حاورتها: بشرى الغيلي / لا ميديا -
وجه إعلامي متميز، يحمل الكثير من الرؤى والأفكار التي ترتقي بالرسالةِ الإعلامية اليمنية على مستوى الداخل والخارج، لم تكتفِ بتخصصها الإعلامي في مجال الصحافة، بل درست تخصصا آخر فتح لها الآفاق، وأتاح لها انطلاقة أكبر نتج عنها “استيديو السابعة” على شاشةِ “الساحات”، لتتخصص في تناول قضايا عربية ودولية.. حيث أوضحت أن اليمن جزء لا يتجزأ عن هذا العالم ليكون حاضرا ومحاورا في كل القضايا المصيرية. بدأت حياتها من كليةِ الإعلام حتى أتيحت لها فرصة مغادرة أرض الوطن لتواصل شغفها الإعلامي من العاصمةِ اللبنانية بيروت ضمن فريق قناة الساحات الفضائية لتشكل هي وزملاؤها هناك صوتا قويا فضح آلة الحرب الهمجية التي كانت تقصف اليمنيين في الداخل وتعمل على تعتيم الحقائق وإعاقة نشرها للعالم. تعرضت لمحاولات استقطاب للعمل مع الطرف الآخر، عبر صور كثيرة وظلّت مؤمنة بقضيةِ وطنها العادلة التي لا تخضع لأي إغراء. سارة عبدالغفور المقطري إعلامية شقت طريقها بقوة، استضافتها “لا” على صفحاتها في أول حوار مطول لها، تفاصيل كثيرة وجميلة مع ضيفتنا من بيروت ضمن الحوار التالي.

اختياري للمجال الإعلامي نتيجة قصة
 13 عاماً أو تزيد عن ذلك هو عمر مشواركِ الإعلامي.. كيف تلخص سارة شغفها واختيارها المجال الإعلامـي لقراء «لا»؟
بداية أشكر اختيار صحيفتكم المميزة لي كي أكون ضيفة على صفحاتها، وهي التي طالما قدمت للقارئ عملا صحفيا مبدعا وبديعا. حقيقة طالما كانت قناعتي أن قيمة الإنسان هي ما يضيفه إلى الحياة بين ميلاده وموته، ومنذ اختياري لمجال الإعلام والذي بالمناسبة لم يكن عشوائيا، فوراء اختياري هذا المجال قصة أحب أن أشارككم إياها فعندما كنت في مرحلة الإعدادية ذهبت مع أختي لزيارة صديقتها التي كانت تعمل صحفية والتي بدأت تروي لنا كيف كانت تقوم بعمل التحقيقات وتفضح الفساد الذي كان ينخر مؤسسات الدولة حينها، حتى إنها كانت تضطر أن تتقمص شخصية غير شخصيتها لكي تستطيع كشف الحقائق وتقديم المعلومة للقارئ، من لحظتها لمعت في رأسي فكرة الصحافة والعمل في هذا المجال المليء بالشغف حقيقة، عملت جاهدة بعدها كي أدرس الصحافة ومتابعة كل ما يتعلق بهذا المجال، من صحف ومجلات وكتاب وصحفيين وغيره، وعند دخولي الجامعة ومنذ العام الأول بدأت أضع قدمي على أول الطريق من خلال الكتابة لبعض الصحف والتي حقيقة لم تكن سهلة لكنها جعلتني أقف بقوة في هذا المجال لتتوالى بعد ذلك الخطوات بأن انتقلت للعمل في الإذاعة بشغف أكبر وحب أوسع، علما أنني كنت أدرس في الجامعة حينها، وبعدها بفترة وجيزة انتقلت للتلفاز وكنت حريصة على أن أتدرج بالشكل السابق إيمانا مني بأن الإعلامي يجب قبل أي شيء أن يكون صحفيا.

كلاهما يكمل الآخر
 إعلام، وعلوم سياسية.. هل وجدتِ أن كليهما يكمل الآخر، أما أن هناك اختلافا بينهما؟ وهل تخصص العلوم السياسية أفادكِ في المجال الإعلامي؟
فعلا كلاهما لا يمكن أن ينفصل عن الآخر بخاصة لمن يعمل في الإعلام وأنتِ تعرفين أن الإعلامي يجب أن يبقى مطلعا على كل شيء، فكما أن المثقف هو الذي يعرف شيئا من كل شيء، الإعلامي كذلك والعلوم السياسية أساس لكثير من الأمور، ومن العلوم، أما السياسة فمن خلال دراستي وجدت أن السياسة أساس لكل شيء وهذا ساعدني كثيرا في تفسير أشياء على مستوى الحياة العامة، وأضاف لي الكثير على مستوى العمل الإعلامي.

قصور حكومي
 كإعلاميين يمنيين في جبهة مواجهة العدوان، كيف تنظرون إلى الاهتمام الحكومي بكم، وبهمومكم؟ وهل هناك خطوط اتصال أم أنكم بحكم المغترب البعيد عن الاهتمام الرسمي؟
حقيقة كان لنا الشرف أنا وزملائي في قناة الساحات أن نكون من أعمدة الوطن التي ارتكز عليها للوقوف في وجه الإعلام وبطبيعة الحال إعلاميو الجبهة الإعلامية الذين بات العدو يخافهم كخوفه من صواريخ اليمن ولا يستطيع أحد أن ينكر أننا كنا كإعلاميين خاصة في الخارج خنجرا أربك العدو منذ اليوم الأول، الاهتمام الحكومي حقيقة لن أسميه تجاهلا ولكن هناك قصورا كبيرا بالاهتمام بجبهة الإعلام الخارجي، وجودنا في الخارج واغترابنا يفترض أن يكون أساسا للاهتمام الأكبر، وليس مبررا للقصور، لكن دورنا وواجبنا وإيماننا بأننا نتكامل مع المؤسسة الرسمية مهما كانت الظروف هو دافع أساسي للمضي قدما.

من البرامج النادرة محلياً
 “استيديو السابعة” الذي يناقش أحداث المنطقة مع ضيوف عرب، يعد من البرامج المهمة على شاشةِ “الساحات”.. ما لفكرة التي دفعتكِ للبرنامج؟ وهل لمستِ من خلاله أن الإعلام، والعلوم السياسية تجسدا فيه؟
حقيقة “استيديو السابعة” أعتقد أنه من البرامج النادرة التي تُعرض على قنواتنا المحلية كونه يناقش كل يوم حدثا ما محليا أو عربيا أو دوليا في إطار حوار مع ضيف أو أكثر وأحداث العالم لا يمكن فصلها عن اليمن لأن اليمن جزء من العالم، بل اليمن جزء أساسي من العالم، اليوم مثلا لا يمكن الحديث حول الحرب في اليمن والحرب في سوريا والعراق وليبيا وفصلها عن مشروع كونداليزا رايس “الشرق الأوسط الجديد”، لا يمكن الحديث عن الإرهاب والحروب الملونة وثورات الربيع العربي والدولة العميقة، ومشاريع التطبيع دون الحديث عن أمريكا وصراع الأقطاب، بالتالي نحن نناقش ونحلل ونفسر أحداث العالم لذلك كان “استيديو السابعة”.

تقديم أفضل ما يمكن
 10 سنوات من الغربة للعمل في بيروت كيف قضيتها؟
حقيقة أكثر ما كان ومازال يشغلني هو عملي وتقديم أفضل ما يمكن أن يقدم، درست خلال هذه الفترة تخصصا آخر، وهو العلوم السياسية، حاولت أن أتقن اللغة وتعلم لغات جديدة، أكتب أحيانا لبعض الصحف المحلية والعربية، لكن مكسبي الأكبر وانشغالي الأوسع هو عملي في قناة الساحات وظهوري على شاشتها.

رُب ضارةٍ نافعة
 كيف تقرئين المشهد الإعلامي في اليمن؟ وهل قضايا المرأة اليمنية حاضرة في الإعلام المرئي؟
حقيقة المشهد الإعلامي في اليمن وكما ذكرت سابقا أنه كان عمودا وحجر أساس خلال العدوان على اليمن، ورب ضارةٍ نافعة على الرغم من ألم العدوان إلا أنه كشف صلابة اليمني وذكاءه، وقدرته سياسيا وعسكريا وثقافيا وحتى إعلاميا، لن ننسى كم قمع إعلاميين، وكم كسرت أقلام وأسكتت أفواه في فترات سابقة، ولم يكن الشهيد الصحفي عبدالكريم الخيواني رحمه الله أولهم، لكن اليوم المشهد مختلف إذ نملك الحرية والأهم أننا نملك الإرادة، والمهم الأهم أن نرتقي أكثر بما وصلنا إليه، الإعلام ليس وظيفة تبدأ الساعة 8 وتنتهي 2 أو 3، إعلامنا أصبح مؤثرا فيجب أن نرتقي ونهتم به أكثر لن يكون بيوم وليلة، لكننا نسير بخطوات ثابتة، أما على مستوى المرأة اليمنية فأعتقد أن كثيرا من قضايا المجتمع غائبة إلى حد كبير، وليس فقط المرأة، انشغل إعلامنا بالعدوان لكن أمامنا ما هو أخطر من العدوان العسكري لأن العدوان الثقافي والاجتماعي واختراق الأسرة والمرأة والطفل سلاح للعدو فإن لم نحصن مجتمعنا عبر الإعلام وقضايا المرأة والطفل في الفترة القادمة سننهار من الداخل وهذا أخطر من الحرب العسكرية.

يعيشون في سجنٍ كبير
 شاركتِ في جولات مشاورات غير معلنة في تونس والتقيتِ بالكثير من السياسيين من الطرف الآخر، كيف وجدتهم؟ وكيف تصنفين رؤيتهم لما بعد الحرب؟
حقيقة لا يوجد يمني عاش وتنفس هواء هذا الوطن لا يحبه، وحقيقة الكثير منهم يحن لهذا الوطن ولا أبالغ إن قلت إن الكثير منهم يتمنى العودة إلى الوطن، وتحت مظلة سلطة المجلس السياسي الأعلى لكن المقصلة السعودية أو الإماراتية تلاحقهم، عندما كنا نتناقش كان يدرك الكثير أن ما يجري في اليمن هو عدوان، لكنهم عاجزون عن التصريح بذلك، البعض منهم يملك رؤية حقيقية تشاركية، رؤية وطن يجتمع فيه كل يمني تحت مظلة الجمهورية اليمنية، لكن الأوامر السعودية كانت تملي عليهم ما سوف يقولون، وما سينقلون، وما سيكتبون وكأن منشار ابن سلمان ينتظرهم في كل لحظة، أما البعض الآخر فقد أخذته العزة بالإثم، فلا أسف عليهم، تمنيت ومازلت أتمنى لهم الحرية، هم في سجن لا يعلم به إلا الله.

وجدت نفسي أكثر في السياسية
 بدأتِ كمقدمة برامج ثقافية في الإعلام المسموع.. أين وجدتِ نفسكِ أكثر في السياسية أم الثقافية؟
صحيح بدأت عملي في الإعلام المسموع خلال برنامج ثقافي برنامج أبواب وأيضا في الإعلام المرئي برنامج أروقة ثقافية، لكن حقيقة البرامج السياسية لها لمسة مختلفة على الرغم من أهمية البرامج الثقافية لكني وجدت نفسي في السياسية أكثر.

بيروت واقعيا أرقى
 كإعلاميين عشتم في بيئة مختلفة عن اليمن هل يمكن أن تنقلوا تجارب جديدة وأفكارا مختلفة للداخل اليمني، بخاصة أن بيروت تعتبر مدرسة في المجال الإعلامي؟
حقيقة سؤال مهم، عندما انتقلت إلى بيروت كانت هناك صورة نمطية لدي، وربما لدى الكثير أن الإعلام في بيروت هو ما كانت تقدمه لنا بعض القنوات المدجنة عن هذه المدينة وعن الإعلام فيها صورة بكل صراحة تقول إن الإعلام فيها عبارة عن سهرات مطربين وبرامج للمشاهير، وغيرها.. لكن بيروت ليست كل ذلك هناك إعلام فعلا هو مدرسة، وهنا أقصد إعلام المقاومة، إعلام مجتمع المقاومة حقيقة إعلام يحمل مبدأ يحمل رسالة يحترم المشاهد يحمل قيما وأخلاقا حقيقة لا تملكها إمبراطوريات الإعلام في عالمنا العربي، إعلام يقول ليس من الصحيح أن تكذب لكي تقنع المشاهد، ليس من المهم أن تقدم المرأة الخليعة كي تجذب المشاهد، إعلام يدخل إلى كل بيت، يقدم الأغنية الراقية، والمسلسل الهادف والفيلم المسؤول والخبر الدقيق، إعلام يهتم به العدو قبل الصديق إعلام إيمان أساسه شباب واع يعمل للقضية، وليس لكسب المال فقط، وقف في وجه إعلام الصورة الفاضحة، حقيقة أشكر الله أنني تعلمت الكثير من هذا الإعلام الراقي، ولكل من ترك بصمته ويجب أن ننقل التجربة، ليس فقط إلى إعلامنا اليمني بل إلى الإعلام العربي ككل.

كل الاحتمالات ممكنة
  في ظل الهدنة هل تفكرين بالعودة لليمن؟
كل الاحتمالات واردة.

عند كل مطب كانت “الساحات” تقف بقوة
تدرجتِ للعمل في “الساحات” منذُ نشأتها وتنوعت برامجكِ ما بين الثقافية والاجتماعية والسياسية.. كيف تصفين قناة الساحات بعد هذا الرصيد الكبير؟ وأين ستحطين رحالكِ ما بعد مشوار “الساحات”؟
أستطيع أن أقول أنا نشأت مع “الساحات”، و”الساحات” نشأت معي، “الساحات” نشأت بلحظة فارقة بتاريخ اليمن وتاريخ العمل الإعلامي في اليمن، ومرت بمطبات كثيرة لكن عند كل مطب كانت تقف وبقوة، “الساحات” جمعت في طاقمها كل اليمنيين وجمعت أيضا اليمنيين من محبين ومتابعين شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، “الساحات” كانت وستبقى لسان حال كل يمني تقول الحق وتدافع عنه ليس كشعار بل كمبدأ، هذا الرصيد الكبير والمحبة وحتى الانتقاد هو رأسمالنا، وعندما تحيد قناة الساحات عن هذا المبدأ سينتهي مشواري فيها.

الشاشة هدف
 كثير من الإعلاميين استخدموا الشاشة للوصول إلى أهدافهم، إلى ماذا تطمح سارة المقطري؟ وأين تجد نفسها بعد الشاشة الصغيرة؟
فعلاً، الشاشة كانت هدفا وليست غاية، ولكن مازال هناك الكثير، أما خارج الشاشة فربما التأليف والكتابة طريق سأسلكه إن شاء الله.

شكرا لبنان
  هل شعرتِ أن لبنان وفر حاضنة للإعلاميين اليمنيين في ظل العدوان على اليمن؟
نعم لبنان بلد معطاء احتضن ويحتضن الكثير من شعوب العالم، لبنان بمقاومته احتضننا كإعلاميين يمنيين ووفر لنا بيئة نموذجية للعمل، والعيش وللتعلم، أقل ما يقال بحق هذا البلد، شكرا للبنان، وشكرا لمقاومة لبنان التي لولا الإيمان بوحدة الوطن والقضية لما كنا استطعنا أن نوصل أصوات اليمنيين -الذين كانت آلة القتل والتدمير تنحرهم- إلى العالم. وفعلا كلمة شكر لكل صوت عربي نقل ألمه وساند اليمن، وبكى على ما يحدث لليمن من خلال قناة الساحات أو أي وسيلة إعلاميه احتضنها لبنان المقاوم والشكر الأكبر لسيد المقاومة الذي كان ومازال يحمل هم ووجع اليمن على عاتقه انطلاقا من وحدة القضية.

محاولات استقطاب كثيرة
  في ظل الاستقطاب المحموم للإعلام والإعلاميين هل هناك محاولات تعرضتِ لها لاستقطابكِ للطرف الآخر؟
لا أخفيكِ سراً نعم كانت هناك محاولات للاستقطاب والعمل مع الطرف الآخر، والبعض تجاوزها بتقديم دعوات للمشاركة في مهرجانات وفعاليات يقيمها الأمير(...) لكن بالتأكيد قابلتها بالرفض.

أرجح كفة دراما زمان
  «دراما زمان« البرنامج الذي قدمته على شاشةِ «الساحات» في رمضان.. كيف تقيمين اليوم دراما زمان، والدراما الجديدة، الدراما اليمنية إلى أين؟ ما الذي لفت انتباهكِ بدراما زمان يمنيا وعربيا؟
“دراما زمان” كانت تجربة جميلة على الرغم من صعوبتها كوني لست من هواة مشاهدة المسلسلات على الرغم من مشاركتي في أداءٍ تمثيلي في أحد المسلسلات الإذاعية في العام 2011، لكن “دراما زمان” تعرفت من خلاله على بعض المسلسلات وتواصلت من خلاله مع ممثلين يمنيين، وعرب، وما بين الماضي والحاضر، عربيا بالتأكيد أرجح كفة دراما زمان التي كانت تقدم فكرة وقيمة ورسالة، أما على مستوى اليمن فالغلبة للدراما الجديدة التي باتت تغوص في المجتمع اليمني أكثر بعيدا عن تقديم اليمني كإنسان ساذج بكل المقاييس والتي كانت ترتكز عليها دراما زمان نتيجة السياسات التي كانت فرضت على اليمن سابقا.

وردة على ضريح والدي
  في ختامِ هذه الدردشة الجميلة معكِ تمنحكِ “لا” ثلاث وردات جورية، من يستحق إهداءها من سارة؟
الوردة الأولى سأرسلها وأضعها على ضريح والدي الذي غادرنا منذ عامين ولم أستطع أن أزوره أو أشاهد وألمس فخره واعتزازه بي على مدى ثماني سنوات من عدوان ظالم حرمني من تقبيل رأسه وهو حي فكيف وقد رحل، الوردة الثانية سأهديها لوالدتي التي كانت قوية وقوتني ببركة دعائها وفضلها كما سأرجوها أن تزرع هذه الوردة على باب بيتنا ليصل عبيرها لأخواتي وإخواني الذين كانوا لي داعمين مؤازرين كل الحب لهم، أما الوردة الثالثة فهي لكل مشاهدي ومتابعي سارة المقطري الأعزاء، كل الشكر لكم أنتم أيضا أسرة صحيفة “لا” ولكِ عزيزتي بشرى.