الفنـان والملحـن محمـد قبـان: رفضت الجنسية الإماراتية ووديع الصافي لقبني (وحش المسرح)
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / حاوره/ عبدالرقيب المجيدي
وزارة الثقافة لم تنتج عملاً يليق بمستوى اليمن
الفنـــــــــان والملحــــــــن محمـــــــــد قبــــــــــان:
رفضت الجنسية الإماراتية ووديع الصافي لقبني (وحش المسرح)
قبل عدة سنوات أرسل لي أحد الأصدقاء مقطعاً صوتياً لأغنية (عبرت الشط)، ثم سألني هل تعرف هذا الفنان: فقلت له كاظم الساهر، فقال لي، إنه الفنان اليمني محمد قبان.
أذكر تماماً وبمنتهى الوضوح حالة الشوق التي غمرتني وأنا أستمع مرة تلو الأخرى لصوته، في ذروة من السعادة والإعجاب، وعندما التقيت به كنت أود أن أقول له هل تعرف بأي شوق وبأية لهفة انتظرت هذا اللقاء؟.. إنه فنان قادر على تطويع الذائقة العامة والارتقاء بها، إنه علم على مدرسة الفن والتلحين والكلمة المترفة الراقية، تميز بحس فني وطبع شعري يمتلك طموحاً إلى تجاوز الآفاق الأولى لقمم الفن العربي.. فألحانه تشدنا وتبهرنا وتؤثر فينا وتهزنا من الأعماق وتثير فينا الشجن. كما تتميز أغانيه بنكهة خاصة ناضجة الملامح.. إنه شخصية فنية مختلفة، فجاء كل ما أبدعه مميزاً وجديداً، فأضاف إلى فنه مذاقاً جميلاً سائغ القبول والسماع.. إنه شعلة لا تنطفئ، من الفن والألحان التي تحول كل من يستمع إليها خلقاً آخر، وتضيء له حدود الأبد.. كما أنه ظاهرة فنية نادرة تفجر فيها الإبداع، وقدم عطاء مميزاً من خلال مسرحياته وقصائده التي كتبها، فاجتمعت فيها كل سمات الشاعرية، واكتملت فيها لغة شعرية رائعة صافية تأخذ بمجامع الحس وخيال محلق امتلأ واغتنى بصور الجمال لا يعرفها إلا من أوتوا ذوقاً عالياً في الاقتناء والاختيار وأساليب العرض، وامتلكوا ثروة هائلة من المدد الشعري الذي ينسكب في عروق الإبداع دون مشقة.. إنه فنان عظيم.. لكن عدم الاهتمام بالفن في بلادنا لم يتح له أن يتبوأ المكانة اللائقة، فعندما انتهيت من هذه المقدمة شعرت بأن الفنان محمد قبان سحابة لم تمطر كل ما عندها، لكنها تنتظر موسماً آخر لتمطر من جديد.. إنه الفنان والملحن الكبير محمد قبان.
من هو الفنان الحقيقي؟
الفنان الحقيقي هو الصادق في مشاعره، والذي ينتقي الكلمة الصحيحة التي تنبع وتخرج من الواقع الذي نعيشه، وتكون عبارة عن رسالة مجتمعية لأية قضية من جوانب الحياة. أما الكلام الهابط فإنه يعتبر مسخرة للناس وللعبث بعقولهم وأفكارهم.
كيف ترى تحولات الفن اليمني وآفاقه عبر ما ينتج اليوم من أغانٍ، خاصة لدى الفنانين الشباب؟
للأسف، ومع احترامي للفنانين الشباب، وأنا واحد منهم، أنهم لم يستطيعوا أن يضعوا للفن اليمني أي شيء، وإنما استهلاك لما سبق بصورة غير شرعية وبطريقة غير لائقة بعراقة الفن اليمني، لدرجة أنهم لم يستطيعوا أن يكون لهم أعمال خاصة، وإنما أصبح الفن بالنسبة لهم عملية لكسب الرزق فقط.
أنت تلقب بمحمد الساهر أو كاظم اليمن.. ماذا أضاف لك هذا اللقب؟
لم يضف لي شيئاً، وهو فخر كبير أن يكون صوتي شبيهاً بصوت كاظم، وفي أدائه، وفي نفس الوقت لم أجد الفرصة أو الدعم المناسب كي أبين للمجتمع المحلي والعربي من هو محمد قبان، وما هو صوته وإنجازاته، إلا بعض أشياء طفيفة، منها أعمال عاطفية ووطنية، ولكن ليس بالمستوى الكبير الذي ظهرت به في برنامج (زي النجوم).
إلى متى ستظل مقيداً بصوت كاظم الساهر؟
لست مقيداً بصوت كاظم الساهر، ولي أعمال كثيرة بصوتي الطبيعي، ولكن أي صوت يكون في مقام صوتي وأستطيع أن أؤديه، أحاول أن أتقرب منه، وليس تقليداً. وأنا لي عدة أغانٍ خاصة بي، ولي عدة جلسات بمحافظة صعدة، وأيضاً أغانٍ يمنية. ولكل فنان مدرسة معينة، وأنا أفضل مدرسة الساهر.
هل التقيت بالفنان كاظم الساهر؟
حاولت أكثر من مرة، وتواصلت أنا ومدير أعماله، لكن لم أجد فرصة لكي ألتقي به، ولكن عملت عملاً وطنياً للعراق، بعنوان (عراق أنت يا وطني)، وكان بحضور الفنان وديع الصافي الذي لقبني بوحش المسرح، في 2007م، وعملت لقاء في مجلة (لها)، فقالوا لي لمن تهدي هذه الأغنية، فقلت أهديها لكاظم الساهر، فعملوا العنوان (محمد قبان يتمنى أن يغني كاظم الساهر إحدى أغنياته).
الفنانون الشباب متهمون بعدم الاهتمام بالتراث اليمني، وأنت واحد منهم..
أنا لست مهتماً لأني أحب أن أؤدي الفن بجوهريته ومضمونه، ولا أتلاعب فيه، وهذا ليس عجزاً مني، ولكن لعدم وجود الإمكانيات التي تخرجه بالصورة اللائقة، أما أن أغنيه بالعود وما شابه ذلك، فهو موجود ومتعارف عليه عند الناس بأنه تراث، لكنني أريد أن أطوره بشيء معين، بطريقة علمية منظمة ومدروسة، ويخرج بصورة لائقة.
هل الأغنية الوطنية خسرت بريقها؟
نوعاً ما.
هل لك أعمال وطنية؟
ثلثا أعمالي هي أعمال وطنية، وقد عرضوا عليّ الجنسية الإماراتية، في 2007م، لكني رفضتها عندما فزت بالمركز الأول في برنامج (زي النجوم) في لبنان.
لماذا رفضت الجنسية الإماراتية؟
لأني أعتز بوطني، وأنا وجدت كي أخدم بلدي، ومن يوم فزت إلى اليوم لم أكرم من وزارة الثقافة ولا من جهة أخرى، وقد كرموني في لبنان، ولم أكرم داخل بلدي.
لو تحدثنا عن مشاركتك في برنامج (زي النجوم)..
طبعاً شاركت باسم الجمهورية اليمنية واسم القوات المسلحة، كوني منتسباً في معهد الموسيقى العسكرية، وقد حصلت على المركز الأول، وكنت أول يمني يشارك.
بعد مشاركتك في برنامج (زي النجوم) لماذا تم إيقاف البرنامج؟
اعترض الفنان كاظم الساهر وبعض الفنانين على هذا البرنامج، والسبب أنه لا يصلح أن تطلع فناناً نفس الفنان، وأنا لا أقول إني أقلد كاظم الساهر، ولكن الخامة والقماشة الخاصة بالصوت هي مقاربة له، وأنا أغني للفنان الكبير أبو بكر سالم، وممكن أكون قريباً لصوته، وأغني لجورج وسوف، ويمكن أكون قريباً لصوته، وهذا هو عمل احتراف، أما التقليد غير ذلك.
ما الذي يزعجك؟
الذي يزعجني أن الدولة من زمان إلى اليوم لم تهتم بالجانب الفني، ورغم أنك إذا أردت معرفة شعب فاستمع إلى موسيقاه، فالموسيقى تعتبر أفضل طريقة لوصول المشاعر النبيلة والأعمال الوطنية وغيرها إلى المواطن، مثل المسرح والغناء، هي طريقة أسهل للناس، ولكن لا زالت العقلية في اليمن ينظرون للفنان بأنه ناقص، وهذا يعتبر أكبر خطأ. كما أنه يوجد مسؤولون في وزارة الثقافة ـ مع احترامي للبعض ـ لا يهتمون بهذا الجانب، وكل المواضيع بالنسبة لهم الجانب المادي، أو أن يعمل أي عمل أو حفل، لكن لا يهمهم مضمون الحفل أو ما أنتج من ذلك، فلو تلاحظ على مدى السنوات السابقة، ما الذي أنتجته وزارة الثقافة بعمل يليق بمستوى اليمن، ويليق بمستوى الوزارة؟ لا شيء يوجد سوى أعمال بسيطة، وعندما تتم مقارنتها بالمبالغ المالية التي صرفت لها، تعتبر مبالغ كبيرة. كما أن وزارة الثقافة لم تنجز شيئاً، ولم تدعم الفنانين بكاسيتات أو أغانٍ، إذن لماذا وجدت وزارة الثقافة وصندوق التراث طالما لم يهتموا بذلك؟!
هل تكتب الشعر؟
لي مساهمات شعرية، لكني لست بشاعر، والحمد لله أجاز لي منها الدكتور المقالح وبعض الشعراء، ومساهماتي تميل إلى الفصحى، وتعتبر أعمالاً راقية.
بماذا يحلم الفنان محمد قبان؟
أحلم أن يكون اليمن آمناً مستقراً، وينعم الشعب بالاستقرار، ويعيشوا سواسية بعيداً عن الغوغاء وعن العنصرية، بعيداً عن المذهبية.
هل يستمع الفنان محمد قبان للزامل؟
أستمع للزامل لأنه أساس القبيلة في اليمن، وهو تراث يمني، وشيء نفتخر به، ولأنني من محافظة صعدة، والزامل لا يقتصر على الحرب، وإنما يشمل كل جوانب الحياة.
لو تحدثنا عن مشاركتك في مسلسل (سيف بن ذي يزن)..
شاركت في هذا المسلسل بدور قائد حرس السيف أرعد، فالمخرج السوري أعجب بي من إجادتي للغة العربية الفصحى، واستخدامي للسيف والخيل، فكان يريد أن يأخذني إلى سوريا، فاعترض الفنان المرحوم عبدالكريم الأشموري، وكذلك الفنانة الراحلة مديحة الحيدري، وقالوا له إني ما زلت شاباً، فقال لهم هؤلاء هم الأشخاص المطلوبون عندي في المسلسلات التاريخية، فهذا الشخص بنيته مناسبة، وكذلك طريقة كلامه وأسلوبه، ثم بعد ذلك حدثت مشادة كلامية بينهم وبين المخرج السوري فانسحبت وأنا ممثل لكن لا يعجبني التمثيل الهزيل.
عمل تردده دائماً؟
العمل الذي أردده دائماً (حبها تحبك هذا اليمن غالي.. حبه من قلبك بتشوفه شيء ثاني)، حتى ابني أحمد عمره 5 سنوات ونصف، يرددها باستمرار.
هل لك أعمال مع المنشد عبدالله الخولاني؟
لي حوالي 3 أعمال أو 4، مثل زامل (يا بندقي كبر)، وأيضاً أنشودة (يا جيش بلادي واللجان)، وعمل للعيد.
سؤال غفلت عنه ولم أسألك إياه، لك أن تفتح الذاكرة وتكمل الناقص من الحوار.
السؤال هو ماذا عملت بعد مسابقة (زي النجوم)؟ وما أنتجت؟
بعد المسابقة كنت دائماً أذهب إلى لبنان، وأعمل حفلات في عدة مطاعم، والذي يحز في نفسي ومؤثر بي بقدر وطنيتي التي أحسها بداخلي، فلم أجد من الوطن أو من الذي في الوطن شيئاً ملموساً يثلج صدري إلى حد الآن، ولا أعرف ما هو السبب. أقدم أعمالاً وأجد الإطراء والمدح لها، ولكن لم ألق العائد لها، وما زلت مستغرباً من وزارة الثقافة عندما كان الرويشان وزيراً للثقافة كان بصدد أن يكرمني ولم يحدث، وجاء الوزير الذي بعده وقال لي قد نسيك الناس، فقلت له عليك أن تذكرهم، فقال عندما تأتي مناسبة، ثم بعد ذلك عرضت عن هذا الموضوع وقلت تكريمي هو حب الناس لي.
كلمة أخيرة..
أشكرك وأشكر صحيفة (لا) على هذا اللقاء، وأشكر المنشد عبدالله الخولاني الذي قام بالتنسيق لهذا اللقاء, وأوجه الشكر والتحية والعرفان للشاعر محمد السلال الذي يعتبر من الشعراء المميزين، وأشكر من ساعدني للوصول إلى مستوى معين أو إلى أن أظهر من جديد، وأتمنى أن يكون هذا البلد آمناً ومستقراً.
سيرة ذاتية:
- محمد أحمد سالم قُبان
- الاسم الفني: محمد قباني
- الملقب محمد الساهر وكاظم اليمن
- من مواليد محافظة صعدة
- نائب مدير عام المسرح في معهد الموسيقى العسكرية
- متزوج، له ولد عمره 5 سنوات ونصف
- يجيد الشعر وملحن
أشهر أعماله:
- غنى الزمان، أنت اليمن، بدمي وروحي أفديها.
والعديد من الأغاني العاطفية (لا تتنهد، من سألني).
- أكثـر حفلاته في لبنان
- مشاركاته في اليمن محصورة بالأغاني والمهرجانات الوطنية.
- له مسرحية بعنوان (دعونا نمر) من ألحانه ومن كلمات الشاعر المرحوم محمد الشرفي، ومن إخراج إنصاف علوي.
- له فيلم بعنوان (الحالمون) من بطولته.
- لحن العديد من الأوبريتات مثل أوبريت (حكمة شعب)، وأوبريت (الفروسية)، غناهما العديد من الفنانين الشباب.
- له مسرحية بعنوان (عندما يتكلم الشيطان).
- كما لديه مسرحية مؤلفة من أكثـر من شاعر كـ(المقالح، حسن اللوزي، والمرحوم البردوني)، بعنوان (معنى الوطن)، وإلى الآن لم يجد الدعم لهذا العمل.
- شارك في برنامج (زي النجوم) وفاز بالمركز الأول.
المصدر صحيفة لا / حاوره/ عبدالرقيب المجيدي