أطفال خطف العدوان حياتهم وآخرون يعانون من أثر نفسي رهيب

نشوان دماج / مرافئ -
تلج قاعة المعرض بخطى وئيدة. إحدى وأربعون لوحة رقمية معلقة على الحيطان، وهدوء يلف المكان. في حضرة ضحايا جرائم العدوان البربري الغاشم، يصبح الصمت هو اللغة التي تغني عن أي كلام. 
تتعرف إلى وجوه الضحايا: هذه الطفلة سمر، وهذا الطفل شهاب، وتلك أمل حسين، وذاك أبومريم... وهذا، وهذا... حتى تنتهي من آخر لوحة وقد شعرت بغصة بملء الكون، لا تكفيها الدموع ولا تزيحها الآهات. 
تلك هي الإنسانية المثلى التي تدعيها دول العدوان وقد تجلت بهذا الكم الهائل من البشاعات، والتي لا تمثل الصور المتحدثة عنها في هذا المعرض سوى جزء ضئيل جداً من الحقيقة. 
صحيفة «لا» زارت المعرض الذي نظمته حملة «مظلومية اليمن» للفترة من 29 مارس وحتى غد الأربعاء 7 أبريل، واستضافته مؤسسة الشعب في صنعاء.

تنظيم المعرض
المعرض الذي نظمته مؤسسة الشعب للتنمية بصنعاء وتم افتتاحه الاثنين 29 مارس تزامناً مع الذكرى السادسة للصمود، يأتي ضمن حملة «مظلومية اليمن» التي انطلقت في 2018. 
يضم المعرض 41 لوحة للفن الرقمي من أعمال الدكتور محمد عبدالكريم الحوثي، مدير الحملة، تم التطرق فيها إلى مواضيع عدة متعلقة بجرائم العدوان طيلة 6 سنوات على الشعب اليمني، ومنها حصار المشتقات النفطية، والجرائم المتعلقة بالصحة وبالتعليم، وبقصص فردية كالطفل شهاب، الطفلة سمر، سعيدة أحمد، أبو مريم، أسرة الحجوري... وغيرهم.
وبحسب الحوثي، فإن الهدف من الحملة بشكل عام ومن إقامة المعرض هو تقديم مظلومية اليمن بشكل إنساني، باعتبار أن الإعلام تعاطى مع جرائم العدوان كأرقام وإحصائيات، بحيث لم يكن بوسع المتلقي تقبلها أو مشاهدتها نظراً لبشاعتها. فأحببنا تسليط الضوء على تلك الجرائم بشكل فني رقمي، والتعرض لبعض تلك الجرائم التي ترمز لجرائم أخرى مشابهة.
ويضيف: «أنجزنا أكثر من 62 عملاً يغطي أكثر من نوع، والمعرض يحتوي على 41 عملاً فقط، وجميعها مترجمة إلى 6 لغات: العربية، الفارسية، الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، والإسبانية، بالتعاون مع أكثر من 14 متطوعاً من داخل اليمن وخارجه»، مشيراً إلى أن لوحات المعرض تغطي المشاهد الإنسانية بطريقة تتناسب مع جميع الفئات العمرية، حتى الصغار باستطاعتهم مشاهدتها، لأنها بعيدة عن المناظر القاسية.

أطفال خطف العدوان حياتهم
يعرض المعرض صوراً لأطفال خطف العدوان حياتهم بغاراته الغاشمة، ويرفق كل صورة بحكايات أولئك الأطفال؛ كحكاية الطفل شهاب الذي كان يلعب بـ»القنقحية»، فقصف مرتزقة العدوان المكان وأصيب شهاب بجروح بليغة، لينقل إثرها إلى المستشفى ويظل متمسكاً بلعبته على أمل أن يعود للعب بها بعد شفائه، لكنه فارق الحياة ولم يعد إليها. وكذا الطفل سميح الذي استهدف العدوان أسرته بغارة على عرس في بني قيس بمحافظة حجة، وارتكب مجزرة مروعة في حق المدنيين استشهد على إثرها أبوه، فظل ملازماً لأبيه حتى الصباح، أملاً في أن يستيقظ، والطفل محمد عبد الإله الحاكم الذي لم يُعثر على جثته إثر غارة للعدوان على صعدة... وغيرهم من الأطفال.
هذه القصص، بحسب القائمين على المعرض، لا بد أن تظل حاضرة في أذهان اليمنيين، ولا بد من أن يتعرف عليها الناس خارج اليمن، حتى يعرفوا بشاعة ما يتعرض له اليمنيون، وكيف أن العدوان خطف هذه الأرواح البريئة ومئات الأرواح أمثالها، فدمر حياتهم ومستقبلهم. أما الناجون فمازالوا يعانون من الأثر النفسي المدمر الذي تركه العدوان، فالطفلة سمر مثلاً، رغم نجاتها من إحدى الغارات، إلا أنها مازالت تعاني، إذ تمكن العدوان منها نفسياً وجسدياً.

أنشطة الحملة
وعن أنشطة الحملة والصدى الذي أحدثته خارج اليمن، يؤكد الحوثي: «بدأنا العمل من 2018 ، وكان له صدى خارجي، أذ استخدموا هذه اللوحات في عدة وقفات أمام السفارات الأمريكية في كل من ألمانيا وفرنسا والعراق وتشيلي وغيرها من الدول التي استطعنا متابعتها، وكذلك في أمريكا نفسها. وكان لتلك الصور أثرها في جذب الناس وإثارة تساؤلات عندهم: ما الأمر؟ ما الذي يحدث في اليمن؟ بطريقة جذابة، بحيث حفزهم الأمر للاطلاع على المزيد والمزيد؛ حتى إن كثيرا منهم صدموا لأنهم في العادة يبتعدون عن المشاهد القاسية وينفرون من صور الإعلام».

متواجدون على 3 منصات
حضرت حملة «مظلومية اليمن» إعلامياً بشكل ملحوظ، وكان للإعلام الخارجي أن يتناول أعمالها في أكثر من موقع ومنصة وقناة أجنبية. كما أن الحملة متواجدة في ثلاث منصات: فيسبوك (باسم مظلومية اليمن)، وتيليجرام (يمن أوبرايشن)، وكذا موقع إلكتروني أطلقته الحملة بمنحة من مؤسسة الشعب (يمن أوبرايشن)، وذلك من أجل كسر الحصار ومعايير المجتمع المنافق في فيسبوك وتويتر. كما كان لديها منصة في «تويتر»؛ إلا أنه تم إغلاقها.

تسليط الضوء على الجانب الإنساني
يقول الحوثي إن حملة «مظلومية اليمن» عبر معرضها الذي تقيمه في مؤسسة الشعب بصنعاء، حاولت التركيز على الجانب الإنساني في الصور التي تم عرضها، والابتعاد كثيراً عن المشاهد الصادمة والمروعة للصور الحقيقية.  
ويضيف: «نريد أن نقول للعالم بأن هذه الدماء ليست رخيصة، وأن جرائم العدوان لن تسقط بالتقادم. وبالتالي كانت الفكرة الأساسية من إقامة المعرض بهذه الطريقة أننا نذكر حتى الشعب اليمني والآخرين بوحشية هذا النظام الأمريكي الذي لا يقبل أن تعيش الشعوب الأخرى بكرامة، ويشعر بأنه لا بد لها من أن تعيش تحت قدميه. واليمن رفض وتلك هي الضريبة التي يدفعها».
الحوثي، ومن خلال صحيفة «لا»، وجه دعوة إلى المبدعين للدخول إلى المجال الرقمي والاستفادة من التكنولوجيا وتطويعها لخدمة قضية الشعب اليمني ومظلوميته، وفضح العدوان وتعريته بكل ما أمكن من وسائل، وجعل جرائمه في حق اليمنيين قضية حاضرة وفعالة في الإعلام الخارجي.