بعد أن ضاقت ذرعاً من سلوكه الذي يمارسه معها ومع أطفاله، قررت أن تجدَ حلاً نهائياً.
إما أن تنهي ذلك الإشكال الذي كاد أن يدمر مملكتهما الصغيرة، أو أن تترك له أطفاله.. والخيار الأخير ليس حلاً منصفاً، كونه يتسبب بضياع عائلة بأكملها.
فؤاد... رجلٌ مفسبك بامتياز، 24 ساعة على 24 ساعة أمام شاشةِ جواله.
تناسى أن له أطفالاً يحتاجون إليه ويحتاجون لرعايته.
فإما أن يكون في دوامه، أو يغلق عليه باب غرفته حتى ساعاتٍ متأخرة من الفجر.
(فيسبوك).. هذا العالم الافتراضي وشبكة التواصل الاجتماعي التي حوّلها فؤاد وأمثاله إلى نقمة دمّرت الكثير من الأسر بسبب عدم الاستخدام المنظّم لهذه التقنية الحديثة، وسوء التعاملِ معها... فالأغلبية بات مدمن (فيسبوك) على حسابِ عائلته وأطفاله ومسؤولياته الأخرى... كأمثالِ فؤاد الذي لم يعد يدري ماذا يدورُ بين أفراد عائلته الصغيرة، ولم يعد يدري بأية مراحل دراسية أطفاله...؟!
كُل ذلك وهو يقضي معظم أوقاته في (الدردشةِ) عبر (فيسبوك) مع أصدقائه، بينما أطفاله وزوجته لا يشاهدونه سوى وقت اجتماعهم على مائدةِ الطعام، أي وقت الوجبات فقط...
ولذلك قررت زوجته أن تكتب له رسالة كفرصةٍ أخيرة لتعديل سلوكه الذي تغيّر كثيراً لدرجة عدمِ الاهتمام بها وبأطفاله الذين باتوا يلحظون ذلك السلوك على والدهم..
فكتبت إليه:
زوجي العزيز
ها أنا أمنحك فرصةً أخيرة بالعدولِ عما بات يلاحظه فيك حتى أطفالك، لقد أوشكت أن تخرب بيتك بيديك، وتدمر علاقة ودنا بسببِ هذا الإدمانِ الجنوني على الفيسبوك.
عليكَ أن تُعيد ترتيب أوراقك، وتُصلحَ من نفسكَ قبل أن تفقد عائلتك بأكملها التي هي أحق بهذا الوقت الذي تهدره أمام شاشةِ جهازك.
لا تجعل هذه العزلةَ عنّي وعن أطفالك تنهي حياتنا التي كانت مضرب المثل للجميع، حتى دخل حياتنا هذا الــ(فيسبوك) الذي بالتأكيد له طرق استخدام عقلانية عند من يستخدمون التقنية الحديثة، ويحولونها إلى فوائد معاصرة توصل رسائلهم بتلك الوسائل، وتختصرُ لهم الزمن، لا أن يقضوا كل أوقاتهم فيها على حسابِ أسرهم ومن يعولون.
لقد مرض أحد أطفالك مرضاً شديداً، وقام بإسعافه الجيران... وأنت لم تدرِ!
وكاد أخوه الأكبر أن يقع فريسة سهلة لرفقاء السوء... وأنتَ لم تدرِ!
كلُّ ذلك وما خفي أعظمُ من أن تدري عنه شيئاً.
لقد زادت أعباء مسؤوليتي تجاه هذه الأسرة التي أخشى ضياعها أكثر مما يحدث.
أواجه كل مشاكلها بمفردي.. ومنذُ متى يتحمّل طرف دون مشاركةِ آخر مسؤولية بناءِ الأسرةِ الناجحة؟!
لقد رميت كل الحمل على كاهلي.. فعد وبأقرب وقتٍ إلى أطفالك وإليّ، كلنا نحتاجك، ونحتاج وجودك الدائم بيننا.
عليك أن تُحكّم عقلك الآن، وتقرأ سطوري التي كتبتها إليك وكلي أمل بأن تراجع تصرفاتك هذه.
فأنا لم أطلب منك ألا تتعامل مع هذه التقنية أبداً، بل أطلب منك أن ترشّد وتنظّم وقت تواجدك معها.
ولحد الآن أنا على أملٍ أن تعودَ كما كنت سابقاً زوجاً مثالياً في تعاملك مع أسرتك قبل أن يقتحمَ مملكتنا الصغيرة المدعـو (فيسبوك).

التوقيع/زوجتك