بشرى الغيلي  / لا ميديا -
في كل ورقةٍ من كتابِ التاريخ لهم حضور يشع بين الصفحات، ويوما بعد آخر تظهر العبقرية اليمنية رغم الأوضاع الاقتصادية والحصار، فالإبداع لا تكبله الظروف، ولا تعوقه المحبطات، هذا ليس بغريبٍ على شباب اليمن المبدعين والمخترعين، من هنا تستمر صحيفة «لا» السبّاقة دوما بإبراز إبداعات الشباب واختراعاتهم، وتتوقف اليوم مع طلابٍ اخترعوا كرسيا متحركا يعمل عن طريق حركة الرأس (Controlled Wheelchair by Head Motion).
جاء هذا الاختراع الطبي كمشروع تخرج من قسم هندسة المعدات الطبية بإحدى الجامعات الخاصة بصنعاء، حيث يتم دفع الكرسي المتحرك الكهربائي بواسطة محرك كهربائي وليس يدويا.. ما يميز هذا المشروع الهام جدا أن الطلاب قاموا بتنفيذه بعد أن درسوا احتياجات المرضى المصابين بالشلل الرباعي بعد أن وجدوا الكراسي المتوفرة بالسوق باهظة الثمن، فحاولوا تصميم هذا الاختراع بأفكارٍ تسهل إنتاجه بكمياتٍ كبيرة في حال وجدوا الدعم الحقيقي لمشروعهم، ويكون من السهولةِ اقتناؤه من قبل المرضى.

مرونة التنقل من خلال حركات إمالة الرأس
غالبا ما يستخدم هذه الكراسي الطبية الأشخاص الذين يعانون من إعاقات في الحركة، والمصابون بالشلل الرباعي وهم ضمن الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية العديدة الذين يحتاجون إلى مثل هذه الكراسي المتحركة الكهربائية والذين يعانون من شلل في جميع الأطراف الأربعة والجذع الذي قد يكون بسبب إصابات الحبل الشوكي أو السكتات الدماغية، أو الشلل الدماغي، وليس لديهم سيطرة على حركات أيديهم أو أداء الحركات التي قد تسمح لهم بالاستقلال عن حركاتهم، لهذا السبب فإن الكرسي المتحرك الذي يتم التحكم فيه بحركة الرأس سيوفر لهم مرونة التنقل، من خلال حركات إمالة الرأس في الاتجاهات الأربعة للأمام، أو للخلف، أو لليمين، أو لليسار إلى تحرك الكرسي المتحرك في الاتجاهات المشار إليها مع وجود نظام حماية من الاصطدام لحماية الشخص المستخدم للكرسي.

اختيار الفكرة
المشروع قدمه خمسة طلاب هم: شهاب محمد السياغي، ومحمد نبيل الذيباني، ورمزي رؤوف سران، ورمزي علي الرعيني، ولؤي نبيل السعيدي. وكان تحت إشراف الدكتور محمد العلفي والدكتور وليد الطلبي، ولجنة المناقشة من الدكتور رضوان البذيجي والمهندس محمد عز الدين، والمهندس سليمان العنصور.
يتحدث عن اختيار فكرة هذا المشروع، أحد الطلاب المشاركين في تنفيذه، وهو الطالب محمد نبيل عبده الذيباني، الذي يقول: «تم اختيار الفكرة وبرمجة الحساسات عند بداية تصميم المشروع، وكانت الفكرة الأولى لنا أن نتحكم بالكرسي عن طريق مستشعرات الـ(EEG)، لكن بسبب التكلفة الغالية على المجتمع اخترنا حساسات أقل تكلفة وهي حساسات الـ(LDR) التي تم وضعها في مجموعات على المظلة لتسهل تلقي الإشارة من رأس المريض».
ويضيف الذيباني: «كما أنه تمت برمجة الحساسات على متحكمة عملية، وليست تعليمية من نوع (PIC) بخوارزما ذكية لتلقي الإشارة ومعالجتها بسرعة ودقة عالية».
من جانبه يضيف المهندس لؤي نبيل علي السعيدي إلى ما تحدث عنه زميله الذيباني: «من ضمن ما قمت به في مشروع تخرجي هو برمجة بعض الحساسات مثل حساس (IR)، الذي يقوم بإيقاف حركة الكرسي تماماً عند اقترابه من حاجز، فعند اقتراب الكرسي بمسافة 20 سنتيمترا من أي حاجز سواءً في الأمام أو الخلف يقوم بإيقاف حركة الكرسي تماماً. بالإضافة إلى القيام بتركيب بعض القطع الإلكترونية في البوردة الخاصة بالكرسي الكهربائي، وأيضا إعداد البحث العلمي كاملاً».

صممنا كرسيا يكون بمتناول جميع المرضى
الفريق المكون من خمسة طلاب فكروا كثيرا قبل البدء في المشروع، ونزلوا إلى السوق ليصمموا الكرسي ليكون من السهل على أي مريض اقتناؤه، لأنهم وجدوا كل نوعيات الكراسي الموجودة بالسوق باهظة الثمن.. أضاف عن ذلك السعيدي: «فكرة المشروع كانت مبنية على خروجنا نحن المهندسين الذين كنا بمجموعة فرأينا أن أغلب الكراسي المتوفرة في السوق كانت عبر تحكم بـ(joystack) وهي غالية الثمن، وأن المرضى ذوي الشلل الرباعي غير قادرين على استخدام الكرسي، لأنه فقط لديهم قدرة على تحريك الرأس فقط، فاتفقنا في البداية أن نعمل كرسيا عبر EEG Control وواجهنا مشاكل بعدم تواجد القطع الخاصة بالتقنية هذه، فقمنا بالحل الآخر وهو عبر حركة الرأس، ورأينا أن القطع متوفرة في السوق المحلية، وأيضا رخيصة مما سيجعل الكرسي رخيصا وعمليا».

اخترنا القطع من شركات صناعية
الجميل في هذا الاختراع المهم جدا أن هؤلاء الطلاب اختاروا القطع الخاصة بالكرسي من شركات صناعية معروفة، «بحيث أنها تنزل السوق كمنتج عملي، ولم نستخدم القطع التعليمية من أجل أن يكون الكرسي عمليا ونكون قادرين على إنزاله السوق للعمل دون مواجهة أي مشاكل أو عيوب عند الاستخدام للكرسي»، حسبما أضاف السعيدي.

نحن من قام بتصميم القطع
عما إذا كان لدى المجموعة القدرة على إنتاج الكرسي بكميات متوفرة في السوق كي يستفيد المرضى من المنجز الطبي، أكد أيضاً لؤي السعيدي: «نعم لدينا القدرة على إنتاج أكثر من كرسي وجميع القطع متوفرة في السوق المحلية بالإضافة إلى أن الأشياء تم توليفها من قبلنا نحن المهندسين الخمسة مثل (البُرد) الخاصة بالكرسي تم تصميمها ورسمها بالكامل وعملية التوصيل بين الدوائر الإلكترونية وطباعتها لم نقم بشراء (بُرد) جاهزة، بل نحن المجموعة من قام بتصميمها».
وأضاف: «لم يتم تبني المشروع من قبل أي جهة، بالرغم من فائدته لمرضى الشلل الرباعي، الذين سيتم توفير الكرسي لهم بأسعار رخيصة، وذات إنتاج محلي».

قادرون على الإنتاج
ويؤكد السعيدي أنهم قادرون على إنتاج هذا الكرسي في حال تبنت أي جهة المشروع، فالقطع متواجدة، ومتوفرة في السوق المحلية، والفكرة موجودة، كذلك سيكون أسهل بكثير عند الإنتاج، الصعوبة فقط كانت في أول كرسي فقط، لأنه كان ابتكارا، أي شيء جديد.

السبب غياب الداعم الحقيقي
وعن سبب توقف حماس أغلب من اخترعوا مشاريع طبية، عند أول عقبة واجهتهم، يقول: أحيانا تكون بسبب عدم وجود داعم حقيقي لمثل هؤلاء الشباب وصعوبة تقبل البعض فكرة جديدة، وهذا غالبا ما يحصل أن المبتكر يجد صعوبة من قبل المجتمع بتقبل مشروعه مما يقلل من حماسه، ويميل إلى أشياء أخرى. بالإضافة إلى أن بعض المشاريع تكون مكلفة، ويجد المخترعون صعوبة في تسويقها.

نصيحة للشباب
ويختم لؤي السعيدي رسالته قائلا: «رسالتي للشباب المبتكرين أولا وقبل القيام بالعمل على المشروع دراسة المشروع بشكل جيد والنزول للسوق المحلي وإيجاد المشاكل التي يواجهها المجتمع ولم يتم عمل حلول لها، أيضا دراسة الصعوبات التي ستواجه المشروع، والعمل على إيجاد حل لها، والنزول إلى الأسواق المحلية والبحث عن تواجد القطع المتطلبة للمشروع وهل هي متوفرة أم لا. وأخيراً عليهم القيام بعمل خطة عمل تفصيلية حول آلية البدء بالعمل على المشروع، وتوثيق كل نقطه يتم إنجازها».