تقرير / لا ميديا -
 من قائد فصيل في تنظيم القاعدة التكفيري إلى قائد فصيل لمحاربة التنظيم. تلك قصة التكفيري المرتزق عبد اللطيف السيد، الذي لقي مصرعه بعملية تفجيرية تركت العديد من التساؤلات حول أسبابها وأسلوبها والجهة المنفذة، خصوصاً مع مسارعة الأمريكيين ومرتزقة الاحتلال الإماراتي إلى اعتماد رواية واحدة: «القاعدة».

لقي التكفيري عبداللطيف السيد، قائد ما تسمى «قوات الحزام الأمني»، التابعة للاحتلال الإماراتي، مصرعه، أمس الأول، إثر تفجير استهدف موكبه في منطقة وادي عومران بمحافظة أبين المحتلة.
العملية وُصفت بالموجعة لما يسمى «المجلس الانتقالي»، حيث تأتي في خضم صراع أجنحة المجلس، وبعد أقل من أسبوع على تعيين السيد مسؤولاً عن ملف «القاعدة» في أبين.
مصادر تابعة لمرتزقة الاحتلال تحدثت عن أكثر من عبوة ناسفة استهدفت الموكب، وقتل إثر ذلك عدد من قيادات الانتقالي؛ غير أن مصادر أخرى أكدت أن صاروخاً حرارياً أطلق على سيارة السيد، ما أدى إلى مصرعه، بالإضافة إلى قيادات أخرى.
رواية ثالثة أخرى مختلفة للمرتزقة قالت إن عبداللطيف السيد لم يُقتل نتيجة انفجار عبوة ناسفة بسيارته أو موكبه.
ونقل موقع «عدن الغد» عن مصادر مقربة من عبداللطيف السيد قولها إنه قتل وخمسة من أفراد حراسته بعد تمشيطهم أحد التلال، حيث وقع انفجار كبير ناتج عن لغم أرضي زُرع في المكان.
بدوره، أكد المرتزق عيدروس الزُّبيدي، رئيس انتقالي الإمارات، في بيان، مقتل «القائد البطل عبداللطيف محمد حسين بافقيه (السيّد)، قائد قوات الحزام الأمني في محافظة أبين، وعدد من مرافقيه، الذين طالتهم أيادي الغدر والإرهاب».
ونشرت منصات إعلامية تابعة لتنظيم «القاعدة» التكفيري مقطعاً مصوراً للحظة الاستهداف، فيما شن ناشطون موالون للمجلس الانتقالي هجوماً على السعودية واتهموها بالوقوف وراء عملية «القاعدة» في قتل السيد، وتوعدوا بنشر فيديوهات تظهر حديث ضابط سعودي كبير لعبداللطيف السيد حول كيفية إيصال الدعم لـ«القاعدة» ورفض الأخير الأمر.
وأوضح ناشطو الانتقالي أن تصوير عملية الاستهداف تم من مواقع تمركز يشرف عليها تحالف الاحتلال، مشيرين إلى أن السيد كان ذاهباً لاستلام مبلغ من تحالف الاحتلال بقيادة السعودية «كمكافأة له ولجنوده الذين ألقوا القبض على القعقاع».
وسرعان ما وجّه الاحتلال ومرتزقته بدفن السيد بعد ساعات من مقتله في منطقة باتيس، ما يشير إلى أن «القاعدة» ليس سوى الأداة المنفذة، وأن هناك أطرافاً قد يكون «الانتقالي» أحدها هي التي تقف وراء تصفية السيد، لاسيما أنه قتل في جانبه شخصية اجتماعية بارزة هو الشيخ محمد كريد الجعدني، وهو رئيس الوفد القبلي الذي ذهب من محافظة أبين إلى العاصمة صنعاء قبل فترة طالباً من صنعاء إطلاق سراح اللواء فيصل رجب.
وبحسب مراقبين، فإن مقتل الجعدني يجعل من الانتقالي متهماً بالوقوف وراء العملية.
إلى ذلك، اندلعت اشتباكات متبادلة بين فصائل الانتقالي ممثلة بمجاميع من الحزام الأمني وآخرين من قوات «سهام الشرق» التي يقودها المرتزق مختار النوبي.
ولم تُعرف بعد أسباب المواجهات المتبادلة بين فصائل «الانتقالي» في مديرية مودية، إلا أن الشكوك تحوم حول وقوف جناح الضالع في «الانتقالي» وراء تدبير عملية الاغتيال وتصفية عبداللطيف السيد، الذي لم يكن على وفاق مع قيادات الضالع التابعة للانتقالي منذ تأسيس المجلس، ليكون بذلك قد ضرب عصفورين بحجر واحد، فيتخلص أيضاً من الجعدني الشخصية الاجتماعية التي لها ثقلها في أبين، حيث لا يزال الانتقالي حاقداً على وفد قبائل أبين الذي ذهب إلى صنعاء لإخراج اللواء فيصل رجب، وهو الأمر الذي قوبل بغضب شديد من قبل تحالف الاحتلال السعودي الإماراتي الذي كان يرفض إتمام أي صفقة تبادل أسرى بدون ضوء أخضر منه.
وكان رئيس مجلس التلاحم القبلي الشيخ ضيف الله رسام منح الجعدني «بندق الوفاء» لتأمين عودته من العاصمة صنعاء إلى محافظة أبين المحتلة.
أما فيما يتعلق بعبداللطيف السيد فإن الغرض من تصفيته هو إيقافه عن عملياته العسكرية لإخراج عناصر «القاعدة» من أبين من غير المتفق على ضمهم إليه واحتوائهم ضمن ما يسمى «الحزام الأمني» حسب ما قضى اتفاق الصفقة التي بموجبها وافق الانتقالي على تعيين عبداللطيف السيد قائداً لحزام أبين، رغم أنه كان من القيادات غير المقبولة والمرفوضة، أولاً لانتمائه لأبين، وثانياً لأنه لم يكن صنيعة المجلس الانتقالي، بل هو من القيادات القادمة من تنظيم «القاعدة» أساساً غير أنه انفصل عنها مبكراً بداية العدوان على اليمن وشكل لنفسه فصيلاً عسكرياً باسم الحزام الأمني في دلتا أبين، ليجد قادة الانتقالي فيما بعد أنفسهم مضطرين للتعامل معه كأمر واقع.
ويبدو أن «السيد» أخذ التعاطي مع تصفية عناصر «القاعدة» غير الداخلين ضمن الصفقة الأخيرة، بجدية أكثر من اللازم، الأمر الذي استدعي ضرورة تصفيته؛ كون إبقاء تنظيم القاعدة في أبين أمراً ضرورياً لبقاء الانتقالي حاملاً راية محاربة التنظيم «الإرهابي» ومدعياً مساندة الأمريكيين في هذه المهمة لنيل رضا واشنطن ولفت انتباهها إليه بدلاً من بقائها تتعامل مع العميل طارق عفاش، القادم من نظام عمه حليفهم السابق.
وبالتالي فإن التخلص من السيد قد لا يكون من قبل «القاعدة» كما روج الأمريكيون وانتقالي الإمارات، إذ إن هناك رواية أخرى تقول بأن السيد كان في طريقه لتنفيذ اتفاق أُبرم بين الانتقالي في أبين بطلب من الزبيدي وبين تنظيم القاعدة في المنطقة الوسطى، التزم خلاله الانتقالي بسحب وحدات تابعة له تنحدر من الضالع ويافع وردفان، وإحلال وحدات يقودها السيد تنتمي إلى محافظة أبين محلها؛ إلا أن تسليم الملف الأمني للسيد يبدو أنه أثار استياء منافسيه من قيادات فصائل الانتقالي الأخرى.
وقضى الاتفاق الذي أعلن، الأحد الماضي، دخوله حيز التنفيذ بانتشار محدود لفصائل «الحزام الأمني» التي يقودها عبداللطيف السيد  بمديريات أبين الوسطى، مقابل انسحاب فصائل ما يعرف بـ«سهام الشرق» والتي يقودها المرتزقان مختار النوبي ونبيل المشوسي.
وفي أول رد فعل على مصرع السيد، تقدمت السفارة الأمريكية لدى حكومة الفنادق معزية بمقتله، واعتبرت أن اغتياله يؤكد تعاظم مخاطر تنظيم القاعدة في محافظة أبين، الأمر الذي اعتبره المراقبون يأتي في إطار بحث أمريكا عن ذرائع لفرض تواجدها في عدن وفي باب المندب، فضلا على تواجدها في المحافظات الشرقية المحتلة.
وتطابق الموقف الأمريكي مع اتهامات الانتقالي لتنظيم القاعدة بالوقوف وراء الاغتيال، وبأنه تم عبر زرع عبوات ناسفة. لكن مصادر أخرى قالت بأن اغتيال السيد لم يحدث بواسطة عبوات ناسفة مزروعة، بل إن المدرعة التي كان يستقلها تعرضت للاستهداف من الأعلى وليس من الأسفل، ما يرجح أن عملية الاستهداف تمت بصاروخ حراري حديث، زاد تأكيده عدم إعلان تشكيل لجنة تحقيق للكشف عن ملابسات الاستهداف.