«لا» 21 السياسي -
أربعة كوابيس تعيشها «إسرائيل» في البحر الأحمر، واليمن هو عنوانها الأساسي:
أولاً: «سوف نضرب أهدافاً حساسة». هكذا كان رد أنصار الله آخر العام الماضي على تعليق الصهاينة بشأن مراقبتهم الأوضاع في اليمن. لم تكن تلكم تهديدات عابرة، فالطائرات المسيَّرة اليمنية والقدرات الصاروخية تشكل تهديداً حقيقياً للكيان الصهيوني في جبهة البحر الأحمر، وذلك بحسب تنبيهات مراكز الأبحاث العسكرية الصهيونية نفسها.
على امتداد جغرافيا اليمن، التي يسيطر عليها الجيش واللجان الشعبية، لا تكون فرصة تهديد «إيلات» أكثر صعوبة من تهديد «أرامكو». تلك المقاربة التي ينطلق منها آري هيتسين، الباحث في مركز دراسات الأمن القومي الصهيوني، والذي مع تخفيفه جدية الخطر اليمني، إلا أنه يُقِر بأن قدرة «أنصار الله» على توجيه صواريخ بعيدة المدى أمرٌ ممكن، ليختصر كل ذلك في عبارة واحدة: «هو أمر واقعي، لكنه محدود».
ثانياً: في حرب عام 1967 جربت «إسرائيل» معنى إغلاق قناة السويس، ومضيق تيران، فما الذي يمكن أن يعنيه إغلاق نقطة أبعد: باب المندب؟ إغلاق باب المندب في وجه البواخر الصهيونية يُنتج ضرراً حقيقياً في التجارة الصهيونية، من ناحية الصادرات والواردات، على حد سواء.
ثالثاً: تشكل أحلام المدن السياحية الشاطئية جزءاً من الخطط الصهيونية المقبلة، بسبب الأرباح الاقتصادية من جهة، ومحاولة مد جسور التطبيع من جهة أخرى (سَمّى مركز كارنيغي هذا المشروع «دبلوماسية نيوم السعودية»). تقع مدينة نيوم في قلب هذا المشروع، وتشكل التكنولوجيا الصهيونية أحد أهم المدخلات في المشروع الذي يحتاج إلى منسوب عالٍ من الاستقرار، لا يمكن تحصيله من دون استقرار البحر الأحمر نفسه. إن ضياع فرصة الاستقرار العسكري في البحر الأحمر مكافئٌ لضياع الفرص الاقتصادية الصهيونية في هذه المدن الذكية.
رابعاً: تسعى الصين لتأمين أقصى ظروف الاستقرار في المناطق والمضائق، التي تمر فيها مبادرة الحزام والطريق. بالنظر إلى خريطة المبادرة ومضائقها وممراتها البرية، يشكل باب المندب حلقة وسيطة لا مفر منها لإنجاح المبادرة، في حين أن الوصول إلى المتوسط يضع ميناء حيفا في خانة أقلَّ أولوية بكثير بالنسبة إلى المبادرة، ولاسيما مع وجود بدائل عنها.
«إسرائيل»، اللاهثة بحذر من العصا الأمريكية خلف الرضا الصيني، تتمنى الاستفادة القصوى من المشروع. لكن باب المندب، في حال فرض خياراً صفرياً على الدبلوماسية الصينية، التي لا تفضل ذلك في كل الأحوال، فإن «إسرائيل» قد تجد نفسها، بسببه، في خسارة جسيمة لمشاريع تتضمن سكة حديدية بين «إيلات» و«أسدود»، أو الأنابيب الضخمة لنقل الطاقة والغاز.
* محمد فرج - «الميادين نت»