«لا» 21 السياسي -
لن أخوض جدلااً مع مبررات مرتزقة الجغرافيا ولا نقاشاً مع أعذار خونة التاريخ، فلم ولن يكونوا جديرين بهكذا شرف، ولن أشرح دوافع هكذا قرار ومخططات من يقف خلفه، فقد صار الجميع يعرف النوايا بعد أن رأى الوقائع؛ إلا أن من المهم تأكيد حقيقة واحدة مفادها أن الولايات المتحدة وقفازاتها من الأمم المتحدة ودويلات الشاة والبعير قد وصلوا أو كادوا إلى مرحلة اليأس من تحقيق أي انتصار في الحرب على الشعب اليمني، وبعد أن استثمروا 7 سنوات في تجويعه ها هم اليوم يتاجرون في جوعه، وبعد أن كانوا يزايدون على وجعه ها هم يزيدون من أوجاعه، وبعد أن كانوا يناقصون على آلامه ها هم ينتقصون من لقيماته وينقصون من آماله ويلجؤون إلى كرت قمارهم وورقة قِمرهم المعتادة في حربهم القذرة: الاقتصاد.
كان يجب على سلطة صنعاء إعلان حالة طوارئ اقتصادية في مواجهة هكذا قرار يستهدف تجويع وتركيع اليمنيين وقتلهم بالجوع، وليس فقط تشكيل غرفة متابعة أسعار في وزارة التجارة أو كتابة تغريدات على «تويتر» أو نزول ميداني لمراقبة تاجرٍ هنا أو بضاعة هناك.
رفض الجميع القرار وتعهدوا بعدم رفع الأسعار، لكن ماذا بعد؟!
الأمريكي لا يرقب في الشعب اليمني إلاً ولا ذمة، ولن يألو جهدا في مواصلة تجويعه وبكل الطرق وشتى الوسائل. هذا واضح وحقيقي.. لكن ماذا بعد؟!
المقترحات المقدمة اليوم لا تعدو كونها مجرد ردود فعل لا أكثر، بينما المطلوب هو الفعل. ثمة من تحدث عن وقف التعامل مع ميناء عدن وقدم ميناء الحديدة بديلاً، وهناك من حذر التجار من أي رفعٍ للأسعار... غير أن السؤال الذي يلزم وضعه على طاولة المعنيين بالشأن الاقتصادي هو:
ما هي الاستراتيجية الوطنية التي وُضعت في مواجهة خطر التجويع والمجاعة، ولنهضة يمنية اقتصادية تغطي انكشاف الذات على العوز وتمنع سواطير العدوان من الوصول إلى بطون الناس بعد أن جزت سكاكينها أعناقهم؟!!