظ التعديلات والتطويرات اللازمة، وكذلك إظهار المشروع لكل المتابعين وإشهاره.

رسم مستقبل
* وهل تعتقد أن الهيئة العليا للعلوم والابتكار تلبي طموحات من يحمل مشاريع ابتكارية؟
- الهيئة ما زالت في بدايتها، والخطوة التي قامت بها الحكومة في إنشاء الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار إن دلت على شيء إنما تدل على الحكمة اليمنية التي وصف بها اليمن رسول الله عليه الصلاة والسلام وعلى آله. والهيئة العليا تقوم بخطوات مهمة جدا في رسم مستقبل الإبداعات والاختراعات والاهتمام بالمبدعين والمبتكرين ورعايتهم، وهي تبذل قصارى جهدها لتلبية طموحات من يحمل هذه المشاريع في ما يخدم الوطن والمجتمع.

اهتمام راهن
* يقال إن صاحب الابتكار في الدول الأخرى يجني المال والشهرة، بينما الابتكار في اليمن يعد مصدرا للتعاسة، بدليل أن كثيرا من المخترعين اليمنيين أصيبوا بحالات نفسية، وبالذات أبان الحكومات السابقة. ما تعليقك على الموضوع بشكل عام؟
- نحن نلاحظ في الوقت الحالي اهتمام الحكومة بالجانب الهندسي والسعي إلى توفير ما يمكن من الإمكانيات لدعم هذا الجانب.
وهناك توجه حقيقي يصب فيما تسعى إليه من تطوير للإمكانيات في الجانب الهندسي والصناعي للسعي إلى مستقبل أفضل للمجتمع اليمني.
هناك مؤشرات جيدة ولا نزال نسعى للوصول لذلك.

* من المعروف أن الابتكار بحاجة إلى تمويل. بماذا تنصح من يملك فكرة ابتكارية ولا يملك الأموال لترجمتها على أرض الواقع؟
- لا يتخلى عن الفكرة، وطالما المشروع سوف يقدم خدمة للوطن وهو هادف سيجد من يموله، وبإمكانه أن يتوجه للهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار أو أن يتوجه لمؤسسة بنيان التنموية أو المؤسسة العلمية أو الجهات الحكومية وبإذن الله سيجد من يعينه.

* كلمة أخيرة...؟
- نشكر صحيفة «لا» على إتاحتها لنا هذه الفرصة لنشارك مشروعنا مع المجتمع. وكما هي رسالة شكر لمؤسسة بنيان التنموية على جهودها العظيمة معنا لإخراج هذا المشروع، وكذلك الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار على جهودها، وكذلك لكل من أعانني من الزملاء المهندسين وأصحاب الورش الفنية، كما هي للأهل والأصدقاء.