إذا لـم نستعد بنــك الرواتب فليستعد بنــك الأهــداف
- تم النشر بواسطة «لا» 21 السياسي

«لا» 21 السياسي -
استمر الكلام وما يزال الحديث يلف ويدور حول رواتب اليمنيين المنقطعة ومعاشاتهم المقطوعة منذ اتخذ العدوان قرار حربه الاقتصادية بنقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى جيب الرياض وجُّب أبوظبي يوم الـ19 من سبتمبر 2016 (بالمناسبة، وفي ليلة الذكرى الثالثة لذلك اليوم ضرب اليمنيون مصافي أرامكو السعودية في بقيق وخريص موقفين نصف الإنتاج النفطي السعودي و5٪ من الإنتاج العالمي).
قبلها لم ينقطع صرف الرواتب عن كل الموظفين، بمن فيهم قيادات المرتزقة (في إحدى جلسات مباحثات الكويت سأل وزير خارجية العملاء الخائن عبدالملك المخلافي، رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبدالسلام، عن سبب تأخر تحويل راتبه إلى حسابه البنكي لبضعة أيام، لتتم طمأنته بأن المانع تقني ووعده بسرعة الصرف).
بعدها نكث الخونة بتعهدهم أمام الأمم المتحدة في الاستمرار بصرف الرواتب في سياق مبرراتهم لقرار نقل البنك. كان من الواضح أن الهدف من القرار هو محاولة تجويع وتجريع وتركيع اليمنيين ودفعهم من متارس الصمود إلى مربعات الاستسلام.
وفي سياق ظاهره تحليله للهدنة وراهن عدم تجديدها وباطنه حنقه من تهميشه في دائرة المرتزقة المقعدين، يتحدث السفير السابق بوزارة الخارجية في حكومة الخونة والمقيم في الرياض مصطفى نعمان، لموقع «إندبندنت عربية» السعودي، عن الرواتب قائلاً: «الواقع أن مسألة المرتبات لجميع المسجلين في ملفات الخدمة المدنية وكذا المتقاعدين تحولت من قضية حقوقية بحتة، فأخذت منحى إنسانياً بامتياز؛ لأنها حرمت كل الموظفين المقيمين خارج مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً من حقوقهم من دون مبرر، سوى أنهم لم يلتحقوا بها، فكان العقاب غير الأخلاقي وغير القانوني هو حرمانهم من مرتباتهم منذ عام 2016 بقرار سياسي متعجل وغير إنساني. ويفهم الجميع أن الحكومة التي ترفض تسليم مرتبات الموظفين الرسميين ومستحقات المتقاعدين، تفقد جزءاً كبيراً من شرعيتها وقبولها عند الناس».
ويضيف نعمان: «وتقول الحكومة إن الحوثيين يستولون على الإيرادات التي يتحصّلونها في مناطق سيطرتهم، بالتالي فإنها ترى أنهم مسؤولون حكماً عن دفع مرتبات العاملين في المؤسسات الحكومية، متجاهلة أن ذلك يصبح اعترافاً منها بتخليها عنهم، واعترافاً ضمنياً بسلطة الحوثيين، ودعوة مفتوحة منها لمطالبتهم بالنزوح إلى مناطقها، وفي كل الأحوال، فهي ترتكب خطأ سياسياً وأخلاقياً وإنسانياً».
ويشير نعمان إلى أنه «لن يكون كافياً الاتفاق على أن 2014 هو عام الأساس لصرف المرتبات؛ إذ إن هذا سيعني إسقاط كل التعيينات التي تمت خارج الأطر القانونية بعد ذلك العام»، ويضرب أمثلةً عما سماه «العبث الذي جرى» من قبل حكومة المرتزقة التي يواليها منها بحسب قوله: «وزارة الخارجية هي النموذج الفاضح لسوء الإدارة منذ 2015، إذ جرى العبث بقوامها وطريقة التعيين فيها، وأصبحت دار رعاية اجتماعية ومجاملات سياسية وتوظيفاً غير قانوني. وجرى كل ذلك تحت ستار «التوجيهات العليا»، فازدحمت السفارات بأبناء وأقارب ذوي النفوذ، وجرت ترقيات عشوائية نسفت كل اللوائح، واستولت أعداد كبيرة على مواقع كثيرة من دون استحقاق قانوني، ومن دون تأهيل على حساب الكادر الأصلي للوزارة، الذين فقد أغلبيتهم حقهم الأصيل في التعيينات، وجرى استبدالهم بكادر أبعد ما يكون عن قدرة تمثيل بلادهم. والأكثر مدعاة للقلق هو تضخم الملحقيات التي لا تؤدي أي مهمة سوى أن صارت مصدر إعاشة للعاملين فيها، كما جرى التمديد غير القانوني لسنوات طويلة لكل السفراء وأغلب الدبلوماسيين، وطال بقاؤهم في الخارج لسنوات طويلة خارج القواعد المعروفة».
وفي خلاصة ما أدلى به نعمان كـ»شاهد من أهلها» يقول: «لقد صارت مواصلة العبث بالوظيفة العامة والتعيينات، التي لا تمر عبر القواعد المنظمة المعروفة، منهاجاً للعمل خلال السنوات الماضية، وأضحت التجاوزات هي القاعدة لا الاستثناء، ومن السذاجة تصوّر أن عام 2014 سيظل صالحاً كمحدد لصرف المرتبات، لأن تجاهل من تم ضمهم إلى الخدمة بعد ذلك التاريخ سيشكل أزمة اجتماعية».
ما سبق كان واحدة من شهادات الخونة عن ارتزاقهم وعن حقيقة أمر الرواتب، وهي الحقيقة التي عمل -وما يزال- إعلام العدوان ومرتزقته على تحريفها واشتغل على الضد من واقع الأمور بالمتاجرة اللعينة بمعاناة ملايين اليمنيين والمشاجرة الملعونة للحصول على فتات التعيينات القذرة ومداخيلها الوسخة، وهي أيضاً الحقيقة التي استغل بعض ما شابها وشابهها من ظلال وضلال لحقن الشارع الوطني بالزور والزيف كمحاولة بائسة لاستثارة آلامه باتجاه هتك حرمة الداخل وتثوير آماله نحو فتك حرام الخارج.
لا نزايد ولا نزيد إن قلنا إنه وفي مقابل استمرار تمسك الطرف الوطني بصرف المرتبات كافة من دون تجزئة من عائدات مبيعات النفط والغاز وفق آلية شفافة لا يكون متحكماً بها من قِبَل عواصم العدوان وعلى دفع معاشات جميع الموظفين وبالعملة التي يباع على أساسها الخام (أي الدولار) إلى جانب المطالبة بضمانات تكفل مواصلة الصرف من دون توقُّف على أن يتم الاتفاق على آلية مرنة تفضي إلى دفْع المتأخرات المستحقة للموظفين والبالغة -وفق التقديرات- نحو أربعة مليارات دولار، تساوم دول العدوان -بيدها وبلسان أدواتها- بهكذا ورقة إنسانية ما تزال لديها -حتى الآن على الأقل- تفادياً لإهانةٍ أخرى تتلقاها وتمادياً في مهانةٍ كبرى تغرق داخلها.
ختاماً، وفي إتمامٍ لكل ما سبق، فإن رسالة صنعاء لتحالف العدوان كانت وستبقى حازمةً وحاسمة: إما أن نستعيد حساب بنك اليمنيين منكم، وإما أن تستعدوا للمحاسبة عبر بنك الأهداف لديكم.
المصدر «لا» 21 السياسي