التشكيلية السورية ريسان المهر:من شرب من حنان سوريا يعز عليه فراقها
- تم النشر بواسطة حاورها : حلمي الكمالي / لا ميديا
حاورها : حلمي الكمالي / لا ميديا
لبرهة من الزمن عندما تطرأ عيناك في تفاصيلها فإنك تشعر بأن العالم قرية صغيرة، موسدا بجميع الخيارات الممكنة للتحليق في الفضاءات الخارجية، كل شيء يبدو كما هو، الليل امرأة حزينة والفجر طفل نائم على الرصيف.
هكذا تجسد لوحات الفنانة التشكيلية السورية ريسان أحمد المهر واقع الإنسان العربي والسوري تحديدا في الاتجاهات الأربعة وهو يحمل أوجاع أمة ويجتاز العقبات وحيدا قاهرا كل الظروف.
تحلق ريسان بالمشاهد من خلال لوحاتها في الأفق العالي وتتجول به في أزقة حارات الشام الأصيلة وهي تصور امتزاج هدوء المساء مع دموع الأطفال وانتصار الإنسان السوري وعنفوانه الضارب في أعماق التاريخ. . إنها ببساطة النهر الثالث الذي سيروي ضمأ سوريا لعقود قادمة ويضمد الجراح النجلاء التي تتوسع في جغرافيتها، كلما استطال بها الوقت.
لوحات ريسان تشبه دمشق كثيراً، ببساطتها وجمالها، فهي تحمل أوجاع الحب والحرب معا، وتغازل شظف الحياة، فتراها تهمس في أعماق كل سوري مهاجر: سحر المدينة التي يشتاقها، عيون الفتيات، ما تبقى من خيوط فجر في زمن معتمٍ بهيم، البكاء والضحك، الحنين والغياب، القصيدة والرواية... فسيفساء تلون روح اللاجئين والمقاومين، ذاك الزمان المبجل بطقوسه الجميلة.
إن لوحات ريسان تمثل البسمة التي طفت على ملامح الزمن الكئيب في حين تناجي أكثر من 14 مليون لاجئ سوري بالعودة إلى الوطن.
ـ في البداية ممكن أن تعرفي الجمهور من هي ريسان؟
أنا فنانة تشكيلية سورية من ريف دمشق، وأعيش في مدينة دمشق، وأبلغ من العمر 18 سنة وأدرس في الصف الثاني الثانوي.
بدأت مع حصة الرسم
ـ الحياة لوحة فنية متنوعة، كيف تعرف ريسان نفسها كفنانة في هذه اللوحة؟
منذ أن كنت صغيرة كنت أحب حصص الرسم، وحينها كان رسمي ينال إعجاب مدرسات مادة الرسم.
في يوم من الأيام كنت في منزلنا، أخذت ورقة وقلماً ورسمت وجه بنت، وعندما شاهدها والدي انبهر وشجعني أنزل أعمالي على الفيس بوك، كان ذلك في الفصل الأول إعدادي.
ـ عملية خلق اللوحة الفنية... كيف تتم لديك؟ هل تعملين بعد تخطيط مسبق أم تولد الفكرة تلقائيا؟
عندما أقرر أن أرسم أذهب لمشاهدة بعض الصور ولا أختار صورة إلا إذا لامست روحي.
رحلة في لوحة
ـ هل هناك لحظة ما تستدرجك للوقوف أمام الخامة البيضاء والشروع بالرسم؟ وما هو شعورك عندما تنتهين من رسم لوحاتك الفنية؟
ليس لدي وقت معين للرسم، لكن أفضل الرسم عندما استيقظ من النوم، أما عندما أنتهي من الرسم أشعر بأنني عملت إنجازاً جديداً وأريد العالم يشاهده، باختصار.. أعتبر كل لوحة رحلة جديدة وأريد أن أحكي لكل العالم عن تفاصيل هذه الرحلة.
ـ ما هي أهم الأدوات والمواد التي تستخدمينها عند رسم اللوحة؟
حالياً أستخدم أقلام الرصاص وألوان خشب ومائية من الفايبر كاستيل وورق كانسون.
ـ كم تستغرق اللوحة من الوقت مع ريسان؟
بحسب حجم اللوحة والتفاصيل التي فيها أنا حالياً أطول لوحة لي أخذت 5 ساعات من الوقت كانت لوحة خشب لطفل.
ـ بمن تأثرت من الفنانين العرب أو العالميين؟
من الفنانين العرب تأثرت بالفنانة السورية نودي حجار والفنان المصري عادل بشري.
دمشق وجهة كل فنان وعاشق
ـ دمشق مدينة آسرة بجمالها الذي يتجاوز حدود الجمال... كيف انعكس هذا الألق في لوحاتك؟
أنا أحب أن أرسم حارات الشام القديمة، لأنني أرى خلالها الجمال الدمشقي الأصيل، دمشق مدينة ساحرة فهي الوجهة الأولى لكل فنان وعاشق.
ـ هل تعتقدين أن أعمالك الفنية ستقفز فوق الجغرافيا وتضع بصمتها عربيا أو ربما عالميا؟
هذا الأمر أتمنى أن يحدث. إنني أسعى جاهدا أن أحمل بأعمالي رسالة إيجابية لتصل إلى العالم.
ستعود أقوى
ـ ماذا عن سوريا... كيف تعلق ريسان على صمود الشعب السوري واقتراب موعد انتصاره بعد سبع سنوات عجاف؟ وهل تعبر عن فرحتها بأعمالها؟
سوريا قطعة من روحي، فعلا لقد مرت علينا سبع سنوات مظلمة أثرت عليَّ شخصيا وعلى الشعب السوري كافة، لكن طالما سوريا تنتصر وهذا أمر واضح من البشائر الأخيرة، أقول لك عزيزي: سوف تعود سوريا أقوى مما كانت وسيعود كل السوريين إليها، لأنه ببساطة من شرب من حنان سوريا يصعب عليه فراقها).
ـ كيف تقيمين واقع المشهد الفني التشكيلي العربي والسوري بشكل خاص؟
المشهد الفني العربي رائع بالرغم من الظروف التي يعيشها الوطن العربي والمجتمع السوري على وجه الخصوص، هناك الكثير من الفنانين الشباب الذين برزوا خلال هذه الفترة ووضعوا بصمتهم.
لاحدود لأحلامي
ـ وأنت على أبواب ربيعك الـ19.... أين هي حدود طموحاتك؟
لديَّ الكثير والكثير من الطموحات، وأسعى دائما لأن أتعلم أكثر وأكتسب خبرات في حياتي اليومية.
أحلامي يا عزيزي هي الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن أضع له حدوداَ.
ـ برأيك ما هو واجب كل فنان تجاه وطنه؟
مثلما تعرف، كل إنسان من واجبه أن يدافع عن وطنه ولكن كلٌّ بطريقته ومجاله.
والفنان يحارب بريشته وألوانه دفاعا عن وطنه ومن خلال أفكاره التي يسقطها في لوحاته حتى أن كل من يشاهدها يحس بالمسؤولية والحب تجاه البلد.
ـ هل للشعر والأدب مكان ومتسع في حياتك؟
نعم، أحب كثيرا قراءة الكتب والشعر، ومن الشعراء الذين تأثرت بهم الشاعر الكبير نزار قباني ومحمد مهدي الجواهري، كما أحب قراءة كتب لاجاثا كريستي وواسيني الأعرج.
ـ هل شاركت في معارض فنية؟
نعم، شاركت بمعرضين جماعيين في دمشق، الأول كان في المركز التربوي، والآخر كان لروح الفنان ممتاز البحرة.
أجد نفسي في الموسيقى
ـ لو لم تكن ريسان فنانة تشكيلية، في أي مجال آخر ستجد نفسها؟
كنت سأجد نفسي في مجال الموسيقى أو التصوير أو التصميم؛ لأنني أحب هذه المجالات، وإن شاء الله إذا توفرت لي الظروف المناسبة سوف أتعلمها.
ـ ماذا يعني لك المساء، البكاء، الحنين؟
المساء يعني لي الهدوء والسكينة.
البكاء يأتي عندما أشعر بالحزن والألم وقد أشعر به وقت الفرح.
أما الحنين فهو وجع وغصة القلب.
ـ ما الذي يحزن ريسان؟ ولماذا؟
الحزن ليس له سبب واحد، هناك الكثير من الأمور التي تجعلني إنسانة حزينة، منها عندما أرى شخصا موجوعا ولا أستطيع مساعدته.
وعندما أفشل في إدارة بعض الأشياء أحزن كثيرا وأصاب بخيبة الأمل.
أتمنى زيارة اليمن
ـ بالتأكيد سمعت عن الحرب السعودية على اليمن.. كمواطنة عربية، ما تعليقك عليها؟ وبماذا تصفينها؟ وهل فكرت بزيارة اليمن؟
نعم وأتابع كل ما يحدث هناك، وموقفي واضح منها، فأنا مع الشعب اليمني العظيم الذي يتعرض لظلم كبير من قبل السعودية والعالم أجمع.
وأمام هذا الصمت العالمي المخزي والجرائم التي تحدث فإن الحرب على اليمن حرب غاشمة بكل معنى الكلمة.
طبعا أتمنى أن أزور اليمن وشعب اليمن لأنهم طيبون جداً. لقد سمعت هنا في سوريا أن اليمن بلد الكرم.
ـ كلمة أخيرة...
أتمنى الخير والحب للعالم وأن يعم الأمن والسلام بسوريا واليمن والوطن العربي أجمع.
وأشكركم كثيرا على اختياري لأكون ضيفة في صحيفتكم الموقرة.
المصدر حاورها : حلمي الكمالي / لا ميديا