حاوره/ أحمد عطاء / لا ميديا
تامر عفيف الشاعر الناقد المتذوق لعذوبة الحرف والقصيدة، يكتب الشعر بروح النقاء التهامي، ويبحر في بحور الفراهيدي، لكأنه هو يسري به الليل شاعراً، ويصبح به الصباح ناقداً ودارساً لفنون الأدب وروائعه. هو أحد فطاحلة تهامة الأدب، عاصر الشعراء الكبار، وكتب عنهم، وأيضاً كتب عنهم رسائل دراسية وأبحاثاً عميقة، لم لا وهو من أسرة أدبية ضاربة في اللغة. قد يصنفه البعض على أنه ضمن علماء الأوزان والمقاصد لما يحمله من نظرة ثاقبة في أثر القصيدة وروحانيتها، وكان لنا شرف التواجد في منزله والجلوس معه..
ـ أهلاً شاعرنا الرائع.
حياك الله.
كائن روحي بقلبين
ـ لكل شاعر تعريفه الخاص للشعر والقصيدة.. ما هي القصيدة من منظور تامر عفيف؟
القصيدة في نظري كائن روحي، في القديم كان يتنفس برئتين وينبض بقلب واحد، أما الآن فهو ينبض بقلبين ويتنفس برئة واحدة.
ـ أنت من النقاد المتمكنين. ما الفرق بين الشاعر والناقد؟
كل شاعر ناقد، وليس كل ناقد شاعراً، فمن هذه المقولة يتضح الفرق بينهما.
النقد علم وفن
ـ هل لديك كتابات نقدية؟ حدثنا عنها.
لدي بعض الكتابات النقدية في الصحف اليمنية لبعض الشعراء كالشاعر إسماعيل مخاوي ومحمد سيبان وغيرهما، وكنت أمارس النقد لدواوين شعراء في أمسيات أدبية لشعراء مدينة بيت الفقيه.
ولا يخفى عليك أن النقد علم وفن في نفس الوقت.
لست راضياً عن (أباديد)
ـ هل لديك مجموعة شعرية؟
نعم، لدي مجموعة شعرية مكتوبة غير مطبوعة تحمل اسم (أباديد). وأنا لست راضياً عنها شعرياً؛ لأن النقد يسيطر على أفقها. وربما كنت أكتب القصيدة تحت تأثير النقد، فيفقدها طابعها الروحاني.
بداية مبكرة
ـ منذ متى وأنت تكتب القصيدة؟
بدأت كتابة القصيدة منذ أحسست أنني قادر على التحدث عن جمال اللغة العربية، وهذا كان منذ وعيت معنى الكلمة في الكتابة في سن الـ13.
ـ من هو الشاعر العربي من القدامى الذي شد انتباهك كثيراً؟
إمبراطور الشعر العربي العملاق أبو الطيب المتنبي، الذي يحتل أرقى مكانة في الشعر العربي.
نصوص وطنية
ـ الشعر الوطني المقارع للحروب. هل لديك نصوص في ذلك؟
نعم لدي نصان، أحدهما بعنوان (يمني أنا)، والثاني بعنوان (بسالة).
ـ كيف ترى الواقع الأدبي الآن في ظل الحرب؟
من المؤثرات الأساسية لبروز شعر الكفاح والتحدي هي الحروب، والشعر يلعب دوراً في إذكاء الوعي الوطني، لكن النقد يخفت لعدم توافر المساحة الكافية من الاستقرار النسبي للتأمل والتحليل.
لا أجيد التهامي
ـ الشعر التهامي. أين تجد نفسك منه؟
صراحة لا أجيد الكتابة فيه، وذلك لاعتياد سمعي ودراستي ونقدي على الفصيح، وإن كانت لدي محاولة طفيفة جداً فيه.
شبل يزاحم الشباب
ـ من هو الشاعر الذي تتنبأ ببزوغه في الأيام القادمة؟
إذا كان من خلال المساحة الشعرية التي أتعهدها وأشاهدها، فطبعاً هو الشاعر الشبل حسين المحالبي، فبرغم صغر سنه، إلا أنه يمتلك ناصية إبداعية رائعة، ويزاحم بتصويراته الشعراء الشباب.
خائنة العهد
ـ ما هو أفضل نص لك تحن إليه ودائماً ما تكرره؟
النصوص هي بنات أفكاري، ولها ظروف ولادتها، لكن هناك منها ما يظل متعلقاً أكثر بذهني، لموقف شعوري عميق مررت به، ومن هذه النصوص نص (خائنة العهد).
تأثير الشعر في الجامعة
ـ الشعر أيام الجامعة، كيف ترى تأثيره ومستواه؟
الشعر في أيام الدراسة الجامعية، كان يصاحبني ونشيطاً بنشاطي حينذاك، وكان تأثيره على زملائي قوياً، وكان دافعاً لي في بحث كينونته الداخلية من خلال الاطلاع على كتب نقدية، فرأيت بعد سنين أن مستواه ضعيف بالنسبة لي.
حين تحين الفرصة
ـ تحلم بتحضير الماجستير والدكتوراه في المجال النقدي. لم لم تبدأ حتى الآن؟ وفيم كنت تفكر أن تكون؟
لم أستطع اللحاق بها لظروفي الاقتصادية، رغم محاولاتي. ومازلت أنشدها في نفسي، وحين تحين الفرصة سأنطلق -بإذن المولى سبحانه- إلى رحابها.
والذي كنت أفكر في دراسته هو شاعرية إسماعيل المخاوي؛ لأن شعره يستحق الدخول في أعماقه.
كلاهما شعر
ـ ما الفرق بين الزامل والفصيح؟
في نظري كلاهما شعر. غير أن الزامل ارتبط مولده برقص الطبول لملاقاة الأعداء والدفاع عن الأرض، وهو يقال بلغة شعبية، وله تسميات مختلفة عند القبائل؛ فعند أهل تهامة يسمى (مهيد)، والقبائل الوسطى (مهاجل).
ـ هل لديك الرغبة في أن تكتب زاملاً ذات يوم؟
المسألة ليست في الرغبة وليست في مدى إجادته. ولكن لكل فن شعري شعراؤه.
ـ هل أنت راضٍ عن تامر عفيف شاعراً؟
لا. لست راضياً شعرياً، فالنقد يسيطر علي.
عرش الشعراء
ـ من بين شعراء الوطن حالياً من ترى أنه يستحق أن يتربع على عرش الشعراء؟
أقولها بدون مجاملة: هو الشاعر العملاق إسماعيل مخاوي. فهو تجربة شعرية فريدة، بل أعده مدرسة شعرية فريدة، تستحق الالتفاف حولها.
ـ موقف محرج واجهته في مستواك الشعري..
حينما كنا نقيم أمسيات أدبية لشعراء مدينة بيت الفقيه، وكان في كل مرة يطرح شعر شاعر منا للنقد، فحينما جاءت أمسيتي الشعرية أصبت بالخجل، لأن شعري لا يرتقي إلى مستوى شاعرية الحاضرين.
روح الفداء
ـ ما تقييمك لشعراء الوطن المعاصرين؟
كل شاعر منهم له مستواه ضعيفاً كان أو قوياً. ولكن هناك قاعدة تقول: كلما ارتقت البيئة الأدبية نقداً ارتقى أبناؤها شعراً، والعكس صحيح. والشاعر الحقيقي هو الذي يبرز ملكته الشعرية الفريدة دون تقليد أو محاكاة. فشعراء الوطن تشعل كلماتهم الملتهبة روح الفداء من أجل الدفاع والصمود ضد العدوان.
أزمة نقد
ـ كيف تجد البيئة النقدية للشعر في الوقت الراهن؟
أجد أن هناك أزمة نقد؛ لعدم توافر آليات صادقة وعميقة لها.
ـ كلمة أخيرة..
أوجه شكري وتقديري للصحيفة على استضافتي في هذا اللقاء، وشكري لشاعر الكلمة والسيف لشاعر الصمود أحمد عطاء، الذي تمنيت أن ألتقي به عن كثب.
المصدر حاوره/ أحمد عطاء / لا ميديا