حاورتها: بشرى الغيلي / لا ميديا -
من دفء شواطئ عروس البحر الأحمر الحديدة الساحرة وغلالتها البيضاء العذبة، من ضفاف بحرها الفضي بلون الفجر، ورماله الذهبية بزغ نجم ضيفة صحيفة «لا» الموسوعية سماح محمد حلقوم من إذاعة الحديدة التي شكّلت لديها الأرضية الخصبة لانطلاقتها ثم نقلها للإذاعةِ الأم (إذاعة صنعاء).. سماح معدّة ومقدمة برامج إذاعية وتلفزيونية، وقارئة نشرات إخبارية تلفزيونية، ومن أوائل مؤسسي فن الدوبلاج للأطفال في اليمن بالصوتِ والصورة باللغةِ العربية، واللهجة اليمنية في مختلف الوسائل الإعلامية المسموعة والمرئية، وتتميز أيضا بإعداد وتقديم البرامج الزراعية والاحتكاك بالمزارعين مباشرة، هي أيضا هاوية للفن.. لها الكثير من البرامج الجميلة بصوتها الدافئ العذب المعجون بسواحل تهامة النقية. وهي من مؤسسي قناة الهوية، وتعمل في مجال التدريب والتأهيل الإعلامي.

رسالتي لم تكتمل بعد
 سماح حلقوم.. المذيعة، والمدربة، والمعدّة والمقدمة، وقارئة نشرات الأخبار ومن مؤسسي فن الدوبلاج للأطفال.. عناوين كبيرة خطتها سيرتكِ المليئة بالتنوّع والثراء، كيف تلخصين ذلك في سطور لقارئ “لا”؟
كل ما سبق ذكره وصلت إليه سماح حلقوم في رحلة نقطة انطلاقتها كان صفرا، وكان رفاقي فيه الصبر والأمل والجهد الكثير نحو الهدف والتوكل على الله وتوفيقه واضعة نصب عيني نقطة الوصول، ولا أعتبر نفسي قد وصلت إليها، فرسالتي لم تكتمل بعد.

حققت حلمي في “صنعاء”
  انطلاقتكِ بدأت من إذاعةِ عروس البحر الأحمر (إذاعة الحديدة)، ثم انتقلتِ إلى الإذاعة الأم، إذاعة البرنامج العام (صنعاء).. كم استمرت تجربتك هناك؟ وكيف تقارنينها بين الإذاعتين؟
فعلا البداية كانت في إذاعتي الحبيبة؛ إذاعة الحديدة، لأنها رافقت طفولتي كوني التحقت إليها، وكنت ما أزال آنذاك في المرحلة الدراسية المتوسطة (الإعدادية) وكان ذلك عام 1996، والتحقت بالإذاعة الأم إذاعة صنعاء عام 2010، يعني قضيت في أروقتها واستديوهاتها التي كونت أرضية خصبة لثقافتي الإذاعية أربعة عشر عاما والتي استطعت بها أن انضم إلى صرح أم الإذاعات وطنيا وعربيا؛ إذاعة صنعاء، ومن منا لم يحلم أن يزورها ما بالك أن يكون إحدى لبناتها، وبانضمامي إلى كوادرها وهاماتها تحقق أحد أهم أحلامي فلكل إذاعة مكانتها في قلبي لا تصفها العبارات.

الإذاعة الأكثر والأوسع انتشاراً
  لا شك أن الإذاعة والتلفزيون كلا منهما له خصائصه ومميزاته.. في أيهما تجد نفسها سماح حلقوم أكثر؟
فعلا لكل من الإذاعة والتلفزيون خصائصه، فالإذاعة هي الأكثر والأوسع انتشارا جماهيريا والتلفزيون الأكثر قدرة على إيصال الرسالة بوضوح، كون الصورة الواحدة تغني عن ألف كلمة، لهذا أجد خيالي في الأثير الإذاعي، وأجد القوة في الأقمار الفضائية فجمعت بين الاثنين.

محاكاة الواقع الذي نعيشه
  كهاوية للتمثيل، رغم تألقكِ في هذا المجال الجميل.. ما هي المسلسلات التي شاركتِ فيها؟
حقيقة أنا مقلة جدا في مجال الدراما، كوني لا أمتهن التمثيل كمصدر رزق، بل كهواية جميلة تحمل رسالة عظيمة من خلال محاكاة الواقع الذي نعيشه، وكوني مدربة في مجال الإعلام إعدادا وتقديما وإخراجا، ومن منطلق إيماني أن المذيع يحاكي النص الذي بين يديه كي يوصل الرسالة، إذن فالمذيع ممثل في وجهة نظري طالما يقنع المستهدف بالرسالة التي تصله بمختلف الوسائل المسموعة والمرئية يعني لا فرق عندي بين المذيع والممثل.

آثرت أن أقرن الموهبة بالدراسة الأكاديمية
  لديكِ مواهب أخرى في تقليد الأصوات وإتقانها، هل هذه المواهب المتعددة نتيجة تخرجكِ من كلية الفنون الجميلة أم هي كهاويةِ أيضا؟
من المفارقةِ العجيبة أنني لم أكتشف بقية مواهبي إلا بعد سنوات من انطلاقتي، فكما قلت لكِ تكونت خبراتي التراكمية على أرضية إذاعة عروس البحر الأحمر، ثم آثرت أن أقرن الموهبة بالدراسة الأكاديمية، وتفوقت وكنت الثالثة على دفعتي عام 2009.

تأثيرات البيئة المحيطة
  لكِ تجربة في تقديم البرامج المميزة ذات اللهجة التهامية البديعة وهي لهجة ليس من السهل على الجميع إتقانها، هل هي تأثيرات البيئة المحيطة؟ وكيف وجدتِ جمهورها المتابع؟
طبعاً، تأثيرات البيئة المحيطة ومدى قربها من الشخص المتأثر بها، كما أن اللهجة التهامية من أجمل اللهجات اليمنية وهي ذات خصائص ومميزات كثيرة، ومتعددة كونها واسعة وكبيرة جغرافيا، وموروثها اللغوي عميق فباتت الأجمل، والأسهل، والأصعب بذات الوقت ورغم أني من محافظة عمران أساسا لكن الحديدة مسقط رأسي ومهد طفولتي وخليط ذكرياتي وخبراتي وأنا أعشقها جدا.

مجموعة محطات
  أنتِ من مؤسسي قناة “الهوية” ولكِ معها تجربة في عدة برامج سواء الراديو أو التلفزيون.. لماذا غادرتها؟
حياة الإنسان مجموعة محطات يمر بها وقناة الهوية كانت تجربة من تجاربي المهمة وأنا بطبيعتي أحب الجديد دائما، وأود أن تكون لي بصمة جميلة في تأسيس وتأهيل وتدريب كوادر جديدة وأنقل خبراتي لمن هم بعدي وأرحل، وشبكة الهوية مثلت وسيلة جيدة لذلك لكنها كانت مجرد محطة من محطاتي الكثيرة.

الزراعة أساس الحياة
  البرامج الزراعية تضاف إلى رصيدكِ الكبير، وبخاصة تميزكِ بالنزول الميداني وجها لوجه مع المزارعين والحقول الزراعية.. ما رأيكِ بفكرةِ الاكتفاء الذاتي زراعيا على مستوى البلد؟ وكيف تصفين حماس المزارعين من خلال تجربتكِ بتلمّس طموحاتهم؟
الزراعة أساس الحياة، وأساس الأمن، وأساس الاستقرار، وأساس كل شيء، وكون اليمن من أهم خصائصها التنوع، والاتساع والبركة وصل بها الإنسان اليمني العظيم بأرضه إلى مصاف الدول المصدرة لخيراتها قديما فكان ذلك الصيت أرض السعيدة، وكانت الحضارات القديمة السامقة، والسدود العظيمة واللوحة الجمالية التي ابتكرها اليمني كمدرجات وكانت النتيجة الحتمية الاستقرار والموروث الزراعي الذي وصلنا له اليوم وأضعناه، لهذا ستسألنا أجيالنا القادمة عن الأمانة التي تركها لنا الأجداد، والإعلامي عليه مسؤولية عظيمة لتغيير السلوكيات الدخيلة عن مجتمعنا لإعانة الفلاح الذي بقي صامدا في أرضه ولم تجرفه قشرة الحضارة الاستيرادية السامة وكل مسؤول في موقعه.

استراحة محارب
  برأيكِ هل مازالت إذاعة صنعاء تحافظ على زخمها الريادي؟ الأغلبية من متابعيها يقولون إنها تشهد تراجعا غير ملحوظ!
ظروف العدوان والحرب أتت على الجميع بدون استثناء وما هي إلا استراحة محارب، وستنتصر إذاعة صنعاء على العدوان الداخلي قبل الخارجي وستعود بزخمها بأفضل مما كان بضمائر كوادرها الحية وأياديهم الخيرة، وعقولهم النيرة والذين هم حصاد غربلة هذه الحرب الضارة النافعة والتي أظهرت الصديق من العدو.

من وصل بسرعة... سقط بسرعة أكبر
  ما النصيحة التي ستقدمها سماح للمستجدين على دخول مجال الإعلام الواسع، بخاصة وأن البعض يدخلون المجال من أجل الصيت وليس حبا في المهنة والإخلاص لها، وتكون الخلفية لديهم هشّة ولا يجيدون حتى أبسط حقوق المهنة؟
نصيحتي أختزلها لمن بعدي بهذه الكلمات: من أراد الوصول عليه بالزاد، ومن وصل بسرعة سقط بسرعة أكبر وأنتم مجموعة جهدكم العلمي والعملي، والقرآن أساس الكلام، واللغة أرضية الانطلاق والغرور مقبرة المواهب، ستظلون طلابا في هذه الحياة مادام فيكم أنفاس تنطلق، وتعود حتى يأتيكم اليقين والدنيا تفتح ذراعيها لمن يطلب المزيد، والشجر المثمر هدف العقيمين لا تلتفتوا للسهل فالصعب أبقى، وقبل كل ذلك أخلصوا النوايا، وتوكلوا على رب البرايا.

أعمالي الخاصة بالطفل
  ما السؤال الذي كانت تود سماح أن نطرحه عليها ولم يكن ضمن المحاور؟ المساحة لكِ تفضلي اطرحيه وردي عليه.
كنت أود لو تطرقتِ لأعمالي الخاصة بالطفل. فالطفل بالنسبة لسماح حلقوم الدنيا الجميلة ونهر البراءة الصافي، والطفل حصيلة أفكارنا نحن، فنحن من نصنع من خلاله مستقبلا زاهرا، أو عالما مظلما يسقطنا جميعا إلى الهاوية، لهذا أفردت له مساحة واسعة في برامجي إعدادا وتمثيلا، وكنت كلما اشتقت لروحي النقية أبحث عنها معهم، لذا كنت من أوائل الذين عملوا على دوبلاج الصورة، ومكساج الصوت لبرامج الأطفال باللغة العربية، واللهجة اليمنية في مختلف الوسائل المسموعة، والمرئية اليمنية ومؤخرا نعمل على صناعة الإنيميشن التي شدت أطفالنا كثيرا كي نغرس في تربة عقولهم الغضة ثقافتنا، ونحافظ على أخلاقنا وديننا وهويتنا من المسخ الحاصل حولنا، فكلكم مسؤول عن رعيته، وسنحاسب عليهم إن ضيعناهم. والله من وراء القصد.

وردتي الجورية الأولى.. لوالديّ رحمهما الله
  ثلاث وردات جورية لمن تهديها الإعلامية الشاملة سماح حلقوم عبر صفحاتِ “لا”؟
الوردة الأولى لمن لهم الفضل والحق في سماح حلقوم والديّ رحمهما الله، والثانية لكل من علمني ودربني وكون خبراتي، والثالثة لكل من أوجعني أو حاول إعاقتي لأنه خلق مني شخصا أقوى. وشكرا لكم جميعا طاقم صحيفة “لا” أرباب الأقلام القوية في زمن الخنوع.