طاهر علوان الزريقي / مرافئ -
أغلب الأفلام التي أنتجها الغرب حول حوادث الحرب العالمية الثانية تمجد بطولة الجندي والضابط الممثل للحلفاء، وتمعن في إظهار غباء وضعف الجندي والضابط الممثل للمحور. فكما أن التاريخ يكتبه المنتصرون، فإن السينما الغربية هي جزء من ذلك التاريخ المنتصر. السينما الغربية لم تنبثق فجأة من رحم الزمن بدون مقدمات ولا إشارات، بل هي تاريخ مرتبط بانتصار النظام الإمبريالي وبالتوسع والتطور الصناعي في الغرب وبالتفوق التجاري والتقني وتقدم دراسات السيطرة على عقول الجماهير، وأيضاً على استغلال قوة وعرق وحقوق العمال ومخاض طويل من القهر والعسف اللذين مارستهما ثقافة النظام الإمبريالي والعولمة الأمريكية على العالم أجمع.
فالسينما الغربية هي انعكاس لمصالح تلك الأنظمة الاحتكارية الاستعمارية وتمثل مصالحهم، وقوتهم وانتصاراتهم، والغزو السينمائي جزء من المخطط في سبيل تزييف وعي الجماهير مما يشكل خطورة كبرى في تغريب الثقافة في المجتمعات المتخلفة وما يصاحب ذلك من تغيير في قيم واتجاهات الأفراد نحو قيم واتجاهات وأنماط سلوكية من شأنها تحطيم هوية المجتمع وتقاليده الأصيلة، فكل ثقافة أو حضارة في التاريخ مهما تقدمت وتمتعت بأسباب القوة والجبروت فإنها تحفر قبرها بأسنانها، إذا لم يصحح ميزان القوة فيها، وميزان العدالة، وسوف يرتد ذلك عليها ويلاً وثبوراً ومن داخلها وبوسائلها التي ابتكرتها هي.
نحن نعي أن تاريخ مجتمعنا هو تاريخ استغلال واحتكار وعبودية من الدول الغربية لمواردنا وإمكانياتنا وإنساننا، وأننا واقعون تحت نهب الاستعمار في كافة العصور وعلى كافة الصور، فإن تبعية السينما العربية للأم الغربية ليست مصادفة، بل مخطط لغزو العقول وأداة لبث القيم الغربية ووسيلة هامة من وسائل الدعاية لتحقيق الغزو الثقافي.