ترغب «إسرائيل» في تشكيل تحالف عسكري علني مع دول الخليج كجزء من استراتيجيتها في المنطقة. لكن بالنسبة لعواصم الخليج فإن «الطموحات الإسرائيلية تُخاطر بالكثير ولا تقدم سوى القليل»، بحسب تقرير أعدته آنا جاكوبس ولور فوشر، نشرته «مجموعة الأزمات الدولية» على موقعها.
أبوظبي والمنامة تشتركان في وجهة نظر مع عواصم خليجية أخرى مفادها أن إقامة تحالف عسكري مع «إسرائيل» ضد طهران ينطوي على مخاطر كبيرة للغاية، ليس أقلها إثارة حرب مع إيران، عدا عن أن فوائده محدودة جداً. ومن ثم، فإن الخليجيين ينأون بأنفسهم صراحة عن أي شيء من شأنه أن يضعهم في صراع مع إيران. ومن المرجح أن يستمروا في هذا المسار، سواء نجحت محادثات الاتفاق النووي أو فشلت.
السعودية والإمارات، اللتان -تقليدياً- اتخذتا مواقف صارمة تجاه إيران أكثر من جيرانهما الخليجيين، هما الدولتان اللتان عدلتا بشكل ملحوظ نهجهما تجاه طهران. أصبحت الرياض وأبو ظبي، وبشكل متزايد، تنظران إلى الولايات المتحدة (الضامن التقليدي لأمنهما) على أنها غير موثوق بها.
وكان الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للرياض وأبوظبي هو رد إدارة ترامب الفاتر عندما تعرضت منشآت نفط «أرامكو» السعودية وسفن تجارية في الممرات المائية الخليجية في عام 2019 لهجمات من قبل أطراف ربما تكون مرتبطة بإيران.
كذلك شعرت دول الخليج بالقلق عندما اغتالت الولايات المتحدة اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي. وفي الآونة الأخيرة، شعرت أبوظبي بالغضب عندما تجاهلت إدارة بايدن الهجمات التي شنها الحوثيون في كانون الثاني/ يناير 2022. هكذا خلصت الإمارات والسعودية إلى أنه يتعين عليهما إيجاد طرق جديدة لتوفير أمنهما بشكل أفضل. وفي حين أنهما ما زالتا تنظران إلى إيران على أنها تهديدٌ، وما زالتا تشاركان في صد جماعات متحالفة مع إيران في مناطق الصراع (مثل اليمن)، فقد قررتا إضافة الدبلوماسية إلى مجموعة أدواتهما.
في أعقاب الهجمات التي وقعت في منتصف عام 2019، أرسل ولي عهد الإمارات آنذاك محمد بن زايد (أصبح حاكما للبلاد) العديد من كبار مسؤوليه الأمنيين، بينهم شقيقه ومستشار الأمن القومي الشيخ طحنون بن زايد، إلى طهران، في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، لمناقشة قضايا الأمن البحري والمساعدة في تهدئة التوترات. وفي أوائل عام 2021، وسَّع البلدان حوارهما، وبلغ ذروته بعدما قام مسؤولون إماراتيون كبار، بينهم طحنون، بعدة زيارات إلى إيران. وفي آب/ أغسطس 2022، أعلنت الإمارات استعادة علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بشكل كامل، وعيَّنت سفيراً لها في طهران لأول مرة منذ ست سنوات. وبالتوازي، أطلقت القيادة السعودية مبادرتها الخاصة، وأرسلت رئيس استخباراتها للقاء وفد إيراني في بغداد. حتى الآن، التقى مسؤولون استخباراتيون وأمنيون سعوديون وإيرانيون خمس مرات، كان آخرها في نيسان/ أبريل الماضي، وناقشوا المخاوف الأمنية الإقليمية، بما في ذلك الحرب في اليمن.
يجري التعاون الأمني R03;R03;الهادئ بين السعودية و»إسرائيل» منذ عقود. ومن المرجح أن تستمر بعيداً عن الأنظار لوقت ما. في غضون ذلك، ستواصل الرياض الحوار مع طهران حول كيفية خفض درجة التوتر في الخليج.
ماذا بعد؟ تعتزم «إسرائيل» الاستمرار في الضغط من أجل تعزيز التعاون العسكري الإقليمي كحصن منيع ضد القوة الإيرانية والتهديد النووي. في ضوء الرفض الخليجي يبدو أن المكان البديل الوحيد لبناء جسور هو القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، التي تمنح «إسرائيل»، وللمرة الأولى، مقعداً على طاولة واحدة مع ضباط من الجيوش الإقليمية ونظرائهم الأمريكيين. كما تسمح لها أن تشارك في اجتماعات وتدريبات إقليمية دون تعريض حكومات الخليج (خاصة تلك التي لم تُطبع) لانتقادات في الداخل، وتوفر لها «منصة» لتطوير علاقات عسكرية ثُنائية مع مزيد من دول الخليج. ومع ذلك، قد لا يؤدي كل هذا إلى بلورة «ناتو شرق أوسطي»؛ فهذا أمرٌ لا يريده الخليج ببساطة.

* النص بالإنكليزية على موقع 
«مجموعة الأزمات الدولية».
آنا جاكوبس متخصصة في شؤون دول الخليج الدوحة ولور فوشر مخصصة
 في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.