ترجمة خاصة لا ميديا / زينب صلاح الدين 

آنا ستافرياناكيز  * 
رغم أن هنالك لجنة مشتركة لفحص ومراقبة تصدير الأسلحة التي تنتجها المملكة المتحدة، فإن نزاع اليمن ليس موجوداً على جدول الأعمال. 
أثناء جلوسهم أمام شريط مزخرف بكلمات من قاموس (القيم البريطانية): الاستقلال والمساواة والتسامح والحرية، أمضى أعضاء من البرلمان ساعة من الحديث حول أدلة صادرة عن منظمات غير حكومية متعلقة بقضية تجعل هذه القيم موضع تساؤل: سياسة المملكة المتحدة في تصدير السلاح. 
هذه هي اللجان البرلمانية لمراقبة صادرات السلاح أثناء عملها، وهي عبارة عن هيئة أو مجلس مسؤول عن التدقيق في سياسة الحكومة ومحاسبتها. 
وتحقيقهم الحالي -في سياسة تصدير المملكة للسلاح في 2017- يشمل الجوانب الفنية والسياسية -أنواعاً مختلفة من ترخيصات السلاح وكيف تم الإبلاغ عنها على سبيل المثال- ومسائل سياسية أكبر من ذلك مثل ما يحدث في حالة عدم وجود اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. 
وفي جدول الأعمال لا مكان لقضية بيع الأسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية أو الحرب في اليمن. 
وقد تسبب الصراع في اليمن بموت أكثر من 57 ألف شخص منذ مارس 2015، وخلق وباء الكوليرا، وكذلك قاد البلد إلى حافة المجاعة التي يمكن الوقاية منها كلياً. ويتسبب التحالف في مضاعفة أعداد الضحايا المدنيين، بينما تقوم المملكة المتحدة بتزويده بالأسلحة. فكيف إذن لا تتحدث اللجنة المسؤولة عن التدقيق في تصرفات الحكومة عن اليمن وتتجاهلها؟
لا شك أن جزءاً من الإجابة يعتمد على السبب الأصلي لهذا التحفظ البرلماني. فلقد تم حل اللجنة البرلمانية السابقة لمراقبة تصدير السلاح في حالة من الفوضى حينما لم تستطع اللجان أن توافق على ما إذا كانت ستقترح إيقاف تصدير السلاح إلى السعودية في 2016. 
كان قد تم إصلاح اللجنة البرلمانية في أكتوبر 2017 مع عضو البرلمان العمالي غراهام جونز، الذي كان تحيزه الواضح هو السبب المباشر للتنازعات الحالية. واستمر جونز في السجال البرلماني بمهاجمة ما يسميه (عدم مصداقية المنظمات غير الحكومية في هذا البلد) قبل أسبوع منذ أن كان على وشك أن يقود اللجان للحديث عن أدلة من بعض هذه المنظمات نفسها، متهماً إياها بـ(المبالغة الكبيرة) في تقاريرها عن أعداد القتلى المدنيين في اليمن وكونها جزءاً من (عربة سيرك) لـ(المنظمات غير الحكومية والجناح اليساري المعتوه للمنظمات). أعطت كلماته هذه نتائج عكسية في تغطيات بعض وسائل الإعلام التي رأت في ذلك وكأنه يجعل حياده موضع تساؤل. 
وباعتباره من المؤيدين المتحمسين للتحالف الذي تقوده السعودية، ونائب رئيس المجموعة البرلمانية الحزبية حول السعودية ونائباً في دائرة منتجة للأسلحة، وهو مستفيد من رحلة مدفوعة التكاليف إلى الإمارات، سيعمل جونز جاهداً كي يتذكر الأمر أو المرسوم الذي يفيد بأن الذي بيته من الزجاج ينبغي ألا يرمي بيوت الآخرين. وبرغم الجهود الحثيثة المبذولة من قبل عضوي البرلمان لويد راسل مويل وستيفن تويغ لوضع قضية بيع الأسلحة للتحالف على جدول الأعمال، فإن هنالك جموداً غامضاً في الوقت الذي يرمي فيه النواب المحافظون بثقلهم بهدوء خلف موافقة نائب عمالي أكثر حرصاً على صادرات السلاح من معظم دائرة حزب المحافظين. 
وفي حال كنت موافقاً أو غير موافق على دعم الحكومة للتحالف بقيادة السعودية مازال هنالك قواعد تحكم سياسة تصدير السلاح وتتضمن أشياء مثل احترام القانون الإنساني الدولي. وكانت إحدى التهم التي وجهها جونز هي أن الحوثيين يستخدمون دروعاً بشرية، ما يسهم بمضاعفة أعداد القتلى من المدنيين. نعم، استخدام الناس كدروع يعد جريمة حرب، لكن ذلك لا يعفي التحالف الذي تقوده السعودية من مسؤوليته في التزام المبادئ الإنسانية في حماية الأهداف المدنية. وليس الأمر مجرد فشل التحالف في الالتزام بهذه المسؤوليات، بل يبدو أيضاً أن استراتيجيته العسكرية تدور حول الاستهداف والضغط على السكان المدنيين. 
غالباً ما يتحول النقاش حول الحرب في اليمن بسرعة إلى جدال متعلق بالتنافس السعودي الإيراني والمخاوف الغربية -التي تثيرها السعودية بإسهاب- من سيطرة إيران على الإقليم. وهنالك جدل أوسع جراء ذلك يتعلق بالسياسة الخارجية ويخص دور المملكة المتحدة في الشرق الأوسط والعلاقة مع الدول الصديقة كالسعودية. لكن التركيز الدائم على التنافس السعودي الإيراني يقلل الاهتمام باليمن نفسها وبآثار الحرب على السكان وعلى البنية التحتية للدولة، بالإضافة إلى تقليل الاهتمام بالالتزامات الدولية للمملكة والتي كانت على رأس المؤيدين لها. 
وبالنظر إلى أن القواعد الخاصة للمملكة المتحدة فيما يفيد بأنها لن تبيع أسلحة لبلدان يكون فيها القلق واضحاً من إمكانية استخدامها في انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، ينبغي أن تفضي مجموعة من الأدلة من ناشطين يمنيين ودوليين تتحدث عن الهجمات على المرافق الطبية والمدارس إلى مجموعة من القيود على الأسلحة التي تنقل للتحالف، لأسباب ليس أقلها أن حكومة المملكة المتحدة واضحة بشأن عدم وجود حسم عسكري للصراع. 
بعد قرابة 4 سنوات من الحرب، ارتفعت فجأة صادرات السلاح للسعودية، والآن يقدر أنها باتت تساوي تقريباً نصف صادرات المملكة المتحدة من السلاح. ومنذ مارس 2015 كان قد تم ترخيص صادرات سلاح بما يزيد عن  4.7 مليار جنيه استرليني إلى السعودية، وهذه هي الأسلحة التي نعرفها فحسب: هذا ما أبلغت عنه إحصائيات الحكومة فيما يتعلق بالقيمة المقدرة للصادرات. 
هذه نتيجة مدمرة، فالمملكة المتحدة تتخذ سياسة تتضمن حماية صريحة للقانون الإنساني الدولي، كما أن الحكومة تدعي باستمرار أنها واحدة من أقوى الأنظمة في العالم. ومع ذلك نرى مستويات متصاعدة من الضرر الناتج عن تزايد نقل السلاح أضعافاً مضاعفة. يعرف قاموس أكسفورد كلمة (متهور) أو (مغامر) بالذي لا يبالي بالخطر أو لا يكترث لعواقب سلوكه الأحمق. وهذا توصيف أدق وأصح لسياسة الحكومة البريطانية في تصدير السلاح، فهي مفعمة بالعملية البيروقراطية (الروتينية) والخطاب السياسي، لكنها غير مبالية بالعواقب. 

* ذا جارديان
 11 فبراير 2019