الشــمــس والــغــربــال
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / شايف العين

جرائم العدوان حصدت آلاف الضحايا ودمرت أغلب المنشآت الحيوية ومجزرة الصالة الكبرى أبشعها لا آخرها
الشمس والغربال
كشفت مجزرة الصالة الكبرى التي ارتكبها طيران العدوان السعودي الأمريكي، مطلع الأسبوع الفائت، في صنعاء، مدى حقد المعتدين الثأري إزاء اليمن الذي عجزوا عن تطويعه رهن إشارتهم، بالرغم من القتل والدمار والتجويع والحصار الذي يحدثونه في اليمن منذ بداية عدوانهم في 26 مارس من العام المنصرم وحتى اليوم، ومستوى الانحطاط والعمالة الذي وصل إليه أذنابهم بسفالة ما تنطق به ألسنتهم، تارة بإنكار الجرائم الوحشية التي يرتكبها طيران سادتهم وكبرائهم بحق أبناء الشعب اليمني، حتى بعد أن يتم إثباتها في تحقيقات تعرفت على نوعية القنابل والأسلحة التي تسببت بها، وأخرى بتبريرها في حال اعتراف العدوان بها، مما يدعو إلى ضرورة إخضاعهم لفحص الـ DNA ومعرفة حقيقة انتمائهم لهذا البلد.
سلسلة مجازر بشعة
لقد سبقت مجزرة الصالة الكبرى سلسلة من المجازر التي قام بها العدوان السعودي الأمريكي على مدى 18 شهراً، راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى, في جرائم تقشعر لها الأبدان، من عدو يفتقد أدنى نسبة من الإنسانية، كتلك التي ارتكبها طيران العدوان السعودي الأمريكي في منطقة سوق الهنود بمدينة الحديدة، والتي أسفرت عن استشهاد وجرح أكثر من 130 مواطناً، وتدمير 14 منزلاً, إلا أن الجريمة التي استهدفت مجلس عزاء بالصالة الكبرى بالعاصمة صنعاء، تعد الأبشع والأكثر دموية بينها.
في أول يوم شنّ فيه طيران العدوان غاراته على اليمن، ارتكب مجزرة بشعة بحق سكان حي النصر بالعاصمة صنعاء، راح ضحيتها 27 شهيداً وأكثر من 30 جريحاً، تلك الجريمة افتتح بها تحالف قوى الشر مشروع مجازره الذي قرر تنفيذه في اليمن, تلتها جرائم عديدة سفك فيها العدوان دماء اليمانيين في منازلهم وأسواقهم ومستشفياتهم وأماكن إقامة مناسباتهم, فبعد مضي 6 أيام على الأولى استشهد نحو 40 نازحاً، وأصيب أكثر من 200 آخرين في مجزرة نفذها طيران العدوان بحق تجمعات للنازحين في مخيم (المزرق) الواقع في مديرية حرض بمحافظة حجة, وفي 1 أبريل 2015 قتلت طائرات العدوان 38 عاملاً، وجرحت 80 آخرين أثناء استهدافها العاملين في مصنع (يماني) للألبان في محافظة الحديدة, بعدها وفي 30 يونيو 2015 بالتحديد، شنّ طيران العدوان بقنابل فراغية محرمة دولياً، غارات على منطقة (فجّ عطان) في العاصمة صنعاء، أسفرت عن مقتل نحو 92 مدنياً، وجرح قرابة 300 آخرين، في مجزرة مروعة دلّت على نية العدوان تصعيد استهداف المدنيين بأسلحة محرمة.
انتقل العدوان بعد ذلك من استهداف المواطنين في منازلهم ومناطق عملهم، إلى استهدافهم أثناء احتفالهم بالأعراس, فقد قام طيران العدوان في 28 سبتمبر 2015، بارتكاب جريمة حرب بحق حفلة عرس في منطقة (واحجة) مديرية ذباب محافظة تعز، استشهد فيها نحو 130 مدنياً, وكذلك المجزرة التي ارتكبها في عرس كان يقام في منطقة (سنبان) بمحافظة ذمار، والتي استشهد فيها 30 مدنياً، وجرح أكثر من 100 آخرين, كما ارتكب مجزرة بشعة بحق المدنيين في أحد أسواق مدينة زبيد التاريخية بمحافظة الحديدة, سقط فيها 70 شهيداً، ونحو 100 جريح, وشنّ طيران العدوان السعودي الأمريكي غارة على المركز الثقافي بمدينة الحديدة، خلّفت شهيداً و8 جرحى, واستُشهد 65 مواطناً، وجرح 55 آخرون في غارتين شنهما طيران العدوان الغاشم على (سوق الخميس) ومطعم شعبي في مديرية مستبأ بمحافظة حجة, وكذلك ما حصل بحق أهالي مدينة عمال الكهرباء في مدينة المخا بمحافظة تعز، من جريمة نكراء استشهد فيها نحو 120 مدنياً، وجرح العشرات.
مرتزقة العدوان ومنافقوه ضمن بنك أهدافه
دخلت مجاميع مرتزقة العدوان ضمن بنك أهدافه، وتحت نيران قصف طيرانه الذي يعيش على دماء البشر, فما يكاد ينتهي من التبرير لمجزرة ارتكبها بحق مدنيين، حتى ينفذ مجزرة جديدة لا تقل بشاعة عن سابقاتها, فقد ارتكب الطيران المعادي مجزرة بحق أتباعه في (القشب) بمحافظة تعز، قتل فيها 40 مرتزقاً، وجرح العشرات، في عملية إبادة جماعية لهم، بعد أن أخفقوا في صد هجوم للجيش واللجان الشعبية، مغالطاً بقية مرتزقته بوصفه لها بأنها (عن طريق الخطأ). كما شنّ غارة مماثلة على خيمة عزاء أقامها مرتزقته حزناً على صرعى (صافر) من الجنود والضباط المرتزقة. كذلك استهدف طيران العدوان بغارة أخرى جمعاً لمرتزقته في جبهة ميدي، قتل فيها القيادي الإخواني العميل في صفه محمد زيد الغيلي، مع 50 آخرين، وجرح العشرات, ولكن بعض جنود المرتزقة الذين نجوا قالوا بأنهم شاهدوا طائرة استطلاعية رصدت موقع الغيلي قبل استهدافه، واصفين الحادثة بأنها عملية اغتيال نفذها تحالف العدوان بعد أن وجه الغيلي انتقادات لقادة العدوان.
لا يرتكب العدوان السعودي الأمريكي مجزرة ما في اليمن إلا بعد أن يقوم بتجهيز أذنابه من سلطة الفار في الرياض من إعلاميين وناشطين، لإنكار ارتكابه المجزرة، وهذا ما حصل في كل المجازر السابقة, إلا أن هول المجازر التي يرتكبها لا يخفي آثار صواريخ طيرانه، فيعرف العالم أنه وراءها، حينها يعترف بفعلته، ويقول بأنها أخطاء، لكن أذنابه يبررونها ويحللون ارتكابها دفاعاً عن قيادة العدوان.
يتنصل من الجريمة ويلبسها عملاءه
ينكر العدوان السعودي عقب كل مجزرة ينفذها أو قصفه أي أهداف مدنية, وبعد ساعات من ارتكاب كل مجزرة، تبدأ الخيوط التي تثبت إدانته بالظهور في وسائل إعلام دولية وعربية، بتحقيقات تفضح نوعية السلاح الذي ارتكب الجريمة، وعندما يشعر أنه تورط بارتكابه لها يتنصل منها برمي التهمة على أذنابه الذين تفوح منهم رائحة نفطه القذرة، كونهم من قاموا بإعطائه إحداثيات المكان على أنها لمنطقة عسكرية, ويتمثل هؤلاء الأذناب في سلطة الفار هادي من عملاء الإحداثيات، وكذلك ناشطين وإعلاميين يتبنون خطاب الإنكار والتبرير حتى ولو كان الضحايا من صفوفهم، كما حدث في أكثر من مناسبة.
ظل الدائرون في رحى العدوان اللاهثون خلف كعبي قدميه، وهم مجموعة من أهل الإعلام الذين وجدوا في فنادق الرياض إقامة هانئة لهم، ومنها يمارسون دفاعهم عن (الملك) بلهجة تتفوق على مستوى لهجة الدفاع لدى أبناء الملك أنفسهم, يُدلّسون على البسطاء من الناس كل مرةٍ، محاولين ومصرين على تبرئة ساحته من المسؤولية المباشرة في ارتكاب هذه الجرائم، مستغلين وقوعها في مناطقٍ بعيدةٍ ونائية، في ظل تعتيم وتضليلٍ إعلاميٍ تام. وبعد جريمة استهداف الصالة الكبرى في العاصمة صنعاء، انتظر الجميع ما سيقوله أولئك الحمقى وقد شهدها ساكنو صنعاء والعالم؟! مئات المواطنين قتلهم الطيران دفعةً واحدةً.
ففي الوقت الذي بدا فيه أن حكام (آل سعود) بحاجة لساعات طويلة كي يدركوا مستوى الجريمة التي قاموا بها عبر قصفهم قاعة العزاء، التي أوقعت نحو 700 ما بين شهيد وجريح، لم يكونوا يعلمون أن ما بعد تلك المذبحة ليس كما قبلها، وبناءً على ذلك راحوا لدفع أدواتهم الإعلامية لترفع عنوان (لم نقصف)، فيما تعمّدت شاشات آل سعود جعل خبر (المذبحة) هامشياً، وحين يأتي المرور عليه يضعونه في إطار (أسباب داخلية)، في إشارة من جهتهم إلى أن الواقعة قد جاءت نتيجة لتفجير من داخل القاعة. وهي النظرية التي سارع إعلاميو اليمن في الرياض لتبنيها، ولم يتراجعوا عنها على الرغم من توالي بيانات الإدانة الدولية تجاه مجرم واحد بعينه.

تخبط سعودي ونصيحة أمريكية
حاولت السعودية، في خطوة لا تقل بشاعة عن الجريمة نفسها، التنصّل من المجزرة الكبرى، التي تعدّ امتداداً لجرائم الحرب المتكررة التي ينفذها تحالفها العدواني منذ أكثر من عام ونصف، حيث أعلن ما يسمى التحالف العربي (تحالف العدوان) عن أن طائراته لم تُنفذ أية عملية جوية في منطقة صنعاء، وأنه كان هناك طائرات غير تابعة للتحالف في أجواء المدينة. لانستغرب أن يخرج المتحدث باسم العدوان السعودي لاتهام (أنصار الله) و(المؤتمر الشعبي العام) بالضلوع بالمجزرة في الصالة الكبرى، وربما يصل بهم الأمر إلى اتهام الكوارث الطبيعية التي لم تتسبب بمثل ما تسببت به الكارثة السعودية، بالوقوف خلف المجزرة، وذلك في إطار التخبط الذي تعانيه السعودية وأذنابها، إلا أن المشاهد التي ظهرت على محطات تلفزيونية دولية فضحت هذه الفبركات الإعلامية الرخيصة سريعاً.
السعودية اعترفت ضمنياً بارتكابها أبشع جرائمها في اليمن، وهي الجريمة التي وقعت في الصالة الكبرى بصنعاء، بعد أن كانت قد أنكرت هذا على شاشات قنواتها, جاء هذا في مكالمة هاتفية أجراها وزير الخارجية الأمريكية (شريكة السعودية في العدوان) جون كيري، مع ولي ولي العهد السعودي المهفوف محمد بن سلمان، التزم فيها الأخير بالتحقيق الفوري في الحادث وعدم تكرار مثله مستقبلاً, أتى نص هذه المكالمة كتغريدة في الحساب الرسمي للخارجية الأمريكية على (تويتر)، قرأها العالم كله.
ووفقاً لقناة (الحرة) فقد (أعربت البعثة السعودية إلى الأمم المتحدة، الأحد الماضي، في رسالة لمجلس الأمن، عن أسفها البالغ للهجوم الذي استهدف قاعة جرت فيها مراسم عزاء في صنعاء، السبت، وأوقعت 458 شهيداً، وأكثر من 600 جريح).
ويرى مراقبون أن الخطوة السعودية أتت بعد نصيحة أميركية، في محاولة لاستباق أي تحرك لفتح تحقيق محايد في أكثر الهجمات دموية في اليمن منذ بدء العدوان، ومواجهة ردود الأفعال الغاضبة في اليمن والخارج, ومحاولة للالتفاف على الإدانات التي طالت تحالف العدوان السعودي عقب مذبحة صالة العزاء بصنعاء، خاصة بعد قيام الرياض بنفيها ارتكاب الجريمة بادئ الأمر، كما سعت عبر وسائل إعلامها الى محاولة تحميل المسؤولية على جهات أخرى.

صحف أمريكية:
أيدينا ملطخة بدماء اليمنيين
وفي تقرير لها أعدّته حول مجزرة الصالة الكبرى، حددت منظمة (هيومن رايتس ووتش) الذخيرة المستخدمة في المجزرة على أنها قنبلة (جي بي يو – 12 بايفواي 2) (GBU-12 Paveway II) بوزن 225 كيلوغراماً موجهة بالليزر وأمريكية الصنع. وقد استند التحديد إلى استعراض صور ومقاطع فيديو لزعنفة التوجيه التي بقيت سليمة وعليها علامات المصنع وبقايا الذخيرة الأخرى. والتقطت الصور والفيديو في موقع الهجوم مؤسسة (مواطنة) الحقوقية الرائدة، مقرها صنعاء، وصحفيون من القناة الإخبارية البريطانية (آي تي في)، وناشط محلي زار الموقع يوم 9 أكتوبر.
من جانبها، صحف أمريكية تحدثت بالقول: (أيدينا ملطخة بدماء اليمنيين، وعلى حكومتنا وقف إمداد السعودية بالأسلحة), وحمّلت واشنطن مسؤولية الهجمات التي يشنها تحالف العدوان في اليمن, والتي كان آخرها الهجوم على مجلس عزاء بالعاصمة صنعاء, موضحة أن الضربات التي تشنها السعودية، والتي تسببت مؤخراً في مقتل 140 شخصاً كانوا في مجلس العزاء، تتطلب من الولايات المتحدة أن توقف تواطؤها في الحرب التي تسببت في كارثة إنسانية في واحدة من أفقر دول العالم, معتبرة أن الأمر في يد أوباما, مفيدة بأن السعودية وحلفاءها يعتمدون على واشنطن في الأسلحة والمعدات والتدريب, وأشارت إلى تأكيد الإدارة الأمريكية على أن دعمها للتحالف ليس شيكاً على بياض, معتبرة أن الأمر حتى الآن مجرد كلمات صارمة, وقالت إنه إذا رفض السعوديون وقف المذبحة واستكمال المفاوضات بناء على تسوية سياسية, يجب على أوباما أن يوقف دعمه العسكري للمملكة، وإلا ستتورط أمريكا أكثر في ما وصفته بجرائم حرب. ونقلت عن مسؤول أمريكي قوله إنه لا يوجد دليل على تعمد التحالف ضرب المدنيين، وأن السبب يرجع إلى ضعف في الاستخبارات وتحديد الأهداف. وقالت إن أوباما باع للسعودية أسلحة تقدر إجمالاً بـ110 مليارات دولار.
عملاء يغردون خارج السرب
لكن، على الرغم من كل هذا التسارع الذي سارت عليه وقائع ما بعد مجزرة الصالة الكبرى، لا تزال شاشات الإعلام السعودي تبث لمشاهديها حضوراً لوجوه إعلاميين يمنيين من المنتمين إلى ذلك الجيل الراغب في تسلّم (راية المال) من (صندوق نايف)، وهم يواصلون ترديد تحليلاتهم الذاهبة في تحميل الداخل اليمني مسؤولية ما حدث، وأن التفجير الذي حصل في القاعة كان بسبب تفخيخ حصل من داخلها. وهي تحليلات تجاوزت على نحو هزلي حالة الاتفاق التي صارت بالإجماع على مسؤولية النظام السعودي القائم بالعدوان في ارتكاب الجريمة، بما فيها رسالة الاعتراف السعودية نفسها... يبدو أنه سيكون على اليمنيين أن يقطعوا طريقاً طويلة في سبيل التخلّص من هيمنة آل سعود على قرارهم الوطني.
لم يكن حزب الإصلاح المشارك بفاعلية في العدوان على اليمن، بعيداً عن كل المجازر والجرائم التي ترتكب منذ بدء العدوان السعودي في مارس من العام الماضي.
حيث تعد قيادة حزب الإصلاح ووسائله الإعلامية في مقدمة المطلوبين ليس للعدالة اليمنية وحسب، بل حتى لأسر الضحايا، حيث حاولت وتحاول تلك الوسائل والقيادات تبرير جرائم الطيران السعودي بحق أبناء الشعب اليمني، بوصفهم أنهم قيادات حوثية أو عفاشية، وبأن منازلهم تحوي مخازن أسلحة.
تمادي حزب الإصلاح ووسائله الإعلامية تجاوز الحد الكبير في إطلاق التبريرات، وآخرها ما تحاول الترويج له تلك العناصر لتبرير مجزرة العدوان السعودي بحق اليمنيين الذين سقطوا جراء استهدافهم، الأسبوع الماضي، في الصالة الكبرى بالعاصمة صنعاء، وراح ضحيتها المئات من المواطنين المشاركين في عزاء آل الرويشان.
فعقب دقائق من الغارات التي نفذها طيران العدو السعودي على القاعة، سارعت عدد من وسائل الإعلام المحسوبة على حزب الإصلاح بالقول إن المجزرة كانت نتيجة عملية إرهابية نفذها تنظيم (داعش)، موضحة أن الطيران السعودي لم ينفذ أية غارات.. في حين أكد المواطنون سماع أصوات الطائرات والصواريخ الموجهه الى القاعة.
وتبني (داعش) لهذه المجزرة يفضح التواطؤ السعودي الأمريكي معه، وأنه ضمن أدواتهم العدوانية التي يلصقون بها جرائمهم للتنصل من العقاب.
السعودية وإسرائيل.. تشابه في الجرائم والتبرير
في كل المجازر التي ارتكبها العدوان السعودي الأمريكي بحق اليمانيين، كان يتقصد استهداف المدنيين مرتكباً أبشع المذابح، منكراً بعدها مع أدواته الإعلامية ارتكابها بوقاحة وتبجح منقطع النظير, محاولاً التنصل منها، وإلصاقها بالجيش واللجان الشعبية، لجعل المجتمع ينتفض ضدهم، إلا أن أبناء المجتمع يعرفون حق المعرفة أن من يسفك الدماء هي طائرات العدوان التي تشن غاراتها بشكل يومي, وعندما يشعر العدوان بأنه قد تورط بعد أن ثبت ارتكابه هذه المجزرة، تكون التبريرات التي يتكفل بها أذنابه جاهزة دوماً: (الانقلابيون يتخذون المدنيين دروعاً بشرية، ويستفيدون من المنشآت الحيوية والبنى التحتية كمخازن للأسلحة), وأيضاً (هذه حرب يقودها التحالف للقضاء على التواجد المجوسي في اليمن)، و(لا بد من سقوط ضحايا مدنيين في أية حرب)، وهو نفس الأسلوب الذي يتبعه كيان (بني صهيون)، فقد كان العدو الإسرائيلي وأعوانه يطبّلون خلال الحرب على غزّة ولبنان، لنظرية أن الضحية هو المجرم، وأن أطفال مذبحة قانا وجريمة شاطئ غزة حدثت بسبب عناد المقاومة، وها هي أبواق (آل سعود) تروّج للنظرية عينها.
وتحت عنوان (الحوثي وصالح يتحملان دماء الأطفال)، كتب باسل الجاسر في صحيفة (الأنباء) مقالاً نشره موقع (العربية نت)، يبرر فيه قتل أبناء اليمن بصواريخ السعودية، معتبراً أنه (شر لا بد منه)، فيقول: (إن الحرب شر مطلق وعمل تكرهه النفس البشرية، ولها ضحايا من الأبرياء، ولكنها شر لا بد منه أحياناً). ويطرح سؤالاً سمجاً ليس فيه من الذكاء شيء، قائلاً: (العالم دخل الحرب العالمية الثانية لصد صلف هتلر وطغيانه.. فهل نحمل العالم المتحضر مسؤولية ضحايا الحرب العالمية الثانية التي سقط فيها ملايين القتلى والمعاقين من الأبرياء؟ أم نكون عادلين ونحمل مسؤولية هذا الكم الهائل من الضحايا لصلف وطمع هتلر؟). إذن، على العالم أن يصفّق للمعتدين، ذلك أن الأطفال والنساء والشيوخ الذين يقتلون تحت ركام منازلهم في القصف السعودي على اليمن، هم ضحايا نظريّة الجاسر، ولهم أسوة بضحايا الحرب العالمية الثانية!
(عسيري) نسخة من (أدرعي)
إن لغة إعلاميي وناشطي العدوان وسلطة الفار هادي لا تبتعد كثيراً عن لغة (أفيخاي أدرعي)، الرجل الذي لطالما اتخذ من قناة (الجزيرة) القطرية منبراً لتبرير مجازر الكيان الصهيوني المحتل، وتوجد نسخة عربية منقّحة منه، ابتداء من الناطق باسم العدوان (عاصفة الحزم وإعادة الأمل) أحمد عسيري، الذي لطالما روّج في مؤتمراته الصحفية للمجازر التي سيرتكبها عدوانهم بأنها تستهدف مخازن أسلحة للجيش واللجان الشعبية، وأن أهدافهم تخلو من أي مدنيين، ووصولاً إلى ناشطين وإعلاميين محسوبين على العدوان، وانتهاء عند أحقر مغرد داخل (تويتر) أو (فيسبوك) من مؤيدي العدوان, مدّعين بافتخار أن طيران العدوان يحقق أهدافه بدقة عالية ولا وجود لضحايا مدنيين, وعندما يستهدف الطيران مرتزقة له في مجاميع معروفة للجميع، يقول نفس المدّعين بأنه لا وجود لأخطاء، بأنه قصفهم عن طريق الخطأ.
وبالفعل لا وجود لأخطاء يرتكبها طيران العدوان، فجميعها متعمدة، لأنه يملك دعماً لوجستياً واستخباراتياً من شركائه في الحرب: أمريكا وبريطانيا الذين يملكون في ذلك أحدث الأجهزة المتطورة, كما أن طائرات الاستطلاع الحديثة التي يملكونها هي تحت أوامر قيادة العدوان، وتحلق في أجواء اليمن على مدار الساعة.

منظمات لا إنسانية
على طاولة مجلس حقوق الإنسان اغتيلت العدالة الدولية، ومات ضمير المجتمع الدولي الذي لم يُخلق، وهو يتجاهل جرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها تحالف العدوان السعودي في حق المدنيين باليمن، وبات القانون الدولي بمواثيقه الأممية وبنوده الخادمة للإمبريالية مجرد شعارات تتداولها المنظمات الدولية، ليواصل أعداء الإنسانية ومجرمو الحروب عمليات القتل والتدمير وارتكاب أبشع الجرائم في حق المدنيين وإبادتهم بشتى أنواع الأسلحة المحرمة.
أصبح العالم متفرجاً على ما يحدث في اليمن، من سفك لدماء المدنيين العزل وسلبهم أرواحهم وسلامتهم، لا يهمه الأمر في شيء، لا من قريب ولا من بعيد، وعمدت كل هيئاته ومؤسساته ـ التي أنشئت تحت مسميات حقوقية للدفاع عن حقوق الإنسان ـ إلى احتراف النفاق، وامتهان التزييف والتحريف. أكثر من ذلك أصبحت مؤسسات حرفية، تبدع وتجيد في الدفاع عن الجاني والتستر عليه، وتقديمه في صورة المدافع عن حقوق الإنسان، وإعطائه منصب رئاسة لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، التي أقدمت قبل فترة وجيزة على رفض تكوين وإنشاء لجنة تحقيق دولية في جرائم الإبادة والمجازر المروعة، التي ارتكبتها طائرات العدوان السعودي الأمريكي ضد أبناء الشعب اليمني, ما جعل القائمين عليه يتمادون في جرائمهم البشعة ومجازرهم المروعة, الى درجة استهدافهم مجلس عزاء في العاصمة صنعاء يضم أكثر من ألف مدني.
هذه الجريمة البشعة غير المسبوقة على الإطلاق، وغيرها من الجرائم المماثلة، تجعل الأمم المتحدة شريكاً أساسياً في الجرم، برفضها المسبق للجنة التحقيق، وصمتها وتغاضيها وغض الطرف عن ساطور العدوان السعودي الذي يرتكب مذابح تلو الأخرى بحق اليمانيين.
وقد احتفلت مؤخراً زمرة الشرعية بإسقاطها، في جنيف، مشروع تشكيل لجنة دولية للتحقيق في جرائم الحرب في اليمن, في صورة دلّت على مدى الانحطاط الأخلاقي والإنساني لهذه الزمرة.
وفي وقت سابق أيضاً، تعرضت الإخوانية توكل كرمان للضرب والشتم داخل مقر الأمم المتحدة بسويسرا، على أيدي بعض العرب الرافضين للمجازر والجرائم الوحشية التي يرتكبها تحالف العدوان منذ عام و6 أشهر، بحق اليمانيين.
وقد كانت كرمان من أبرز المتسترين على تلك الجرائم, بإصدارها بياناً بعد كل جريمة حرب يرتكبها الطيران المعادي، تبرر له ارتكابها.
وجاء الاعتداء على توكل، كما أفادت مصادر مختلفة، أثناء جمعها عدداً من الأفارقة في سويسرا، على أساس أنهم يمنيون، سعياً منها لإقامة تظاهرة أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف، لتأييد العدوان تحت ما يسمى (الشرعية)، حسب زعمها.
إذن، فأي عار وأية فضيحة أخلاقية، وأي تجرد عن القيم والمبادئ الإنسانية، والسير عكس التيار، وصل إليه أبواق العدوان الذين لم يحاولوا أبداً الإدلاء ولو بكلمة حق قد تضع نقطة بيضاء في صفحاتهم المليئة بالسواد..؟!
السلاح المستخدم أمريكي وتحالف العدوان يقر ويحمل عملائه المسؤولية
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان، إن الغارة التي استهدفت صالة العزاء بصنعاء، في الـ8 من أكتوبر الجاري، تؤكد الحاجة الملحة إلى تحقيقات دولية موثوقة في جرائم الحرب المرتكبة في اليمن.
وأوضحت سارة ليا وتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، أنه بعد الغارات غير القانونية التي ضربت المدارس والمستشفيات وحفلات الأعراس والمنازل، على مدى 19 شهراً، أضاف التحالف بقيادة السعودية، مراسم عزاء إلى قائمة انتهاكاته المتزايدة في اليمن.
وشددت وتسن على ضرورة أن تقوم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بإيقاف مبيعات السلاح للسعودية. ويأتي ذلك بعد أن قامت منظمة هيومن رايتس ووتش بتحديد نوع السلاح المستخدم في الهجوم على الصالة على أنها قنبلة من نوع (جي بي يوـ 12 بايفواي 2) أمريكية الصنع، تزن 225 كيلوجراماً توجه بالليزر.
وأكدت المنظمة ضرورة ألا يكون للسعودية مكان في مجلس حقوق الإنسان الأممي، خصوصاً أن السعودية تسعى حالياً لإعادة انتخابها في المجلس، وهي لا تواجه أية معارضة، وكانت قد استخدمت موقعها لعرقلة الجهود الرامية لإجراء تحقيق دولي في الانتهاكات الجارية في اليمن، ولم تكن التحقيقات السابقة التي أجرتها السعودية حيادية أو شفافة، ولم تنفذ على أساسها أية ملاحقات قضائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ولم ينصف الضحايا، بينما ذكرت مفوضية حقوق الإنسان، في أغسطس الفائت، أن الغارات الجوية كانت أكبر سبب منفرد لسقوط الضحايا المدنيين في اليمن.
وقالت مديرة الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش: (على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وباقي مساندي التحالف، توجيه رسالة واضحة إلى السعودية بعدم رغبتهم بالمشاركة في هذه الجرائم. يجب ألا يترك المدنيون اليمنيون في وجه هذا الجنون ولو للحظة أكثر).
وكانت هيومن رايتس ووتش وثقت مراراً استخدام ذخائر تنتجها أمريكا وبريطانيا، بما فيها الذخائر العنقودية، في هجمات التحالف على المدنيين في اليمن.
يذكر أن منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية كانت أجرت أكثر من 58 تحقيقاً ميدانياً حول الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان السعودي الأمريكي بحق المدنيين في اليمن، إلا أن دعوة المنظمة لمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم لم تحظ بأي تجاوب.
وتضمن آخر خبر نشرته وسائل إعلام العدوان عن مجزرة الصالة الكبرى محاولة تنصل الرياض منها بتحميل عملائها مسؤولية المجزرة, حيث قال فريق تقييم الحوادث التابع للعدوان إن مركز توجيه العمليات في اليمن أجاز الغارة دون إذن قيادة التحالف.
المصدر صحيفة لا / شايف العين