فؤاد يحيى العرشي / لا ميديا -
إلى شعب العراق وشاعرها الكبير بـدر شاكـر السياب

الليل لا يطوى إذا غاب القمرْ
والصبح لا ينسى تسابيح السحرْ
ودم الحقائق كالمطرْ
هو يكتب التاريخَ
ينسف فكرة الأشباح
عن موت الشجرْ
هو رحمة الرحمن
تحملهُ السحاب بشائراً
والودق يروي الآية الأولى
ويحفظها الحجرْ
وهو العذاب لمن كفرْ
ما أجمل الأفعال في ثوب الخبرْ
أين المفرُّ؟
وأنت تنتظر النبوءة حين تهطل كالمطرْ

***
يا بدرها السياب
يا وهج الحروف البيض في نبض العراق
وباعث الأضواء في سعف النخيل
وفي الكروم وفي النهَرْ
مازلتَ في (جيكور)
تشرب من (بويب) الخلد
روح قصيدةٍ حُبلى
تسافر في الزمان وفي المكان بلا سفَرْ
كالطفل تفترش المساء أريكةً
والغيم حضن الأمّ
مرسومٌ على خديك قبلتها
كأنك حين تحضنها تُدَثّرُكَ السماءْ
فتغوص في عينيك أسراب النجومِ
وسر (عشتار) الحكاية والفصولِ
وأنت تنتظر النبوءة حين تهطل كالمطرْ

***
تغفو
وترحل في الغد الآتي
وترعبك المشاهد والسؤالْ
من حوَّل الأنهارَ
في قلب العراق إلى رمادْ؟
هل عاد (هولاكو)
وأسواق النخاسة والعمالة والعبيدْ؟
موج الخليج مُدىً
وبارجةً وطائرةً من (المارنْزِ)
تحترف الخرابْ
الأرض يملؤها الغزاة
من الأفاعي والخنازير البغيضة والقرودْ
وعلى جذوع النخل مقبرةٌ
من الآمال تحكيها الملاجئ
والكنائس والقبابْ

***
فتفيق من رؤياكَ
تصرخ بالخليج وبالعواصف والردى
تجري بك الأحزانُ
والأحزان تسري
في العروق وفي العيون وفي الصدى
وكأنّ تيار الهواء أسىً
تغلغل في الصدور وفي الندى
وكأنّ أحلام الجياع بلا صورْ
وعلى العيون مراجلٌ تغلي
بدمع البائسينْ
فتثور تصرخ بالنبوءة والمطرْ
ترنو إلى الآفاقِ
والآفاقِ تحجبها المسافة والضبابْ
والحرف يبحث في الترابْ
وفي السماء وفي القمرْ
أين المطرْ؟
لا بد أن يأتي المطرْ
أين المطرْ؟
يا بدرها السيابْ
يا نبع الحنين إلى المطرْ
نحن المطرْ
نحن المطرْ
والريح والرعد المزمجرُ والشررْ
نحن النبوءة في رسالات السماءْ
نحن البطولات التي ملأت أساطير الشعوب وما رواهُ الأنبياءْ
نحن المطرْ
والسرّ والنصر العظيم المنتظرْ
نحن المطرْ
نحن المطرْ
نحن المطرْ


صنعاء 2022م