إغاثات أممية لجرائم العدوان
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / زيد المجاهد

ردع الجلاد أم التباكي على الضحية؟
إغاثات أممية لجرائم العدوان
المساعدات الأممية.. جرعة مهدئ صغيرة لألم كبير
عمل تحالف العدوان على تنفيذ حملة تجويع، حيث استهدفت الغارات مصادر الرزق، فلم يتبق للمدنيين شيء، وحل الدمار والقتل في كل شيء، المنازل، المصانع والمؤسسات، ومُنع الصيادون من النزول إلى البحر، وبات المدنيون يعانون من حالة رهاب من الذهاب إلى الأسواق التي هي الأخرى لم تسلم من حقد المعتدين، فقد ارتكب طيران العدوان البشع المجازر في العديد من الأسواق وفي أكثر من محافظة، في ظل صمت دولي مطبق.
القاتل الرحيم
وأمام هذا الوضع المأساوي يقتصر دور الأمم المتحدة في اليمن على تقديم المساعدات الغذائية فقط، بدلاً من القيام بدورها الرئيسي بوقف العدوان على المدنيين، وإيقاف مجازر الطيران، الأمر الذي يجعل من المساعدات الأممية مجرد فخ يستهدف انتزاع الكرامة من اليمنيين، إلى جانب مهمة الطيران بانتزاع الحياة.
خبز ودم
إلى جانب القتل والدمار والتشرد، هناك الكثير من الآلام التي يكابدها المدنيون جراء العدوان، لكنها لا تدخل في حسابات الأمم المتحدة، فلا يمكن لكيس دقيق وعلبة زيت أن تعوض طفلاً يتيماً عن فقدان والده إثر غارة جوية، ولا يمكن لأحاديث المنظمات الإنسانية عن المأساة أن تكون بديلاً عن الشعور بالضياع الذي تحس به أسرة مشردة جراء تدمير العدوان لمنزلها، والمساعدات الغذائية ليست سوى جرعة مسكن ضعيفة المفعول قياساً بحجم ألم الفاجعة، في ظل القصف والحصار واستهداف الأرزاق.
الخوف في كل مكان
في مايو العام الماضي تعرض سوق مدينة زبيد لغارة قتل فيها أكثر من 70 شخصاً، أصبح الناس يهربون بمجرد سماع صوت الطائرات، تاركين بضائعهم، خوفاً من تكرار المجزرة التي عاشوا تفاصيلها سابقاً. شريحة سائقي الأجرة على الخطوط الطويلة هي صورة أخرى من صور حالة الرعب التي بثها العدوان في مجتمع العمل اليمني، حيث يفضل سائقو الأجرة المكوث في منازلهم وعدم الخروج للعمل عند سماع صوت طائرات العدوان تحلق، خوفاً من القصف الذي تتعرض له الطرقات من قبل الطيران، والتي حصدت الكثير من المدنيين المسافرين، يقول أحمد عامر (سائق أجرة على خط تعز ـ صنعاء): عندما أستعد لمغادرة المنزل للعمل ونسمع صوت الطائرات، تبدأ في البيت حالة من القلق، وتتطلع إليَّ أسرتي بحزن، وكأني لن أعود، لأن الكثير من زملائي السائقين قتلوا بقصف الطيران على الطرق، وكلما تعرضت الطرقات للقصف تخف حركة المسافرين، خصوصاً أن المواطنين باتوا يدركون أن غارات تحالف العدوان تستهدف المدنيين أكثر من أي شيء آخر.
مأزق الصيادين
لم تقتصر حرب التجويع على المنشآت الإنتاجية الموجودة على البر، بل إنها طالت شريحة الصيادين اليمنيين في البحر، فقد قتل وجرح أكثر من 150 صياداً تقليدياً بغارات شنها طيران العدوان أثناء بحث الصيادين عن قوت أسرهم في البحر الأحمر، منذ بداية العدوان، وصار كثير من الصيادين يخافون النزول إلى البحر، وأصبحوا في مأزق وجودي، حيث يتربص بهم الطيران المعادي في البحر، والجوع والفقر في البر.
القليل من الرفاه، الكثير من الكرامة
لا يعرف اليمنيون الترف في حياتهم، وقد تعودوا تدبر معيشتهم بأبسط الإمكانيات، حيث تشتهر بينهم أكلات شعبية يمكن إعدادها بكلفة زهيدة، كما أن أبناء اليمن يمتلكون قدراً كبيراً من التسامح والكرم، لكن اليمني يتحول إلى وحش كاسر إذا ما حاول أحد النيل من كرامته، ويمكن ملاحظة حجم الخجل الذي يعتري الكثيرين في طوابير تلقي الإغاثات الغذائية، يقول محمد الزوقري، وهو نازح من تعز إلى صنعاء: لم أتقدم لتسجيل اسمي في كشوفات المستحقين للمعونة الغذائية منذ أن نزحت قبل 9 أشهر، لكن الظروف أجبرتني على ملاحقة (الإغاثة)، وأنا أشعر بالخجل لأني أسعى للحصول على الإغاثة، فلم أعتد مثل هذا الوضع الذي أحس فيه بأني متسول، لكن ماذا أفعل؟ لدي أسرة بحاجة إلى الطعام.
بنك التجويع
هناك تحالف بغيض يحاول دفع أبناء اليمن نحو دوائر الخضوع من خلال استخدام مبدأ التجويع، والتي كان آخرها الإقدام على خطوة نقل البنك من العاصمة صنعاء إلى عدن، وتأخير رواتب الموظفين، التي يرى فيها المواطنون خطوة في إطار محاولات الإذلال الممنهج التي يتعرض لها شعب اليمن من قبل تحالف العدوان الحاقد، لإجبار اليمنيين على الاعتماد على المساعدات الغذائية كخيار وحيد، وتناسي أن الجوع صنيعة عدوان يفتقر لأبسط القواعد الأخلاقية.

التعالي على الضحية
تمارس الأمم المتحدة نوعاً من التعالي بالمساعدات المقدمة لليمنيين، فلم تكترث المنظمة الدولية يوماً للشكاوى الكثيرة من غياب التوزيع العادل للمساعدات، وعندما تعرضت مخازن الإغاثة التابعة لمنظمة الغذاء العالمي، بمنطقة المخا، للقصف من قبل طيران العدوان، في أبريل الماضي، لم يصدر أي رد فعل عن الأمم المتحدة، رداً على استهداف المخزن، وهو موقف يختزل الانسجام الكامل بين العدوان على اليمن والمنظمات الدولية، فلا يوجد في الأمم المتحدة من يكترث لطعام كان سيذهب لأهل اليمن.
احتجاج وغضب
مواقف الأمم المتحدة ومساعداتها تواجه بحالة احتجاج في أوساط المجتمع اليمني، حيث يتهم اليمنيون الأمم المتحدة بالمشاركة في العدوان عليهم عبر الصمت على الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان، بينما تسود حالة من التذمر من انعدام العدالة في توزيع المساعدات، التي تتوفر للبيع في الأسواق أكثر من حضورها في بيوت المنكوبين، وبات الجميع يطالبون بوقف العدوان، فلا تمكنت الأمم المتحدة من القيام بدورها المتمثل بحماية المدنيين وتطبيق القانون الدولي، ولا هي نجحت بدور الجمعية الخيرية.
المصدر صحيفة لا / زيد المجاهد