زبيد.. تخلع الوهابية وتتشح بالأخضر
- تم النشر بواسطة صحيفة لا / شايف العين

دفعت ثمناً غالياً لتغوّل الظلامية السعودية
زبيد.. تخلع الوهابية وتتشح بالأخضر
على مسافة 68 كيلومتراً تقريباً من مدينة الحديدة، تقع زبيد مدينة العلم والعلماء التي تكسو صحراءها الحشائش الخضراء والصفراء، ويبدو هواؤها عليلاً من نسيم البحر الأحمر، تحتضن قباب مساجدها الخضراء المسيرة القرآنية، سكانها ما يزالون يتمتعون بتلك الطبيعة الريفية البسيطة والمتواضعة، وتشبه مبانيها إلى حد كبير تلك التي في صنعاء القديمة، فقد استخدم أبناء المدينة الطوب والجص لبناء منازل زبيد التاريخية التي كان يحيط بها سور كبير ولها 4 أبواب من الشمال باب سهام ومن الشرق باب الشباريق ومن الجنوب باب الكرتب ومن الغرب باب النخل، كما يوجد بها أكثر من 82 مسجداً أشهرها وأقدمها المسجد الكبير، وهو ثاني مسجد بُني في اليمن بعد شقيقه في صنعاء، ومن ثم مسجد العشائر، والإسكندرية الذي يقع جوار قلعة زبيد الأثرية. ومع أن القادم إليها لا يراها نتيجة الضباب المنغمسة فيه، إلا أنه يرى التشوهات التي أنتجها قصف العدوان السعودي الغاشم، حيث لم تكن زبيد بمنأى عن استهداف الوهابية لطهارتها التاريخية، لأنها مشهورة بتعليم الدين على المذهب الشافعي الأصيل الكافر بالوهابية وأفعالها.
(الإخوان) لوثوا مذهبنا النقي
يقول أحد أئمة مساجد زبيد لصحيفة (لا): كان آباؤنا يعيشون بسلام وتعايش مع كافة الطوائف، لا يؤمنون بمذهب الذبح والسكين, كما أنهم كانوا متقاربين جداً مع المذهب الزيدي، وكانت الاختلافات بينهم بسيطة جداً حتى إنهم كانوا لا يفوتون عاماً دون أن يحتفلوا بالمولد النبوي الشريف بالسهر ليلاً وذبح المواشي وإقامة الولائم للفقراء والمساكين، إلى أن دخل علينا جماعة الإخوان المسلمين، وقاموا بتلويث مذهبنا النقي، ومنعوا كل دعوة حسنة بحجة أنها بدعة، وخير مثال على ذلك منعهم الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
وصول الثورة القرآنية
أما محمود المنصور (38 عاماً) فيتحدث عن زبيد مسقط رأسه والحزن يملأ ملامح وجهه, حيث يقول: منذ وصول الإصلاحيين ونحن نعاني من تعبئة داعشية مزقت أوصال الأسر في المدينة، فباتت كل واحدة تقاتل الأخرى، حتى وصل أنصار الله بثورتهم القرآنية التي كسرت أصنام الإخوان، وعملت على انتشال المدينة الأثرية وأبنائها من قعر المشروع الذي كانت غارقة فيه, فعملوا على حل المشاكل والصراعات التي افتعلها الإصلاحيون، ومن ثم ولوا شؤون إدارة المدينة لأبنائها.
100 شهيد في سوق زبيد
استمر حقد الإخوان وفكرهم بعد خروجهم من المدينة، واستمرت معهما الآثار الكارثية، حيث كان المنتمون للتنظيم السبب وراء حدوث الكثير من المشاكل لأهل المدينة على الصعيد الداخلي لهم، وكذلك الخارجي، وكانت آخرها مجزرة بشعة ارتكبها طيران العدوان بحقهم.
فقد تشاجر أحد القيادات الإخوانية في زبيد من عائلة الأهدل مع مجموعة من المنتمين لحزب المؤتمر الشعبي العام يتبعون أحد التجار ويدعى شاجع, وبعد الشجار بأيام أرسل ذاك القيادي في الإصلاح 3 انتحاريين لتفجير أنفسهم وسط السوق التابع للتاجر في المدينة، غير أنهم فشلوا في مهمتهم، وتم ضبط اثنين منهم والثالث فجر نفسه بأحد المواطنين, ومع بداية العدوان السعودي الأمريكي فر القيادي الأهدل إلى الرياض، ليلحق بزمرة العملاء هناك، وبعدها بفترة وجيزة شن الطيران المعادي غاراته على مدينة العلم والسلام، تحديداً سوق ومطعم شاجع، في وقت ذروة السوق، وخلف القصف أكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى.
جثث لا تزال مدفونة
وليد الزبيدي (35 عاماً) صاحب صيدلية في الشارع المقابل لموقع القصف، يروي فاجعته لـ(لا) فيقول: كانت الساعة الرابعة والنصف مساءً، وهو الوقت الذي يبدأ فيه سوق المدينة, الشارع مزدحم، وسوق شاجع للقات مليء بمئات المواطنين، وكذلك المطعم التابع له, تفاجأنا بصوت غريب لجسم قادم من السماء، وكانت هذه المرة الأولى التي نسمع فيها مثل ذلك الصوت, فإذا بانفجار قوي هز المدينة وبعثر حديد هنجر سوق القات الذي أمامنا، ورأينا الكثير من المواطنين سقطوا وسط الشارع، وبعدها بثوانٍ قدم جسم آخر من السماء وله نفس الصوت، استهدف نفس المكان، ما دفع بقية المتسوقين للهروب إلى داخل مطعم السوق عله يكون آمناً، ولكن من كان يقذف تلك الأجسام من السماء لم يكن يملك ذرة رحمة في قلبه، فاستهدف المطعم بصاروخين استشهد على إثرهما جميع من فيه, ولبعد المدينة من مركز محافظة الحديدة لم يصل الإنقاذ إلا في وقت متأخر، وقام بانتشال جثث الشهداء من تحت ركام القصف، ومازال بعضها تحته إلى اليوم، حيث عجزنا عن إخراج جثثهم.
تعزيز جبهات الصمود أولاً
ويضيف الزبيدي: نعاني منذ بداية العدوان من انقطاع الكهرباء التي يظن المعتدون أننا لن نستطيع العيش بدونها، وهم مخطئون في هذا، فنحن لا نستطيع العيش بالوصاية فقط، وبدونها سنعيش على أرضنا رغم أنوفهم, كما أن ثقتنا بالمجلس السياسي وحكومة الإنقاذ الوطني كبيرة جداً, ونطالبهم أولاً بتعزيز جبهات الصمود ضد العدو ومرتزقته إلى أن نحقق الانتصار عليهم, ومن ثم فلينظروا إلى بقية القضايا، ويعالجوا ما خلفه العدوان من أضرار.
محاولات فاشلة للعدو
أبو الزهراء المنصوري، أحد أفراد اللجان الشعبية من أبناء المدينة، يقول إنه بعد تلك المجزرة البشعة التي ارتكبها طيران العدوان السعودي الأمريكي بحق أبناء زبيد، استمرت أصوات القصف الذي يستهدف به العدو الشريط الساحلي على خط المخا، والذي يبعد عن زبيد حوالي 15 كيلومتراً, ومنذ قرابة العام والغزاة ومرتزقتهم نفذوا أكثر من محاولة فاشلة لتخطي تلك النقطة من محافظة تعز، لينقلوا غزوهم إلى محافظة الحديدة عروس البحر الأحمر, التي بدورها قدمت قوافل من الشهداء في سبيل الدفاع عن الوطن ضد المعتدين الذين قدموا بمشروعهم التدميري لأرض الوطن ومقدراته، لإعادته تحت عباءة الوهابية والوصاية الخارجية.
انخراط في المسيرة القرآنية
المواطن الزبيدي تجتمع في شخصيته الطيبة والتواضع والسلام، وقد التحق أبناء زبيد بالمسيرة القرآنية، وكأنهم كانوا ينتظرونها منذ فترة طويلة، بعد أن أثقلت الوهابية كاهلهم بالخرافات والأكاذيب عن الدين الإسلامي, فرحبوا بأنصار الله، واندرجوا ضمن لوائهم المناهض للوهابية والوصاية, وحين بدأ العالم عدوانه على اليمن لم تمنع تلك الطيبة والسلم أبناء زبيد من الهروع إلى ميدان الشرف والبطولة، ليلحقوا بركب إخوانهم من شتى مديريات محافظات الجمهورية، ويسطروا معهم أروع الملاحم البطولية التي جرّعت العدو أمرّ الهزائم.
أبناء المدينة وجهوا شكرهم لصحيفة (لا) على زيارتهم، ونقل ما يريدون نقله في صفحاتها الورقية، كونها الأولى التي قامت بهذا منذ بداية العدوان وما ارتكبه من مجازر بشعة بحق المواطنين, منوهين في الوقت نفسه إلى أنهم لم يتوقعوا أبداً مثل هذه الزيارة الصحفية.

المصدر صحيفة لا / شايف العين