استنفار صهيوأمريكي غير مسبوق.. مأرب تتحرر
- تم النشر بواسطة علي عطروس

صحيفة «لا» / علي عطروس
استنفار صهيوأمريكي مرتفع وواسع وغير مسبوق لقواته وأدواته وذيوله ودويلاته، في تزامنٍ مكشوف ومرئي مع تطورات عسكرية استراتيجية عبر انتصارات يمنية ميدانية في القلب من محور المقاومة والصراع مع مشروع الهيمنة الصهيوني في المنطقة. استنفار عدواني ومناوراتي يمتد في مسرح عمليات المواجهة بدءاً وانتهاءً باليمن، مروراً بكل مربعات المجابهة وبجميع مستويات المعركة بحراً وبراً وجواً. في التالي رصد لمجمل ظواهر الاستنفار وقراءة في مظاهر المواجهة واستقراء لنتائج كل ما يحدث داخل وخارج معركة مأرب الفاصلة في الاشتباك اليمني مع العدوان العبري الأعرابي انسحابا على جغرافيا المشروع الصهيوأمريكي بالمنطقة.
(1)
أعلنت وزارة الأمن الصهيونية، الأربعاء 3 تشرين الثاني/نوفمبر، دخول منظومة «ندى السماء» حيّز التنفيذ، موضحةً أنها تهدف إلى «الكشف والتحذير من تهديدات متقدّمة في الشمال من سورية ولبنان».
وكان العدو الصهيوني قد استأنف، في الأول من تشرين الثاني / نوفمبر الجاري، مناوراته العسكرية شمالاً، بمناورة تُحاكي حرباً شاملة في مواجهة حزب الله وإيران وساحات المقاومة في المنطقة ويشارك فيها آلاف الجنود وتشمل إجلاء السكان من جبهة المواجهة والتصدي لهجمات إلكترونية.
(2)
يعتبر اللواء الصهيوني عاموس جلعاد من «معهد هرتسيليا لدعم السياسات الاستراتيجية» أن المنظومة الإقليمية تستثمر في بناء القوة والتعاظم، و(لذلك) تمتنع قدر الإمكان عن تفعيل القوة وخوض مواجهات تؤدي إلى تصعيد واسع، كما «تعمل القوى المعادية لإسرائيل على تعزيز العلاقات الثنائية بينها وإنشاء قنوات تواصل، إزاء التحديات الداخلية التي تواجهها...»، في إشارة واضحة لتنسيق قوى المقاومة وأحاديث قياداتها عن أن أي عدوان قادم، على القدس سيواجه بحربٍ إقليمية.
(3)
تحت عنوان: «إسرائيل في سيناريو الحرب الشاملة: ليس باستطاعتنا اعتراض كل صاروخ»، كتب يوآف ليمور في صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية قائلاً: «إسرائيل مهددة اليوم بأكثر من 100 ألف صاروخ ومقذوفة صاروخية من لبنان وبعشرات آلاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية من غزة وبعدد كبير من الصواريخ والقذائف الصاروخية على أنواعها المختلفة من دول أبعد: إيران، العراق، واليمن».
(4)
في الثاني من تشرين الثاني /نوفمبر بدأ جيش الكيان الصهيوني تدريبات عسكرية مكثفة بمشاركة أمريكية في مدينة «إيلات» أم الرشراش، على ساحل البحر الأحمر.
وأعلن الأسطول الخامس الأمريكي بدء تمرين برمائي ثنائي بين البحرية الأمريكية وقوات العدو الصهيوني في «إيلات» بفلسطين.
القناة العبرية الـ12 ذكرت أن الجيش الصهيوني بدأ إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية في مدينة «إيلات»، حيث تشارك الوحدة الخاصة من المشاة الأمريكية (Task Force 51).
وأوضحت القناة على موقعها الإلكتروني أن وحدة البحرية الأمريكية الخاصة تشارك «إسرائيل» هذه المناورات قبل نشرها في منطقة الخليج استعدادا لأي مواجهة محتملة مع إيران، فضلا على أن تلك القوة الأمريكية مستعدة لأي أعمال أو سيناريوهات سريعة.
المتحدث العسكري باسم جيش الاحتلال بدا متباهياً للغاية وهو يغرد على حسابه في «تويتر» قائلاً: «رست في ميناء إيلات حاملة مروحيات أمريكية وعلى متنها مئات الجنود الأمريكيين من قوات المشاة البحرية الأمريكية من القيادة المركزية الأمريكية (centcom)، للمشاركة في تدريب مشترك متعدد الأذرع لمدة أسبوعين».
وفي تزامنٍ مقصود وغير بريءٍ بالتأكيد أجرت القوات البحرية المصرية والأمريكية مناورات مشتركة في البحر الأحمر، نفذتا خلالها تدريباً بحرياً عابراً بنطاق الأسطول الجنوبي بالبحر الأحمر، وذلك باشتراك الفرقاطة المصرية «إسكندرية» والسفينة البرمائية الأمريكية «بورتلاند». واشتمل التدريب على مجموعة من الأنشطة القتالية البحرية المختلفة، وتضمن كذلك تبادل الموقف العملياتي بمسرح العمليات البحرية المشترك، والذي استهدف تقييم التهديدات السطحية والجوية. وتناول التدريب مجابهة التهديدات غير النمطية، وكذلك تنفيذ تشكيلات الإبحار التكتيكية وتدريبات المواصلات الإشارية.
(5)
على صفحات «معاريف» نستوضح الفكرة أكثر في ما كتبه ألون بن دافيد تحت عنوان: «إيران.. بين صبر أمريكي وسلاح جو إماراتي - إسرائيلي ومفاجأة سعودية قبل وفاة الملك».
يقول دافيد: «في إطار ما يسمى المعركة ما بين الحروب تعزو منشورات أجنبية لإسرائيل سلسلة لا تتوقف من الأعمال ضد مصالح إيرانية. وتنفذ هذه الأعمال في كل ساحة وفي كل مدى تقريباً: الجوي، البحري، السري، والسيبراني».
تحرص «إسرائيل» على إبقاء الغموض في عمليات المعركة ما بين الحروب والتي أضيفت إليها في السنوات الأخيرة ساحتان مهمتان أخريان: الساحة البحرية والساحة السيبرانية.
في الساحة البحرية نجحت «إسرائيل» في تشويش تموضع الأسطول الإيراني في البحر الأحمر؛ ولكن كان لهذا ثمن: المس بسفن ملكية «إسرائيلية»، ما دفع «إسرائيل» لتقليص عملياتها.
يتضح أن الصورة التي تقلق الإيرانيين هي زيارة قائد سلاح الجو الإماراتي للمناورة الدولية التي جرت في النقب.
فالعلاقات العسكرية بين الدولتين تتوثق، ولن يبعد اليوم الذي نرى فيه أيضاً سلاحاً جوياً يهبط في الإمارات ويتدرب من فوق الخليج الفارسي أمام إيران.
كما أن رؤية إقامة منظومة دفاع جوي إقليمية تتضمن نشر جساسات في كل المنطقة تطلق الإخطارات عن هجمات صاروخية أو مسيرات إيرانية آخذة في التجسد.
وجاءت السيطرة العسكرية في السودان لتجمد خطط السلام معه حالياً. ولكن انتبهوا للسعودية، فهي كفيلة بأن تفاجئ، بل وفي عهد حياة الملك سلمان.
(6)
في الـ30 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أعلنت الولايات المتحدة استكمال مهمة جوية قادتها قاذفة نووية وشارك فيها الكيان الصهيوني و3 دول عربية متصهينة، مشيرة إلى أنها انطلقت من المحيط الهندي واستمرت لمدة 5 ساعات متواصلة وشملت 7 مناطق في الشرق الأوسط.
واستخدمت واشنطن في المناورة «بي بي لانسر» التي يمكن تكييفها لإطلاق قنابل خارقة للتحصينات ورافقتها مقاتلات «إف 16» صهيونية، وشاركها سلاح الجو البريطاني والناتو وطائرات سعودية ومصرية وبحرينية، حلقت جميعها فوق مضيق هرمز على مدخل الخليج ومضيق باب المندب بوابة البحر الأحمر.
وقال الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، إن سلاح الجو الأمريكي قام بالدورية الجوية المتعددة الأطراف مع شركاء الولايات المتحدة، مضيفا: «نحن أقوى معا».
(7)
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الولايات المتحدة سترد على الإجراءات التي تتخذها إيران ضد مصالح بلاده، بما في ذلك الضربات باستخدام الطائرات المسيرة.
وأضاف بايدن: «بالنسبة إلى موضوع كيفية الرد على العمليات الإيرانية ضد المصالح الأمريكية، سواء كانت عبر غارات بالمسيرات أم أي عمل آخر، نحن سنرد، وسنستمر في الرد».
(8)
«قد نشخص ما لا يقل عن أربعة تهديدات مباشرة على الأقل تستهدف «إسرائيل»: الأول هو: محاولة إيرانية لتأسيس قوة عسكرية في سورية تشبه «حزب الله». والثاني: محاولات إيرانية لمهاجمة «إسرائيل» بالسايبر. والثالث هو: قدرة إيران اليوم على مهاجمة «إسرائيل» بصواريخ جوالة وطائرات مسيرة مسلحة تصل من سورية والعراق واليمن. والأساسي هو: سلاح نووي من شأن إيران أن تنتجه في غضون وقت قصير نسبياً.
كثرة أنواع التهديد التي تنتهجها إيران تستوجب منا أن نكون جاهزين لسيناريوهين على الأقل من المواجهة العسكرية العلنية مع إيران: الأول: هجوم مباشر على «إسرائيل» بالصواريخ والمسيرات التي تستخدمها إيران أو المليشيات الخاضعة لإمرتها. وهجوم كهذا نفذ قبل سنتين ضد شبكة النفط السعودية، أدى إلى شللها وإن كان لزمن قصير. ولـ«إسرائيل» قدرات دفاعية أفضل مما للسعودية، ولكن هجوماً إيرانياً كهذا ضدنا قد يبرر، بل ويلزم برد «إسرائيلي» في إيران.
السيناريو الثاني هو في موضوع النووي الإيراني؛ وإذا لم تستأنف الولايات المتحدة وإيران الاتفاق أو استأنفتاه ثم خرقته إيران بشكل فظ، فستكون «إسرائيل» ملزمة وقادرة على مهاجمة منشآت النووي».
هكذا لخصت وخلصت غيورا آيلند كل ما سبق في مقالٍ لها في «يديعوت أحرونوت» العبرية.
(9)
أحبطت القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني محاولة أمريكية لقرصنة النفط الإيراني في بحر عمان، بعدما صادرت القوات الأمريكية حاملة نفط إيرانية ونقلت النفط إلى حاملة أخرى وأَحبط إنزال لقوات الحرس الثوري استكمال محاولة القرصنة، بحسب وكالة «مهر» الإيرانية.
(10)
في الساحة اليمنية، وفي علاقةٍ مباشرةٍ بكل ما سبق، ومع نهاية أكتوبر الماضي، اختتم التمرين البحري بين القوات البحرية الأمريكية ونظيرتها السعودية في البحر الأحمر. واشتمل التمرين المسمى «المدافع الأزرق 21» على عدد من السيناريوهات التي شاركت فيها القطع البحرية وقوارب الإسناد وسفن الإنزال ومجموعة من الطائرات العمودية.
كما التقى ضبّاط أمريكيون وسعوديون عدداً من قيادات المنطقة العسكرية الأولى ومليشيات حزب الإصلاح المرتزقة في وادي حضرموت، حيث تمّ الاتفاق على حشد عناصر من تنظيم القاعدة في اتّجاه جبهات القتال في جنوب مدينة مأرب وغربها.
وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، وبتمويل سعودي، أنشأت القوات الأمريكية المتواجدة في مطار الريان الدولي في مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت مدرجاً جديداً في الجانب العسكري من المطار بطول 350م تقريباً ويستقبل رحلة جوّية عسكرية يومياً، ومن ضمن الطائرات العسكرية الأمريكية والسعودية التي يستقبلها طائرات من نوع (C-130) المخصّصة للنقل العسكري والمعروفة بحمولتها الكبيرة.
ولوحظ وجود حركة شحن عسكري نشطة في المطار منذ فترة مع مغادرة طائرات نقل يُعتقد أنها أمريكية وأخرى عمودية أمريكية مطار الريان الذي يُستخدم كقاعدة عسكرية للقوات الإماراتية والأمريكية منذ النصف الأول من عام 2016، واستقبل في يونيو الماضي نحو 100 جندي أمريكي قَدِم معظمهم من مطار الغيضة في محافظة المهرة.
ووصلت شحنة أسلحة متنوّعة ومتطوّرة برفقة عناصر أمريكيّين إلى مقرّ لواء الدفاع الساحلي بدعوى «تأمين الهضبة الشمالية الغربية لمحافظة حضرموت».
التحرّكات الأمريكية الأخيرة على الحدود مع محافظة مأرب تأتي تلبية لمناشدة سعودية بتعزيز الدعم المُسدى لها في هذه المعركة.
وكان آخر دعم أمريكي معلن للسعودية إعلان وزارة الدفاع الأمريكية الخميس أنّ وزارة الخارجية أقرّت صفقة محتملة لبيع 280 صاروخ (جو-جو) من طراز (إيه آي إم-120 سي) للسعودية بقيمة تصل إلى 650 مليون دولار، بالإضافة إلى 596 منصة إطلاق صواريخ من طراز (إل إيه يو-128)، ومعدات وقطع غيار أخرى.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إنّها أقرّت الصفقة المقترحة في 26 تشرين الأول/ أكتوبر، مضيفاً أنّ مبيعات الصواريخ (جو-جو) تأتي بعد «زيادة الهجمات عبر الحدود على السعودية خلال العام المنصرم».
وقالت وكالة الدفاع للتعاون الأمني التابعة لـ»البنتاغون» إنّ من شأن الصفقة «تعزيز القدرة الدفاعية للسعودية في مواجهة التهديدات الراهنة والمستقبلية»، مضيفةً أنّ هذه الصفقة «ستدعم السياسة الخارجية للولايات المتحدة والأمن القومي الأمريكي».
وكانت مصادر مطلعة قالت لوكالة «رويترز» إن الرياض تريد أولاً أسلحة أمريكية لمساعدة المملكة في تعزيز أنظمتها الدفاعية في أعقاب هجمات «أنصار الله» على أراضيها بطائرات مسيرة عسكرية وصواريخ بالستية.
ونقلت «رويترز» عن مسؤول كبير بالحكومة الأمريكية طلب عدم الكشف عن هويته إن الدفاع عن المملكة السعودية هو التزام أمريكي حيوي.
وهذه هي أول صفقة أسلحة أمريكية كبرى معلنة للسعودية منذ تولي إدارة الرئيس جو بايدن السلطة وتبنيها سياسة عدم بيع سوى الأسلحة الدفاعية لحليفتها الخليجية، وهو التعهد الذي تبين أنه مجرد هراء انتخابي وذرف دموع تماسيحي لا غير.
(11)
تحدثت صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية عن «معركة مأرب»، واعتبرت أن «السعودية وإيران تراقبان عن كثب فيما المعركة المحوريّة في اليمن تقترب من نقطة مفصليّة محتملة».
ورأت الصحيفة أن السعودية تدخلت في اليمن لإيقاف «أنصار الله» من السيطرة على مدن رئيسية، و«منذ تلك اللحظة غرقت الرياض في وحل اليمن في محاولتها لدعم القوات الحكومية التي تتعرض للضغط».
واعتبرت الصحيفة أن «الإمارات، التي كانت في وقت ما تلعب دوراً بجانب الرياض، تبدو الآن وكأنها أخذت درباً مختلفاً في اليمن». يعني هذا، بحسب الصحيفة، أن «الرياض تخاطر بأن ترى حلفاءها في اليمن يخسرون معركة رئيسية على أبوابها في مأرب في اليمن».
الصحيفة أضاءت على الموقع الجغرافي للمنطقة التي «ستقع فيها المعركة». وقالت إن «مأرب تقع على بعد عدة مئات من الكيلومترات من الحدود السعودية؛ لكن إذا استولى (أنصار الله) على المدينة فستكون هزيمة معنويّة للسعودية».
وتحدثت «جيروزاليم بوست» عن «أنصار الله» وقالت إنهم يعتبرون أن «معركتهم ضدّ السعودية جزءاً من حربهم الشاملة على إسرائيل والولايات المتحدة، وأن مأرب مجرد حجر أساس».
ووصفت سيطرة أنصار الله «الحوثيين» على مدينة مأرب بمثابة استكمال لقوس التهديد الخطير على أمن «إسرائيل».
بدوره أكد الخبير «الإسرائيلي» في الشؤون العربية والشرق الأوسط يوني بن مناحم أنّ سلاح الطائرات المسيّرة الإيراني «أصبح سلاحاً خطيراً جداً في الشرق الأوسط».
وقال بن مناحم في تقريرٍ له نشره «المركز المقدسي للشؤون العامة» إنّ «سلاح الطائرات المسيّرة الإيراني الذي «طوّره الإيرانيون، يُظهر أداءات مثيرة للانطباع في حرب حركة أنصار الله ضد السعودية».
وأشار بن مناحم إلى أنّ الطائرات المسيّرة الإيرانية «أصبحت مصدر قلقٍ لا يتوقف للولايات المتحدة وإسرائيل، الذي كان قد اتضح للأمريكيين في عهد إدارة الرئيس ترامب في أعقاب الهجوم على منشآت نفط شركة أرامكو في البقيق في السعودية».
المصدر علي عطروس