كعادة المحاسبين القانونيين سيتم الطرح في تناول هذا الموضوع بشفافية ووضوح دون دبلوماسية في استخدام المصطلحات إذ لا معنى للتذكير بالجوانب الأخلاقية ولا فائدة أن يستحث الوازع الديني والضمير الإنساني مفاهيم الولاء الوطني لدى من يمارس الفساد والابتزاز الاقتصادي والعبث بمقدرات الشعب أو من يستغل الأوضاع السائدة جراء العدوان الغاشم للإثراء السريع والتكسب غير المشروع حيث لا يمكن أن يمارس تلك الجرائم من يمتلك تلك المفاهيم الإنسانية أو يعتمدها في تعاملاته. 
ففي الوقت الذي يتوقع أن يسهم القطاع الخاص في تشكيل جبهة مقاومة لدعم الاقتصاد الوطني للصمود في مواجهة ماكينة العدوان البربري ومع عدم إغفال جهود الخيرين من منتسبي هذا القطاع نجد أن الأكثر تأثيراً يمارس أبشع صور الجشع والاستغلال للأوضاع التي يمر بها البلد بمظاهر ووسائل متعددة تتحلى بعضها بوضوح للمواطن العادي كما هو حال تجار السوق السوداء للمشتقات النفطية والغاز المنزلي والبعض الآخر بأشكال وصور خفية تنهك كاهل المواطن البسيط كما هو حال ارتفاع السلع والخدمات المكملة لما هو ضروري منها.
مادفعني للكتابة حول هذا الموضوع سببان رئيسيان، أولهما: أن هناك غض الطرف عن جرائم اللوبي الاقتصادي بفعل تأثيراته على أجهزة الرقابة ووسائل الإعلام المختلفة ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالجانب الاقتصادي إلى الحد الذي جعله يمارس كل أشكال الفساد والعبث في مأمن من أي عقوبة أو محاسبة، في الوقت الذي كان لا يزال يحظى بكل التسهيلات والامتيازات الاستثمارية التي مكنته من الاستحواذ على حصة كبيرة في الأسواق المحلية تصل في بعضها إلى حد الاحتكار. وكذلك استخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للسيطرة وفي أحيان كثيرة طرد رؤوس الأموال التي من شأنها المنافسة في تقديم السلع والخدمات بما يتناسب مع احتياجات المستهلك بالأسعار والجودة المناسبتين. 
السبب الآخر، وهو الأخطر هو:انخراط ذلك اللوبي وبشكل ملموس كجزء من أدوات العدوان الغاشم على بلدنا ، تجلى ذلك بوضوح في استغلالهوامير الفساد الاقتصادي لقرار السماح بالحصول على تصاريح استيراد المشتقات النفطية باسمها ولحسابها أو مايسمى بقرار تعويم أسعار المشتقات النفطية في إطار التخفيف من معاناة المواطنين وبهدف توفيرها بأسعار مناسبة للمواطن، حيث لا تزال تمعن في مزيدٍ من العبث والفساد في هذا الجانب وبوسائل متعددة مستغلة ما تم ذكره آنفاً، ففي الوقت الذي تعمل على تسويق ما تم استيراده من قبلها من تلك المنتجات بأسعار السوق السوداء التي لا تراعي قدرة المواطن وحاجته بالماسة، لا تزال في الوقت ذاته تصر على استلام مخصصاتها كما هو المعتاد في السابق من الكميات التي تتم توريدها من قبل شركة النفط ليس لسد العجز في احتياجاتها وإنما لضمان استمراروتفاقم أزمة المشتقات النفطية، وبما يمكنهم من استغلالها في زيادة أسعار منتجاتهم المحلية بنسب مختلفة تصل إلى 300% في بعض المنتجات بحسب عوامل العرض والطلب رغم ماحظيت به من دعم ولا تزال تحت مبرر دعم  المنتجات  الوطنية من الإعفاءات الضريبة والتسهيلات الجمركية لمدخلاتها من المواد الخام والمزايا الاستثمارية، ولست بصدد مناقشة واقعية تلك المبررات وعدم جدواها الاقتصادية في ظل العملية الاقتصادية وانضمامنا لمنظمة التجارة العالمية والتي سيتم التعرض لها بالتفصيل في مقال مستقل. 
وحتى لا ينسينا صبر وصمود شعبنا الأسطوري على مدى ثمانية أشهر متواصلة في مواجهة هوامير فساد اللوبي الاقتصادي بنفس القدر من الأهمية في مواجهة العدوان العسكري نجد أنه من الواجب الديني والوطني العمل على الحد من هذا العبث خصوصاًوأن أدواته ـــ اللوبي الاقتصادي الفاسد ـــ في معظمها محلية بل والأكثر استفادة من ثروات وخيرات ومقدرات بلدنا المعطاء، وفي هذا السياق جاء موفقاً قرار اللجنة الثورية العليا رقم (52) لسنة 2015م بشأن إنشاء اللجنة الرقابية الميدانية العليا التي سيكون لها دور وطني في مجابهة هذا اللوبي. في الوقت ذاته آمل أن يتم تحصينها من تأثيرات هوامير اللوبي الاقتصادي الذي يمتلك خبرة كبيرة في ترويض كل الأجهزة الإشرافية والرقابية والتي في معظمها تفتقر إلى الإرادة والقرار السياسي أكثر من حاجتها إلى الكوادر الفنية والكفاءات الوطنية وما أكثرهم ، وبالمناسبة  أدعو اللجنة الثورية العليا إلى تمثيل جمعية المحاسبين القانونيين اليمنيين في تلك اللجنة نظراً لما تضمه في عضويتها من خبراء مؤهلين واقتصاديين في مجال التشريع والإدارة المالية والاقتصادية، لما تمتلكه من قدرات كبيرة في مجال المحاسبة والمراجعة.
*عضو مجلس إدارة 
جمعية المحاسبين القانونيين اليمنيين