هدنة إفشال الثورة
- تم النشر بواسطة «لا» 21 السياسي

«لا» 21 السياسي -
انتهت الهدنة في اليمن في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، بعد أن رفضت دول العدوان تنفيذ بنودها الإنسانية والحقوقية، ليرفض الطرف الوطني استئناف تمديدها، الذي بدأ منذ الثاني من نيسان/ أبريل. وبين البدء والانتهاء تعلقت ظروف التهدئة على حبال الأمريكيين المهزوزة والانتهازية والمتحذلقة جدلاً بيزنطياً يقف عارياً عند باب المندب ويتوقف مرتجفاً بين براميل النفط وبين تراتيل المدفأة.
أسباب عدم تمديد الهدنة وعدم تجديد القتال تمتد غيوماً آذارية في سماء جدة، وتشتد ضرباتٍ مسيرة في ساحل شبوة، وترتد رحلة علاجية من صنعاء وسفينة وقود إلى الحديدة وانتظارات مليونية أمام صرافات الرواتب ومصارف الزكاة...
البعض يلزمه التذكير دائماً بأن السلام المعلق على شعرة التوازنات والموثق بحبل الترنحات هو حرب يتلبسها الهدوء وتلبسها الهدن، كما ويعوز البعض الآخر في المقابل التذكر بأن العدوان لم ينتهِ بعد، وإن تلبست الشياطين البترولية لباس الواعظين. لم تتوقف الغارات من أجل الاحتفال بالعيد كما حدث في الحرب العالمية الثانية، وتحديداً في الفترة من 16 كانون الأول/ ديسمبر 1944 وحتى 25 كانون الثاني/ يناير 1945، في معركة الثغرة (Battle of the Bulge) والتي عرفت أيضاً بهجوم أردين المضاد (Ardennes Counteroffensive)، وهو هجوم ألماني رئيسي كان هدفه ردع قوات الحلفاء التي هاجمت الأراضي التي سيطرت عليها ألمانيا في بلجيكا وفرنسا، وليس من أجل الظفر بطبق الحساء الذي لعب دوراً أساسياً في نهاية الحرب التي اشتعلت بين القوات البروتستانتية والكاثوليكية في سويسرا أواخر القرن السادس عشر، والتي كانت قد نشبت إثر قيام البروتستانت بإعدام قِس كاثوليكي في مقاطعة ثورجو في أيار/ مايو 1528، ورد الكاثوليك بإحراق قس بروتستانتي في مقاطعة بادن. كما لم يكن ذلك في سبيل محاربة الذئاب التي تلتهم الجنود، كما حصل في شتاء العام 1917 أثناء الحرب العالمية الأولى.
وإن كان من ضرورةٍ لاستدعاء تاريخي يوازي حاضر حالة اللاحرب واللاسلم التي نعيشها الآن فيمكننا العودة إلى الهدنة التي سُجّلت في التاريخ أثناء أحداث الحرب العالمية الأولى، وتحديداً بين الإمبراطورية العثمانية -التي تحالفت مع قوات «المركز» (ألمانيا والنمسا والمجر والإمبراطورية العثمانية وبلغاريا)، وفيلق «الأنزاك» (فيلق الجيش الأسترالي والنيوزيلندي) الذي كان يحارب بالتحالف مع قوات «الوفاق» (بريطانيا وفرنسا وصربيا والإمبراطورية الروسية وإيطاليا واليونان والبرتغال ورومانيا والولايات المتحدة).
ففي عام 1918 كانت قد بدأت المناوشات بين فيلق «الأنزاك» في إحدى بقاع الأراضي العربية (الأردن حالياً). وبعد أن احتدمت المواجهات واقترب الجيش العثماني من استنفاد موارده وذخيرته وبدا على مشارف الهزيمة، تدخلت بعض القوى من قبائل العرب الثائرة على الحكم العثماني (من بين أحداث ما تسمى الثورة العربية الكبرى)؛ ولكن قادة فيلق الأنزاك أدركوا أن الأمر قد يؤدي إلى إبادة قوات العثمانيين تماماً في حال تكالب الثوار العرب عليهم، فوافق على هدنة لوقف إطلاق النار بينه وبين الجيش العثماني، حتى تتمكن القوات العثمانية من لمّ شملها والتعامل مع القبائل العربية. كانت الهدنة تهدف في الأساس إلى القضاء على الثورة، وهذا ما تحاول فعله دول العدوان ومرتزقته طوال فترات الهدنة وخلال أسابيع اللاحرب واللاسلم الممتدة حتى اليوم.
المصدر «لا» 21 السياسي