الفنانة التشكيلية إيلاف رشيد راجح لـ«لا»:أحب منافسة دقة الكاميرا وأشعر بمتعة كبيرة في رسم الملامح
- تم النشر بواسطة بشرى الغيلي/ لا ميديا
حاورتها: بشرى الغيلي / لا ميديا -
تلوّنت أصابعها بضوء الموهبة الفذة منذ نعومةِ أظفارها، وأرضعتها أمها حليب العشق للفن التشكيلي من خلال رسمها لها أبطال أفلام الكرتون بإتقان منقطع النظير، ولأنها لمّاحة شدتها طريقة والدتها وترسخت بعقلها الباطن فأثمر بستان الشابة اليافعة بلوحاتٍ باذخة الضوء تحلّق بك في خيالاتٍ فانتازية تارة، وتعيدك لجماليات الواقع تارة أخرى من خلال رسمها للوجوه (بورتريهات).
إيلاف رشيد راجح فنانة تشق طريقها بقوة واقتدار في عالم الفن التشكيلي من خلال اشتغالها على موهبتها وتنميتها بكلِ متاحٍ في محيطها، كثير من العوامل أخرجت لوحاتها للضوء كأسرتها التي شجعتها على ذلك متمثلة بوالدها ووالدتها وأشقائها، مرورا بمديرة مدرستها التي كان لها الفضل من خلال تقديم إيلاف لإحدى مسابقات الرسم على مستوى أمانة العاصمة وحصلت من خلالها على المركز الأول.
لإيلاف طرق كثيرة ومعاصرة أيضا في إدخالها على لوحاتها الفنية مما يجعل مستقبلها مشرقا كونها تمضي بخطى واثقة صوبه.. الكثير من التفاصيل الجميلة مع ضيفتنا إيلاف التي استضافتها «لا» في «سجادة حمراء» لنرتشف معها حديثها العذب ضمن الحوار الذي هو بحد ذاته لوحة شكلتها ردود إيلاف، فأهلا بك عزيزنا القارئ في هذه المساحة الفنية الجميلة.
أسرتي مصدر موهبتي
أناملكِ التي تلوّنت بضوءِ الموهبةِ منذُ نعومتها، الأم التي أرضعتكِ عشق اللوحة، العائلة المتشبعة بالفن.. كلها عوامل تجعل إيلاف الفنانة والمرهفة الإحساس تسرد قصتها لقارئ “لا” الذي يتطلع لمعرفة تفاصيلكِ مع البدايات؟
بداياتي هي أسرة مساعدة للفن والجمال، حيث كنت أرى أمي ترسم لي شخصيات الكرتون بإتقان وأندهش لشدة جمالها، ثم بدأت أرسم الأشياء وأنقلها كما هي، ولاحظ الجميع هذه الموهبة منذ الصغر، كنت أتلقى كلمات التشجيع من أبي وأمي وربما هي السبب الأول والأخير في الاستمرار، فكل شيء جميل نراه الآن مصدره الحقيقي هي الطفولة.
ممتنة لمديرة مدرستي
أول مسابقة شاركتِ فيها انطلقت من المدرسة، والمديرة التي أخذت بيدكِ لتقدمكِ لإحدى مسابقات الرسم، فكانت النتيجة حصولكِ على المركزِ الأول على مستوى أمانة العاصمة، كيف استقبلتِ النتيجة حينها؟
كنت وقتها صغيرة وغير مستوعبة ما حدث بشكل كبير، ولكن كنت أرى الفرحة تلتمع بعيني مديرة مدرستي حنان حيدرة وهي تفتخر بي أمام الجميع، أتذكر هذه اللحظة وكأنها الأمس ولن تمحى من ذاكرتي وهي تأخذ بيدي لتعرف جميع المسؤولين بهذه الطفلة الموهوبة والتقطت الصور لي أنا وأمين العاصمة السابق عبدالقادر هلال (رحمه الله)، وأخذت الصورة وبروزتها بحجم كبير على مدخل باب الإدارة أحسست وقتها بثقة كبيرة، وصراحة أنا ممتنة لها، لأنها عززت بداخلي هذه الموهبة أكثر.
تفوقتُ بدراستي لهندسةِ الديكور
إيلاف.. تمتلكين مواهب أخرى إلى جانب الرسم، كهندسة الديكور وهي منحة قمتِ بدراستها في المعهد التقني الصيني والتي حصلتِ من خلالها على المركز الأول أملا منكِ بالسفرِ للصين، فواجهتكِ صعوبات حالت دون تحقيق حلمكِ.. ممكن توضحين للقارئ ذلك؟
نعم، كنت أتمنى أن ألتحق بتخصص جامعي فني أيضاً لأتمكن أكثر من هذا المجال الذي أجد نفسي فيه، لم يكن متوفرا حينها إلا مجال هندسة الديكور وكنت أيضاً أحلم بالسفر للصين تحديداً، فسمعت عن المعهد التقني الصيني بأنه يعطي الأوائل منحا للصين، ذهبت بشغف وحب لأدرس هذا المجال، والذي أشكر حظي فيه أيضاً وجدته مناسباً وملائماً دون بذل جهد كبير وحصلت على الترتيب الأول بفضل الله في الأربعة الأترام، ولكن بسبب الحرب على اليمن توقفت المنح حينها.
أجد نفسي بالمدرسةِ الواقعية
يُقال الفن مدرسة خاصة فن الرسم، ما هي المدرسة الفنية التي تنهل منها إيلاف، ومَن من الفنانين العالميين يجذبونها لتجاربهم، كذلك عربيا ومحليا من أبرز الأسماء تأثرتِ بإبداعاتهم؟
نعم الفن مدرسة ووجه آخر للثقافة، كما أن الفن هو الجانب المريح والجميل للحياة، أحب وأجيد الرسم بكل أنواعه، ولكني وجدت نفسي أكثر بالرسم الواقعي البورتريه، وأيضاً بالطبيعة، وربما قريباً أجدد وأخوض في مدارس أخرى من الفن، يوجد باليمن الكثير من الهامات الفنية العظيمة التي نفتخر بها، ولكن لم أحظ بفرصة التعرف عليهم، عرفت الفنانين الذين هم من جيلي ونشأنا معاً، وهم كثيرون جداً، تقريباً نتعارف جميعنا الفنانين الذين بصنعاء لأننا نقيم المعارض معاً باستمرار.
تعبير مجازي
«خمسون امرأة، وسبعون رجلا، ومائة عجوز.. وبداخلي طفلة تتمحور في حجر جدتها، وبستان مليء بالزهور وطريق نحو القمر.. بداخلي كل تلك التفاصيل التي رسمتها فرشاتي..»، كانت هذه كلماتكِ ضمن مشاركتكِ في المعرض الإلكتروني «حكايا الورد».. هل كنتِ تقصدين بذلك عدد لوحاتكِ التي قمتِ برسمها؟
نعم، ولو أن الجملة فيها تعبير مجازي، ولكن قصدت بأني أعيش كلَّ من رسمتهم وأن عالمي الداخلي مليء بهم .
أميل لرسم التفاصيل
يلاحظ أنكِ تكثـرين من رسم البورتريهات، هل يُطلب منكِ ذلك بصفةٍ شخصية، أم هي ضمن الرؤية التي حددتها إيلاف لنفسها ضمن رسالتها الفنية؟
وجدت نفسي أميل لرسم التفاصيل الدقيقة بالملامح وبالطبيعة، أحب رسم الأشياء التي ربما لا تلاحظها العين بسهولة، وأحب منافسة دقة الكاميرا، أشعر بمتعة كبيرة وأنا أرسم الملامح وأتمعن في هذه الوجوه، وفي الإنسان، وكيف للخالق أن يكون بهذا الإبداع، كما أنها الأكثر طلباً، ويشعر الناس بسعادة عندما يشاهدون صورهم مرسومة.
باستمرار أطور من مهاراتي
تعملين حاليا كصانعة أفلام كرتون (أنميتور).. أي في حقلك الإبداعي، ومن النادر أن تتصالح مهنة المبدع مع موهبته.. كيف حدث ذلك؟
خلال بحثي عن وظيفة، وجدت فرصة عمل كان من ضمن شروطها أن يكون المتقدم متمكناً من الرسم، وتم قبولي فيها وتدربت أكثر في هذا المجال ولم يكن الرسم لوحده كافياً، فقد احتجت أن أطور من مهاراتي أكثر وتعلمت الرسم الإلكتروني، وأطلعت على فنون المونتاج والإخراج والأستوري بورد ورسم الشخصيات وتحريكها، اشتغلت ضمن فريق نسائي في مؤسسة خاصة وأنتجنا مسلسلا كرتونيا تاريخيا وكانت البداية من هنا.
آمن بنفسك.. وبقدراتك
برأيكِ ما هي أهم الأهداف التي يجب أن يضعها المبدع كمحددات لينطلق أكثـر ويتجاوز المعوقات، حيث إن البعض يتحجج بالأوضاع، بينما إيلاف كنموذج تجاوزت الكثير، ومازالت تحمل طموحات كبيرة؟
كن أنت المسؤول الأول والأخير عن نفسك ولا تتحجج يا عزيزي، الجمال والفن وكل شيء تريده من الخارج لن يأتي لأن مصدره الحقيقي بداخلك، صدقني لن يأتي أحد ويأخذ بيدك إلى النجاح أو لأي مكان إذا لم تمد يدك أنت بالأول، آمن بنفسك وبقدراتك، لا أقول هنا بأن حياتي كانت مثالية ووردية للغاية، واجهت الكثير من الصعوبات والكثير من الانتقادات ولكن كان قرارا شخصيا ونابعا بحب أن أختار أفضل شيء من كل شيء وأتجاهل كل السلبيات، فقط آمن بما تحب، واستمر فيه، فالاستمرارية هي سر النجاح دائماً.
إنسانة متذوقة ومحبة للفن
سؤال كان في بال إيلاف ولم يكن ضمن المحاور.. بإمكانكِ طرحه والرد عليه؟ من هي إيلاف بعيدا عن الفن؟
الفنان لا يتوقع منه أن يكون فناناً فقط، لطالما تجد بكل فنان حقيقي روحا وإحساسا عاليا تجاه كل شيء، وأنا هنا أقول بأنني إنسانة متذوقة ومحبة، وتعيش على الفن بكل أنواعه: موسيقى، رسم، طبخ وتصميم، إنسانة باحثة وقارئة في مجالات عدة، رسالتي الأولى قبل الفن هي السلام والإنسانية، هي نشر المحبة والتعايش واحترام الاختلاف بين الناس، من أجل أن يحيا الجميع بسلام، فالأرض تتسع للجميع.
إيلاف رشيد
- حاصلة على دبلوم فني هندسة ديكور من المعهد التقني الفني اليمني الصيني عام 2018.
- تجيد اللغتين العربية والإنجليزية.
- تجيد الرسم والخط بكل أنواعه والتصوير الفوتوغرافي ومهارة كتابة القصص والنثر.
- حصلت على دورات تدريبية في مجالات التصوير الفوتوغرافي، والسكرتارية التنفيذية والإبداع والابتكار والتجديد وغيرها.
- أبرز هواياتها: الأشغال اليدوية، الرسم مثل البورتريه والإكريليك والزيتي والفحم على خامات مختلفة، وتصميم الأزياء والرسم على الجدران والسيارات، وإعادة تدوير الأشياء.
- تمتلك خبرة في مجال التدريس.
- إقامة معارض فنية تشكيلية بشكل متكرر على مستوى جماعي ومنظمات ومؤسسات.
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا