حاوره:طـلال سفيـان / لا ميديا -
في زمن المجد الذهبي، كان عدنان التويتي في قائمة الشرف والإبداع ضمن جيل العمالقة في رحلتهم الأخيرة من الملاعب وجيل الوسط.
من براعم الزهرة وحتى شباب المجد، برع هذا المهاجم الفذ وفتحت أمامه أبواب القيادة والمسؤولية، ودون في ختام المشوار الإصابة والعودة كلاعب وسط لناديه القديم الزهرة قبل أن يعود لمجده النادي المتخم بذكريات هذا اللاعب المليء بروح المرح.
صحيفة "لا" استقبلت عدنان التويتي ونبشت معه حديثاً طويلاً من الذكريات وكواليس الأحداث، فكان منه هذا الحوار المقتضب على ملحق "لا الرياضي".

 حكاية بدايتك الكروية، هل لك أن ترويها للجمهور والقراء؟
- بدأت من الحارة والمدرسة وكان يوجد صديق لشقيقي المرحوم من نادي الزهرة، شاهد لعبي وطلب منه أن يلحقني بأشبال الزهرة، فالتحقت بفريق سن 12 عاما، وكان مدرب الفريق طه الجحدري، وفيه لاعبون جيدون، مثل الشقيقين باسم وبهاء عبدالحفيظ، ومحمد بسباس، وعبدالحكيم الكندي، وعبدالله دباء... لكن لم أجد فرصتي في الفريق، رغم حبي للكرة والتزامي بالتمارين، حيث كنت أحضر من حي شيراتون إلى التحرير للعب والتدريب الذي كان فجرا. في تلك الفترة كنت كابتن فريق مدرسة غمدان الإبتدائية، وكان في المدرسة يتواجد عامر ومراد هبة، والأخير قال لي: أنت تلعب حلو ولو جئت للمجد ستلعب مع فريق سن 15، فاقتنعت وذهبت إلى المجد، وبعد تمرينين لعبت معهم مباراة كانت ضد أشبال الزهرة، وسجلت هدفين، فطلب مدرب أشبال الزهرة طه الجحدري وإدارة الزهرة أن أعود بأي شكل إلى الزهرة، حينها كان من الصعب أن يمنحك ناديك الاستغناء، فعدت للزهرة، وفي أول مباراة وكانت ضد فريق المجد أشركوني وكنت أقول: لو لعبت مباراة المجد فلن ألعب أبدا مع الزهرة، المهم لعبت ضد المجد ثم انقطعت بعدها عن الزهرة، بسبب انزعاجي منهم لإشراكي في اللعب ضد المجد. لم تمر فترة بسيطة حتى عدت للمجد، الذين دبروا لي أمر استغناء من الزهرة. وفي المجد شعرت بالانسجام، لأنه نادٍ مليء بالمواهب ولا يعرفون المحسوبية، وفي فترة بسيطة كنت ضمن فريق سن 15 وكنت هداف الفريق. بعدها بعام لعبت لفريق شباب المجد (سن 19 – 20 سنة) الذي كان يضم الرهيبين جبران العنسي وفتحي الماوري ونجوماً مثل علي فارع ومحمد جعوان والمرحوم محمد الخولاني وحسن العامري وجمال العمري... تدربت على يد مدرب الفئات العمرية طاهر الحرازي، وكان المرحوم مهدي الحرازي قد وضعني في ذهنه للعب مع الفريق الأول، الذي كان يدربه في ذلك الوقت مدرب سوداني. وفي الموسم 87/ 88 انضممت للفريق الأول للمجد في جيله الذهبي حينها، وعمري لا يتجاوز الـ17، ولعبت أول مباراة لي معهم أمام الزهرة، وسجلت في مرمى أمين السنيني، وعمل المعلق علي العصري زخماً لهذا الهدف... كنت متخصصا بالتسجيل في مرمى الزهرة.

 وهل تم اختيارك للمنتخبات؟
- عندما كنت في سن صغيرة تم اختياري ضمن منتخب صنعاء للناشئين عام 1986، وكان يشرف على هذا المنتخب المرحوم سمير العقر ومعه المرحوم مهدي الحرازي وعبدالله الكبسي، وكان الكبسي من نادي وحدة صنعاء. وهنا أريد أن أتحدث عن أفضال المدرب المرحوم سمير العقر عليَّ، وكيف كان يهتم بصقلي وتنمية مهاراتي. أيضا تم اختياري للمنتخب الوطني للناشئين في فترة المدرب الألماني بيتر كلاوس؛ لكن المعسكر ألغي بسبب عدم المشاركة الخارجية، وتم تصعيدي مع خمسة لاعبين من منتخب الناشئين لمنتخب الشباب، الذي كان يدربه أيضا بيتر كلاوس؛ لكني غبت عن المنتخب يوم أو يومين، وكنت خائفاً أن يستبعدني وخجلت أن أعود، وقلت: بدل أن يستبعدوني سأبعد نفسي بنفسي؛ لأن منظومة منتخب الشباب كانت من اللاعبين الكبار، حتى أن كلاوس أرسل مع زميلي محمد جعوان عدة مرات يخبرني أنه يريدني أن أحضر للتمرن في معسكر المنتخب، ويتساءل عن سبب عدم حضوري، وكنت أقول لجعوان: أخي محمد، اتركني أبعد نفسي بدل أن يبعدوني، ولا تخبره أنك لقيتني و... و... الخ. بعدها عرفت أنه استبعد عدداً من المهاجمين الكبار، وأبقى لاعباً من الناشئين، وأني كنت سآخذ مكاناً أساسياً في المنتخب. وبعد عودة المنتخب من الطائف كان لديه مباراة مع المنتخب الأول في ملعب الظرافي، فالتقيت بيتر كلاوس، وسألني عن سبب انسحابي، وأردت أن أبرر؛ لكنه بادرني بلغة عربية فصحى: لا أريد أي مبرر؛ لقد حدثني محمد جعوان.
كما لعبت مع المنتخب العسكري ومنتخب العمال. بالنسبة لي لم أظلم بالاختيار للمنتخبات، بل تم اختياري وتعذرت مشاركتي، بسبب ظروف الدراسة أو ظروف المدربين؛ لكن الحقيقة هناك من ظُلم، وبالله عليك لاعب مثل صلاح السيد، مهاجم وهداف طليعة تعز، الفذ لم يتم اختياره للمنتخبات!

 كنت أصغر لاعب في جيل المجد الذهبي. كيف وجدت هذا الأمر حينها؟
- شيء صعب ورهيب. أنت تتكلم عن لاعبين عمالقة في المجد، مثل جمال حمدي ومحمد الآنسي و"شويت هيبتي"، لاعبي أهلي تعز السابقين، وأنور وخالد الحرازي وعبدالرحمن جابر والملاحي ومهدي علوان ومحمد الخولاني وحاتم هبة وجبران العنسي... من حسن حظي أن العديد من اللاعبين العمالقة تركوا اللعب مع المجد بسبب الدراسة والعمل والسفر كجمال حمدي و"شويت هيبتي" وحاتم هبة وتوفيق الحرازي والعزي الماوري وأنور الحرازي وعبدالسلام المنزلي... وجاء جيل جديد من احتياطي الفريق ومن تم تصعيدهم. من حسن حظي أيضا أني لحقت ألعب في مباراة واحدة مع جمال حمدي والآنسي وشويت.
لعبت مباريات كثيرة مع المجد، ومنها مباريات لا تنسى. كبرت قليلا وأصبحت رقما وتحملت المسؤولية؛ لكن مع المجد لاحظت أشياء غريبة، هي تحديدا مشاكل سياسية، وعرفتها في وقت متأخر، وكانت بسبب اسم نادي المجد في فترة السبعينيات (نادي 13 يونيو) وهو اسم يوم تأسيس الحركة التصحيحية التي قام بها الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي. عندما كنا في أشبال المجد كنا نلعب صباحا دوري الفئات العمرية، وفي العصر كان يُمنع لاعبونا من اللعب، بزعم أنهم كبار في السن، رغم أن الأسماء نفسها هي التي لعبت صباحا. كما أن النادي هبط إلى الدرجة الثانية بقرار غريب عجيب!

 هلا تحدثنا عن قرار تهبيط ناديكم للدرجة الثانية؟
- في موسم دوري الدرجة الأولى قبل الوحدة اليمنية بعام، كان المجد في الترتيب الخامس أو السادس بالدوري، وكانت أندية شعب ووحدة وأهلي صنعاء تتنافس على اللقب، وكان متبقياً لنا 3 مباريات، ومن ضمنها مباراتنا مع شعب صنعاء الذي كان حينها قويا، خاصة وأن لاعبيهم محمود أبو غانم الذي جاء من ألمانيا وشفيق الكحلاني وعزيز الكميم وأحمد العرشي... المهم لعبنا تلك المباراة وكان الشعب يحتاج للفوز بمباراتين ويأخذ الدوري على الأهلي والوحدة، كذلك لدينا فرصة الفوز بمباراتين وننافس الشعب على الدوري. في تلك المباراة هاجمنا؛ لكن الشعب استطاع أن يفوز علينا بأربعة أهداف. وللمعلومة كان الحكام من دولة الكويت، وفوجئنا بهم في الملعب. بعد الخسارة كنا حزينين وغادرنا بباص الفريق إلى نادينا، لنسمع بعدها كلاما عن أن المجد باع المباراة للشعب، وهذا كان في منصة ملعب الظرافي وبوجود رئيس نادي المجد عز الدين هبة، وعلي الأشول رئيس نادي الوحدة، والكحلاني رئيس الاتحاد في تلك المرحلة. وهذا الكلام والإتهام جاء رغم أن الحكام الكويتيين رفعوا في تقريرهم لحظتها أن المباراة كانت سليمة وليس فيها أي شبهة تلاعب.
بعد المغرب ذهبت بسيارتي كعادتي للجلوس في بوفيه تقع جوار مدخل نادي الوحدة خلف ملعب الظرافي، وكان يجتمع فيها لاعبون من كل المحافظات، وهناك قال لي أحد المتواجدين: "والله ما في واحد لعب بصدق وجدية إلا أنت، والباقين كلهم باعوا!"، فقلت في نفسي: هل هذا يمدحني ويتهم فريقي؟! بعدها جاء رجل كبير بالسن كان يقوم بقطع التذاكر لدخول ملعب الظرافي، وهو من مشجعي نادي الوحدة، وقال لي: "ما لعب بصدق من المجد إلا أنت أخي عدنان، واقرأ بكرة الصبح بالجريدة قرار هبوط المجد للدرجة الثانية". قلت له: ابرد لك من هذا الكلام والاتهامات غير الصحيحة!... وفي صباح اليوم الثاني ذهبت لشراء الجريدة وفي آخر صفحة وجدت الكلام الذي سمعته ليلا من الرجل (قرار عاجل من اتحاد الكرة بتهبيط نادي المجد للدرجة الثانية والتفاصيل نتيجة التلاعب). لم أصدق ما قرأته، وكنت في حالة صدمة وذهول! ما هذا القرار العجيب الغريب الظالم؟! تصدق أن أهلي صنعاء قبلنا بمباراة مع الشعب وقام مدافعهم على الحرازي بالتهديف في مرمى فريقه ولم يتطرق أحد لهذا الأمر، بينما نحن تلقينا 4 أهداف قوية من أقدام لاعبي الشعب وهاجمنا وتعبنا وخسرنا، ومع هذا قامت الدنيا علينا؟! أقول هذا الكلام رغم أن الشعب كان في ذلك الموسم قويا ويستحق اللقب ولا يحتاج لنا ولا لغيرنا أن يبيع أو يتواطأ معه في مباراة؛ لكنها المؤامرة على المجد بسبب اسمه السابق (13 يونيو) وعلى رئيس نادي المجد عز الدين هبة.

 ولماذا عز الدين هبة؟
- كان دور رئيس نادي المجد عز الدين هبة المزنعي كبيرا. كان الأب الروحي لنادي المجد، الذي كافح وناضل كثيرا من أجل هذا النادي الكبير. كل من لعب لنادي المجد لن يقدر أن يجازي هذا الرجل، الذي عمل للمجد الكثير والكثير. تخيل أن لاعبي المجد كانوا عام 1978 يلبسون فانللات من ماركات أدميرال وإمبرو، ولم تكن تلبس إلا في الدوري الإنجليزي.
وفي الحديث عن المؤامرة على المجد بعد أيام قليلة من قرار تهبيطنا حصلت حادثة، هي رمي رصاص على رئيس الاتحاد، وكانت الأصابع تشير لرئيس نادينا، الأستاذ عز الدين هبة، رغم أنه كان غير موجود حينها.
هذا الرجل الفذ، عز الدين هبة، كان لديه مشروع لتطوير الكرة اليمنية، وليس فقط المجد، وهو أول من نفذ فكرة التوأمة بين الأندية اليمنية ونظيراتها العربية، عمل على توأمة المجد اليمني والجيش الملكي المغربي والوحدة السعودي وفريق رابع لا أذكر إن كان تونسياً أو جزائرياً، حتى أنه استضاف الوحدة السعودي للعب معنا في صنعاء، وموَّلَ الاستضافة من جيبه الخاص؛ لأن ميزانية المجد لم تكن وقتها تكفي حتى لفريقه الأول لكرة القدم. المهم الاتحاد والوزارة جُنّوا وكانوا يقولون: كيف تدعون فريقا من السعودية؟! وهل نسقتم الحماية الأمنية لهم؟! وغيره من الكلام. ثم طالبوا في الأخير بأن يلعب مع الوحدة السعودي فريق يمني آخر، وتم اختيار شعب صنعاء، الذي فاز على الوحدة السعودي بثلاثة أهداف، نتيجة إرهاق فريق الوحدة من المباراة التي لعبوها معنا وتعادلنا فيها 0-0.

 هل كنت معارضاً أم مؤيداً لفكرة دمج ناديكم مع الزهرة وشباب حمير باسم نادي 22 مايو؟
- أنا كنت معارضاً لهذه الفكرة، حتى أننا، لاعبي المجد، ذهبنا لتنفيذ وقفة احتجاجية أمام وزارة الشباب. كان الهدف من الدمج هو محو اسم المجد، وبعد تنفيذ مؤامرة مذكرة نقل 9 لاعبين من المجد للزهرة ثم إتمام مشروع الدمج، كان النتاج سيطرة لاعبي الزهرة على الفريق الأول للنادي الجديد 22 مايو وعلى الإدارة. كذلك الدمج لم يكن مبنياً على خطط علمية، وإلا لماذا اختفت ألعاب كثيرة كانت تشتهر بها أندية المجد والزهرة؟! وأيضا الحالة الثقافية التي كان يشتهر بها نادي شباب حمير. أكلمك عن هذا وأنا الذي لعبت في هذه الأندية الثلاثة التي دمجت تحت مسمى 22 مايو: المجد والزهرة وشباب حمير.
قبل هذا الدمج كانوا من زمن يخططون لدمج المجد مع أهلي صنعاء، بهدف صهر وتذويب شيء اسمه المجد بهذا الدمج، رغم أن بين المجد وأهلي صنعاء ما صنع الحداد، فقلنا لهم: موافقون، لكن بشرط أن نلعب مباراة مع أهلي صنعاء، والفائز يبقى اسمه على الفريق المدموج. هنا خاف الأهلي ورفض أي مخطط لدمجه مع المجد.

 هل مازلتم تلتقون لاعبي المجد وتسترجعون الذكريات؟
- أنا على تواصل دائم مع بعض لاعبي المجد، كالكباتن جمال حمدي ومحمد جعوان وعبدالعزيز عايش؛ لكن مؤخرا وأثناء زيارة الشقيقين العملاقين جمال ومراد هبة قادمين من الولايات المتحدة، جمعتنا لقاءات مع لاعبي المجد. تخيل، التقيت ببعض نجوم المجد الكبار ورفاقي ومنظومة جيل صنعه جمال هبه، وذلك بعد غياب 30 سنة. كانت أمسيات رائعة، ولعبنا مباراتين، جعلت البزي هيثم يلعب بدلا مني في إحداهما وجمعتا رفاق المجد.

 كنت على علاقة صداقة مع لاعبي أندية تعز ودائم التواجد في تعز...؟
- نعم، كنت أحب أندية تعز، الأهلي والصقر والطليعة والصحة، وأنا في أشبال المجد تعرفت على لاعب تنس الصقر عبدالولي المجاهد، وكان يقول لي: لماذا لا تنزل تعز؟ بعدها كنت أنزل، وهناك تعرفت على لاعب تنس الصقر نبيل يونس، ومازالت صداقتنا إلى اليوم، وتصادقت مع لاعبي الأهلي عبدالعظيم القدسي وفؤاد الشرعبي والمرحوم علي المحويتي وكل لاعبي كرة قدم الأهلي، باستثناء الإدارة، حتى كانت صداقتي مع لاعبي سلة الأهلي نبيل عبدالقوي وصابر عبدالواحد وبقية الفريق، وكنت أذهب للتمرن مع الأهلي في ملعب الشهداء واللعب في ملاعب المدارس مع لاعبي الصحة طارق عبسي وأحمد جياش وأيضا مع المرحوم نجيب المطري الذي لعب للطليعة... كنت في عيد الفطر أذهب مع والدي، وكان حينها على قيد الحياة، كنا نذهب صباحا للسلام على الأهل والأرحام، وبعد الغداء أكون في الفرزة وأتحرك إلى تعز، وأبقى هناك شهراً، وهذا كان بـ300 ريال في جيبي؛ لكن كانت الحياة جميلة وبسيطة بأصدقائي في تعز، الذين كنت بالنسبة لهم واحداً من الأهل وليس فقط صديقا أو ضيفا.

 كلمة أخيرة كابتن عدنان...؟
- أشكرك صديقي القديم طلال سفيان، وأشكر صحيفة "لا" على هذا الحوار والعودة للذكريات،كما أشكر زميلك يحيى الضلعي على حواراته الجميلة في صحيفة «لا» مع نجوم المجد  وأتمنى الخير والسلام لوطننا الحبيب اليمن.