اليمن تخلع نسيجها.. وجعلنا الصين لباسا
- تم النشر بواسطة بشرى الغيلي/ لا ميديا

تحقيق : بشرى الغيلي / لا ميديا -
الأزياء الشعبية من مكونات الهوية الحضارية والثقافية لكل بلد يتميز بماضيه العريق، فمثلا عند مشاهدتنا لزي شعبي ما فإن بإمكاننا أن نصنفه بأنه مغربي، جزائري، سوري، هندي، ياباني... وهكذا، وسبب ذلك يعود إلى أن تلك البلدان نشرت هويتها من خلال المسلسلات والأفلام، وحافظت على تراثها. وحتى وقتٍ غير بعيد كانت الفتاة اليمنية ترتدي «القرقوش» إلى يوم زفافها، قبل أن تصبح من السيدات المتزوجات. أما حاليا فأصبحن يتأففن من ارتدائه، بحجة أنه لا يتلاءم مع العصر الحديث، وبالكاد يتم خياطته للمواليد فقط، فللذكور نوعية خاصة، وكذلك للإناث نوعية تخصهن. أما حاليا المواليد يتم إلباسهم «القراقيش» الصوفية المستوردة من الخارج، وغيرها من الملابس التي يتم استيرادها حتى طغت على الزي المحلي رغم جمالياته. في هذه السطور تبحث صحيفة «لا» في هذا الموضوع مع المختصات والمهتمات في هذا المجال، ولقد وجدنا تباينات كثيرة في الآراء.
المشكلة في الناس
أول المتحدثات عزيزة يحيى الديلمي (طالبة) قالت إن الخلل يكمن في الناس، وليس في الأزياء التراثية، لأنهم لا يقدرون ولا يهتمون بالتراث، كذلك العامل الأبرز في تدهور الاهتمام بالتراث هو إيقاع العصر الحديث الذي جعل الزي التراثي شيئاً قديماً لا يرتديه سوى كبار السن، وهذا بسبب ميولهم إلى «الموضة» الجديدة.
إضافات بسيطة
جواهر العزام (ربة بيت) ترجع السبب إلى عدم تطوير الأزياء الشعبية وتحديثها. وترى أن بالإمكان أن تتم إضافات بسيطة لها تجعلها مقبولة في حياتنا اليومية وفي المناسبات. ومن الأسباب التي تراها العزام «غياب الحس الفني لدى الخياطين أو المصممين، لأنهم دائما يميلون لمحاكاة الأزياء الخارجية بدلا من تطوير الأزياء الشعبية من ماضينا العريق، لأن من غير المعقول أن زياً له مائة عام يكون صالحا لعصرنا الحالي، ولكن مع الإضافات تجعله أروع».
وتضيف: «الرجال حافظوا على الزي القديم، سواء بارتداء الثوب أو المعوز، خصوصا في المناسبات، على عكس المرأة، لأن المرأة دائما تبحث عن الموضة، فلو وجدت في القديم ما يناسبها فمن المؤكد أنها ستميل إليه، لأن أزياءنا التراثية جميلة وكل محافظة لها زيها الخاص الجميل بها».
نشاز!
سارة عبدالرقيب (طالبة مختبرات) لها وجهة نظر تُعبر عن واقع معظم الشابات، حيث تقول: «لا أستطيع أن أرتدي زيا له مئات السنين وأذهب به إلى الجامعة مثلا، فكيف ستكون نظرة من حولي لي؟! وكيف سيتقبلون ذلك؟!». تضيف: «سأواجه نظرات الاشمئزاز وعدم القبول، لأنني سأصبح نشازا بينهن».
غير أنها تستدرك: «لكن سيصبح ذلك مقبولا في حال تم تطوير أزيائنا التراثية وإدخال تعديلات عليها تجعلها متوافقة مع عصرنا الذي نعيش فيه».
يوم للزي اليمني
على عكس الآراء السابقة قالت أم جيداء (ربة بيت) إن الزي أيا كان يدل على حضارة البلد وعراقته، والافتخار به دليل هويتنا. وترى أن الاهتمام به وتطويره في تزايدٍ مستمر. وتضيف: «إذا تأملنا البالطوهات التي ترتديها أغلب النساء حاليا يتم إدخال تعديلات عليها من التراث الخاص بالزي الصنعاني، كالستارة الصنعانية، والمصون، والفساتين والكوش الخاصة بالأعراس، ويتم تخصيص يوم كامل للعروس يعتبر يوماً تراثياً بامتياز، حتى أن المغتربات خارج الوطن يخصصن في أعراسهن يوما للزي اليمني الأصيل».
لكل مناسبة زيها
حول هذا الموضوع تواصلنا مع الأستاذة أمة الرزاق جحاف، وكيل الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية، التي وضعت النقاط على الحروف قائلة: «اليمن تشتهر بامتلاكها ثروة من الأزياء النسائية التقليدية لا تمتلكها غيرها من دول العالم، فلكل منطقة وقرية وعزلة أزياؤها الخاصة التي تعبر عن تراثها وموروثها الثقافي، والتي لا تختلف من منطقة إلى أخرى فقط، ولكنها تتنوع بحسب الأعمار، فلكل عمر زيه الخاص، وتتنوع بحسب الحالة الاجتماعية، فالعذارى لهن أزياؤهن الخاصة، وللمتزوجات أزياؤهن، وتتنوع أيضا بتنوع المناسبات الاجتماعية، فللأفراح كالعرس وغيرها أزياؤها، وللأتراح أزياؤها، وللأيام العادية أزياؤها، وحتى لأعمال البيت والمطبخ أزياء تسمى باسمها، فيقولون: زنة الديمة...
أزياء المناطق التهامية والساحلية
وتضيف جحاف: «كما تتنوع زخارف وتصاميم الأزياء اليمنية، وخاصة النسائية، بتنوع الأقاليم الجغرافية ومناخاتها، ففي المناطق التهامية والساحلية نجد ألوان الأزياء فاتحة، مثل الأبيض والسماوي والأصفر وغيرها، وتصنع ملابسها من القطن الذي انتشرت في تهامة زراعته وحلجه وغزله ونسجه أيضاً. أما توشية هذه الأزياء وزخرفتها فكانت تتم بطريقة حباكة خيوط القطن مثل القياطين، ثم تثبيتها على القماش في أشكال زخرفية كبيرة وواضحة تعبر عن بيئة المكان المفتوحة والممتدة».
الأزياء الجبلية والصحراوية
وتواصل جحاف حديثها: «وعلى العكس من ذلك نجد الأزياء في المرتفعات الجبلية ألوانها غامقة دافئة تساعد على تدفئة الجسم مثل الأسود والأحمر والبني الغامق، وتصنع أقمشتها من الكتان، وتكثر فيها الزخارف الدقيقة المطرزة باستخدام خيوط القطن والحرير الملونة وخيوط السيم المطلية بالذهب أو الفضة والمتداخلة، وتصمم بأكمام طويلة ضيقة ومقفلة وتكون ملتصقة بالجسم وتتكون من أكثر من قطعة».
أما بالنسبة لأزياء المناطق الصحراوية، فتقول جحاف: «لعل أهم ما يميز أزياء المناطق الصحراوية هو الزخارف البدوية وكثرة استخدام الودع والأصداف البحرية، لأنها مناطق بعيدة عن البحر، فالودع يعني لهم تعاويذ وتمائم وحروز تحمي صاحبها من الحسد وتجلب له الرزق، عكس سكان الساحل الذين يألفون البحر فإنهم يرون الودع والأصداف البحرية مكدسة بكميات كبيرة على شواطئهم فلا يهتمون بها ولا يلقون إليها بالا».
المكانة الاجتماعية والمستوى الاقتصادي
وعن نوع المواد المستخدمة في تطريز وزخرفة الأزياء الشعبية، تقول أمة الرزاق جحاف: «كان نوع المواد المستخدمة في التطريز والزخرفة يدل على المكانة الاجتماعية والمستوى الاقتصادي لصاحبة الزي، فهناك أزياء كثيرة تم توثيقها مطرزة بأسلاك الفضة الخالصة أو المطلية بالذهب، وهو الأمر الذي أدى إلى خسارتنا لعدد كبير منها، حيث كان الورثة يقومون بحرق الزي للحصول على كمية الفضة الموجودة فيه والاستفادة منها».
وتضيف: «كما أن بعض الأزياء كان يتم تزيينها بعد تطريزها بإضافة العملات النقدية المصنوعة من الفضة الخالصة إليها مثل الريالات الفرانصي، وأحيانا تتم زخرفة الزي بإضافة قطع قماش مختلفة يتم تفصيلها على شكل مثلثات صغيرة وتركب على الزي. ويعتبر التطريز اليدوي لزخرفة الملابس وتوشيتها من أهم الحرف التي مارستها المرأة اليمنية عن أمها وجداتها، حتى أنه في بعض مناطق الحجرية كانت الفتاة تقوم بنفسها بتطريز فستان عرسها، لكي تظهر لأهل زوجها مدى مهارتها، وكان هذا مجالاً للتنافس فيما بينهن».
انفتاح بدون وعي
وتتحسر جحاف على هذه الأزياء التي لم تعد تستخدم وتحولت إلى أزياء متحفية رغم جمالها الملفت وغنى ألوانها وروعة تصاميمها وانسجامها وتوافقها مع بيئتها.
وترجع جحاف السبب إلى الانفتاح غير الواعي على أزياء الغرب التي اقتحمت حياة الشعوب العربية فانبهروا بها، بفعل الدور الكبير الذي لعبته وسائل الإعلام من تلفزيون وسينما التي عملت على تغريب الإنسان العربي عن نفسه ودينه وبيئته، فوجد نفسه، وخاصة النساء، في حالة من اللهاث المستمر لتقليد ما يراه تحت ضغط وإلحاح ثقافة غريبة قدمت لنا أزياء الآخرين على أنها ستمنح لنا هوية التطور والحضارة وبدونها سنظل متخلفين ورجعيين!».
يجب عصرنة أزيائنا الشعبية
تختتم أمة الرزاق جحاف حديثها بالتأكيد على أن «غرس الانتماء للوطن يعود إلى التربية منذ الصغر في كل مجالاتها، فالزي المدرسي يجب أن يكون بطابع تراثي، ورجل الدولة حين يذهب لتمثيل بلاده في المؤتمرات الدولية يجب أن يرتدي زيه التقليدي، لأن الأزياء التقليدية مكون أساسي من مكونات الهوية الوطنية».
ومن أجل تحقيق ذلك ترى جحاف ضرورة «تطوير أزيائنا التقليدية لتصبح ملائمة للعصر، دون أن تفقد هويتها ومرجعيتها الثقافية، وهو أمر من السهل أن نقوم به، بشرط أن تتوفر لدينا القناعة والرغبة، كما يجب أن يكون المصممون والمصممات على درجة كبيرة من الثقافة والمعرفة بخصوصية الأزياء اليمنية، وليس كما يحدث حاليا، فمعظم الأزياء التي يتم إنتاجها حاليا ليتم ارتداؤها في المناسبات، خاصة ما يسمى يوم الذبال ويوم النقش، أزياء مشوهة ودخيلة ولا علاقة لها بالأزياء اليمنية التقليدية».
قلة اهتمام الجهات الرسمية
منى الطشي، إعلامية وصاحبة منصة مملكة التراث اليمني الإلكترونية التي تهتم بالتراث وتقوم بجلسات تصوير للأزياء اليمنية مع فتيات ما بين فينة وأخرى، بدأت حديثها بالقول: «إن إيقاع العصر الجديد والموضة المستحدثة يوميا في مجال الأزياء يجعل الجيل الجديد يهتم بها أكثر من الأزياء التراثية. أيضا قلة الاهتمام بها من الجهات الرسمية، ورجال الأعمال والذين يهدفون للربح السريع بغض النظر عن الحفاظ على التراث والموروث الشعبي.. كل تلك العوامل أدت إلى عزوف الفتيات عن لبس الأزياء الشعبية التقليدية رغم جمالها وأناقتها، ولم يعدن يلبسن الأزياء الشعبية إلا في بعض المناسبات الخاصة، مثل حفلات الزواج أو الخطوبة أو الولاد أو غيرها، حيث تحرص النساء اليمنيات على لبس الأزياء والحلي التقليدية في تلك المناسبات».
عباءات مطعمة بالموروث الشعبي
تضيف الطشي: «اعتياد النساء اليمنيات على لبس البالطوهات والعبايات جعلها الزي السائد والمتعارف عليه بينهن. ومن وجهة نظري إذا تبنت جهات مهتمة بالأزياء الشعبية فكرة تصميم عبايات مطعمة بالموروث الشعبي الجميل بكل تأكيد سيكون هناك إقبال من الفتيات، كونها ستكون مميزة وجذابة وتعكس هوية المرأة اليمنية».
نظرة مجتمعية قاصرة
تضيف الطشي في جزئيةٍ أخرى: «إن قلة الاهتمام بالأزياء نتج عنه النظرة القاصرة نحو الأزياء الشعبية، وهناك عدم إدراك من الجيل الجديد لأهميتها وقيمتها، ومن المؤكد إذا عاد الاهتمام بها ونشرها والتشجيع على ارتدائها وتوضيح قيمتها للشباب فهم سيكونون داعمين بأنفسهم كونهم يفتخرون ويعتزون بتراثهم اليمني الأصيل».
وترى الطشي أن «من المهم تضافر الجهود الرسمية والشبابية من أجل عودة الاهتمام بأزيائنا الشعبية، لأنها تستحق، كونها متميزة وتعكس تاريخنا وحضارتنا اليمنية العريقة».
وفي ختام حديثها تتمنى أن تجد من يدعم مثل هذه المشاريع المهمة المتعلقة بهويتنا وتراثنا وتاريخنا، «فالاهتمام بالتراث اليمني مسؤوليتنا جميعا ويجب علينا مراعاة ذلك»، بحسب الطشي.
سجل وطني خاص
دعاء الواسعي، رئيسة مؤسسة عرش بلقيس، لها اهتمامات كثيرة في مجال التراث، وهي تعتز بالأزياء الشعبية، حتى أنها تفتخر بطريقة محافظتها عليها من خلال ارتدائها بشكل رسمي في عدة مناسبات. تقول: «الاهتمام بالأزياء الشعبية موجود، وهناك إقبال كبير عليها، كفكرة إدخال الموضة الجديدة على الزي الصنعاني، والزي اليمني».
وترى الواسعي أن ذلك ليس فيه أية إشكالية طالما النسخة الأصلية والحقيقية من الزي متوفرة لدينا، لكن النسخ الأصلية من الزي غير موجودة في الأسواق أساسا، وقد يكون وجودها نادرا لدى بعض المؤثرين، وتوضح السبب بالقول: «مواد الأزياء القديمة صعبة، ومن غير الممكن توفر المواد الخام التي تستخدم في صناعة تلك الأزياء، والموجود فقط الطاس، والجرز، والمصرات. وأنا ضد الثقافات الأخرى التي تدخل على أزيائنا الخاصة، فالزي اليمني له خصوصيته، وهو بالنسبة لي كمهتمة بالتراث مهم جدا، لأنه يمثل هويتنا ونحتفظ به إذا سافرنا بأي مكان نعتز به كجزء من تراثنا الأصيل».
وختمت الواسعي حديثها بالقول: «نتمنى أن تتم المحافظة أكثر على أزيائنا من الاندثار، رغم أنه مؤخرا بعد الأزمة التي حدثت ظهرت الكثير من الأشياء الجميلة وإعادة تدوير المشغولات التقليدية كالحقائب الجلدية وغيرها وهذا شيء جميل، ونتمنى أن يكون لدينا سجل وطني خاص يوثق الأزياء الأصلية، ويجب أن تدرس في المدارس».
معوقات تحويل الأزياء الشعبية إلى قيمة إنتاجية
الأزياء الشعبية اليمنية كقيمة إنتاجية، ولماذا لا تتحول هذه الأزياء إلى صناعة، بحيث تنتج محليا وبشكل دائم. عن الأسباب المعيقة لقيام هكذا صناعة تختص بأزيائنا الشعبية كتوفر المواد الخام، أو عدم امتلاك أساسيات المهنة أو الحرفة أو غيرها... تقول أمة الرزاق جحاف: «الأزياء التقليدية اليمنية مشروع مهم، لارتباطها الوثيق بالهوية اليمنية، لكنه لم يبدأ حتى الآن، لعدم وجود متخصصين في هذا المجال وللتنوع الكبير في الأزياء اليمنية، لأن هذا الموضوع يحتاج إلى دراسات متكاملة تأصيلية تكون المرجعية في الإنتاج للوصول إلى زي يجمع بين الأصالة والحفاظ على الهوية والتطوير بحيث يرغب الشباب والشابات في ارتدائه».
وأضافت جحاف أن صعوبة الحصول على المواد الخام وخاصة بالنسبة المستخدمة في التطريز والتي لم تعد متوفرة في الأسواق المحلية، إضافة لعدم توفر الإكسسوارات التي كانت تضاف إليها مثل المرج، والدروع النحاسية، وقشر الأصداف، والودع البحري... كما أن ارتفاع تكاليف الإنتاج وارتفاع أثمانها مقارنة بمستوى متوسط الدخل الأسري يعد أحد الأسباب التي تحول دون تسويقها بشكل واسع يضمن لها الإقبال.
مؤسسات الدولة الثقافية
من جانبه أضاف محمد عبدالرحيم جازم، باحث ومؤرخ يمني، رؤيته حول ذلك: «من المعروف أن الزي الشعبي لمجتمع من المجتمعات يمثل هويته الوطنية أو القومية، ومن هنا يسعى إلى الحفاظ عليه كقيمة مرتبطة بوجوده وميزة تبرزه وتميزه عن المغاير له، ونحن في اليمن لنا أزياء وطنية أو شعبية تميزنا عن غيرنا من المجتمعات، كما أنها تمثل وتبرز في جانب من جوانبها مناسبتها للأعمال التي تقوم بها، فمن أمثلة ذلك المعوز الذي يمكن لبسه للعمل في الأرض والبناء وللحرب أيضاً، كما يمكن أن يلبس في الأعياد والمناسبات، وهكذا غيره من الألبسة الرجالية والنسائية، وتوجد العديد من المعامل التي تقوم بإنتاج الأزياء الشعبية التي تجد إقبالاً من الناس، مثال ذلك المعوز الذي يصنع في حضرموت ولحج وعدن وتعز والبيضاء وتهامة، ويقوم أهل وصاب بإنتاجه في بلادهم وفي صنعاء، ويوجد شبه اكتفاء ذاتي من المعاوز في اليمن. كما أن صناعة الجنبية وأحزمتها يماثل ما ذكرناه عن المعاوز، ويقوم حاكة تهامة في كل من الدريهمي وبيت الفقيه وزبيد والزُهرة بصناعة المصانف، والمعاوز واللحف الخاصة بسكان تهامة، لتوفر مادة القطن المنتجة محلياً، ومع أن الفوطة الرجالية هي زي عربي أصيل ويمني بالذات إلا أن صناعتها غادرت اليمن وأصبحت تنتج في بلاد الهند ودول جنوب شرق آسيا، وأصبح أهل اليمن يستوردونها من هناك».
ويختم جازم بأنه «متى وجد إقبال على زي من الأزياء سيظل الحرفيون ينتجونه والناس يقبلون على شرائه. وبحكم أن اليمن بموقعها الجغرافي المتميز تؤثر وتتأثر بمعطيات الاقتصاد الإقليمي والدولي فإن جانب الزي وما يطرأ عليه من متغيرات يتأثر به أهل اليمن رجالاً ونساء، ولا بد لهم أن تكون أزياؤهم عصرية تتناسب والزمن الذي يعيشون فيه، ومن هنا تصبح المحافظة على الزي الوطني وإبرازه مرتبطة بمؤسسات الدولة الثقافية التي تعنى بالحفاظ على التراث الحرفي المنتج لهذه الأزياء، ولا بد للدولة أن تستثمر في هذا الجانب، لأن ذلك يعد واحد، من الواجبات الملقاة على عاتقها».
نستخلص من فتحِ هذا الموضوع أنه موضوع مهم جداً خطير لأنه يساعد في الاهتمام بالحفاظ على هويتنا، لذا فإننا بحاجةٍ إلى ثورة وعي تعيد أزياءنا التراثية والتقليدية للواجهة وما يميزنا كيمنيين عن غيرنا، وبحسب الخبيرات في هذا المجال فإن الأزياء الأصيلة اختفت نهائيا من السوق، وأن المواد الخاصة بها تكاد تكون منعدمة، ولا يوجد سوى المقلّد القادم من الصين ودول أخرى، فمن المعيب أن يهتم بأزيائنا غيرنا ونحن أحق بذلك. والنقطة الإيجابية التي وجدناها لدى غالبية المتحدثات أن هناك اهتماما لا بأس به كإدخال بعض من تراثنا على عبايات النساء كالزي الصنعاني بطريقة متلائمة مع إيقاعاتِ العصر، ولكن ذلك لا يكفي، والمطلوب من جهات الاختصاص أن تقوم بدورها للحفاظ على ما تبقى لنا من هويتنا التي يسعى العدوان الممنهج إلى طمسها.
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا