«لا» 21 السياسي -
بعد توقيع «اتفاق أوسلو» الخياني طرح الصهيوني شيمون بيريز، كوزير خارجية في حكومة الصهيوني الآخر إسحاق رابين، ضم كيان الاحتلال إلى الجامعة العربية. ولم يتحقق ذلك حينها منتصف تسعينيات القرن الماضي، لأسبابٍ تعود لتكتيكات الاستراتيجية الصهيونية، ولا تتعلق بممانعة قطيع الحكام العرب من اللحاق بزريبة الزنانير، خاصةً وأن «الثور فرْ» كما تقول إحدى لافتات أحمد مطر.
بعد أكثر من ربع قرن (ثور) حولت «إسرائيل» نفسها من عشيقة يخفي الجميع علاقاتهم معها إلى معشوقة يمضي خلفها وخلف أوامرها القوادون من قادة النفط والغاز وقيادات الرمل والحصى.
28 عاماً منذ طلب بيريز ضم الكيان إلى كيان الجامعة العربية تنتهي اليوم بانضمام الكيان البعراني إلى الكيان العبراني، وبتقديم ناطق جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، دروساً مشتركة مع سديس الدرعية وأبو الغيط بُرعي في الحديث المكذوب واللغة المزيفة والتاريخ المزور والجغرافيا المسروقة.
بمناسبة الجغرافيا والتضاريس أتذكر مقولةً لافتةً للصديق الدكتور علي جرعون يعقد من خلالها مقارنةً كاشفة: «أعلى قمة في العالم هي قمة إيفرست في الهيمالايا و»أوطا» قمة في العالم هي القمة العربية».
***
«عربٌ أطاعوا رومهم..
عربٌ وباعوا روحهم..
عربٌ وضاعوا»!
هكذا يجيب محمود درويش على تساؤل نزار قباني بـ»متى يعلنون وفاة العرب؟!»
كالعادة «قمم قمم.. معزى على غنم». وكما هو متوقع فلا تعديل في خطاب الكُّتّاب، ولا تبديل في مخاطبة مظفر النواب للمجتمعين حول البيان الختامي المختوم على أقفيتهم بكعب حذاء اليانكي:
«أولاد الـ... لا أستثني منكم أحداً»!
تأكيدٌ بأنَّ... وتشديد على... وتسديد في... وتمديد إلى... وترديد «حي على البيان»، ولا جديد سوى خلو البيان من مفردات التنديد والتهديد والوعد والوعيد، وغير ما سلف عليه الأعراب من التأكيد على التمسك بوريقة توت التهويد المسمومة المختومة بقلم الصهيوني برنارد لويس، المسماة بمبادرة السلام العربية!
وكما عنون العظيم عبدالله البردوني إحدى رؤاه «اجتماع طارئ للحشرات»، سموا لقاءهم الواحد والثلاثين قمة «لم القمل» تعبيراً للرؤية وتفسيراً للرؤيا.
كان واضحاً حُسن نوايا الجزائريين، كما كان فاضحاً سوء منقلب وأدب المتغيبين من قيادات الصهينة وقادة «الأسرلة» ومنع طنين الأذن الوسطى «مبس» من الانضمام إلى (طنانة) البقية أمام عرين الأسود، ومنح طحين رحى «تل أبيب» «مبز» الفرصة للاستحمام مع نتنياهو في بِركة الليكود وبَركة اليهود وللاستجمام (ملط) بين بارودة الحوح وبارود عدي التميمي.
اختار الجزائريون واحدا من أهم تواريخهم الوطنية للم شمل القمل في ذكرى يوم الثورة مفتتح تشرين الثاني/ نوفمبر؛ غير أن مصادفة يوم اللمة لذكرى «وعد بلفور» لم تكن في حسبان تبون ولا من حسابات العمامرة؛ لكنها بالتأكيد كانت جردة حساب تاريخية.
زايدوا كما العادة على فلسطين، وناقصوا باسمها للمرة الواحدة والثلاثين بعد الألف، فيما تغيب رئيس لجنة القدس، محمد السادس، ووصي المقدسات، عبدالله الثاني، عن حضور العرض، لانشغالهما بالمُكاء من أجل غانتس ولابيد، ولاشتغالهما في التصدية لنتنياهو وبتسائيل سمو تشريش وايتمار بن غفير.
في مشهد الصورة الرسمية لنزلاء دار العجزة العرب تذكرت ما أثارته قبل أشهر الصورة الختامية لمؤتمر بغداد للتعاون والشراكة من حساسية أعراب الفيسبوك وعرب التويتر.
لم يكن السبب حضور الرئيس الفرنسي ماكرون ذلك المؤتمر وإعلانه إبقاء قواته في العراق حتى وإن انسحبت القوات الأمريكية، بل كان السبب ظهور وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، في الصف الأول وأمام وزيري خارجيتي السعودية وتركيا. غير أن اصطفاف الأراجوز العليمي -خلاف البروتوكول- في الصف الخلفي وخلف وزراء خارجية لم يثر أي حساسية افتراضية؛ ولسببٍ بسيطٍ للغاية: لم ينتبه له أحد؛ لأنه لا أحد!