«لا» 21 السياسي
أعلن أمين عام مجلس التعاون الخليجي عن استضافة الرياض لما سماه «مشاورات يمنية لبحث مستقبل الأزمة»، بمشاركة الأطراف المعنية كافة بلا استثناء، في الفترة من 29 آذار/ مارس حتى 7 نيسان/ أبريل، مؤكداً أن دعوات المشاركة سترسل إلى جميع الأطراف وستعقد بمن حضر.
جاء رد صنعاء على لسان رئيس حكومتها عبد العزيز بن حبتور، الذي شدد على أن أول خطوة في أي حوار هي إيقاف العدوان، مشيراً إلى أن الدعوة ملغومة من دول العدوان التي تدعو إلى الحوار في العاصمة التي يُشن منها العدوان يومياً.
وأكد ابن حبتور أن رفع الحصار وفتح الموانئ والمطارات هي شروط أي حوار مع دول العدوان. وأضاف أن الدعوات والمبادرات السعودية هي محاولات لذرّ الرماد في العيون، وأن أي حوار مقبل يجب أن يجري على جغرافيا محايدة بين صنعاء والرياض، كما يجب أن يكون الوسيط مؤتمناً ومتوازناً بين جميع أطراف الحوار، والسعودية طرف وليست وسيطاً.
كما تحدث مصدر مسؤول إلى وكالة «سبأ» قائلا: «من غير المنطقي ولا العادل ولا الجائز أن يكون الداعي والمضيف للحوار الدولة الراعية للحرب والحصار».
لكن المصدر أكد: «نرحّب بأي حوار مع دول التحالف في أي دولة محايدة وغير مشاركة في العدوان، سواء من دول مجلس التعاون الخليجي أو غيرها»، مضيفاً: «نرحب بأي حوار تكون الأولوية فيه للملف الإنساني ورفع القيود التعسفية على ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي».
تزامن ذلك مع بدء المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، لقاءات في العاصمة السعودية، حيث التقى مسؤولين في حكومة المرتزقة على رأسهم ابن مبارك، مع تحركٍ موازٍ لواشنطن باتجاه الكويت وسلطنة عُمان ودفعهما لقيادة جهود لإقناع صنعاء بالمشاركة في اللقاء الذي تسعى من خلاله الولايات المتحدة لإخماد جبهة العدوان على اليمن لقطع الطريق أمام الأعذار الخليجية لرفع طاقة إنتاج النفط.
في التحليل، ثمة محاولة سعودية جديدة للظهور بمظهر الوسيط، بينما هي في الحقيقة طرف أصيل في عدوان تؤدّي كل مساراته إلى نتيجة واحدة، وهي هزيمة الرياض.
الهزيمة، التي تتأكد توالياً برغم كِبر الإنكار السعودي، تعاود الضغط على الرياض مجدداً عبر انتصارات مهمة تحققها قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية، وخصوصاً في مأرب، حيث تقدمت في اتجاه المدخل الجنوبي للمدينة، كما وحققت توسعاً مهماً غرب مديرية حرض باتجاه ميدي في حجة، إضافةً إلى احتدام المعارك مع القوات السعودية والمرتزقة السودانيين الموالين لها في جبهات جيزان وعسير.
بالتزامن نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية عن مسؤول سعودي وصفته بالكبير قوله إن سيطرة أنصار الله على محافظة مأرب ستعني خسارتهم الحرب «وسيُفتقد الأمن والاستقرار في المنطقة».
يقول ذلك المسؤول إن «الحوثيين يرفضون التفاوض أثناء محاولتهم السيطرة على مأرب»؛ فعن أي حوار يدعو إليه (الغريم) السعودي تحت اسم مجلس التعاون الخليجي فيما الجيش واللجان يستعيدون زخم الانتصارات في الجبهات؟!
إنه نداء استغاثة أخير أطلقه السعوديون لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي بدوره يستغيث بابن سلمان لزيادة ضخ النفط في إطار المواجهة الموجعة مع روسيا، وهي الزيادة التي يطلب ابن سلمان مقابلها انغماساً أكبر من الولايات المتحدة في الحرب على اليمن، ومد يد العون للسعودية في برنامجها النووي، وحصانة قانونية في الولايات المتحدة ضد الإجراءات القضائية.
يملك بايدن القدرة على منع الطائرات الحربية السعودية من التحليق إن أراد ذلك؛ فسلاح الجو الملكي السعودي يعتمد على الدعم الأمريكي والبريطاني لأسطوله الجوي المكون من طائرات (إف 15) المقاتلة ومروحيات الأباتشي وطائرات التورنيدو. لو أقدمت واشنطن أو لندن على سحب الفنيين التابعين لهما أو أوقفتا تدفق قطع الغيار، لبقيت الطائرات المقاتلة السعودية على الأرض؛ لكنه (بايدن) لم يزل حتى الآن مسكوناً بالخوف من تبعات الإقدام على تنفيذ هكذا أمر.
في الكواليس المحيطة بدهاليز الحوار السعودي ثمة تأكيد بأنها مجرد مشاورات بينية لأدوات الرياض من أجل إعادة تشكيل تلك الأدوات كبيادق (أعيد طلاؤها) للعب أدوار جديدة على مربعات رقعة شطرنج العدوان.
في النتيجة كان رد صنعاء أقرب إلى الرد القبلي المأثور: «مقبول مرجوع»، مرحبةً بالحوار بحد ذاته، مرجعةً تنفيذه إلى الغريم المقابل كطرفٍ أساسي في العدوان، مكررةً كما في كل مناسبة موقفها الثابت بألا جدوى من أي حوار في ظل العدوان والحصار، ولا خير منه إن لم تكن الرياض وأبوظبي طرفين صريحين فيه.