شاعر الكفاح والجراح محمد الحربي :قدمتُ كل ما بوسعي لخدمة وطني
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / حاوره/ عبدالرقيب المجيدي
المحور الرئيسي عند شاعرنا هو الوطن والأرض والإنسان الذي يعانق ضوء الشمس. إنه شاعر فاعل في خضم الأحداث، فقصائده الكثيرة تحرق الغزاة والمرتزقة، وبمثابة عواصف وأعاصير.. الشاعر محمد الحربي يتجذر بوجع الوطن، وبركان لا يهدأ، ولن يستطيع أي شيء إيقافه، ونشيده لن يتوقف، وشعره رديف للبركان والتوشكا.. شاعر سره في قصيدته، وسر قصيدته في لغته، وسر لغته فيه.. إن هذا الصنف من الشعر سوف يؤمن للشاعر الديمومة والخلود.. قصائده كأنها نهر هادر تجرف في طريقها كل أبواق العمالة والارتزاق.. تظهر مقدرة الشاعر محمد الحربي وثقافته الواسعة، إذ استطاع دبج أبياته بصورة جمالية، واستطاع أن يوضح ويضع النقاط على الحروف.. محمد الحربي سيظل جواب الآفاق ومدون الألم ومستشرف الأمل.. إنه شاعر يطير محلقاً، يؤثر بقصائده التي كان لها دور كبير في رفد الجبهات وفي مواجهة العدوان.. قصائده تتمتع بصياغة جمالية تأخذنا إلى المنبع الأصيل للشعر الممزوج بالأحاسيس.. إنه شخصية إنسانية وإبداعية ووطنية بامتياز.
كيف يحب الشاعر محمد الحربي أن يقدم نفسه لقراء صحيفة (لا)؟
مواطن ومجاهد وشاعر مليء جوفه بالمشاعر، مخلصاً لوطنه، لا يرضى لشعبه بالذلة والهوان.
رفع العزيمة القتالية
لك العديد من القصائد الوطنية والتي كان لها دور في رفد الجبهات وفي مواجهة العدوان.. ما خلاصة ما توصلت إليه؟
توصلت إلى رفع مستوى العزيمة القتالية عند المجاهدين، ولله الحمد، ويزيدني شرفاً أني دافعت عن وطني، وقدمت كل ما بوسعي خدمة للوطن الغالي بقلمي وببندقيتي، وكذا إيصال رسالتي كمؤمن أمرني الله وفرض علي الجهاد في وجه المعتدين والمنافقين واليهود أينما وجدوا، فكيف لا أجاهدهم وهم يعتدون على أرضنا ويقتلون نساءنا وأطفالنا.
لم تكتمل بعد
هل اكتمل للزامل كل المقومات الضرورية لكي يبقى ويستمر؟
لم تكتمل كل المقومات، ولكن المعاناة تولد الإبداع، وبما أن الزامل له مكانته في قلوب اليمنيين سيبقَ ويستمر جيلاً بعد جيل كما توارثناه نحن.
من هم المنشدون الذين تعاملت معهم؟
الأستاذ عبدالخالق النبهان، المنشد أيمن قاطة، المنشد سالم المسعودي، المنشد محمد الحزيزي، ولهم التحية جميعاً.
حبي لها
قصيدة ترددها دائماً..
قصيدة كتبتها عن أمي اليمن وعن حبي لها وعن طاعتي تجاهها، وإليك مطلعها:
من منبع الإيمان مشتق اسمها
أمي وأنا صليت طاعتها صلاة
يزعجني الخونة
ما الذي يزعجك؟
تلك القلة القليلة المتباكون على الوطن، والذين رموا بأنفسهم في أحضان أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ودول الخليج، من أجل حفنة من المال، وخانوا مبادئهم الوطنية. هذا هو الإزعاج بحد ذاته.
قصائد بالفصحى
هل تكتب القصيدة الفصحى؟
وكيف لا أكتب الفصحى وهي لغتي، كتبت قصائد عديدة، ومنها تلك القصيدة التي تحكي عن اليتيم، وأقول في مطلعها:
أنا من تلحفت السماء وتربتي
فرشاً أرى فيها حنيناً كالظما
أنا قصة عاشت ليكتبها الحزن
وقصيدة أضحت مضرجة الدما
بمن تأثرت؟
تأثرت بالعديد من الشعراء، كالأستاذ عبدالعزيز المقالح، والأستاذ عباس الديلمي، وكذلك الأستاذ صالح مقبل قاسم السوادي.
لا تأثير للموسيقى
الاستماع إلى الموسيقى الراقية جزء من تكوين المثقف، هل تستمع للموسيقى؟
أنا لا أؤمن بهذه المقولة، فسماع الموسيقي لا يغير في نفسيتي شيئاً، ولكني أستمع إلى الزوامل والقصائد الشعبية.
عندما تحدق القصيدة بعينيها
متى تستفزك القصيدة؟
قد تستفزني القصيدة بعدة مواقف، فقد تستفزني بالبداية عندما أرى الجرح في عنوانها وهي تفتقر للضماد، وقد تستفزني عندما ترفع حواجبها وتحدق بعينيها وتنظر إليَّ كأنها توحي إليَّ أن أكف عنها قلمي، فلم تعد تحتمل، وقد تستفزني بعض الأوقات عندما أتوصل إلى كلمات أختمها وهي تأبى أن أختمها وتجعل من ختمها عنواناً جديداً.
بسمة في وجه الحرف
عندما يفرح الشعراء تصبح الحياة استثنائية.. هل توافقني الرأي؟
نعم، ولكن ليست بالشكل الذي تتصور، ففرحة الشعراء هي بسمة في وجه الحروف التي نظموها وعالجوا بها قضية ما، وإن هذه الحروف حققت الغرض الذي نظمت من أجله، وبهذا تكون فرحتنا نحن الشعراء.
انزلاق المنشد
القصيدة التي تنشد ليست شعراً عظيماً.. هل أنت مع هذه المقولة؟
لا، فما من قصيدة تنشد على الوطن إلا كانت شعراً عظيماً، ولكن غالباً ما يتزحلق المنشدون من منحدر العظمة، ويقومون بإنشاد قصائد لا تحمل من العظمة شيئاً، وهذا يدل على وجود علاقة بين المنشدين مع أصحاب هذه القصائد.
ليست أضغاث أحلام
بماذا يحلم الشاعر محمد الحربي؟
هل ستترك لي مساحة كافية حتى أحدثك عن حلمي، وأجعلك تتدرج في سلسلة أحلامي. فأحلامي كبيرة وليست بأضغاث أحلام، ولكن لا عليك سأقتص لك الحلقة الكبرى من هذه السلسلة، هي (أن أرى وطني يصبح على زقزقة العصافير، ويغدو على فوح التعابير).
دموع من أجل الوطن
ما الذي يبكيك؟
حدثني عن بكاء العيون أحدثك عن بكاء المشاعر، تلك التي في جوفي تدمع دماً وتتقطع ألماً، وتبكي وطناً عبث به العابثون، وتلذذ بعبثه المرجفون والمنافقون، تلك هي الدموع التي تذرف فوق الحطام، وعلى أطفال ونساء غدوا تحت الركام، هذه هي دموع المشاعر التي لا ترى ولا تلاحظ، ولكنها بالفعل أصدق من دموع العين.
بين الجراح والكفاح
سؤال غفلت عنه ولم أسألك إياه.. لك أن تفتح الذاكرة وتكمل الناقص من الحوار.
سألتني عن المهم، ولكنك لم تسألني عن الأهم! لم تسألني عن بدايتي ومعاناتي التي أمر بها كشاعر. سألتني عن الكفاح، ولم تسألني عن الجراح، ولم تسألني بعد عن عصاتي التي اتكأت بها حينما صعدت على جبال المفردات.. ولم تسألني عمن سرج خيلي وساعدني في تجهيز عتادي حتى سرت فارساً في الشعر! ولم تسألني عن الجليس ورفيق الحرف!
سأجيبك عما غفلت عنه..
أولاً البداية، بدأت أكتب الشعر وعمري لا يتجاوز الـ10 سنوات، وكانت بداية متواضعة كنظم الشعر الغنائي، وبعد ذلك كتبت شعر الرثاء حينما رحلت أمي الحنونة عني إلى جوار ربها، وهنا بدأت المعاناة حينما أفتقد حنانها وعطفها، فاستبدلتني الحياة بألم وسقم وغزارة دموع بين لحظة وأخرى. رحمة الله تغشاكِ يا أمي.. ولا زالت المعاناة مستمرة، كلما قلنا عساها تنجلي قالت الأيام هذا مبتداها. فأما من اتكأت عليه هو والدي حفظه الله ورعاه، وفي سرج ركوبي يعود الفضل بعد الله للشاعر علي كبير المعلم، وأما عن جليس الحرف فهو فرزدق العصر الشاعر محمد طه قاسم عوضة، ذلك الشاعر الذي لم يظهر على مرايا شاشة، ولم يطل على منبر مذياع.
كلمة أخيرة..
كما بدأت الحوار بتقديم نفسي في صحيفة (لا)، أختم هذا الحوار بكلمة شكر لهذه الصحيفة التي أسعدتني بطيب مرورها، والتي احتضنتني في حنايا سطورها، كما أقدم الشكر الخاص لرئيس تحريرها الأستاذ صلاح الدكاك، الذي جعلها تلوح في أفق السماء، وكذلك لكل من ساهم في إخراج هذه الصحيفة المتميزة، ولك أنت من حاورتني وجعلتني أتوغل في قاموسك المزجج بالياقوت.
المصدر صحيفة لا / حاوره/ عبدالرقيب المجيدي