وفاء فتاح فـي حوار مع «لا»:غادرت عدن في غمرة الاغتيالات ولن أعود إليها إلا باستقرار الأوضاع
- تم النشر بواسطة حاورها / صلاح العلي/ لا ميديا
نهبوا منزل فتاح لأنه كان صاحب مشروع ودولة, نظيف اليد والجيب وليس متعصباً مناطقياً
ثقافة الكراهية في الجنوب وصلت ذروتها ضد كل مَن له أصول شمالية والسبب 7/7
حاورها / صلاح العلي/ لا ميديا
من مقر إقامتها الحالية في ألمانيا، ابنة الرئيس الشهيد عبد الفتاح إسماعيل،
وفاء وفتاح المحامية والحقوقية وعضو مؤتمر الحوار، تفتح ملف نهب منزل والدها في خور مكسر بعدن
وإتلاف وتدمير أرشيفه من قبل أسرة (كتكت) برعاية من ما يسمى (المقاومة الجنوبية) مدعومة بالإماراتيين.
وتقول وفاء، أن ما تعرض له فتاح سواء من تشويه أو اعتداء على منزله وتدمير أرشيفه... لكونه صاحب مشروع ودولة وليس متعصباً
مناطقياً ولأنه لم يكن فاسداً. وفاء أفادت أن الحملة لاقت صدىً واسعاً، وتلقت وعود رسمية بحل المشكلة جذرياً،
مضيفة أنها لا تعرف السبب وراء تأخر الحل. الكثير من التفاصيل ترويها لنا وفاء وفتاح في هذا الحوار..
• أطلقتم حملة (أعيدوا منزل فتاح) على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام.. إلى أين وصلت؟
حملة فتاح لاستعادة المنزل أخذت صداها، وتفاعل معها الكثيرون. وحتى الآن لم نحصل على أي رد رسمي من الدولة للأسف الشديد رغم أن الحملة انطلقت من شهر مضى وقد وصلت إلى كل المسامع. ولا ندري أسباب التأخير لكن ثقتنا كبيرة من استعادة حقنا فالقضية تمس منظومة علاقات اجتماعية قانونية تُدرك الدولة أهميتها وخطورتها إذا ما تركت هكذا بلا حلول.
• كما علمنا، بدأت مسألة منزلكم في عدن بنزاع مع (بلدية عدن) حول سور المنزل، ثم تحول الأمر إلى اقتحام للمنزل من قبل أسرة (كتكت) في 2015م.. هلّا وضحت لنا الأمر وما الذي استجد؟
لم يكن هناك نزاع مع بلدية عدن، و المشكلة كانت مع محافظة عدن حول حرم منزلنا في التواهي الذي دمر في أحداث 86م، حيث أرادت في 2007 توسعة حرم ساعة (بيج بن) الصغيرة التي تقع بجانب منزلنا واستقطعت مساحة كبيرة من الحوش لصالح هذا المشروع وقد رفعت حينها قضية أمام محكمة الميناء الابتدائية والتي انتهت لصالحنا لكن محافظة عدن أبت إلا أن تنفذ مشروعها متجاوزة حكم القضاء.
•تابعنا التعليقات على كتاباتك، وكانت هناك ردود تقول إنكم حصلتم على المنزل عام 90م، وهو ليس حقاً لكم! وردود تقول إن الشهيد فتاح استولى على المنزل إبان فترة اليمن الديمقراطي، وغيرها... ما تعليقك؟
هذا المسكن حقيقة كان منذ عام 1985 يتم تجهيزه لينتقل فيه الوالد ونحن معه للسكن فيه، وقد زاره الوالد ذلك العام أثناء تجهيزه، ولَم يكن يسكن فيه أحد، وبعد أحداث يناير أصبح بيت التواهي مدمراً نهائياً، فانتقلنا إلى خور مكسر، وكانت الدولة ممثلة بوزارة الإسكان تعطي المواطنين عقود انتفاع بإيجارات رمزية وفقاً للقانون الذي يحكم هذه العلاقة بين المنتفع وهو المواطن ووزارة الإسكان التي هي صاحبة الحق، وقبل الوحدة وتحديداً في 17 مايو 1990، تم إصدار قانون الإسكان الذي خول وزارة الإسكان تمليك المساكن وفقاً لعقود تمليك موثقة ومعمدة من مكتب توثيق عدن، وهكذا أصبحت البيوت مملكة للمواطنين. ومن يدعي أننا استولينا على البيت بالقوة فهذا كلام غير صحيح ومحض هراء وافتراء على عبدالفتاح إسماعيل، فربما تكون قد تابعت أن أسرة كتكت تقول إن عبدالفتاح أخرجهم بالقوة عام 83م، بينما الوالد كان في موسكو آنذاك. والحقيقة أن عبدالملك كتكت أخذ قرضاً مالياً من البنك إبان الاستعمار البريطاني، وبنى البيت بضمانة، ثم غادر عدن قبل تسديد الأقساط التي عليه، وما كان للدولة بعد الاستقلال إلا أن تدفع أقساط البنك لاسترداد أمواله و تصادر البيت. هذه كل القصة باختصار، والمسكن بالمناسبة كان معنا إلى يوم انسحاب الحوثيين من عدن، بعد ذلك تم الاستيلاء عليه بمعرفة قوات من المقاومة الجنوبية.
• أنتم أبناء الشهيد فتاح، وبالتالي المنزل صار منزلكم فعلياً، فلماذا الحملة لم تكن (أعيدوا منزلنا)؟ ما الذي تعنينه بذلك؟
لأن البيت لم يكن بيت رجل عادي، ولَم يكن به محتويات عادية، قيمة البيت هي من قيمة ما يحتويه، فهو ليس مجرد جدران، ثم من نحن ومن عبدالفتاح، هو والدنا ونحن أولاده، وإذا كان بيت رجل كعبدالفتاح إسماعيل يُعبث به وترمى محتوياته للزبالة، فإنها الكارثة بعينها، فلماذا ينكرون حقنا في الدفاع عن إرث والدنا؟!
• مسألة اقتحام منزل فتاح في عدن والعبث بمحتوياته، في أي سياق يمكن قراءتها برأيك؟!
يمكن قراءته في سياق تفسخ الدولة وفشلها.
• ذكرتِ في كتاباتك أن أسرة (كتكت) قاموا برمي وثائق خاصة بفتاح، ما نوعها وأهميتها؟ وما الغرض من ذلك باعتقادك؟
وثائق هامة جداً احتفظنا بها لمدة طويلة، من لقاءات وتسجيلات وحوارات وكلمات وأشياء أخرى نادرة.
لفتاح إرث سياسي و ثقافي كبيرين، وملكيته تتجاوزنا نحن كأسرة، فهو ركن أساس من أركان بناء الدولة ليس فقط من وقت أن نصب رئيساً لها، وإنما منذ فترة نضالاته الأولى، وله زخم فكري كبير ما كان علينا تركه خلفنا في المنزل بعدن رغم أن هذه المهمة هي في الأساس مهمة الدولة التي عليها أن تحمي الممتلكات، وأن توثق أعمال رواد الفكر مهما كان شكل تلك المرحلة ومهما شابها من أخطاء، لأن المعرفة لا تتولد من منظور أحادي الجانب ولكنها تراكمية تخلق الجديد، لهذا حاولنا جمع الوثائق الهامة جداً التي كنّا نحتفظ بها لمدة طويلة.
أما الغرض من ذلك، لا أدري! وربما لو كانوا يعلمون أهميتها وقيمتها لما تصرفوا بهذه الرعونة.
• في عدن، هناك قيادات شمالية وحزبية كبيرة لم يتم الاقتراب من منازلها، فلماذا منزلكم هو الذي حدث له ذلك دوناً عن غيره؟!
هذا السؤال وضعناه على الملأ، ونحن في غرابة من الأمر أن يتم استهداف بيت فتاح وحده! و هذا لا يعد تحريضا على ـحد كما فهم من كلامي في مقابلات سابقة، فبالتأكيد لن أكون سبباً في مثل هذه الغطرسات، ولكنني اعتقد أن لعبدالفتاح إسماعيل في الجنوب رمزية شابتها انتكاسة بفشل مشروع الوحدة اليمنية، فهناك من يحمل فتاح تبعات سلطة 7/7 التي هدمت مشروع الوحدة، من أنه هو صاحب هذا المشروع بينما لو كان يحمل الفكر الاستحواذي وثقافة الفيد لما كانت عدن عصية في وجه نظام صالح أثناء حكم فتاح، فالمشكلة ليست في المشروع بحد ذاته وإنما في الذين عملوا عليه من الطرفين سواء بالاندفاع غير المدروس له أو في ثقافة الفيد وهدم مشروع الدولة في الجنوب والشمال.
كذلك لأن عبدالفتاح إسماعيل كان بعيداً في سياسته وسلوكه عن التمثيلات القبلية والمناطقية لإيمانه بهيبة الدولة التي تحمي الحقوق و تصون كرامة الانسان، حتى عندما كان الوالد في رأس السلطة كانت حراسته الشخصية جنوبية صرفة من يافع والضالع وردفان أي من مربع هذه المناطق، ولم يكن فيها شخص واحد من أصول شمالية كما يحاول البعض أن يوهم الناس أنه كان متعصباً للشمال ومتآمر معه!
كذلك لا ننسى أن ثقافة الكراهية في الجنوب وصلت إلى ذروتها من كل من له أصول شمالية، حتى لو هو مولود في عدن كمواطن أو صاحب مصلحة كالبسطاء من طالبين الرزق، وهذه الفجوة الاجتماعية السياسية التي زرعتها سلطة 7/7 خدرت عقول الكثيرين ومنحت البعض مادة لاستغلال مشاعر العامة في اعتقاد خاطئ أن طرد كل من هو شمالي أو له أصول شمالية هو الحل الأنجع وهذا ما هو إلا ردة فعل غير رشيدة وإذكاء لثقافة الكراهية ولمزيد من تمزيق النسيج الاجتماعي الذي بدأ إبان الاحتلال البريطاني.
وحقيقة أقولها، وهذا هو موقفي المعلن من القضية الجنوبية، أنني وفي ضميري مع الوحدة الوطنية واليمنية والعربية، ولأنني قانونية أعي تماماً أن للشعوب حق تقرير مصيريها فإنني مع قضية شعب الجنوب وما يقرره بإرادته، فالهدف من الوحدة هو التقدم الاجتماعي كما جاء في عبارة فتاح الشهيرة والتي ينسى الكثيرون تكملتها إذ يقول: «ستظل وحدة الشعب وتقدمه الاجتماعي هدف كل الأقلام الشريفة وستظل الكلمة مجزأة الحرف ركيكة المعنى إذا لم تكن من أجل الشعب وتقدمه الاجتماعي».
• هل هناك دعوى قضائية لاسترداد المنزل؟ يقول البعض إن ما تطرحونه (مزايدة)، وبأن الأمر يجب أن ينظر في الجهات المختصة، وأنكم لم تسمحوا للعدالة بأن تأخذ مجراها!
لا توجد دعوى قضائية.. والحقيقة أن أسرة كتكت رفعت دعوى قبل سنوات طويلة أمام محكمة صيرة الابتدائية، وقد استبعدت المحكمة النظر في القضية لأن قانون الإسكان لعام 90م الذي يحكم موضوع الدعوى، يمنع بنص صريح فيه رفع قضايا مثل هذه لوجود ما يسمى (المعالجات) التي تضمنت صرف التعويضات عن قضايا التأميم. ومن يظن أننا لن نمثل للقضاء فيما لو كانت القضية مرفوعة أمامه، فإنه واهم، نحن من يدافع عن القضاء الذي به تستقيم الحياة والحقوق والمصالح بين الناس، فكيف لنا أن نتحداه! وفي هذا السياق أود أن أضيف أن الطرف الآخر ادعى أن القضية أمام المحكمة بهدف صرف نظر الناس عن الحقيقة، كذلك قامت أسرة كتكت بإخفاء ملفات الأرشيف للقضية في المحكمة وكذلك في وزارة الإسكان، بهدف تمييع الحق، والحق لا يميع، فأين المزايدة أخي الكريم؟ هناك من لا يود أن يُسمع لنا صوت، وهم قلة، لهذا تزعجهم مطالباتنا العلنية، وتزعجهم الحملة.
• لكن بيان الحزب الاشتراكي بهذا الخصوص ذكر أن القضية منظورة أمام القضاء؟!
كان خطأ من الأمانة العامة للحزب.. وتم التوضيح لهم.
• أنتِ محامية لها باعها في هذا الجانب، وحققت نجاحات كما في قضية (لالجي) واستخراج حكم براءة له وأسقطت حكم الإعدام عنه.. فلماذا لا تترافعين أنتِ بهذه القضية؟!
أنا كنت أول المتصدرين للدفاع عن قضية الأخ العزيز عبدالكريم لالجي الذي تجمعني به علاقة أخوية ومعرفة من سنوات طويلة قبل اعتقاله، وشكلت فريقاً قانونياً من 4 محامين للدفاع عنه وعن المعتقلين من أسرته، وقمت بالتنسيق مع عدد من المنظمات المحلية لمساندة القضية والشغل عليها إعلامياً، لكن كانت هناك ضغوط على أسرة لالجي من أجل أن أتنحى عن القضية، وحقيقة لم يصدمني ذلك لأنه كان متوقعاً، قالوا بالحرف الواحد (وفاء لازم تخرج من موضوع لالجي إذا تريدوا أن يخرج بسرعة من السجن). وفعلاً انسحبت ظاهرياً، لكني كنت أتابع الموضوع مع الزملاء عن قرب، ومع أني انسحبت، إلا أن عبدالكريم لم يخرج إلا بعد سنوات طويلة، ما يعني أن وعودهم لأسرة لالجي كانت كذباً.
وفعلياً، لو كنتُ في عدن لتصديت للموضوع لكنني أقيم حالياً في ألمانيا.
• إذن، هل أنت مستعدة للرجوع إلى عدن والترافع بقضية المنزل؟!
لا، طبعاً لن أرجع، أنا كنت في عدن، رأيت اغتيالات كثيرة، وواجهت مضايقات و(تطفيشات)، ففهمت الرسالة، وغادرت , ولا أستطيع العودة الان في ظل الوضع الراهن وانتظر عودة الامور الى طبيعتها , كما ارجوا كثيراً ان يحل السلام على اليمن كلها
• هل حدث وتلقيت تهديدات أو ما شابه للسكوت عن القضية؟!
لم يصلنا أي تهديد للسكوت عن قضية المسكن، ولكن وصلنا وعلناً سب وقذف وشتم نترفع عن الرد عليه، فأخلاقنا أرفع من هذا المستوى.
• بحسب معلوماتنا، ليس هناك أحد من أبناء الشهيد كان يسكن في المنزل بعدن.. ما السبب؟
أنا كنت أسكن في المنزل إلى نهاية عام 2013، وكان أيضاً مكتبي هناك، وكنت حينها ما بين صنعاء وعدن أثناء مشاركتي بمؤتمر الحوار، ثم سافرت إلى ألمانيا، وإخواني صلاح وعمد كانوا يعيشون في صنعاء، وآسيا تعيش في ألمانيا، وإصلاح في سوريا، وأختي الصغيرة تعيش في عدن، وهي التي كانت تتكفل بموضوع البيت، لكن حصل ما حصل، وعلينا أن نفهم أن للبيوت حرمات، والمحافظة عليها واجب الدولة، سواء كان أصحابها موجودين أو مسافرين. نحن لم نتهرب من شيء، ولم تكن علينا التزامات للدولة، والبيت لم يسحب من الدولة، إنما قام أناس يدعون ملكيته بانتهاكه بحجة أن لديهم أوراق ملكية من أيام الاستعمار البريطاني، متجاهلين أن هذه الأوراق لا قيمة لها في ظل القانون النافذ.
• كيف كان موقف الحزب الاشتراكي الذي أسسه الشهيد، من القضية؟
أخبرني أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني د. عبدالرحمن السقاف، أنه قام بحمل الملف إلى رئيس الجمهورية لحل المشكلة بشكل جذري، وقال بأن رئيس الجمهورية مهتم بالموضوع ومتفاعل معه، والمسألة مسألة وقت فقط.
• بتقييمك، كيف كانت ردود الفعل -عموماً- إزاء اقتحام منزل فتاح؟
الكل متعاطف مع القضية، لأنها قضية حق وميراث فكري لرجل يعتبر قامة وطنية وأممية، سياسي ومفكر وشاعر ومناضل.. لا يصح أن تسكت الدولة عن هذا العبث. والحملة أفرزت تعاطفاً كبيراً من كل الناس واستجابة واسعة؛ إلا أن هناك أقلام مأجورة تحاول أن تشوه تاريخ فتاح وتاريخ تلك المرحلة لكن لا يصح إلا الصحيح، فهناك من يعيش حالة الشيزوفرانيا السياسية، إذ يتباكى على دولة النظام والقانون في الجنوب ثم يقدح برموزها وبشكل انتقائي!
المصدر حاورها / صلاح العلي/ لا ميديا