غازي المفلحي / لا ميديا -

كيف سينتهي العدوان على اليمن؟ وما هي الخطوات الحاسمة التي ستكون كفيلة بإجبار تحالف العدوان على وقف عدوانه؟ تساؤلات طرحناها على خبراء عسكريين وسياسيين، فجاءت آراؤهم وقراءاتهم وتوقعاتهم، متعددة متنوعة، لكنها تجمع على أن نهاية العدوان اقتربت كثيراً.
ونستعرض في هذا الاستطلاع بعض قراء المشهد اليمني ورؤيتهم للخطوة الحاسمة التي ستكون كفيلة بإنهاء العدوان، ومصير دول تحالف العدوان.

عندما نصبح قوة موازية
يرى اللواء عبدالله الجفري، المحلل العسكري والاستراتيجي، أن الصمود اليمني منذ اللحظة الأولى واستمراريته وتعاظمه وتوازي ذلك مع الخسارة والتآكل الاقتصادي لدول تحالف العدوان، هو السبب الرئيسي لوضع العدوان على سكة الخسارة.
ويقول: «العدوان كما هو اسمه لن يتوقف ولن يهزم إلا بالمواجهة والصمود، وكما قال الشهيد صالح الصماد، إن السلام وإيقاف العدوان يأتي به فوهات البنادق».
ومن وجهة نظر اللواء الجفري، فإن العدوان سينتهي باستغلال عامل الوقت لبناء المزيد من القوة اليمنية الرادعة التي توجه الصفعات القوية، حتى تجد دول تحالف العدوان أمامها قوة موازية وحتى قوة أكبر منها، خصوصاً وأن اليمنيين تجاوزوا الأعوام الحرجة جدا والخطيرة، وهي الأعوام الثلاثة الأولى من العدوان، وقت كانت جل القدرات العسكرية مسخرة للدفاع، لكن المسار الآن أصبح هجومياً متصاعداً نحو مكامن وجع وخوف العدو، ومصالحه السيادية، كما تزايدت الانتصارات المدوية، كما هو الحال في عمليات «البنيان المرصوص» و»نصر من الله»، و»فأمكن منهم» البارزة، واستعادة مساحات شاسعة لها قيمة استراتيجية وعسكرية كبيرة. 
ويستدرك: «أقول ذلك بصفتي ناطقاً سابقاً للقوات الجوية، فقد أصبح لدينا أسلحة قادرة على تدمير المنشآت الاقتصادية السعودية والإماراتية».
كما يربط الجفري بين توقف العدوان والقدرة على استهداف «إسرائيل»، على اعتبار أن العدوان على اليمن هو في الأساس عدوان أمريكي صهيوني، وسينتهي عند تضرر هذين العدوين.
ويؤكد أن النصر على أمريكا ليس مستحيلا، فقد هزمتها دول كثيرة، كإيران وكوبا وفيتنام وغيرها، «ونحتاج مضاعفة الصمود والجهود والتخطيط والالتفاف حول القيادة وتقديم التضحيات، كلها ثمن لنصر اليمن ونيله الحرية».
ويواصل: «هزيمة أمريكا تعني هزيمة العدوان وكل المخططات المشابهة، تعني أيضاً هزيمة لأمريكا في معارك الداخل والخارج، وتقويض مخططاتها في احتلال الدول والسيطرة على ثرواتها ونهب مقدراتها». مؤكدا أن الحركة الدؤوبة الشعبية والثورية والسياسية للخروج من قفص العجز والتبعية وسلب الإرادة العسكرية والسياسية والاقتصادية، عامل حاسم لتقريب أجل العدوان».
 
تحرير مأرب والجوف مقدمة نهاية العدوان
الصحفي أحمد الكبسي، يرى أن العدوان صار في مراحله الأخيرة، حيث يقول: «يبدو أننا نعيش الفصل الأخير من فصول العدوان والحصار الذي استمر 6 سنوات وارتكب خلالها أبشع الجرائم بحق الشعب اليمني».
ويشير الكبسي إلى ذلك بالقول: «بدأت أول أحداث ومعطيات النهاية مع تقدم قوات الجيش واللجان الشعبية باتجاه محافظتي الجوف ومأرب معقل تنظيم الإخوان المسلمين الذين يمثلون اليد الحقيقية للعدوان على الأرض وأدواته التخريبية، ثم بإقالة قائد القوات المشتركة فهد بن تركي ضمن ما يشهده النظام السعودي من صراع داخلي سيسهم في تحقيق النصر الكبير للشعب اليمني، فضلاً عن فضيحة خيانة النظام الإماراتي للأمة العربية والإسلامية بالتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب».
ويؤكد أن كل ذلك يقود إلى تغيير المعادلة سياسيا وعسكريا، وأنها «مقدمات لنهاية العدوان، وستقود إلى جنوح النظام السعودي الذي يقود التحالف إلى السلم والجلوس على طاولة المفاوضات والقبول بالحل السياسي الذي سيشكل نقطة تحول حقيقية في المنطقة نحو الفتح الكبير».

وجهة «الجيش واللجان» ستحدد نهاية العدوان
الناشط علي النسي يرى أن العدوان سيتوقف مع توغل الجيش واللجان في المناطق السعودية، فهي أقوى الضربات ووسائل الضغط على السعودية.
وأشار إلى أن مسار معركة ما بعد مأرب قد يحدد المحطة الأخيرة للعدوان، ومن وجهة نظره فإن «الجيش واللجان لن يتوجهوا جنوبا كما يعتقد البعض، لأن حكومة المرتزقة ستتوجه بعد سقوط مأرب إلى سيئون أو عتق لتكون مقرا لها لمحاولة استعادة عدن بحكم أنها الأقرب لها، وستخوض معارك مع قوات «الانتقالي» لتحقيق ذلك، لذلك فالجيش واللجان لن ينخرطوا في حرب مع «الانتقالي» جنوبا، لأن قوات الفار هادي وقوات الإصلاح الهاربة والباحثة لها عن موطئ قدم، هي التي ستقوم بالمهمة».
كما يرى النسي أن الجيش واللجان لن يتوجهوا إلى الساحل الغربي، على اعتبار أنه واقع تحت هدنة دولية بتوقيع اتفاق ستوكهولم، كذلك تعز ولحج متروكة لأجنحة الإصلاح والانتقالي والمؤتمر لتتصارع في ما بينها عليها.
ويقول: «ستسعى قوات الجيش واللجان جاهدة لرفع أيدي السعودية عن اليمن، ولن يتحقق ذلك إلا بتصعيد جبهات الحدود على نجران جيزان عسير، ولن تستطيع السعودية استغلال مرتزقتها اليمنيين (قوات هادي أو الانتقالي) لأن الطرفين سينشغلان في صراع غير محسوم بأبين! ما سيجعلها تواجه الجيش واللجان وحيدة على حدها الجنوبي».
ويضيف: «قد تسقط مدن كبيرة، وسقوطها سيجبر السعودية على الاتفاق مع الجيش واللجان أحاديا برفع يدها ـ ولو بشكل غير معلن ـ وترك أطراف الصراع محليا لوحدها دون دعم مالي أو جوي، أو قد يصل الاتفاق للحد الذي يرفع القيود عن مطاري صنعاء والحديدة».

النهاية إفلاس المعتدين
أما المحلل السياسي يوسف الحاضري فيرى أن العدوان سينتهي بانهيار اقتصادي مؤثر لدول تحالف العدوان السعودية والإمارات، لأنها هي المال الذي يغذي العدوان.
غير أن ذلك ـ بحسب الحاضري ـ ليس سوى جزء من النهاية، «لأن أمريكا ستبقي العقوبات على اليمن، منها الحصار عبر الأمم المتحدة، لأنها لم تحقق أهدافها، وبالتالي ستبدأ مرحلة أخرى من الحرب خصوصاً مع اقتراب انهيار أكبر عملائها في المنطقة كالسعودية، وتتحول المعركة إلى بحرية مع أمريكا لرفع الحصار على اليمن، وتبدأ اليمن في الدخول في مرحلة مفاوضات عالمية».

تحرير كامل الأراضي اليمنية
يتوقع الصحفي زيد الغرسي أن ينتهي العدوان بانتصار استراتيجي وتاريخي كبير لليمن واليمنيين، وشر هزيمة لدول العدوان وعلى رأسها السعودية والإمارات ومن ورائهما أمريكا والعدو الصهيوني والبريطاني.
ويرى الغرسي أن لهذا الانتصار اليمني والهزيمة الأمريكية الخليجية الحتمية عدة سيناريوهات، أقربها من وجهة نظره: «تحرير كامل الأراضي اليمنية بالقوة العسكرية التي لا ينفع غيرها مع العدوان ومرتزقته، ثم توجيه ضربات قوية وقاسية واستراتيجية للسعودية والإمارات في مرحلة توازن الردع الرابعة التي ستجبر تلك الدول ومن يتحكم بها على الإذعان وإيقاف العدوان والموافقة على شروط اليمنيين، وأهمها الانسحاب الكامل من كل أراضي الجمهورية اليمنية».
ويستبعد أن ينتهي العدوان بحلول سياسية، لأن «العدوان يسعى لفرض واقع ميداني ليعكسه سياسيا، وهذا ما لن يقبله اليمنيون مهما كان الثمن والمخططات والمؤامرات».

إذا بَطُل السبب
الناشط السياسي والكاتب عدنان الوزير يشير في بداية حديثه إلى أن السبب الأول للعدوان، يتمثل في «رغبة الأمريكيين بنهب نفط وثروات اليمن ليغطوا عجز الميزانية الأمريكية للقرن القادم كما فعلوا بنفط الخليج». 
ويقول الوزير: «قد كان ذلك يتحقق لهم إما بتولي عملائهم على اليمن ليقوموا بالنهب والشعب مغيب ومشغول بالصراعات الداخلية والمذهبية والمناطقية والعنصرية (وهذا ما كان يجري التخطيط له طوال حكم علي صالح) أو عن طريق الاحتلال المباشر لليمن عبر العملاء الإماراتيين والسعوديين أو عبر الاحتلال الأمريكي المباشر، ولهذا نسمع الصراخ والعويل الأمريكي البريطاني من عملية تحرير مناطق مخزونات النفط الكبرى في الجوف ومأرب، ومازالت محاولاتهم ومؤامراتهم وحيلهم جارية لمنع هذا التحرير».
ويؤكد أن «تحرير مأرب سيضعهم أمام الأمر الواقع، كما أن اهتزاز العرش السعودي من الداخل واحتمال تفجر صراعات مسلحة داخل المملكة، وارد وبقوة، وكذلك انفجار المجاميع الإرهابية المتطرفة العائدة من حروب تدمير العراق وسوريا وليبيا وتلاميذهم الجدد في وجه الحكومة السعودية، وارد أيضاً وبقوة، كذلك فضيحة إعلان التطبيع العلني للإمارات والسعودية عرتهم أمام جموع المؤيدين بجهل لهم».
ويعتقد أن سقوط ترامب في الانتخابات سيوقف كل الخيارات المجنونة التي رغب صناع القرار باستخدامه لتنفيذها، وقد حققت النتائج المطلوبة في بعض الملفات (نهب الخليج، كشف تحالف الصهاينة مع أمراء النفط، بناء سور العنصرية مع المكسيك، إضعاف مراكز القوى الداخلية، التخلص من التزامات كانت تثقل الموازنة الأمريكية، زعزعة الاقتصاد العالمي والأمريكي الداخلي)، بينما فشلت في ملفات أخرى (ابتزاز الصين وكوريا الجنوبية، والهيمنة على كوريا الشمالية وإيران، واحتلال اليمن أو إعادة العملاء لحكمه، واحتلال فنزويلا وغيرها)، محاولات استعجال إتمام صفقة القرن وفضح تطبيع الأنظمة العملية مع الكيان الصهيوني كمحاولة لجني أكبر المكاسب الممكنة، كل ذلك تعد مؤشرات لقرب نهاية العدوان الأمريكي. 
ويقول الوزير: «بعد إزاحة المعتوه ترامب ستكون أمريكا بحاجة لإعادة تنظيف وجهها البشع الذي امتلأ بخدوش وندبات جرائم ترامب، وهو الوجه الذي حاولت عبر عقود المحافظة على مكياجه بالمؤامرات الخفية المتقنة، لذلك ستفتح جرائم ابن سلمان وابن زايد، وستضحي أمريكا بهما بمهانة لتسترد مكياجها، والإفلات من وصمة العار».

طريق العدوان المسدود
الدكتور أحمد الصعدي يؤكد التغير الجوهري في مسار العدوان عما كان عليه قبل 5 سنوات، حيث يقول: «من الواضح أن مسار الحرب قد تغير تغيرا جوهريا عما كان حاله عند انطلاق العدوان في 26 مارس 2015».
ويضيف: «في البداية كان هناك طرف معتد له من القدرات ما جعله واثقا من حسم الحرب لصالحه في وقت قصير، وهذا يعني أن لديه ما يمكنه من أن يبسط نفوذه على كل متر مربع من اليمن، وأن يستسلم المدافعون استسلاما مذلا، وأن يسحقوا بحيث لا تقوم لهم أية قائمة بعد ذلك، أما الجانب الوطني فدعا إلى السلام من أول لحظة، ولكنه يرفض الاستسلام رفضا قاطعا، وأكد أنه سيقاتل حتى آخر لحظة وآخر شبر أرض، حتى لو بقي في مديرية واحدة، كما قال محمد عبدالسلام رئيس الوفد الوطني المفاوض».
ويستطرد الصعدي: «أما الآن، فقد تراجع تحالف العدوان على كافة المستويات، وتراجعه مستمر من غير أن يفقد قدرته على مواصلة الحرب والحصار، والطرف الوطني يتقدم باستمرار، وأصبح أقدر واقوى مما كان عليه ليس في بداية العدوان، بل قبل أشهر من الآن».
ومن وجهة نظره، فإنه ليس هناك طرف قادر على حسم الحرب لصالحه، وبالتالي، وبحسب قوله: «نهاية هذه الحرب ستكون - كما حدث ويحدث دائما في الحروب التي لا يكون فيها منتصر ومهزوم - هو التفاوض والوصول إلى حلول يقبل بها الطرفان وتتضمن تنازلات متبادلة تعكس موازين القوى. أما متى يصل قادة تحالف العدوان إلى هذه القناعة وما الذي سيحسم تذبذبهم ويدفعهم إلى الاعتراف بالحقيقة وإلى الإذعان للوقائع، فهذا ما لا أستطيع أن أقول فيه قولا محددا في هذه المرحلة».
التساؤل كيف سينتهي العدوان على اليمن؟ طرح عدة آراء وقراءات وتوقعات، فهناك من يرى أن نهاية العدوان ستكون برفع اليد المعتدية عن اليمن، وهناك من يذهب إلى أن نهاية العدوان ستكون بسقوط أبرز دوله كالسعودية والإمارات، ومن ورائهما أمريكا وبريطانيا والعدو الصهيوني... إذن، كل الآراء تجمع بأن لا نصر لتحالف العدوان، وأنه سيتجرع الهزيمة المخزية، سواء كانت هزيمة مباشرة أو غير مباشرة، وفي أكثر من صعيد ومسار.