حاوره/ أحمد عطاء / لا ميديا -

هو منشد وملحن ومبدع كبير منذ فترة طويلة من الزمن، لكن الإعلام لم ينصفه، وربما تعرض للتهميش بسبب مواقفه الشجاعة من مظلومية صعدة.
اليوم، وقفنا أمامه عاجزين عن الإحاطة بما قدمه ومازال يقدمه من أناشيد وألحان وزوامل راقية تستلزم منا التأمل والإعجاب، هو منشد محافظ على صوته حتى وهو في هذا العمر، فإذا سمعت له آمنت له مبدعاً خلّاقاً ومحدثاً للألحان ومهتماً بالأناشيد الصوفية والثورية الحماسية التي تجذب انتباهك وتأسرك أيضاً، أكثر أناشيده تغوص في حب آل البيت وأعلام الهدى ورموز الدين في هذه الأمة.
ضيفنا هو ابن الإنشاد وأبوه، فابنه هو المنشد زيد عبدالخالق المهدي، لهذا هو من أسرة إبداعية بحتة.

ـ المنشد الرائع عبدالخالق المهدي.. أهلا وسهلا بك في صحيفة "لا".
حياكم الله، ولي الشرف بالإطلالة من خلال صفحات صحيفتكم الغراء.

ـ لو تعرف القراء من هو عبدالخالق المهدي؟
عبدالخالق المهدي، منشد، وقبل ذلك إنسان يهوى اليمن وتراثها ويتغنى به وبها، قلبه مملوء بالمحبة لكل الناس، متواضع، بسيط، مرح، مثقف، يهوى الشعر والجمال والفن.

إجادة مختلف الألوان
ـ كيف كانت البداية؟
من المدرسة كانت البداية، ومن الأناشيد والزفة الصنعانية كانت الانطلاقة. وخلال مسيرة فنية طويلة ألممت بمعظم ألوان الموشح اليمني؛ سواء الصنعاني أم التهامي أم الحضرمي أم الصوفي أم الهزامي أم الريمي وغيرها من الألوان الإنشادية اليمنية، كما أنني سجلت وصورت عشرات الموشحات اليمنية التراثية للفضائية اليمنية ولإذاعة صنعاء، وقدمت الموشح اليمني في قالب جديد مطور، وأحييت فيه الروح بعد أن كان شبه ميت نتيجة الركود الذي أصابه على مدى عقود من الزمن. وراعينا في ذلك المحافظة على اللون الإنشادي اليمني الأصيل. وأعمالنا هي التي تشهد بذلك، حيث تم عرضها في الفضائيات العربية مؤخرا وفرضت نفسها في الساحة الفنية العربية.

أول موشح للتلفزيون
ـ متى بدأت مشوارك الإبداعي؟
بدأت في الظهور على الشاشة في العام 1990 بتسجيل أول موشح إنشادي للتلفزيون اليمني، حيث انشدت قصيدة "هنيئا وطوبى لامرئ طاب مسعاه" للشاعر المرحوم إسماعيل صلاح الأمير، التي تسرد مناسك الحج بتصوير وإيجاز بديع.

اكتشاف ذاتي
ـ من الذي اكتشف موهبتك؟ ومن الذي تدين له بفضل تشجيعك؟
اكتشفت نفسي بنفسي، وصقلت موهبتي من خلال متابعة كل جديد والتمرين والممارسة والمشاركة هنا وهناك، سواء في المدرسة أم في الأعراس والفعاليات الاجتماعية والوطنية، واستفدت من الشيخ المرحوم المنشد محمد حسين عامر، ومن الأستاذ القدير قاسم زبيدة، شيخ المنشدين اليمنيين.

بين الصنعاني والصوفي
ـ بما أنك أحد مؤديي الفن الصوفي، ما الفرق بين الألحان الصوفية والصنعانية؟ وأيهما له صدى أكبر؟
الألحان الصنعانية لها نكهتها المعروفة، وهي مشبعة بالعُرب والنغم؛ ما يجعلها غنية عن مصاحبة أية آلة أخرى، سواء إيقاعية أم موسيقية. وهي إلى جانب ذلك تتميز بالإيقاع السريع نوعا ما، مع مراعاة مقام اللحن والكلمة بما يناسبها من مقام، بينما الألحان الصوفية تتميز بروحانيتها وهدوئها وشجاها، وتصاحبها الدفوف، وهي منتشرة في أكثر مناطق ومدن اليمن.

ـ من أرباب الفن الصوفي.. من هو قدوتك الذي يشدك دائماً؟
الشاعر الكبير والمنشد القدير والملحن الأسطورة جابر أحمد رزق، الذي ترك لنا إرثا فنيا بديعا، من حيث النص والموشح وقوالبه الابتكارية الجديدة وألحانه الفريدة.

ـ ما هي القصيدة التي تشد انتباهك فتأخذها للإنشاد؟
قصيدة "رب بالسبع المثاني"، وقصيدة "يا جبل شرقي القصر".

ـ من هو الشاعر الذي تمنيت أن تنشد له؟
لم يحدث أن تمنيت ذلك، فما وصلني واستحسنته أنشدته.

لا يختلط لحن الزامل بالنشيد
ـ ما الفرق بين الزامل والنشيد الذي تقدمونه؟
الزامل هو فن معروف شعبيا ومنتشر على نطاق واسع في كافة المناطق وبين أبناء القبائل اليمنية، ومنتشر بين معظم شرائح المجتمع اليمني، وربما يكون تواجده وألوانه أكثر لو أجري له الحصر والتوثيق، ويؤدَّى الزامل بشكل جماعي عند المناسبات الاجتماعية المختلفة وتكتب أبياته بنمط الشعر الشعبي الذي يكون قريبا من لغة ولهجة المجتمع.. أما النشيد فألحانه معروفة، ولا يمكن أن تختلط بلحن الزامل، ويسهل تمييز اللحن المعروف إنشاديا وبما يحتويه من الأبيات الفصيحة أو الحمينية القريبة من الفصيح، ويؤديه المنشد وتردد الجماعة بعده أو الفرقة الإنشادية..

ـ هل لديك زوامل بصوتك؟
لحنت أحد الزوامل وأنشده وسجله ولدي زيد عبدالخالق المهدي، وهو زامل "هبوا اليوم هيا.."، وذلك في الأيام الأولى لانطلاق العدوان السعودي الامريكي على اليمن في العام 2015.

أول فرقة إنشادية في صنعاء
ـ حدثنا عن فرقة "الأنوار المحمدية" التي أنت أحد مؤسسيها؟
فرقة "الأنوار المحمدية" أسستها في العام 2000 مع مجموعة من الزملاء المنشدين، وقدمنا الكثير والكثير من الأعمال الفنية والبرامج التلفزيونية والإذاعية، وهي أول فرقة إنشادية في صنعاء بعد فرقة جمعية المنشدين اليمنيين، وأصدرنا العديد من الألبومات الإنشادية وكان لنا قصب السبق في هذا المجال، وقد حصلنا على الكثير من شهادات التكريم ورسائل الشكر والتقدير من وزارة الإعلام وقطاعي التلفزيون والإذاعة ومن وزارة الثقافة وغيرها.

غياب الدعم الرسمي
ـ كيف تقيم مستوى المنشدين في هذه المرحلة؟
هناك تراوح في المستوى بينهم، والتقييم يحتاج لوضع مستقر، وظروف البلد في الفترة الاخيرة هي التي حكمت على البعض بالانكفاء أو عدم الاستمرار وكل له ظروفه، وهناك من واصل الإنشاد معتمدا على ذاته، ولكنك في الأخير ستلحظ غياب الجهات الرسمية الداعمة والمنظمة وهو ما يجعلك تعْذُر هذا وذاك.

رثاء للشهيد الجبري
ـ كمنشد.. ما الذي قدمته للوطن ضد جنون العدوان عليه؟
قدمت أناشيد وطنية وزوامل عديدة، أهمها أنشودة "أغلى وطن"، للشاعر محمد عبدالملك عبدالقادر، وأنشودة "ارهبونا"، للشاعر عبدالحفيظ الخزان، وأنشودة "أرض الكرامة"، للشاعر محمد عبدالملك عبدالقادر، وزامل "هبوا اليوم"، للشاعر الشهيد عدنان العنسي، وكذلك من الأعمال الفنية أنشودة "دفنوك فابتهج الثرى" وهي مرثية للشهيد البطل الأسير عبدالقوي الجبري الذي دفن حيا، وهي من كلمات الشاعر عبدالحفيظ الخزان.

الحق واضح
ـ هل أنت راض عما قدمت؟ أم أن هناك أفكاراً وإبداعات مكبوتة لم تظهر إلى الآن؟
أكيد، لدينا من الأفكار والمشاريع الكبيرة لم تر النور حتى اليوم، وآمل من المولى الكريم التيسير والتوفيق لتنفيذها.

ـ ما هي رسالتك إلى المنشدين الذين مازالوا يقفون على الحياد رغم كل هذا الوضوح والانكشاف؟
اتقوا الله، فالحق واضح وبيّن وكلنا مسؤول بين يدي الله عن الدفاع عن أوطاننا وديننا وأعراضنا.

توثيق الموشح
ـ من 1 إلى 10.. أين تجد نفسك في طوفان المنشدين اليمنيين؟
ضعني أنت أينما تشاء، فباختصار أنا وثّقت للموشح وجمعت وأصدرت كتابا أسميته "بدائع المعاني في روائع الموشح الصنعاني"، تضمن ثمانية أقسام جمعت فيها تقريبا كل ما ينشد في المناسبات المتعددة من ابتهالات وموشحات نبوية ومشارب وقصائد المولد والأفراح والعزاء والغزل وأناشيد رمضان والعيد والحج وغيرها، والكتاب موجود وقد استفاد منه الكثير من المنشدين، وهو كذلك مرجع للباحثين والمهتمين.

ـ هل هناك سؤال غفلت عنه وتود لو أسألكه؟
بالإضافة لكوني منشد، كتبت العديد من البرامج التلفزيونية الدينية والأفلام الوثائقية للفضائية اليمنية ولإذاعتي صنعاء و"سام. إف. إم" ولقناة الساحات الفضائية التي أنتجت لي البرنامج الوثائقي عن الموشح اليمني "جماليات الموشح اليمني" في 30 حلقة وثقت فيه معظم ألوان الموشح اليمني في 11 محافظة يمنية.

ـ كلمة أخيرة تود قولها؟
جزيل الشكر لك ولاهتمامك وخالص التحايا لك ولكافة أسرة تحرير صحيفة "لا".