
«لا» 21 السياسي -
رغم كونه يحتل موقع الصدارة في تراتبية عار نظام الوصاية (الأول بعد علي محسن والأول مكرر قبله)، تأخر الرئيس الأسبق (علي عبدالله صالح) سنتين وأربعة أشهر ليلحق بـ(مؤخرة) صف طويل عريض من ذلك النظام.. المؤخرة التي ركلها الشعب اليمني بقدم الحادي والعشرين من أيلول/ سبتمبر 2014 إلى خارج الزمن الثوري الخالد، وإلى داخل اللعنة التاريخية المؤبدة.
تخلف «عفاش» (وهذا هو اللقب الجديد الذي أشهره صالح إبان أحداث ثورة 2011 في وجه سحب الألبان والإخوانج للقبه السابق (الأحمر) والذي اشتهر به طوال العقود الثلاثة من حكمه) عن الانضمام إلى ركام «مقلب الأزرقين» و»منقلب الأحمرين» كان ناتجاً عن تأجيل انكشافه الحتمي بين نقطة تقاطع أرصدة حساباته الصغيرة مع أصعدة حسابات الثورة الكبيرة، ومن جهة أخرى عن تعجيل اكتشافه الرسمي للنتيجة الصفرية التي سيمنى بها في أي مواجهة صدامية أو اعتراضية قد يسرع بإطلاقها في مجابهة أرقام الثورة المحققة عدديةً منتصرة والمُنجزة نوعيةً ظافرة.
«صالح»، المتمرس -وظيفةً وتوظيفاً- في التفريق بين حسابات الحصاد المتأرجحة ربحاً وخسارةً في مؤشرات البورصة اللاوطنية وفي التدقيق -من ناحية أخرى- في مقاسات ومقادير البيدر المفصلة وصايةً ونخاسة في معاملات العرض الداخلية والطلب الخارجية، أخذ الحساب بقلم الدور السابق ومسطرة الوظيفة القادمة وبمقياس رسم خرائط الأجنبي. كان حساباً مقلوباً برغم ذلك، انتهت عملياته إلى تصفير لوغاريتميات استمرار الوظيفة لا إلى تكرير متواليات توليد الدور. وكانت النهاية.
مثل «صالح» رأس جبل جليد نظام الوصاية (الأمريكية) والتبعية (السعودية) منذ إيصاله إلى كرسي مايسترو سلطة النظام في 17 يوليو 1978 وحتى قلع مصبة ومصفوفة أوركسترا النظام برمتها في 21 سبتمبر 2014.
لم يكن «صالح» مجرد رأس جبل النظام/ الفوضى ذاك، بل وكان مظلة فئران العمالة التي تمخض عنها ذلك الجبل مراتٍ ومرات، قاضمةً سد الوطنية، ناخرةً جدران الاستقلال، آتيةً على بنيان الجمهورية.
متقاسماً الأدوار متشاركاً المصالح مع شركائه (العسقبليين) في النظام، عمِل «صالح» بندقاً للإيجار على الكتف السعودية، ولم يسع مطلقاً إلى الخلاص من شغل هكذا وظيفة. وكانت محاولته التعلق بكتف عراق صدام حسين مجرد استغلال للحظة انتهازية فاشلة، فيما كانت محاولته الأخرى بالتسلق مباشرةً إلى الكتف الأعلى (الأمريكية) تجاوزاً عاثراً لدوره المرسوم كبيدقٍ صغيرٍ على رقعةٍ معلومةٍ في خارطة المشروع الصهيوني الكبرى في المنطقة، وهو الدور الذي منع الأمريكيون «صالح» من الاستمرار في أداء جزئه العلني في 2011 تزامناً مع دخول مشروعهم (الصهيوني) مرحلة جديدة أنهت مرحلةً سابقةً ببنادقها وبيادقها، فيما منحوا «صالح» مكافأة نهاية الخدمة بالاستمرار في إنجاز الجزء السري من دوره الوظيفي لسنوات ستٍ أخرى عمل خلال أيامها على الضد من استحقاقات ثورة الـ21 من أيلول/ سبتمبر 2014 وتسامحها معه، واشتغل عبر لياليها على العكس من إعلانه رفض عدوان الـ26 من مارس 2015 ليكون الـ3 من ديسمبر 2017 يوم فشلٍ أمريكي آخر لّفّهُ اليمنيون في بطانيةٍ حمراء بداخلها جثة علي عبدالله صالح.
المصدر «لا» 21 السياسي