حان وقت الرد والبادي أظلم..  يا ملوك العهر والعنجهية..
هذه إحدى القصائد الشهيرة للشاعر الكبير نشوان الغولي، وما من شك في أنه كتبها وهو على يقين بأن هزيمة العدوان السعودي قد باتت وشيكة.. إنه بالفعل الشاعر الذي فجر في القصيدة الشعبية طاقاتها إلى أقصى مدى.
استطاع أن يحقق إنجازات شعرية كشاعر الصمود بأرقى معاني المصطلح، إنه شاعر شعبي له جمهور واسع يرتقي به إلى مرتبة الشاعر النجم الذي يعشقه جمهوره، ويتكبد المشقة للاستماع إليه، بالإضافة إلى أنه شخصية وطنية وشاعر مهموم بتوسيع أفق القصيدة الشعبية.. نشوان الغولي قامة شعرية في المشهد اليمني، لها وجودها الراسخ في القامات، لأنه ثرّ غزير بلغته وموسيقاه وبنيته الإيقاعية ومضمونه الراقي، وقصائده زادته حضوراً وتألقاً.
 هل المشهد الشعري في بلادنا لا يزال على حيويته؟
 الحيوية لم تكن صفة ملازمة للمشهد الشعري في بلادنا، حتى نقول لازال... القصيدة كانت مقيدة بالولاءات، ومحصورة في أغراض حطت من قدر الشعر.. وفي زمن ما بعد الثورة، احتل المشهد الشعري مكانة عظيمة في المجتمع، بل ساهم في إحياء التراث الشعري من برزخ ما قبل الثورة.. والواقع خير دليل على ذلك.

 هل ترى أن شهرة العديد من الشعراء جاءت نتيجة لارتباطهم بالأحداث الوطنية؟
نعم... والشعراء المبدعون حتى في التجارب الذاتية، لم يلجوا للشهرة إلا من بوابة القصيدة الوطنية.

 كان لك دور في انتشار الزامل وفي رفد الثقافة، ما خلاصة ما توصلت إليه؟
دوري في ذلك كان ثانوياً... أما الدور الرئيسي فقد قام به صاحب الحنجرة الذهبية وعميد الزامل الشهيد لطف القحوم، الذي أخرج الزامل الشعبي من ضيق النعرات القبلية إلى فسحة القضايا الوطنية التي تجاوزت حدود اليمن.. وأنا وغيري من الشعراء استطعنا أن نخصص للزامل مساحة كبيرة في محيط الثقافة الواسع... وخلاصة ما توصلت إليه نداء للقبائل اليمنية التي جعلت من الزامل كائناً روحياً لتاريخها العريق، عبر (حان وقت الرد)، ليكون وسيطاً بين (البدّاع والمجيب)، في فن الزامل.

 هل كانت لك لقاءت بالمنشد الرائع الشهيد لطف القحوم؟
الشهيد لطف القحوم، تجمعني به قرابة المكان، فكلانا من منطقة واحدة. أما اللقاءات فكانت قليلة، كونه كان متواجداً أغلب الأوقات في جبهات القتال.

 الكثير من المراقبين الفنيين يقولون إنه برحيل الحنجرة الباليستية لطف القحوم، لمسنا خفوتاً وضموراً للزامل. كيف تعلق؟
بالفعل... ولن أكون مبالغاً عندما أقول إن الزامل رحل برحيله، إلا أن الزمن لا يخلو من المفاجآت.. وعسى أن نجد البديل للطف القحوم. 

 أنت أحد المبدعين القلائل في كتابة القصيدة الشعبية (الزامل). هل ترى أن الزامل ترسخ في الواقع الشعري؟
الشعراء الشعبيون الذين تفننوا في كتابة المطولات الشعرية، وغاصوا في عمق الحداثة، يكتبون اليوم فن الزامل بقصره وألفاظه المبسطة... ومن فرط إعجابهم بدأ شعراء الفصيح بكتابة الزامل، وهذا يعني رسوخ الزامل في الواقع الشعري.

 صمود الشعب اليمني ضد هذا العدوان السعودي القذر، يصنع نصراً. كيف تنظر لهذا الصمود أو لهذا الحدث الكبير؟ أو كيف يتجلى لك شعرياً؟
برنامج (شاعر الصمود)، و٤٨ شاعراً وشاعرة، وفي ٢٩ يوماً، عبّر عن حضارة إنسانية عريقة، وصمود أسطوري تجاوز العام والنصف. وإن كان لابد من التعبير عن ذلك شعرياً، أقول للمعتدين وباختصار:
لا انتو من الصخر فاحنا من حديد الزبر
وبيننا فالنهاية من تناثر حطام

 حدثنا عن مشاركتك في برنامج (شاعر الصمود).
شاركت في برنامج (شاعر الصمود) بطلب من أغلب أصدقائي الشعراء المشاركين فيه، رغم أني لم أكن أحبذ المشاركة، فالتجارب السابقة كانت غير مشجعة، إلا أن هذه المسابقة تحت عنوان (شاعر الصمود)، وفي زمن الثورة والصمود، بالإضافة الى إصرار شعراء الصمود، دفعني الى المشاركة، فخضت غمار المنافسة، والنتيجة تتويجي بلقب (شاعر الصمود).

 من لفت انتباهك من الشعراء المشاركين في البرنامج؟
أربعة شعراء... الهمسات الشعرية للشاعرين المؤيد والديلمي، والإرعاد الحماسي للشاعرين الجوفي والجرف. والحقيقة أن شعراء الصمود كلهم يلفتون الانتباه.

 هل كنت تتوقع أن تكون الفائز في برنامج (شاعر الصمود)؟
حلم.. أمل... توقع... هذه المشاعر تركتها جانباً، لأني كنت مشغولاً بكتابة النصوص الجديرة بالمنافسة في مضمار يتسابق فيه عمالقة الشعر الشعبي، وكلٌّ يسعى وبقوة لنيل اللقب... باختصار لم أكن أتوقع الفوز باللقب، لكني فزت، وأصبحت شاعر الصمود.

 بعد فوزك بلقب شاعر الصمود.. هل تشعر بالغرور؟
لست مغروراً بطبيعتي، ولقب شاعر الصمود لا يستحقه المغرور، أو من سيشعر بالغرور.

 ماذا تعني لك قصيدة (حان وقت الرد والبادي أظلم)؟
 ملحمة نشوانية، بعث بها الحميري من رمس التاريخ، ومعراج التحدي، الذي بلغ به الغولي مقام الصمود.


 برأيك من سيحاسب النظام السعودي على كل جرائمه؟
سيتشرف النظام السعودي بمحاسبة الشعب اليمني الموصوف بالحكمة والعفو عند المقدرة له... لكن الذي سيحاسبه هو الذي دفعه الى ارتكاب جرائمه في اليمن... وهذا هو الخزي والعار بعينه، والهزيمة المنكرة.

 لماذا لا تقترب من القصيدة العاطفية؟
كنت مقترباً منها ثم ابتعدت، والاقتراب منها في هذه الظروف أعتبره سخفاً، إلا إذا كانت تحاكي الواقع، ولها ارتباط بالأحداث والظروف التي يعيشها المجتمع اليمني.

 ما الذي يستفزك؟
كوني شاعراً ومثقفاً، يستفزني الحديث عن الماديات، والسؤال المبدوء بـ(كم؟).

 ما هو الكنز الذي أعطتك إياه الحياة وتفخر به؟
الصبر والحكمة ولقب شاعر الصمود.

 ما هو الشيء الذي تمنيته وتحقق؟
زامل بصوت المنشد لطف القحوم.

 كلمة أخيرة..
(لا) تعني نعم... حين أتشرف بالحديث عن صحيفتكم الموقرة.
ولن تكون الكلمة الأخيرة في زمن الإباء ورفض الخنوع والهزيمة... شكراً لك ولكل المحررين.. وشكر خاص للأستاذ صلاح الدكاك..