عصام ترشحاني-  شاعر سوري -

مَنْ يَسكنُني 
في هذا الطقسِ الخائف
من يحمل ثلجاً أزرق
وسماءً قارسةً
ويُسيِّج قلبي الراعف
أشعرُ أن الريح تَدُقّ على الأجساد
الريحُ تُدمدم في الأزهارِ
وخلفَ البحرِ
تُخبئ للزمن الثالثِ أحلاماً فاجعةً
أشعر أن النهر الأعظمَ يلبس هاويةً
وينام بذعرٍ فوق سريرِ الليل
أشعر أن رؤوسَ الأشجار
تُساق إلى مقصلةٍ
ودمي يَتَنكّبُ حزنَ الأرض
فَمنْ يسكنني الليلة 
في هذا الجو الداكن
من يَحزمني بِخرابٍ قادم
تتلاطم في ذاكرتي الأسئلةُ 
الكبرىفأعود ليومياتِ 
الموتِ
أعودُ 
فتقفز من جلجلةِ الأسطرِ قنبلةٌ
يقفُ المنفى العربيُّ على صاعقها
أتَبيّنُ في غَبشِ الدمّ شهيداً
يرفعُ بسواعدهِ البرقَ 
ويمضي ثانيةً للحربِ 
فماذا يحدث هذي الليلة
إني أبصرُ غاباتٍ تَجْمدُ
وطيوراً ومنازلَ 
في حنجرة الصدمةِ تَجمدُ 
وتُكاشفُ بالخطر الذاهبِ 
من أوهامِ السِّلْم إليها
أبصرُ جمجمة عاريةً تبكي 
وندى مسفوكاً
وجواداً «أبيضَ
يعدو محترقا»
فانهمروا 
يا أصحاب الجرحِ الواحدِ
بين اللهِ وبين الماءِ انهمروا
فالريح علانيةً 
تختمُ بالشمع الأحمر قلبَ فلسطين
وتَجهر بالتصفيةِ
الريحُ تُقامر بالدمِّ العربيِّ 
وما مِنْ قدرٍ يدفع هذا الموتَ 
الجاثم في الأحشاء
سوى فقراءِ الأرض
وأصواتِ النار المأخوذة 
بالحبِّ وبالشهداء