الشاعر التهامي علي مغربي:قلبي من امقهر شيب وعاده ولا كد هبا شي
- تم النشر بواسطة حاوره/ أحمد عطاء / لا ميديا
حاوره/ أحمد عطاء / لا ميديا
علي مغربي الشاعر التهامي الساحر العذب، أحد رواد اللهجة التهامية الأصيلة.. بل يعتبر أحد أكبر المنظرين والمدونين لها، يكتب القصيدة بروح العاشق الجميل، فنراه يحلق في سماوات تهامة.. شاعر عرف القصيدة منذ أول أيام عمره، فترعرع شاعراً، واكتسب ثقته من مجالسة فقهاء اللغة وشيوخها في أرياف تهامة. استطاع أن يحشد في رأسه قاموساً كبيراً من المصطلحات التهامية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، فنراه يأتي بكلمات لها طابع مختلف ولها رونقها الخاص.. قرأت له وسمعت منه.. وسمعت أيضاً من مغنياته الشجية، فأعجبت به مثلي مثل أي قارئ محب للشعر.. الشاعر علي مغربي أحد عمالقة الأدب التهامي وأحد أربابها، يستطيع الغوص في عمق القضية وبماهية الفلاسفة والمفكرين الكبار، فنرى طابع الغلب والألم يسيطر على أكثر نصوصه كتصدر منه لهموم المواطن والشعب.. نعم نحن في ضيافة العملاق والرائع جداً علي مغربي.
ـ حياك الله شاعرنا الجميل.
أهلا بك وبصحيفتكم الجميلة.
مميزات القصيدة التهامية
ـ بصفتك من أكبر شعراء اللهجة التهامية، ما هو تعريفك للقصيدة التهامية بشكل خاص؟
القصيدة التهامية هي مثل أية قصيدة عامية يعبر من خلالها الشاعر عن مشاعره وأحاسيسه وهموم مجتمعه بلسان هذا الشاعر أو ذاك، وبلهجة المجتمع. ولعل ما يميزها عن القصائد العامية ا?خرى عذوبة اللهجة في القالب الشعري التهامي والتراكيب والرمزية، وإيقاعات ا?وزان، وغير ذلك مما يميز القصيدة التهامية.
البدايات مجهولة
ـ تتميز بنصوصك التي تكتبها بالتمسك باللهجة التهامية العذبة.. قل لنا منذ متى بدأت كتابتها؟
البدايات دائماً مجهولة، والبداية مع الشعر أشبه ببداية ميلاد الوعي بالوجود، لكن البداية الشعرية الواعية والناضجة بالنسبة لي كانت منذ عام 2000، حيث بدأت الكتابة عندي تتسم بالنضج، وبدأت بالنشر.
ثراء لغوي ودلالي
ـ تتميز في كتاباتك باستخدام الكثير من الكلمات التهامية التي تكاد أن تنقرض.. من أين اكتسبت هذا القاموس؟
الكتابة باللهجة التهامية تحتل المساحة ا?كبر من كتاباتي الشعرية، لما تمتاز به هذه اللهجة من عذوبة آسرة وحلاوة ورشاقة، ?نها أصلاً لهجتي ولغة أحلام نومي وانفعالاتي، واللهجة التهامية غنية وتمتاز بثراء لغوي ودلالي كبير، جزء من هذا الثراء والجمال اكتسبته من البيئة وعلاقتي بمفردات الطبيعة والحياة والمجتمع منذ طفولتي ونشأتي في الريف التهامي الذي ما زلت على اتصال به الى اليوم.
قلبي من امقهر شيب
ـ لك العديد من النصوص المغناة أشجاها (قلبي من امقهر شيب وعاده ولا كد هبا شي).. حدثنا قليلاً عن ذلك؟
نعم لدي العديد من النصوص وا?عمال الغنائية العاطفية والوطنية التي تغنى بها عدد من الفنانين من داخل المحافظة وخارجها، وقصيدة (قلبي من امقهر شيب) واحد من تلك النصوص الغنائية، وقد تم غناؤها بطريقتين، طريقة ا?نشاد الفني من قبل المنشد الجميل ا?ستاذ إبراهيم حبيب، وطريقة الغناء من قبل الفنان إبراهيم عياش، وهي من ا?غاني التي أعتز بها كثيراً.
لون ساحر
ـ ما الذي يميز القصيدة التهامية عن الحمينية والنبطية؟
لكل لون نكهته الخاصة ومميزاته، والقصيدة التهامية تمثل لوناً من الألوان الشعرية الشعبية الموجودة على الساحة، وإن كان حظها من الظهور ا?علامي أقل من ا?لوان ا?خرى، إلا أنها تمثل لوناً جميلاً من الألوان الشعرية، فالقصيدة التهامية آسرة وساحرة، وتغوص في وجدان المستمع للوهلة ا?ولى سواء من حيث الألفاظ والصيغ والتراكيب، أو من حيث ا?وزان والقوالب الشعرية الرشيقة والإيقاعات الموسيقية والأدوات الفنية الأخرى.
مجاراة الواقع
ـ في الآونة الأخيرة برزت العديد من الزوامل التهامية كتحديث للفن التهامي.. ما هو رأيك بذلك؟
هو ليس تحديثاً بقدر ما هو مجاراة للواقع، فالمرحلة مرحلة حرب تمر بها البلاد، ومن الطبيعي أن تكون القصائد وا?ناشيد وا?غاني الحماسية حاضرة، وتهامة جزء من الوطن، ومن الطبيعي أن يواكب الشعراء الظرف السائد بكل تمخضاته الثقافية.
ـ هل تكتب الشعر الفصيح؟
نعم، أكتب القصيدة الفصيحة العمودية والتفعيلية، ولكنني مقل في هذا الجانب، حيث القصيدة الشعبية والتهامية تحتل المساحة ا?كبر من نتاجي الشعري.
ـ أين أنت اليوم من المشهد الثقافي الوطني؟
أنا موجود في المشهد الثقافي الوطني، وحاضر رغم كل الظروف.
نصوص أكثر حضوراً
ـ ما هو النص الذي تردده باستمرار وتعتبره أفضل نصوصك؟
نصوصي كلها محببة الى نفسي وقريبة منها، لكن هناك بعض النصوص تكون أكثر حضوراً لارتباطها بموقف معين أو ظرف شخصي، وهي كثيرة، من أبرزها قصيدة: (ماحد زمانه جرعه مثلي امر)، وقصيدة (عيش)، وهي قصيدة تتحدث عن معاناة الوطن، وقصيدة (قلبي من امقهر شيب)، والكثير من القصائد القريبة من الروح.
ـ الشاعر الشعبي أحمد سليمان يعتبر عميد الشعر التهامي، وأعتقد أنه أشهرهم أيضاً، برأيك ما الذي يميزه عن بقية الشعراء؟
أحمد سليمان شاعر جميل وله جمهور عريض، وأسهم إسهاماً كبيراً في نشر القصيدة التهامية. ولعل ما يميز ا?ستاذ أحمد سليمان هو روحه المرحة والفكاهة والدعابة التي يعرف بها، وبخاصة أثناء ا?لقاء.
دراسات وأبحاث تاريخية
ـ لك العديد من ا?بحاث والكتابات التاريخية واللغوية وا?صدارات المختلفة، حدثنا عن ذلك؟
انشغالي بالكتابة التاريخية واللغوية والدراسات وا?بحاث التي تتعلق بتاريخ اليمن القديم وتهامة في عصور ما قبل ا?سلام، لا يقل اهتماماً عن كتاباتي الشعرية وا?دبية، كتبت الكثير من الدراسات عن اللهجة التهامية وعلاقتها بالفصحى وباللغات السامية، وعن المعتقدات الدينية وأثرها في الثقافة الشعبية للمجتمع التهامي واليمني بشكل عام، ونشرت الكثير من هذه الدراسات سواء في الصحف والمجلات أو على وسائل التواصل الاجتماعي، الى جانب أنه قد صدر لي كتاب بعنوان: (لغة النقوش المسندية في الفصحى واللهجات اليمنية - تهامة أنموذجاً) صدر عن دار عبادي للدراسات والنشر بصنعاء، وكذلك مجموعة شعرية بعنوان: (عزف على شبابة الشوق)، وهناك العديد من الدراسات مازالت تنتظر النور.
ـ ما الذي تطمح إليه في اشتغالاتك البحثية، وبخاصة تلك ا?بحاث التي تتعلق بتهامة وتاريخها؟
تهامة تمثل جزءاً عريقاً من هذا الوطن، ولها أدوار حضارية وإنسانية عبر التاريخ، غير أن جزءاً كبيراً من هذا التاريخ وبخاصة التاريخ السبق للإسلام، تاريخ مطمور، الى جانب أن تهامة تمتاز بثراء ثقافي وتراث إنساني وحضاري ولغوي كبير ومتنوع، وما أقدمه من دراسات تاريخية ولغوية وثقافية رغم القصور ورغم المعاناة، هو واجب أستشعره نحو هذه ا?رض المعطاء، وهي تستحق من الجميع البذل لإبراز الجوانب المشرقة والمضيئة من تاريخها، وبخاصة تلك المساحات البحثية التي تعاني من الإهمال والتغييب.
وهن اتحاد الأدباء
ـ اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.. في وضع مضطرب كثيراً.. ضعنا في الحدث قليلاً؟
لقد كان اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين المؤسسة الوحدوية من قبل تحقيق الوحدة والصرح الذي ضم نخباً فكرية وأدبية كبيرة، ودوره كبير ولا ينكر، غير أنه خلال السنوات القليلة الماضية بدأت تظهر على الاتحاد بعض علامات الوهن والقصور في الدور المنوط به نتيجة العديد من المشاكل التي واجهته أو فرضت عليه، ومع الأحداث التي تشهدها البلاد وغياب الموازنة التشغيلية أصبح الاتحاد بفروعه خاملاً راكداً وغير قادر على القيام بالدور الذي يفترض أن يقوم به خلال هذه المرحلة. بالنسبة لنا في فرع الحديدة لسنا ببعيدين مما يعانيه الاتحاد في الوطن، ومع ذلك نحاول قدر الإمكان الحفاظ على هذا الصرح واسمه من خلال بعض الفعاليات التي نحاول أن نقيمها بين حين وآخر، بالإضافة إلى محاولة بقاء الفرع مفتوحاً كبيت للأدباء والمبدعين، وقد تمكنا أيضاً بعد جهد كبير من رفد الاتحاد ببعض الدماء الشابة والجديدة.
ـ كيف ترى حال الشعراء التهاميين في هذه المرحلة؟
الشعراء التهاميون هم دائماً الأكثر معاناة وبؤساً.
ـ لماذا غابت القصيدة التهامية عن الواجهة الثقافية في السنوات القريبة الماضية؟
القصيدة التهامية حاضرة، صحيح أن هناك تراجعاً شهدته الساحة الثقافية بسبب ا?وضاع والحروب التي تعصف بالوطن، ولكن الشعراء والقصيدة التهامية وعبر وسائل التواصل وبعض الفعاليات استطاعوا الحفاظ على القصيدة التهامية وحضورها، فظهر الكثير من المبدعين الذين أضافوا الكثير للقصيدة التهامية.
ابن بيئتي
ـ البساطة والنقاء التهامي انعكس على شعراء تهامة.. كيف روضت أنت هذه الميزة؟
ا?نسان التهامي بسيط بطبيعته، ويمثل انعكاساً لطبيعة السهل والبيئة، والشعراء أكثر الناس بساطة وجمالاً لما يمتازون به من مشاعر وأحاسيس رقيقة، وأنا ابن بيئتي ولا أختلف عن الكثير في هذا الجانب، وهو فضل نشكر الله عليه.
الشاعر الحقيقي يطور من نفسه
ـ كيف يستطيع شعراء اللهجة التهامية تقوية كتابتهم؟
الشاعر الحقيقي دائماً بحاجة الى تطوير تجربته الشعرية من خلال الاطلاع على تجارب الآخرين، والتشبع بالموروث والثقافة ا?دبية، ومواكبة المحيط الثقافي بمحاولة تثقيف نفسه والتجديد وتقديم الأفضل ليخط لنفسه لوناً وأسلوباً يشبهه ويميزه إبداعياً.
ركود الوضع الثقافي
ـ كيف تقيم الوضع الثقافي الحالي؟
الوضع الذي يعيشه الوطن جراء الحرب والعدوان والصراعات لا يخفى على أحد، وقد ألقت هذه ا?حداث بظلالها على المشهد الثقافي الذي تحول الى حالة من الركود والاضمحلال، وبخاصة في ما يتعلق بالنتاج ا?دبي والإبداعي.
ـ أيهما أقرب لقلبك القصيدة التهامية أم الفصيحة؟ ولماذا؟
الشعر هو الشعر، والأقرب الى النفس دائماً هو الإبداع، سواء كان النص عامياً أو فصيحاً، ولكن وبحكم غزارة إنتاجي الشعري في الجانب الشعبي، وتميزي فيه أيضاً، أجد أن القصيدة التهامية هي الأقرب الى القلب، وا?كثر ملامسة للهم والشعور.
باطل امزخم
قلبي من امقهر شيَّب
وعاده ولا كِد هبا شِي
من باطل امْزَخمْ امَشْنَب
حالي امجفُون امغَواشي
اللي كلما قلتلو اقرب
هالَك يجِبْنا بشَاشي
ذوَّب بغُنجه وعذَّب
قلبي وزيَّد رُباشي
خلاّنا لا كُل ولا اشرب
بعده ولا اعرِفْ فراشي
وا زَخم وذا المَرعبَبْ
واغيَد هضيم امحواشي
بشفَّك على ما تشا هب
يمين ما قُل ولا شي
راضي ولو مُت بامْغَب
مالك ولا اللي يواشي
يسُدنا امريح لا هب
وانا قفا امزخم ماشي
عينُ تقل لي تعجّب
وعينُ تقل حيد على شي
ربك لته الناس ياهَب
وعاد امجِنى ما أتاشي
ومادام في ذا المخضَّب
قلبي حِنب مافْتصَاشي
شاصبَر وشاتعب وشاغلَب
وشلقَى الذي مالتقاشي
وامبُعد بامصبر يقرب
وصَبري عليه مانتهى شي
المصدر حاوره/ أحمد عطاء / لا ميديا